السبت 20-04-2024 16:19:45 م : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المخلفات  بتعز تضاعف معاناة السكان  وتؤثر سلبا على صحتهم

الإثنين 09 إبريل-نيسان 2018 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ وئام إسماعيل

     

يتمنى الشاب مجد أحمد علي أن يتمشى بشوارع تعز كالسابق، خاصة أنه لم يعد يجد متنفسا آخر في المدينة، بسبب تضرر مختلِف مناحي الحياة بشكل كبير جراء الحرب التي اندلعت قبل أكثر من ثلاثة أعوام.

 

بعد عودتي من الجامعة في أحايين كثيرة، أرغب بالخروج من المنزل والمشي مع أصدقائي للتخفيف من الضغط النفسي الذي أواجهه خاصة أيام الاختبارات، لكن لا استطيع فعل ذلك بسبب انتشار القمامة في أغلب الشوارع، يقول مجد.

 

وتعاني تعز من تكدس القمامة في السائلة (أماكن تصريف مياه الأمطار والسيول)، فضلا عن انتشارها في مختلف الأحياء والشوارع الرئيسية والفرعية.

 

وفي ظل غياب دور السلطات المحلية بدورها، وانقطاع رواتب عمال النظافة، تغرق تعز في القمامة، ويتسمر امتلاء "السائلة" بها، حتى موسم سقوط الأمطار، وهو ما يؤدي إلى تعفنها وانتشار الحشرات والطيور حولها.

 

فيما يلجأ بعض المواطنين إلى إحراق القمامة بشكل شبه مستمر، وهو ما جعل حياة الأسر القريبة من القمامة صعبة للغاية، جراء الدخان المتصاعد منها والذي يستمر لساعات طويلة.

 

ويذكر مجد أن انتشار القمامة بالشوارع، أو تراكمها في السائلة (أماكن تصريف المياه)، جعله يخشى الخروج لكثرة الذباب المنتشر قرب القمامة، والروائح التي لا تُحتمل، وخوفه من الإصابة بالأمراض.

 

ويضيف: "يشكل بالنسبة لي خروجي وقت المطر كارثة، خاصة أن ذلك يعني اختلاط القمامة بالمجاري الموجودة ببعض الشوارع، واضطراري للمشي فيه".

 

دائرة المرض

 

وتكاد عائلة افتهان عبده قائد لا تخرج من دائرة المرض منذ أكثر منذ ثلاثة أعوام، بسبب تدهور الأوضاع بتعز جراء الحرب.

 

تفيد افتهان بأنها تعاني من قبل الحرب من التهاب الجيوب الأنفية المزمن، وكانت تأخذ بعض المضادات الحيوية والقطرات الطبية وتتحسن.

 

لكنها اليوم لم تعُد تشعر بأي تحسن ويلازمها صداع شديد شبه مستمر، وهو ما جعل حياتها صعبة للغاية.

 

وتردف: "تعرضي للدخان المتصاعد من القمامة المحروقة سواء أثناء المشي بالشارع، أو بوصول الدخان إلى منزلي، جعل حالتي تزداد سواء وتحولت إلى كابوس بسبب الصداع الناتج عن التهاب الجيوب الأنفية".

 

أما عن أطفالها فتؤكد أنه لا يمر شهر إلا وقامت بزيارة النقطة الرابع عدة مرات، من أجل أبنائها الذين يصابون بالإسهال أو التهابات.

 

عواقب وخيمة

 

بالنسبة لتكدس القمامة بالشوارع وأمام المنازل، فيقول طبيب الباطنية أحمد الدميني، إن ذلك سبب رئيسي للتلوث وانتشار الأوبئة، كون تلك الأماكن تعتبر بؤرة لتجمع الذباب والبعوض والحشرات التي تنقل الأمراض للناس.

 

وأشار إلى أن تراكم المخلفات أمام المطاعم المختلفة، نتيجة لعدم التخلص من بقايا الطعام ونقلها إلى أماكن خالية من السكان، يؤدي إلى تلوث الأكل والتسمم الغذائي والإسهال والكوليرا.

 

وأفاد بأن عدم توفر أماكن مناسبة للتخلص من النفايات، يجعل البعض يقومون بإحراق القمامة، وهو ما يسبب أضرارا بالغة على البيئة، ويؤثر على مرضى الأزمة والجهاز التنفسي، نتيجة  الدخان المتصاعد.

 

ويؤكد أطباء أن تراكم القمامة يؤدي إلى التهابات الجلد المختلفة، وأمراض الجهاز التنفسي خاصة التهابات الرئتين والجيوب الأنفية، وفيروسات أبرزها فيروسات التهاب الكبد (بي و سي).

 

كما يؤدي إحراق القمامة إلى تضرر الجهاز التنفسي بشكل كبير، والإصابة بالتحسس في العينيين والأنف، وأمراض القلب والسرطان بسبب المركبات العضوية المتطايرة، وفق أطباء.

 

حلول غير كافية

 

تُسهم بعض منظمات المجتمع المدني والمبادرات المختلفة، بالتخفيف من معاناة المواطنين، وذلك بتنفيذهم لبعض حملات التنظيف التي تستهدف بعض الشوارع الرئيسية تحديدا.

 

كما يقوم بعض الأهالي في كثير من الأحياء بتنظيف الحي السكني بشكل أسبوعي، للحد من تراكم القمامة بشوارعهم.

 

وتبذل بعض الجهات التابعة للسلطة المحلية، جهودا متواضعة في هذا الإطار من وقت لآخر، لكن دون أن يظهر أثر تلك الجهود نتيجة لعدم عمل حلول جذرية للمشكلة التي تعانيها المدينة، وهو ما جعل الإدارة المحلية محل انتقادات واسعة من قِبل أبناء تعز.

 

وبرغم كل ذلك، لا تزال أماكن تصريف المياه متكدسة بالقمامة، بسبب عدم سقوط الأمطار، فيما تنتشر النفايات في أغلب الشوارع، بسبب أن الجهود التي يتم بذلها لا تفي بالغرض، فما هي إلا أيام وعاد الوضع على ما كان عليه.

 

ويستخدم الأهالي بتعز "السائلة" لرمي القمامة منذ اندلاع الحرب، وذلك بسبب توقف عمال النظافة عن العمل لعدم استلامهم رواتبهم، إضافة إلى أن "مقلب القمامة" يقع خارج المدينة، وأصبح الوصول إليه يستغرق ساعات طويلة بسبب الحصار، وهو ما يؤدي إلى تهديد حياة المدنيين بالداخل جراء زيادة نسبة التلوث، وحياة بعض المساكن القريبة من أماكن تصريف المياه، إذ تعمل النفايات على إغلاق ممر المياه وتضرر العديد من المنازل وغرق بعض سكانها في مواسم الأمطار.

 

ويطالب أبناء المدينة من وقت لآخر السلطات المحلية بتعز للقيام بدورها، والتخفيف من المعاناة التي يعيشونها، جراء استمرار تكدس القمامة وانتشارها في الشوارع.

 

تدهور كارثي

 

وعقب اندلاع الحرب في اليمن في مارس/آذار 2015، انتشرت الأوبئة والأمراض المختلفة في اليمن، والتي كان بعض منها قد تم القضاء عليها قبل سنوات، كوباء الكوليرا الذي سبق وأن أُعلنت اليمن بلد خالٍ منه.

 

وانتشر وباء الكوليرا بشكل كبير في عموم محافظات الجمهورية، وأدى لإصابة أكثر من مليون حالة، ووفاة أكثر من ألفي مريض حتى أواخر العام 2017، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.

 

وهناك مخاوف من زيادة انتشار الوباء مع قدوم موسم الصيف وتساقط الأمطار، حيث تزاد مخاطر انتشاره عبر المياه الملوثة، وهو ما أدى إلى سعي منظمة الصحة العالمية لإيصال اللقاح لبعض المواطنين في اليمن، برغم صعوبة ذلك في وقت سابق بسبب وجود معوقات لوجستية وفنية، وهو ما قد يتكرر كذلك هذا العام.

 

كما يفتك -كذلك- مرض الدفتيريا باليمنيين والذي انتشر أواخر العام الماضي في 20 محافظة من أصل 23، وأدى لإصابة نحو 1172 حالة، ووفاة 72 حالة أخرى، حتى فبراير/شباط 2018.

 

وكشفت مصادر طبية عن تزايد حالات الإصابة بمرض الحصبة في عموم اليمن، إذ بلغت حالات الإصابة 1280، و21 حالة وفاء.

 

وأرجعت المصادر الطبية سبب انتشار المرض، إلى عدم تحصين الأطفال ضد الأمراض الفتاكة، وعدم اهتمام الأهالي بحصول أبنائهم على اللقاحات، أو لعدم توفرها.

 

وقبل أيام دشنت وزارة الصحة اليمنية حملة تحصين ضد مرض الدفتيريا في محافظة عدن، وتستهدف أكثر من مليوني طفل من سن 6 أسابيع وحتى 15 عاما.

 

وتنتشر العديد من الأمراض المعدية في تعز أبرزها، الكوليرا، والجمرة الخبيثة، والجُذام، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الصحية في المدينة، نتيجة استمرار الحرب والحصار المفروض عليها من قِبل مليشيات الحوثي الانقلابية.