الخميس 18-04-2024 06:28:42 ص : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المأساة الإنسانية اليمنية بين مساعدات المملكة السعودية وتدمير إيران (تقرير)

الأحد 11 مارس - آذار 2018 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ توفيق السامعي

 

مأساة إنسانية
شهدت اليمن بعد الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014، وقيامها بالحروب والاعتداءات المختلفة، مأساة إنسانية كبيرة في اليمن على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والإنسانية والعسكرية والتعليمية والصحية. حيث ارتفع معدل البطالة بين اليمنيين بشكل مخيف يصل إلى أكثر من 70% من السكان بسبب الحروب المختلفة التي تشنها المليشيات الحوثية على اليمنيين. كما ارتفعت نسبة الفقر بضعفين كما كان عليه الأمر قبل الانقلاب، حيث ارتفع عدل الفقر مع ارتفاع البطالة إلى أرقام قياسية تصل إلى أكثر من 75% من السكان. فقد عملت الحرب على فقدان من يعولون الأسر المختلفة من ناحية وبسبب تدمير مؤسسات الدولة من ناحية أخرى حيث أصبحت اليمن من الدول الفاشلة بعد هذا الانقلاب، ناهيك عن أن المليشيات الحوثية قامت بقطع رواتب الموظفين التي كانت تكفل أكثر من 5 ملايين نسمة.


وتذكر بعض الإحصائيات أن هذه الحرب قتلت وجرحت ما يقارب 100 ألف يمني من مختلف الأطراف بما في ذلك طرف الانقلابيين الحوثيين الذين يزجون بالمواطنين إلى المعارك بشكل إجباري.


وبسبب حروب الحوثيين وغزوهم المحافظات اليمنية المختلفة أدت الحروب أيضاً إلى نزوح كثير من السكان والتهجير القسري الذي قامت به المليشيات الحوثية في أماكن مختلفة من اليمن.


وتقدر بعض الإحصائيات أن ما يقارب 10 بالمائة من إجمالي عدد السكان في اليمن أصبحوا لاجئين داخلياً وخارجياً، فمحلياً لجأ بعض المواطنين من مناطق الحروب إلى مناطق أخرى متفرقة وأصبح النزوح حالة مطولة للغالبية العظمى من النازحين مما أجهد قدرتهم وقدرة المجتمعات التي تستضيفهم و يجعلهم أكثر ضعفاً.


حيث باتت محافظة مارب هي المحافظة الأولى في استقبال النازحين الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون ونصف فضلاً عن السكان المحليين الذين يقدر عددهم ب نصف مليون نسمة، في حين أن المحافظة لا تستطيع استقبال وتوفير الخدمات للنازحين كون البنى التحتية لا تكفي سوى لحوالي خمسمائة ألف نسمة على أكثر تقدير، حيث كان يسكن مدينة مارب ما يربو عن 250 ألف نسمة وصارت اليوم تكتظ بمئات آلاف النازحين الذين سكنوا المخيمات أو المدارس الحكومية والمرافق العامة للدولة وصلوا إلى أكثر من مليون ونصف المليون نسمة وما زالت المحافظة تستقبل قادمين جددا ما يشكل عبئاً إضافياً على البنى التحتية ومضاعفة الإيجارات السكنية والعقارية بشكل عام تجعل اللاجئين لا يستطيعون دفع تلك المبالغ الكبيرة ويضاعف مأساتهم الإنسانية.


كما شهدت محافظة إب استقبالاً كثيفاً للنازحين من المحافظات الجنوبية ومحافظة تعز التي يجري إفراغها من السكان من خلال تهجير المليشيات الحوثية لحوالي ثلث عدد سكان المحافظة إلى مناطق داخلية وخارجية خارج المحافظة، ناهيك عن محافظات عمران وصعدة وصنعاء والبيضاء التي تشن المليشيات عليها الحروب المختلفة وقامت تلك المليشيات بملاحقات أمنية أجبرت كثيراً من الأسر اليمنية على النزوح من المحافظات الشمالية.

 

التعليم
يشهد التعليم في اليمن انتكاسة كبيرة فكثير من المدارس في وضع غير ملائم للتعليم ونقص كبير في المناهج وعدم دفع مرتبات وخصوصا في مناطق سيطرة المليشيات، وقد ترك الكثير من الطلاب مدارسهم وجامعاتهم بأسباب مختلفة منها: عدم قدرة الكثير من الأسر في تحمل أعباء المدرسة، وتوقف التعليم في مناطق بتدمير المدرسة أو توقف العملية التعليمية برمتها، وكذلك عجز الأسر نتيجة النزوح لمناطق بعيدة وعدم القدرة على الوصول للمدرسة، ناهيك عن تراجع كفاءة وجودة التعليم لمستويات متدنية جداً مما سيجعل الجيل الحالي أقل قدرات ومهارات مما يؤدي لمحدودية خياراته في العيش والعمل مستقبلاُ، أما أكبر الأسباب هو الخوف من الملاحقات الأمنية بسبب اتخاذ الطلاب رهائن للضغط على أهلهم وذويهم وفرض التجنيد الإجباري من قبل المليشيات الحوثية والزج بهم إلى المعارك وكذلك عدم قدرتهم على النفقة بسبب البطالة ولجوئهم إلى ممارسة المهن المختلفة.


كما عملت المليشيات الحوثية على تطييف المناهج التي تجعل شريحة واسعة من الناس يعزفون عن التعليم حتى لا تتسمم عقولهم بالأفكار الطائفية المقيتة التي تحاول المليشيات الحوثية زراعتها في عقول الأجيال الحالية لتدمير ثقافته.

  

العمل الإنساني
على الرغم من أن معظم المنظمات الإنسانية والحقوقية العاملة في اليمن تعمل تحت جناح وإشراف المليشيات الحوثية وتدعمها هذه المليشيات إلا أن الحوثيين عملوا في الفترة الأخيرة على إغلاق عدد كبير من المنظمات العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، وصادرات ممتلكاتها، واختطفت الكثير من العاملين مما أسهم بوقف وتقلص كثير من المساعدات والجهود الإنسانية التي كانت تقدم لعدد كبير من الأسر المحتاجة مما أدى لتفاقم المعاناة وإضعاف القدرات في مجال العمل الإنساني في وقت المجتمع بحاجة شديدة إلى كل هذه القدرات، بل إلى مضاعفتها بدلا من محاربتها وتمثل جريمة قتل المحامية ريهام بدر أحد النماذج على نهج مليشيات الحوثي المتعمد لمضاعفة المعاناة الإنسانية.


وفي كثير من الأحيان عملت المليشيات الحوثية على مصادرة المساعدات التي تصل عبر منظمات دولية، كما تقوم مليشيات الحوثي أيضاً بفرض قيود على المساعدات التي تسمح بها وفق شروطها مما يمكنها في توظيفها في سياسية التجنيد لأبناء الأسر الفقيرة مقابل الحصول على المساعدات فضلاً عن ممارسة الابتزاز والضغوط على أسر أخرى غير موالية لها وتحرمه تلك الأسر من تلقي هذه المساعدات وتصادرها لأسر قريبة منها، ناهيك عن الاتجار بتلك المواد للمساعدات الإنسانية التي تصادرها المليشيات الحوثية.


بعد سيطرة المليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة بعد الانقلاب قامت بتسريح مئات الآلاف من وظائفهم من مدنيين وعسكريين وقامت بعمليات إحلال واسعة لمليشياتها في مؤسسات الدولة..ونتيجة لهذا التسريح وقطع الرواتب عن موظفي الدولة أدى إلى تزايد مستمر في عدد الأسر المحتاجة والوصول بها إلى حافة الفقر نتيجة مما جعل ما يقارب ربع السكان هي الأسر التي يعمل أربابها بوظائف الحكومية في دائرة الفقر، وكذلك تسريح أعداد كبيرة من العمال في القطاع الخاص تصل وفق تقديرات 55% من القوى العاملة وكذلك تعرض قطاعي الزراعة و صيد الأسماك للتراجع و الضعف وهما أهم وظائف يعمل فيها المجتمع في المناطق الريفية و الساحلية.


كما عملت المليشيات الحوثية على فرض إتاوات مختلفة على التجار وفرض رسوم مختلفة على البضائع، وفتحت سوقاً سوداء لمختلف السلع، ناهيك عن خصخصة المؤسسات لمليشياتها، وفرضت جبايات على البضائع في مداخل مدينة صنعاء مما تسبب في ارتفاع كبير لأسعار الأدوية .
ونتيجة لكل ذالك تضاعفت الأسعار بشكل جنوني وصل ببعض السلع الأساسية إلى مضاعفة السعر 100% مع انعدام فرص العمل بشكل شبه كلي والتدهور الاقتصادي الحاد و تضييق خيارات كسب العيش وأسباب أخرى أسهمت في الاستمرار في زيادة معدل أعداد الأسر الأشد ضعفا والتي تفقد قدرتها على الصمود أمام عوامل المعاناة المتزايدة.


كل هذه المأساة الإنسانية دفعت بالكثيرين من أرباب الأسر إلى الانتحار هروباً من مواجهة الفقر بعد أن كانوا أعزة مستورين في حالة طبيعية من معيشتهم، وكانت بعض وسائل الإعلام ومنظمات مختلفة قد رصدت بعض حالات الانتحار أو الموت نتيجة الجوع والحصار في تعز وتهامة.

  

مأساة تعز
وبسبب هذه الحروب والانقلاب الحوثي شهدت محافظة تعز أكبر مأساة إنسانية في اليمن في العصر الحديث نتيجة غزوها والاعتداء عليها من قبل المليشيات الحوثية وأنصار الرئيس السابق صالح، التي عملت تلك المليشيات على محاصرتها من كافة الاتجاهات ومنعت عنها كل أسباب الحياة من غذاء ودواء وماء فضلاً عن قصفها بالأسلحة الثقيلة في كافة أحياء المدينة التي كانت تشهد مجازر جماعية بصورة شبه يومية.


وبسبب الحصار الخانق على مدينة تعز فقد تسببت تلك المأساة الإنسانية في وفاة العديد من المرضى وخاصة مرضى الفشل الكلوي والأطفال الخدج والمرضى المرقدون في مستشفياتها التي لم تسلم هي الأخرى من القصف الحوثي بالأسلحة الثقيلة حتى غرف المرضى والرقود وغرف العمليات في مستشفى الثورة والجمهوري لم تسلم من القصف المركز عليها.


ودفعت محافظة تعز أثماناً باهظة حيث قتل فيها أكثر من 4 آلاف مدني ما بين أطفال ونساء وشيوخ ناهيك عن من قتلوا في جبهات المعارك، وأكثر من 20 ألف جريح.


فقد فتحت المليشيات الحوثية أكثر من 20 جبهة عسكرية في مدينة تعز وأريافها وشهدت أكبر عملية تهجير بين سكانها من المحافظات الأخرى.
كما عملت المليشيات الحوثية على تدمير كافة مرافق الدولة في تعز وكذلك البنى التحتية وأعادت المحافظة إلى عصر القرون الوسطى.

 

إيران والأزمة اليمنية
على الرغم من إعلان إيران أن العاصمة الرابعة (صنعاء) سقطت في أيديها لم تقم إيران بتقديم أية مساعدات إنسانية لليمن تثبت من خلالها وقوفها واهتمامها بالشعب اليمني الذي سقطت عاصمته في أيديها كمشروع تابع لها، بل على العكس من ذلك فإيران لم ترسل للشعب اليمني إلا المليشيات التدميرية والألغام البرية والبحرية والأسلحة التي تدمر اليمن وتغزو مليشياتها بقية المحافظات اليمنية التي قاومت المشروع الحوثي الإيراني.


لم تذكر أي من المنظمات الإنسانية الإغاثية والحقوقية أن إيران قدمت مساعدات إنسانية لليمن سوى أنها دعمت مليشياتها الحوثية وصدرت الثقافة الطائفية المقيتة البعيدة عن روح وثقافة اليمنيين الممتدة لآلاف السنين، ناهيك عن تصدير المخدرات والحشيش الذي تقوم المليشيات الحوثية بالمتاجرة بها ورعاية تجارتها ما يعني مضاعفة الأزمة اليمنية التي الشباب والأجيال.

 

دعم المملكة
تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الأولى المانحة لليمن في التاريخ المعاصر، حيث تعمل المملكة العربية السعودية في كل عام على رفد الموازنة العامة للدولة اليمنية بأكثر من مليار دولار سنوياً منذ فترة طويلة، وفي أحيان أخرى تدفع أكثر من 2 مليار دولار، ناهيك عن دعمها للمشاريع المختلفة من بنى تحتية وغيرها، فضلاً عن إيداع مبلغ مليار دولار دعماً للعملة الوطنية في 2012، و2 مليار دولار لذات المجال في عام 2018، فضلاً عن مساعدتها للحكومة اليمنية ومؤسسات الدولة التي تقيم على أراضيها ودفع رواتب الموظفين قبل أن تتحول على الحكومة اليمنية مؤخراً.


تقول المملكة العربية السعودية أنها قدمت لليمن منذ بداية عاصفة الحزم وحتى اليوم أكثر من 10 مليارات دولار في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية، فضلاً عن أن مركز الملك سلمان للعمليات الإغاثية يعد الداعم الأول للعمليات الإنسانية في اليمن. حيث تغطي مساعداته الإنسانية مختلف المحافظات اليمنية، ووقف موقفاً مشرفاً وكبيراً في محافظة تعز للتخفيف من حصارها ومعاناتها الإنسانية.


كما يقوم مركز الملك سلمان بمعالجة جرحى الحرب اليمنيين في مستشفيات داخلية وخارجية على نفقة المركز الخاصة، حيث وقع مؤخراً اتفاقية بمبلغ 2 مليون وتسعمائة وأربعين ألف دولار لعلاج الجرحى وتأهيل الأطفال المجندين.


ولم تكتف المملكة العربية السعودية بتقديم المساعدات الإنسانية في الداخل بل إنها كانت الرافد الأول للمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تتبنى مشاريع إغاثية في اليمن، كمنظمة الصحة العالمية، والبرنامج الإغاثي، وغيرها من المنظمات.