الجمعة 19-04-2024 16:34:08 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

رمضان وآفة التبذير..!

الثلاثاء 29 مايو 2018 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت– خاص/ فهد سلطان

 

مدرسة الصيام تعلم المسلم الكثير, فهي لا تقتصر على الابتعاد عن الطعام والشراب منذ طلوع الفجر وحتى غروبها، ثم الانكباب على ألوان من الأطعمة والأشربة.. انها ايضاً تحمل معانٍ أخرى يتعلمها اثناء الصيام، وترافقه طوال أيام السنة.  

ينقسم الناس في رمضان الى أصناف, بين من يتزود لصيام الشهر من حاجيات وأصناف من الأطعمة والأشربة، ولكنه ينفقها خلال أيام الشهر وفق الحاجة, فيكرم اولاده واهله، ويتفقد جيرانه والفقراء من اسرته ومن يعرفهم. والصنف الآخر من ينفق مبالغ كبيرة لشراء كثير من الأطعمة بتبذير وإسراف يتنافى مع الحكمة التي من أجلها شرع الصيام.

فالتبذير يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ويشن القرآن حملة على المبذرين بوصفهم إخوان الشياطين, حيث يقول الله في سورة الإسراء: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} الإسراء 27. والنبي الأكرم -عليه الصلاة والسلام- قد حذر من هذا التصرف والخلق الذميم، حيث يقول: "مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2265).

هذه العادة تبرز في رمضان بشكل كبير لدى كثير من الأسر, بل هي عادة تتكرر في أغلب البلدان العربية والإسلامية، في اللحظة التي يتضور فيها الفقراء والمساكين, بما تغيب القيمة الحقيقية التي من اجلها شرع الصيام.

كما لا يقتصر الإسراف في رمضان على الأسر الميسورة فقط، بل يشمل غالبية الأسر غنيها وفقيرها، خصوصًا في العزومات والولائم الرمضانية التي يكون التفاخر بها هو سيد الموقف، كما امتد الإسراف أيضًا إلى الإفطار في بعض المساجد والولائم ويذهب معظمه الى المخلفات دون فائدة.

وبالتالي: فهناك مفاهيم خاطئة اعتادها المجتمع وينظر إليها البعض على أنها من المسلمات البديهية مثل ارتباط الكثير من الأسر بعادة زيادة الإنفاق في شهر رمضان الكريم على اعتبار أن المرء يحتاج إلى المزيد من الأطعمة والحلويات والفاكهة منذ انطلاق أذان المغرب وحتى لحظة الإمساك عند الفجر وهو ما يخالف طبيعة شهر رمضان الذي يحث المرء على أن يتوقف عن تناول الأطعمة بصورة مكثفة حتى يتعلم فضائل كثيرة إذ إنه ليس هناك أشر من ملء وعاء البطن كما تحدثنا سابقاً.

ولأن المرأة دائماً وأبداً هي عماد البيت خاصة في الشهر الكريم، فإن لها دورا كبيرا في ترشيد عملية الإنفاق، بما يعيد لرمضان وضعه الطبيعي، وتبتعد عن الإسراف قدر الإمكان.