الجمعة 29-03-2024 11:12:27 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المرأة اليمنية في يومها العالمي.. نضال مستمر

الخميس 08 مارس - آذار 2018 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت– خاص/ فهد سلطان

  

كانت المرأة اليمنية قد وضعت اقدامها على أولى عتبات المستقبل, عبر الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني الشامل (18مارس/ اذار 2012م – 25يناير/ كانون الثاني 2013م)، فقد مثلت تلك المخرجات حصيلة تراكم نضال طويل استمر لعقود طويلة, توجت به المرأة اليمنية, بإقرار مواد دستورية وتفصيلية ستعيد لها موقعها الطبيعي في المستقبل.

لم يتوقف الأمر بالانقلاب على مخرجات الحوار الوطني, والذي قاده تحالف المؤتمر والحوثيين بشن حرب ضروس على البلاد لا زالت مشتعلة منذ ثلاث سنوات, بل استهدفت تلك الحرب المرأة اليمنية بالدرجة الأولى, وعمد الحوثيون بوجه خاص على استهداف ذلك النضال الطويل, بحيث تم إقصاؤها من الحياة بالكامل وإعادتها الى عقود غابرة.

 

المرأة في التاريخ اليمني القديم

يذكر لنا القرآن الكريم شواهد بالغة الأثر في المكان العالية والسامقة التي وصلت إليها المرأة اليمنية في الزمن الغابر, ويحكي لنا عن ملكة بلقيس التي خصها القرآن بذكر شيء من رجاحة عقلها ومكانتها بين قومها, ومستوى الرقي في الحوار الذي دار بينها وبين نبي الله سليمان, والذي تطور بعد ذلك إلى الدخول في دين الله والإسلام لرب العالمين. وفي اللحظة التي لم يذكر القرآن الكريم تفاصيل تلك الدولة, فقد اكتفى بذكر إشارات عن رجاحة عقلها, وعن مستوى الشورى الذي وصلته اليمن آن ذلك, وهي الطريقة التي تعكس النضج الفكري والسياسي في اليمن القديم, ويعكس مكانة المرأة داخل تركيبة المجتمع, فقد نضج الشعب اليمني لأن يجعل المرأة على أعلى سلم الحكم, وقادت المملكة الى بر الامان وجنبتها مزالق الحروب والفتن.

 

تاريخ الإمامة والمرأة

غيبت المرأة اليمنية تماماً في كل مراحل التاريخ التي حكمت فيها الهاشمية السياسية, وكان الفقه الموروث واحداً من أهم العوامل والأسباب التي ساهمت في تشريع التغيب والتهميش وإضفاء عليه صبغة دينية, وكانت المرأة اليمنية بشكل عام جزء من حياة الراجل لا من تفاصيل الحياة العامة, فقد غيبت تماماً وساد المجتمع الذكوري بالكامل. ورغم أن المرأة كان لها حضور لافت في العهود الإسلامية, النبوي والراشدي ومع الدولة الأموية والعباسية, إلا أنها في اليمن طالها التهميش بسبب الجهل والصراع السياسي على السلطة ومستوى الحروب التي اشعلتها الإمامة, واكتفت المرأة بأن تعيش المعاناة في حياة هامشية بعيداً عن الحياة العامة بشكل كامل.!

في ندوة أعدها المركز اليمني للدراسات التاريخية (منارات) اشار الدكتور العروسي, تحت عنوان "إسهامات النساء اليمنيات في نشر الإسلام والعلوم والثقافة"، قال إن عدداً من المصادر التاريخية الإسلامية تزخر بأسماء وسير عدد كبير من الصحابيات اليمنيات المبايعات للرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن بعضهن كن من الصحابيات وشاركن في نشر الإسلام وعلومه ورواية الحديث النبوي الشريف وأن من أشهر هؤلاء الصحابيات أم الدرداء؛ وهجيمة بنت حيي، وكبشة بنت معد يكرب، ورابطة بنت كرامة المذحجية، وكبشة بنت كعب بنت مالك الأنصارية، والرباب بنت حارثة بن سنان الأنصارية، وزرعة بنت محرش، وكبشة بنت فروة بنت عمرو بن فروة الأنصارية، وكبشة بنت رافع بنت عبيد بن ثعلبة، وكبشة بنت معن بن عاصم الأنصاري، وسلمى بنت حفصة، وعفراء بنت غفار الحميرية.(1)

وسيتضح بجلاء أن كل تلك الأسماء لنساء يمنيات وغيرها لم تنشط في الداخل اليمني إلا نادراً, فالبيئة لم تكن لتسمح للمرأة بتجاوز حدود المنزل, والقيام بشؤون الرجل فقط, وبقيت اليمن في تعطيل كامل على مدى عشرة قرون, حتى مجيء ثورة سبتمبر/ ايلول 1962م, والتي ادخلت اليمني بشكل عام في فضاء جديد انعكس نسبياً على الرجل والمرأة على السواء.

 

المرأة اليمنية في الدستور اليمني

كانت ثورة سبتمبر بمثابة النافذة الجديدة التي دخل منها هواء جديد للداخل اليمني, وانعكس ذلك على اليمني ذكراً وامرأة في كل المجالات, وبسبب الحروب التي رافقت الثورة والعثرات التي وضعت على طريق الحياة السياسية على مدى ستنين عاماً تعثرت كثير من القضايا ومنها قضايا المرأة, رغم أنها مرت بتحولات وحصلت على مواقع متصدرة لا يستعان بها, ولكنها لم تصل الى الوضع الطبيعي. 

وفي نفس الوقت لم يكن الدستور اليمني سيئاً, ولكنه في نفس الوقت لم يعطي المرأة اليمنية حقها الطبيعي والحقيقي, رغم أنه احتوى على مواد يمكن وصفها بالجيدة, بل كانت اليمن قد سبقت كثير من الدول من حيث إقرار عدد من النصوص الدستورية الصريحة حول وضع المرأة بجانب الرجل في الحياة العامة, من التي تعني من شأن المرأة اليمنية وترفع من قدرها, مقارنة بعدد من الدول العربية, وقد انحصرت المشكلة في التطبيق, ومحاولة رفع ذائقة المجتمع سياسياً وثقافياً بحيث تجد تلك المواد طريقها الى التنفيذ بشكل كامل بيسر وسهولة!, لقد كان المجتمع عائقاً الى حد كبير في الانفتاح على المرأة, إلى جانب النظام السياسي نفسه الذي كان يغذي ذلك التخلف ويحميه ويوفر له كل وسائل البقاء والاستمرار.

كان المبدأ الابرز الذي حدده الدستور اليمني ينص على أن " المجتمع اليمني يقوم على اساس التضامن الاجتماعي وهو ما يعني أن التضامن بين الرجل والمرأة من باب أولى". (2)

ولذلك نجد أن المادة 26 من الدستور اليمني جاء فيها "الأسرة اساس المجتمع وقوامه الدين والأخلاق وحب الوطن ويحافظ القانون على كيانها ويقوي وأواصرها" ومكونات الاسرة الرجل والمرأة وما يخلفانه من الذرية" (3)

وهنا: لم تكن الاحزاب السياسية بعيداً عن طبيعة المجتمع ذاته في التعامل مع المرأة, فيما يمكن القول أن المرأة اليمنية نفسها نشطت في العقدين الاخيرين الى ما قبل سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر/ ايلول 2014م, وكان لها حضوراً فعلياً من خلال المنظمات والندوات والمؤسسات التي قامت تحت إدارات نسائية, واستطاعت المرأة اليمنية للمرة الاولى أن تصل الى مواقع داخل اجهزة الدولة وأن كانت محدودة, وفي نفس الوقت تصدرت مؤسسات نسوية على مستوى البلد, وتوج ذلك بحصول احدى الناشطات اليمنيات توكل كرمان على جائزة نوبل السلام 2011م.

 

انتكاسة 2014

كانت اول خطوة قام بها الحوثيون هو استهداف العملية السياسية فور وصولهم للعاصمة صنعاء, لقد كان الحوثيون يسيرون بخطى واضعة لتعطيل الحياة بالكامل, فعشرات المؤسسات توقفت ومنها مؤسسات نسوية الى جانب منعت من إقامة فعاليات إلا وفق رقابة صارمة وتحت إشرافهم المباشر, فيما توقفت التعيينات لدى الحوثيين في مؤسسات الدولة باستثناءات لخدمة السياسية وليست لخدمة المرأة اليمنية كما هو الحال في المجلس السياسي الأعلى الذي كان مناصفة بين الحوثيين وحزب المؤتمر.

عانت المرأة اليمنية كثيراً بسبب الحرب ونتائجها, وتعمد الحوثيون في زيادة تلك المعاناة, فالأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد انعكست بشكل مباشر على وضع المرأة بشكل عام, وتحملت المرأة نتائج قاسية, فقد خلفت الحرب عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والتهجير, وسيفيق اليمنيون على كارثة كبيرة فيما لو توقفت الحرب, كون الناس في هذه الأثناء ملتزمون بالصبر والتحمل.

خلال حكومة الوفاق الوطني كانت المرأة اليمنية قد حصلت على مستوى جيد من الهامش السياسي, وشاركت بفعاليات من خلال المسيرات والمظاهرات والمناشط السياسية والاجتماعية, وكل ذلك تم القضاء عليه, وتعرضت النساء لموجهة من الانتهاكات والاستهداف المباشر الذي لم تعهده من قبل, بل يذهب بعض الباحثين للقول أن الجماعة تحاول أن تصل اللحظة الحالية بما كان عليه الأمر قبل ثورة سبتمبر..

................

هوامش:

1-   ندوة أعدها مركز منارات بصنعاء 2008م.

2-   المجلة العربية للدراسات والأبحاث, مادة بعنوان" المرأة العاملة وفق قانون الجمهورية اليمنية" د. محمد الشرفي".

3-   المصدر السابق.