السبت 20-04-2024 00:35:41 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الاصلاح.. وحملات التشهير

الجمعة 23 مارس - آذار 2018 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت – خاص/ فهد سلطان
 

 

بمجرد أن تسمع جملة "مواقع صفراء" يتبادر الى الذهن مباشرة سلسلة من المعارك الوهمية والكم الكبير من التزييف والأخبار المتناقضة والإشاعات, يأتي ذلك في ظل التوسع الهائل والسريع في وسائل التواصل الاجتماعي, والتي شهدت رواجاً كبيراً اثناء ثورة 11 فبراير 2011م على الاقل, واستمرت حاضرة في تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية حتى اليوم.


صحيح أن هذه المواقع الصفراء تختفي أو يقل تأثيرها بين فترة واخرى, إلا أنها تحضر وبقوة في مواقف سياسية عديدة, وظهرت بشكل مكثف في انتهاج اساليب قائمة على التحريض والكذب والتزييف وإثارة البلبلة بين الناس, ليس ذلك فحسب بل وتشتيت المجتمع عن القضايا الوطنية. وخلال سنوات قلائل فقط تحولت مواقع وسائل التواصل الاجتماعي لأفراد في المجتمع يعبرون عن اتجاهاتهم وميولهم, ويشاركون تفاصيل الحياة مع من حولهم, الى شبكات "تحت اسماء وهمية" لها اهتمامات أخرى, فقد دخلت انظمة سياسية ودول ومؤسسات وجهات كثيرة في محاولة لاستغلال هذه الوسائل, وحرف مسارها وتوجيهها نحو اهداف غالبها لا علاقة لها بالمقصد العام الذي يجب أن تكون عليه هذه الوسائل!



الصحافة الصفراء
هذا المسمى يعود بنا الى الماضي, فهو تعريف مختصر للصحافة غير المهنية, وكانت تلك الصحافة تهدف إلى إثارة الرأي العام, وقد استعملت في لحظة نشوئها لزيادة عدد المبيعات وإشاعة الفضائح بحق عدد من السياسيين باستخدام المبالغة أو الانحياز غير الإيجابي، وكان هذا التعريف قبل وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة فترة طويلة. والصحافة الصفراء بدأت مع الصحافة الورقية, حيث ساعد على نشوئها أول مرة في عالم الصحافة, الناشر والصحفي ويليام راندولف هيرست (1863- 1951)، وقد كانت له في كل ناحية من نواحي الولايات المتحدة الأمريكية صحيفة أو مجلة تحت ذات الهدف, وخلال سنوات قلائل سوف تصل هذه العدوى الى عدد كبير من دول العالم, وخلال أقل من عشرين عاماً ستكون الصحافة الصفراء لديها موضع قدم في أغلب دول العالم.


ولذلك: فقد انتهجت الصحافة الصفراء -في بادئ الأمر- نشر أخبار الإثارة، فأظهرت الفضائح والجرائم, مما ساعد على نشوء الصحافة الصفراء, وسميت بذلك الاسم نظرا لأنها كانت تطبع على أوراق صفراء رخيصة الثمن, ثم تطورت وتوسعت عبر صحف يومية وأسبوعية وشهرية ودورية أيضاً, كما أن التوسع اليوم في المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي, انعكس كثيراً من تأثير الصحافة الصفراء, وخاصة في ظل غياب الرقابة الحكومية.

 

الإشاعة
من الأساليب التي تجد لها رواجاً كبيراً مع الانفتاح الكبير هي الشائعات وكل ما يتصل بها, وتعرف الشائعة بأنها خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع, و تُتداول بين العامة ظناً منهم أنها صحيحة, ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة و مثيرة لفضول المجتمع والباحثين, وفي نفس الوقت تفتقر إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحتها. ويمكن القول أن هذه الصحافة رغم انحسارها اليوم بسبب مستوى التعليم والبيئة والقوانين الصارمة, إلا أنها تجد لها رواج كبير وغير طبيعي في البلدان النامية, ونجد لها وجود وبروز حاضر بسبب الأحداث الجارية في البلاد وبقوة.
وتمثل هذه الشائعات جُزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها, وتذهب بعض الإحصاءات الى أن 70% من تفاصيل المعلومة يسقط في حال تنقلنا من شخص إلى شخص حتى وصلنا الخامس أو السادس من متواتري المعلومة, وفي هذه الأثناء تصبح المعلومة ركيكة ويدخل فيها الزيادة والنقص.
وبسبب أن المجتمع لم تستقل لديه الذائقة الفنية في التعامل مع المعلومات والأخبار, وخاصة أن المستوى التعليمي ليس على النحو الجيد, فإن الشائعة تجد طريقها بسهولة وتنتشر, ويصعب بعد ذلك نفيها أو محاصرتها, وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام المهتمين لدراسة مثل هذه الظواهر والعمل على محاصرتها والتقليل من تأثيراتها السلبية, ولو بسن قوانين صارمة في هذا الاتجاه.

 

الشائعات أثناء ثورة 11 فبراير
في أول ملاحظة لموضوع المواقع الصفراء وكل ما يتصل بها, سنجد أن العناوين السابقة مترابطة مع بعضها البعض, فالمواقع والصحف الصفراء سميت بذلك بسبب أن الشائعات هي الركيزة الاساسية التي تعتمد عليها في البلبلة وإيصال الاخبار الكاذبة والمجهولة الى الناس, واثناء ثورة 11 فبراير استعمل النظام السابق وسائل كثيرة في التأثير وإرباك الرأي العام, لا تبدأ من استنساخ الصحف والمواقع وبث كم كبير من الشائعات ولا تنتهي بنشر وبث كثير من المعلومات الناقصة والمفبركة, والقصص غير الصحيحة وخاصة تلك التي تتعلق بقضايا اجتماعية لدى الشارع اليمني منها حساسية مفرطة.
وقد تفنن الكثير في بث الشائعات من خلال استعمال نفس الادوات التي تستعمل لدى المواقع المحترمة ذات المصداقية العالية, فالخبر الصحفي فيه كل ادوات الخبر الصحفي, ولكن المعلومة غير صحيحة أو مضللة أو فيها زيادة وتحوير ونقص وهكذا, ومثله التقرير والاستطلاع, هذا على مستوى الخبر المعد للنشر, وفي القنوات وجدنا صور مضللة, قد اجاد النظام السابق ذلك وجاءت الجماعة بعد ذلك وأبدعت في هذه الاساليب والتي لا زالت مستمرة حتى اليوم.

 

تأثيرات الشائعة

يتذكر الكثير عدد من الحوادث من قطع لسان مواطن في محافظة إب, الى قتل شخص شائب أثناء مسيرة, وحشر المساجد ووسائل الإعلام في الموضوع ثم تبين أنه لم يمت وأن الموضوع إشاعة مغرضة, الى تصريح الاستاذ محمد قحطان والذي تم تحويره وتزييفه وقلبه وصرفه نحو موضوع لم يقصده, واستعملت آلة اعلامية هائلة في التحشيد, الى الحديث عن سلاح ومتفجرات في ساحات الاعتصام, وتفاصيل أخرى من الشائعات لا حصر لها.


ويمكن القول هنا أن مواجهة الشائعات لا يزال متواضع بل لا تزال هذه القضية خارج الاهتمام الرسمي والمجتمعي. ورغم أن هناك مواقع الكترونية على قدرة كبيرة من المصداقية إلا أنها تضل نخبوية, حيث استطاعت المواقع الصفراء أن تصل الى المواطن البسيط وتربك أمامه المشهد وتستغله بصورة بشعة, وهذه واحدة من الجدليات التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها بشكل اكبر.


وإذا ما نظرنا الى طبيعة تلك الشائعات سنجد أن نوعين منها كان له تأثير كبير, الاول الشائعات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية وخاصة أننا في مجتمع يصنف انه محافظ, فيما تنحصر القضية الثانية في اشاعات العنف وكل ما يتعلق بها, وقد وجدت لها رواج كبير خلال الفترة الماضية, وخاصة اثناء حكومة الوفاق الوطني وما بعدها, خاصة أن وضع البلد يمر بأزمة حرب مع التمرد الحوثي والانقلاب الذي قاده جماعة الحوثيين المتمردة ومعها المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس المخلوع الراحل علي عبدالله صالح.

 

المواقع الصفراء واستهداف الإصلاح
التزم التجمع اليمني للإصلاح بالأطر الأخلاقية منذ بروزه الى الحياة السياسية في 13 سبتمبر/ ايلول 1990م وحتى اليوم, وبقي مؤمناً بأن نبل القيمة وعظمة المقصد هي الغاية التي يجب أن تختزل كل اعماله, وافكاره وما يقوم به في خدمة الناس في مسيرته السياسية والنضالية.
وبقليل من التأمل والتتبع سنجد أن الحزب تعرض لحملات تشويه ممنهجة على مدى العقدين الماضيين, وشارك أحزاب وتيارات عبر صحف ووسائل إعلام مختلفة في استهداف الإصلاح, وتحمل الحزب جراء ذلك الكثير ولا يزال حتى هذه اللحظة. لقد أدرك الإصلاح قيمة الكلمة والتزم على نفسه وكل المؤسسات التي تنبثق عنه اهميتها, والعمل بروح المسؤولية والتزام المصداقية, ويحث افراده وكل مؤسساته بالتزام الاطر القانونية والأخلاقية في النشر والتوزيع والتعامل مع المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

اختراق مواقع الكترونية تابعة للإصلاح
عانى الإصلاح كثيراً من الشائعات ومن التلفيقات ومن الاتهامات الباطلة التي يروجها الكثير بلا دليل, ولم يتوقف الامر عند التحريض الذي لم يتوقف يوماً واحداً من قبل اغلب التيارات في الساحة, فقد وصل الامر الى اختراق مواقع الإصلاح ومحاولة زج الإصلاح في معارك جانبية, ففي الاول من يوليو/ تموز 2016م تم اختراق موقع الصحوة الرسمي التابع للحزب وبث مقالة تستهدف المملكة العربية السعودية, ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي يتم استهداف مواقع الحزب ونشر اخبار مضللة ومسيئة.

 

مواجهة الشائعات
يمكن اجمال ثلاثة علاج في مواجهة الشائعات التي تبثها المواقع والصحف الصفراء, وهذه الثلاث النقاط تستطيع أن تحاصرها الى مستويات قياسية أو على الاقل تقلل وتخفف من تأثيرها السلبي على المجتمع.


1- التأكد من المصدر خصوصاً مع الأخبار الحساسة و المهمة؛ فالأحداث التي تمر بها البلاد تخرج لنا اخبار بشكل متسارع, وهنا مهم أن يكون هناك محاصرة للشائعات بالنظر الى مصدر أي معلومة تخرج وردها الى مصدرها.
2- التوعية المستمرة, وهذه يمكن تستهدف المواقع الصفراء وتعريتها واستهدافها والتعريف بحقيقتها بين الفترة والاخرى, بحيث يكون هناك برامج مختلفة من تلفزيونية الى صحفية الى مجتمعية, تتكامل جميعها في التوعية بخطورة هذه المواقع وسبل وطرق التعاطي معها.
3- الشفافية وهي النقطة الثالثة من قبل مؤسسات الدولة, وغيرها من المؤسسات التي لها مسؤولية, فالشفافية تقلل من خطورة الشائعة, سواء بالتوضيح والتبيين أو سهولة الوصول الى المعلومة والتأكد من الحقيقة, واغلب ما يساعد الشائعة على الانتشار هو أن الشخص لا يستطيع الوصل الى تأكيد أو نفي المعلومة بسهولة.