السبت 20-04-2024 10:47:20 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون ومجهود " الثقب الاسود"!

الأربعاء 14 مارس - آذار 2018 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت– خاص/ فهد سلطان

   

حتى الآن لم يأخذ تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن - حول اليمن - حظه من الدراسة والاهتمام, والتقرير عبارة عن رسالة مؤرخة في 26 يناير/ كانون الثاني 2018م مقدمة من الفريق الى مجلس الأمن ضمن قرار 2342- 2017م.

كانت المقدمة التي افتتح بها التقرير مخيفة وصادمة, وقال التقرير إن اليمن على وشك أن يتلاشى من الخريطة السياسية للبلاد, بسبب عدد من السلطات في الشمال والجنوب والوسط, وتنامي مليشيات بصورة كبيرة. 

تناول التقرير قضايا في غاية الأهمية, وسلط الضوء على عدد من القضايا ومنها الجانب الاقتصادي وتركز على تمويل المليشيات (جماعة الحوثيين المتمردة) وهي القضية التي تدخل في دائرة المسكوت عنه, ولم تأخذ هذه القضية حظها من النقاش والاهتمام في وسائل الإعلام, أو في أروقة السياسة لدى الشرعية!

الجانب المالي ليس قضية ثانوية, بل قضية في عمق المشكلة التي تعاني منها البلاد, بل تقف هذه القضية على رأس سلم المشكلات التي يعاني منها الجميع, ويمكن القول أنها القضية التي تتفرع منها كل مشكلات الجماعة داخل البلاد, وهي باختصار شديد الحبل السري الذي يزود الجماعة بقدر على البقاء والصمود أكثر في مواجهة اليمنيين لاستعادة دولتهم السليبة من أحفاد الإمامة.

حيث جاء في مقدمة التقرير، وهو يتحدث عن البنك المركزي الذي انشطر الى نصفين في الشمال والجنوب ولم يقم بأي دور يذكر, بينما في الشمال أشار التقرير الى أن الحوثيين يجمعون الضرائب, ويبتزون التجار, ويصادرون الممتلكات باسم المجهود الحربي(1)

وجاء في الفقرة (126) من التقرير ما نصه "لا يزال الحوثيون يواصلون السيطرة بصورة مباشرة على معظم الاقتصاد الوطني في مناطقهم بواسطة الوزراء والمديرين والموالين لهم أو بواسطة اللجان الثورية, أو النواب الذي يتصرفون بوصفهم مشرفين داخل منظماتهم".

وجاء في الفقرة (127) وقد حلل الفريق الإرادات غير الضريبية استناداً إلى آخر ميزانية حكومية متاحة ميزانية عام 2011م من أجل تقييم ما يمكن أن يكون متاحاً للاستعمال من جانب الحوثيين وهذا يعادل ما يقارب 2818 بليون ريال (11,3) بليون دولار) وقد تكون خاضعة لسيطرتهم.(2)

ومن خلال هذه الأموال ذات الأرقام المهولة, يتضح بجلاء استماتة الحوثيين وغيرهم على استمرار الحرب, فالتقرير أشار أيضاً في سطوره الأولى التي افتتح بها التقرير بأن الأوضاع في البلاد قد أفضت الى نمو أسواق سوداء والى تجار حرب ومن الطبيعي لوضع هذا حاله أن تتزايد الفوضى وأن يحرص هؤلاء على استمرار الحرب لفترة أطول, وخاصة تجار السلاح والتي تجاوز التوزيع الى مناطق خارج اليمن.

 

الإحصاءات والثقب الأسود

 

حتى الآن لا تزال الإحصائيات التي تخرج بها عدد من التقارير المحلية والدولية تعتمد على ما يقع تحت بصرها من وثائق وأرقام, وبسبب هشاشة الاقتصاد اليمني ذاته, فقد جعل من الصعب الإحاطة بصورة قاطعة بما يجنيه الحوثيون من هذه الحرب من أموال, مع التأكيد أن الأرقام التي تنشر بين فترة وأخرى تظل متواضعة, وأن طريقة النهب وجمع الثروات والمال باتت لها طرق غير مشروعة كثيرة لا تخضع لإحصاءات دقيقة بسبب الوضع العام في مناطق الحوثيين وغياب المعلومة الدقيقة.

وحسب التقرير الدولي فإن مصادر الدخل التابعة لجماعة الحوثيين باتت متنوعة, وهي التي تسببت بأزمة السيولة في البلاد, حيث مثل نهب السيولة وخاصة من العملة الصعبة الثقب الأسود الذي يلتهم أية محاولة للإصلاح أو تخفيف المعاناة, وهنا سيكون أي محاولة من قبل الشرعية في التخفيف أو رفد السوق بعملة جديدة أو دفع رواتب الموظفين أنها ستصل الى النتيجة نفسها, فسحب العملة وإخفاؤها وعدم بقائها في المؤسسات المالية والمصرفين يفاقم من وضع المشكلة, وهو ما يجعل قضية الحوثيين قضية مركبة.

مثل قطاع الاتصالات واحدة من أكبر مصادر التمويل للحوثيين, وحققت هذا القطاع أرباح كبيرة وكلها تم مصادرتها من قبل الجماعة, ومثلت واحدة من ابرز الدعم الذي تلقته, هي تقدر حسب التقرير الدولي للجنة الخبراء "159 مليون دولار خلال عام واحد, يضاف إليه أيضاً الأسواق السوداء والتي باتت توفر من الدعم وفارق السعر بمبلغ يزيد عن 318 مليون دولار, وهو رقم كبير بالنظر الى الوضع الذي تعيشه البلاد.

هذه الأموال الكبيرة التي تحصلها الجماعة الى جانب ما ذكرنا سابقاً من طرق لم يتناولها التقرير من الضرائب ومن النهب المنظم ومن السطو ومن النقاط والجمارك كلها تضخم من الجماعة وتجعل من إسقاطها صعب المنال, بل أن هذه الطريقة في تحصيل المال تصيب البلاد بالشلل.

 

استثمار الوضع المعيشي

 

لم يعر الحوثيون للتحذيرات المحلية والدولية من مغبة ما يقومون به من استنزاف كبير للسيولة, واستهداف مباشر للاقتصاد اليمني ما تبقى من خيط يبقي اليمنيون على الحياة, وعلى الأقل يمنع عنهم المجامعة التي باتت تهدد ملايين اليمنيين بحسب تقارير دولية.

فالحوثيون لا يعترفون بمؤسسات الدولة ولا تصدر توجيهاتهم أو تصرفاتهم في كل ما يقومون به وفق مؤسسات الدولة أو منطقها, وإنما بطريقة عشوائية, وهو ما وسع من دائرة الفساد والمحسوبية, وظهرت على اثر هذه الأوضاع طبقة تزداد ثراء فاحشاً, وهي تنهب أموال المواطنين والتجار باسم المجهود الحربي, المخصص للعمليات الحربية.

قبل أيام كان ناشطون قد تداولوا مقاطعاً صادمة, وهي تظهر عدد من اليمنيين يأكلون من مخلفات الطعام المرمية في الشوارع, وسبق أن نشرت قنوات عالمية قبل اشهر أطفال في محافظة الحديدة يتجمعون حول مقلب نفايات للبحث عن بقايا طعام.!

وكما استثمر الحوثيون وباء الكوليرا أمام المنظمات الدولية, يتكرر ذات الأمر اليوم بسبب تدهور الأوضاع المعيشية للناس, حيث تقوم عدد من المنظمات الدولية بإدخال معونات للنازحين والفقراء وهي التي يسطون عليها ويتكرر ذلك باستمرار, دون أن تصدر تقارير في هذا الجانب, وتطور النهب للمعونات الى بيعها في الأسواق السوداء وعلى صرفها بين فئة تابعة لهم بينهما عامة الناس يلاقون ويلات الجوع والفقر.

 ..................

هوامش:

1-    نص الفقرة مقتبس من مقدمة لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن حول اليمن, تبدأ الفقرة من بداية الصفحة الثالثة.

2-    نص التقرير ص 44