الخميس 25-04-2024 10:08:05 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

في ذكراها الثالثة..

إرهاصات ما قبل عاصفة الحزم

الإثنين 26 مارس - آذار 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت– خاص/ فهد سلطان

 

تحل الذكرى الثالثة لانطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس/ اذار 2015م, وهو الحدث الأبرز بعد الانقلاب الكبير على السلطة والدولة بصنعاء في 21سبتمبر/ ايلول 2014م, عشية التوقيع على اتفاق السلم والشركة, وهو الاتفاق الذي لم يجد النور برعاية المبعوث الأممي السابق الى اليمن جمال بن عمر.

كاد اليمنيون يضعون أولى عتبات إقدامهم على مرحلة جديدة!, للسير نحو الاستقرار المنشود, بعد رحلة من الحوارات السياسية المكثفة, لمعظم مكونات الشعب اليمني لقرابة عام كامل (18 مارس 2013م - 25 يناير 2014م) تكللت تلك الجهود بالتوقيع على الوثيقة النهائية لمخرجات الحوار الوطني لجميع المكونات في 21 يناير/ كانون الثاني 2014م, وهي الوثيقة التي أعدت في أربعة أبواب المقدمة ومخرجات الحوار الوطني الشامل, والبيان الختامي وأخيراً ملاحق الوثيقة.

 

لجنة صياغة الدستور

 في 9مارس/ اذار 2014م أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً بشأن تحديد آلية عمل لجنة صياغة الدستور التي شكلها من 17 عضواً, وينص القرار على أن يجري صياغة مسودة الدستور والاستفتاء العام عليه خلال مدة لا تتجاوز عام واحد، واستمرار عمل الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني كأمانة عامة لدعم مخرجات الحوار الوطني الشامل, والترويج لها وتقديم الدعم الفني والإداري والمالي والإعلامي للجنة صياغة الدستور وللهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

كانت هذه هي الخطوة الثانية الأهم بعد نجاح المرحلة الاولى, المتعلقة في تنفيذ آلية المبادرة الخليجية, وكانت إحدى أهم الملاحظات على أداء الرئيس هادي - الرتيب - يتمثل في التريث البطيء, والذي يتجاوز مفهوم التأني في الخطوات بقدر ما كان تريث تتسم به كل قراراته وتسير بالناس نحو الاحباط واليأس؟!, وخاصة في القضايا المفصلية, وهو ما كان يضاعف من الكلفة, فقد كانت كثير من القرارات تأتي بعد الجماهير وليس قبلها كما هي العادة, إضافة الى أن هذه الطريقة كانت استنزاف مباشر للدعم الدولي اللا محدود للشرعية وللحماس الكبير من الشارع اليمني المتطلع للتغيير.

 

إعاقة العملية السياسية في البلاد

منذ انطلاق أول مشروع للمبادرة الخليجية 3 ابريل/ نيسان 2011م, أي بعد حادثة جمعة الكرامة بأسبوعين فقط, لحظة تهاوي نظام صالح جراء المذبحة الشهيرة التي قامت بها وحدات تابعة لنظامه في 18مارس /اذار 2011م بحق متظاهرين سلميين في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء. وقد استمرت الحوارات السياسية بين الحزب الحاكم والمعارضة برعاية خليجية بين شد وجذب, حول تسوية سياسية تنهي العنف المتنامي في البلاد, حتى تكللت تلك الجهود بالتوقيع على المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011م.

طفت على المشهد السياسي بعد ذلك أول خلافات حول تنفيذ المبادرة, فظهرت ما تسمى بالآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة الخليجية والتي تقوم على ثلاثين بند وعدد من البنود الفرعية, من تسليم للسلطة وانتخاب رئيس جديد, ومنح الحصانة لـ صالح و500 شخص من الذين عملوا معه اثناء فترة حكمه, وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل, وتشكيل لجنة للدستور أهم بنود المبادرة, وسيراً نحو أول انتخابات برلمانية ورئاسية برعاية اقليمية وأممية بعد ذلك.

رافق العملية السياسية جملة من الإعاقات على طريق تنفيذ المبادرة وآلياتها المزمنة!, وتزعم هذه الإعاقات نظام الرئيس السابق بالدرجة الأساسية, والحراك الجنوبي المسلح, وجماعة الحوثين المسلحة, وهو ما استدعى مجلس الأمن بعد ذلك الى فرض عقوبات على المعرقلين ستخرج في عدد من القرارات في هذا الجانب أبرزها قرار 2216 بتاريخ في 14 إبريل/ نيسان 2015م.

 

إسقاط العاصمة

 يمكن القول ان الرغبة في إفشال عملية الانتقال السياسي للسلطة, كانت رغبة جامحة لنظام صالح بل ذلك هو الصحيح الذي لم يتوقف يوماً منذ أن هدد أثناء توقيع المبادرة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض, بل وصلت الى مرحلة التحدي وكسر العظم بين الطرفين!, وحتى الانتهاء من التوقيع على وثيقة الحوار الوطني, صنفت تلك الاعمال بأنها إعاقات للتحول السياسي في البلاد, لكنها ستصل الى مستوى متقدم وخطير يقضي بالانقلاب الشامل والكامل على العملية السياسية, وذلك بإسقاط العاصمة صنعاء 21سبتمبر/ ايلول 2014م, ومحاصرة منزل الرئيس هادي بصنعاء والبدء في فرض إقامة جبرية عليه في 19يناير/ كانون الثاني 2015م, إضافة الى محاصرة الحكومة والبرلمان وشخصيات كبيرة في الدولة, منهم رئيس الحكومة ووزير الدفاع وعدد من الوزراء, ثم الوصول الى استهداف القصر الجمهوري بعدن بالطيران الحربي في 19مارس/ اذار 2015م, أي قبل قيام عاصفة الحزم بأقل من اسبوع واحد, ومحاولة احتلال المدن والمحافظات, وفرض واقع جديد بقوة السلاح, بما عد انقلاب تام ومكتمل الأركان والشروط على كل العملية السياسية برمتها!!

هذا الواقع الجديد المفروض على العاصمة صنعاء بقوة السلاح وعدد من المحافظات, تبعه رحيل البعثات الدبلوماسية والشركات الدولية الكبرى العاملة في البلاد, ورحيل رجال المال والأعمال, وتوقف عجلة الاقتصاد والتنمية, إضافة الى إدانات محلية ودولية واسعة, للوضع الجديد التي باتت تشهده العاصمة وعدد من المحافظات اليمنية, فقد تم الانقلاب على كافة الاتفاقات, اعقبه سقوط العاصمة صنعاء, ولم يتم تنفيذ منه شيء, وتم اختطاف أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب رئاسة الجمهورية من قبل الحوثيين في 17 يناير 2015م, لفترة عشرة أيام, وكان بحوزته مسودة الدستور, وكانت تلك الخطوة اعتراض واضح وتعطيل مباشر لعملية التحول السياسي في البلاد. 

 

المبعوث الأممي من مشرف للتحول السياسي الى مهندس للانقلاب

الغريب وما ليس بغريب أن المبعث الأممي الى اليمن جمال بن عمر كان شريك واضح في الانقلاب على السلطة, وهو الشخص الذي انقلبت جهوده من داعم لمسار التحول السياسي السلمي في البلاد, الى داعم وميسر للمليشيات الحوثية, ويرى بعض المراقبين أن الاسابيع الاخيرة في مؤتمر الحوار الوطني, سارت على غير ما كان يرغب, وكانت تصريحاته المثيرة ليلة سقوط العاصمة صنعاء واضحة, وقبل ذلك إحاطتاه الملتبسة لمجلس الأمن. 

تمثلت أولى خيانات بن عمر في الضغط على الشرعية والمكونات السياسية بدخول الحوثيين الى الحوار دون أن يسلم السلاح أو يتحول الى حزب سياسي, وكان يعطي تطمينات باسم الامم المتحدة على اهمية هذا المسار رغم الاعوجاج والأخطار المصاحبة له منذ البداية, وقبل سقوط العاصمة صنعاء كان في صعدة وليلة سقوط العاصمة اشرف على اتفاق السلم والشراكة والذي كان بمثابة تثبيت واقع جديد للمليشيات ودفن مباشر للدولة, بل وانقلاب صريح على مخرجات الحوار الوطني الشامل, وهنا سيخرج بن عمر في تصريح مقتضب للحديث أن مسار العملية السياسية يسير بشكل جيد.

وفي 12فبراير/ شباط 2015م خرج المبعوث الأممي في اول تصريح مغاير للقول "اليمن على حافة الدخول في حرب أهلية, محملا المسؤولية جميع الأطراف السياسية اليمنية, وهو التصريح الذي سيسدل به الستار على حقبة من الخيانات والتآمر على الوطن وتسليم بلد للمليشيات, يتوافق الى حد كبير مع تسليم العراق لتنظيم داعش في نفس التوقيت.

ويصف عبدالناصر المودع بن عمر بأنه ظل خلال الأحداث الأخيرة منذ ما قبل سقوط العاصمة وحتى رحيله, يضلل مجلس الأمن والعالم الخارجي، بتقاريره التي تزيف الحقائق، وتظهر الحوثيين وكأنهم لا يقومون بعرقلة التسوية، وتصوير حروبهم على أنها ضد جماعات مسلحة، وليست ضد الدولة اليمنية، فحتى لو كانت تستهدف جماعات معينة، فإن نتيجة ما كانوا يقومون به كان يقوض سلطة الدولة ويساهم في انهيارها الذي نشهده الآن.

وأشار الى أن بن عمر يمارس حالة من الاستغباء حين يقول بأنه يبحث عن أدلة عن المعرقلين، وكأن الغزو العسكري للعاصمة، ومناطق اليمن المختلفة، ونهب معسكرات الدولة والسيطرة على أسلحة الجيش، ليست أدلة كافية تدين الحوثيين بالعرقلة، ولا أعرف متى سيكتشف بن عمر عرقلة الحوثيين. وأكثر ما يثير الاستغراب, أن بن عمر في أكثر من تصريح يتحدث عن الأطراف التي ساعدت الحوثيين ليعتبرهم معرقلين، بمعنى أن بن عمر لا يعتبر الحوثي معرقلاً، وإنما شريكاً في العملية السياسية، فيما هو يبحث عن من ساعده ليعتبره معرقلاً!

 

استفزازات الحوثيين لدول الخليج

اتسمت أعمال الحوثيين الاستفزازية بشقين في آن واحد, الاول انتهاكات وتمردات داخلية مستفيدين من القوة الجديدة التي باتوا يتعاملون بها أمام باقي المكونات السياسية يفرضون بها واقع جديد, وهو ما سيجعل يدهم طويلة تمد لمتارس كل اعمال الدولة الخشنة, تحت مسمى ثورة شعبية مطلبية, في حين أن كل التيارات السياسية الاخرى في الداخل وكل الدول المشرفة على عملية الانتقال السياسي بما بات يعرف بالدول العشر, ستصف تلك الاعمال بالتمرد والانقلاب على التوافقات السياسية الموقعة بين الاطراف اليمنية.

والثاني: المناورات العسكرية للحوثيين وبمشاركة عناصر إيرانية بمنطقة البقع بصعدة في 12مارس/ اذار 2015م, بأسلحة ومعدات ثقيلة, نهبت أغلبها من الدولة والبعض الاخر وصلت مهربة من دولة إيران عبر البحار, وهي الحدث الاهم الذي سيقلب المعادلة تماماً, وعلى ضوء هذه الخطوة الاستفزازية عير محسوبة العواقب, سيتشكل تحالف عربي من عشر دول, بقيادة المملكة العربية السعودية, وستكون احدى نتائجه قيام عاصفة الحزم في 26مارس اذار 2015م, أي بعد قيام المناورات الاستفزازية الحوثية بأقل من اسبوعين فقط!!

 

تشكيلات أولى طلائع المقاومة 

تشكلت أولى طلائع المقاومة بصورة أولية منذ 2011م, وتحديداً بعد سقوط محافظة صعدة بيد الحوثيين, أو تسليم النظام السابق للمحافظة رسمياً بعد جمعة الكرامة بخمسة أيام فقط, بتاريخ 23مارس/ اذار 2011م, وفي تلك اللحظة توجه الحوثيون مباشرة نحو محافظة الجوف الى الشرق, ومحافظة حجة الى العرب, في عملية استغلال مباشرة للزخم الثوري العارم الذي كان يجتاح ستة عشر ساحة في عواصم محافظات الجمهورية, مطالبين بإسقاط نظام صالح الفاسد.

وفي الجنوب كانت قد تشكلت نواة تلك المقاومة في مواجهة التنظيمات الإرهابية ابرزه تنظيم القاعدة, وستقوم تلك التشكيلات الشعبية بضربات قوية الى جوار قوات الجيش ضد تنظيم القاعدة في محافظة أبين(1), ثم سيتطور الامر لتشكل بعد ذلك نواة المقاومة في عدد من المحافظات وخاصة في عام 2015م.

كانت المطارح بمحافظة مأرب هي النواة الاولى للمقاومة الشعبية بعد انقلاب الحوثيين على العاصمة في سبتمبر/ ايلول 2015م, تلتها محافظة تعز بتشكيل لجان شعبية للدفاع عن المحافظة لحظة وصول أولى قوات الحوثيين والحرس الى مطار تعز 22مارس/ اذار 2015م, وسرعان ما سيتوحد اسم تنظم جميع المكونات الشعبية في صفوفه, لمواجهة الحوثيين واسقاط الانقلاب وتحرير المدن التي وقعت تحت قبضتهم, جراء انضمام قوات الحرس الجمهوري مع الانقلاب, وتسليم مخازن السلاح الى جانب معدات معظم المعسكرات التي سلمت للحوثيين. 

 

تحالف إيراني جديد

مثلت زيارة القيادي البارز في تكتل اللقاء المشترك والأمين العام لحزب اتحاد القوى الشعبية الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الاربعاء 16مايو/ ايار 2012م, خطوة جديدة وخطيرة لكسر حالة العزلة المفروضة على صالح من قبل خصومه والأطراف الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة الخليجية، ونظر إليها مراقبين على أنها أول اختراق من نوعه في تكتل المعارضة, وفي نفس الوقت فتح أفق جديدة لتحالف جديد, بين صالح والهاشمية السياسية التي كانت احدى اذرع نظامه, وستتضح ملامح هذا التقارب مع زيارات أخرى سيكون نتائجها الطبيعية اسقاط العاصمة صنعاء 2014م وجعل الحوثيين اداة في هذا الانقلاب.

كانت تلك الخطوة رد صريح وواضح لانتخاب الرئيس هادي رئيساً للبلاد 21 فبراير/ شباط 2012م, وهي المرة الاولى التي سيخرج الحكم من المركز المقدس, وهو ما سيرفضه صالح والهاشمية السياسية, وسيجدون انفسهم في خندق واحد!, كما أن عبدالملك المتوكل ذاته حسب مصادر كان يدعوا الى تقارب بين اللواء علي محسن الاحمر وبين الرئيس المخلوع صالح حتى لا تتصدع حاشد ويخرج الحكم من بين يديهم الى خارج المركز, إلا أن نائب مستشار الرئيس حينها الجنرال علي محسن رفض حينها أي تقارب من هذا القبيل, وضل متمسكاً بالرئيس هادي, وبالتوافق الذي خرج به الناس في مؤتمر الحوار, الحفاظ على الشرعية, ولا يزال حتى هذه اللحظة.

نشط التواجد الإيراني في اليمن سريعاً, وخاصة بعد سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر/ ايلول 2014م, وستظهر تصريحات ايرانية لمستشارين كبار كـ علي رضا زاكاني المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي بتاريخ 22سبتمبر/ ايلول 2014م لحظة سقوط صنعاء, حيث اعتبر زكاني ان صنعاء هي العاصمة الرابعة التي تسقط بيد ايران الى الابد!

..........................

هوامش:

1-   اللجان الشعبية تشكيلات شعبية مسلحة أنشئت في فترات مختلقة من رجال القبائل لغرض مساعدة الجيش اليمني في مواجهة التنظيمات الإرهابية, أنشأت في بداية الأمر بـ شبوة عام 2010م وأنشئت على موازاتها, لجان أخرى عام 2011 بمحافظة أبين لدعم الجيش في مواجهة مسلحي تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة, وفي 2015م بعدن وتعز لمواجهة الغزو الحوثي للمحافظات, ثم اندمجت بعد ذلك لقطاعات كثيرة منها في إطار الجيش الوطني.