الجمعة 29-03-2024 11:33:13 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح ودوره في القضية الجنوبية

الثلاثاء 27 فبراير-شباط 2018 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت -خاص

 



يُعد التجمع اليمني للإصلاح، من أكثر الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة الجنوبية اليمنية، حيث يتمتع بقاعدة شعبية عريضة ورصيد نضالي وسمعة سياسية أهلته لكسب الشارع الجنوبي وبالأخص في العاصمة المؤقتة عدن، التي اتخذتها السلطات الشرعية عاصمة مؤقتة بديلا عن صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.
لعب الإصلاح دورا فاعلا في الشأن الجنوبي، وتحديدا خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وسعى جاهدا خلال مراحل مؤتمر الحوار إلى إنصاف القضية الجنوبية، والعمل بشكل جدي من أجل حلها بطريقة سلمية توافقية.
ومنذ انقلاب (سبتمبر/أيلول 2014)، كان الاصلاح في مقدمة الأطراف التي وقفت ضد المليشيات الانقلابية، وتصدَت لها بحزم في كل أرجاء اليمن مع فصائل المقاومة الشعبية التي تشكلت من مختلف مكونات المجتمع اليمني وأطيافه السياسية.
وفي المحافظات الجنوبية لا يزال الاصلاح حتى اليوم، وفي إطار منظومة الشرعية ومؤسساتها الرسمية، يُشكل سدا منيعا في وجه مثيري الفتن والفوضى وكل من يسعى إلى زعزعة أمن واستقرار مدن الجنوب.

 

إنصاف القضية الجنوبية


خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي استمر قرابة 10 أشهر، أيد الحزب مطالب أبناء الجنوب، كما طالب بتنفيذ مطالب التهيئة وتقديم حل عادل يرضي أبناء الجنوب وكل الشعب اليمني.
وفي رؤيته التي قدمها بخصوص القضية الجنوبية، رأى الإصلاح أن دور الدولة انحسر مع قيام الوحدة في جانب تقديم الخدمات العامة لأبناء الجنوب، كما ضعف أداؤها وشهد تراجعا مطردا ليس في المحافظات الجنوبية وحسب بل وفي كل المحافظات اليمنية عموما، وانتقد نظرة الحزب الحاكم –حينها-(المؤتمر الشعبي العام)، في عدم حاجته للشراكة مع الحزب الاشتراكي اليمني عقب خروجه من السلطة بُعيد حرب صيف 1994 ومساعي صالح ونظامه-آنذاك- لتحويل المحافظات الجنوبية الى غنيمة حرب، ودعا الإصلاح في مؤتمره العام الأول الذي انعقد عقب الحرب مباشرة الى احتواء ومعالجة اثار وتداعيات حرب الانفصال وحل الأزمة الجنوبية حلا عادلا على قاعدة الشراكة في السلطة والثروة.
واعترض بشدة على القمع والإقصاء الذي تعرض له المعارضون في الجنوب، واعتماد سياسات حكومية نالت من حقوق المواطنين وممتلكاتهم بما في ذلك السطو على المساكن والشركات والمؤسسات العامة وغيرها.
رفض الإصلاح تهميش الجنوبيين وعدم إشراكهم بشكل فعلي في السلطة وصناعة القرار وإقصائهم من المراكز القيادية في مختلف المواقع المدنية والعسكرية والأمنية، وتسريحهم أو إجبارهم على التقاعد قسرا، فضلا عن الاكتفاء بوضع رموز جنوبية في الواجهة لتجميل صورة النظام.
وركز الاصلاح في رؤيته التي قدمها في مؤتمر الحوار، على الفساد الذي طال كل المجالات وبالأخص مجال الطاقة، وضآلة المخصصات المالية التي تحصل عليها المحافظات الجنوبية المنتجة للنفط، والتدمير الممنهج للقطاع العام تحت ذريعة الإصلاح الاقتصادي، وكذلك السطو على مساحات واسعة من الأراضي، تحت مسميات ومشاريع وهمية.
وانتقد بشدة إصرار السلطات وقتئذ على التملص من معالجة آثار حرب 1994، وحث على انتهاج سياسات فعالة لتعزيز وشائج الإخاء الوطني، وإجراء عملية تأهيل واسعة لليمن الموحد الكبير تساعده على تحقيق الاندماج الوطني والاجتماعي بصورة موضوعية.

 

مساندة الشرعية


وقف الإصلاح-ولا يزال-إلى جانب الشرعية في مختلف المراحل، وساندها في تنفيذ مشاريع تطبيع الحياة في المحافظات المحررة، ولم يعرقل مساعيها تلك كما تفعل بعض القوى الجنوبية للأسف.
ويمكن القول إن الإصلاح يعد أحد أهم ركائز الحياة السياسية والحزبية البارزة في الجنوب، التي ظل موقفها الوطني ثابتا إزاء الشرعية وكل القضايا الوطنية، منذ انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي في فبراير/شباط 2012، وإلى اليوم.
وغني عن البيان، أن توجهات الحزب لم تتعارض يوماً مع توجهات الشرعية، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، الرامية إلى استعادة الدولة اليمنية وحرية مواطنيها وتنفيذ مرجعيات السلام في اليمن، وفي مقدمتها قرار 2216، الذي ينص على انسحاب المليشيات الحوثية من المناطق التي سيطروا عليها، وتسليم الأسلحة التي تم نهبها خلال الانقلاب على سلطات الدولة، وإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية.
وفي إطار مشروع استعادة الدولة ودحر الانقلاب الحوثي العفاشي، أيد الإصلاح عاصفة الحزم التي جاءت بطلب من الشرعية، كما ساهم مع بقية القوى الوطنية في تشكيل فصائل المقامة الشعبية التي التحمت مع الجيش الوطني للتصدي للانقلاب واستعادة الدولة.
ظل الإصلاح أبرز الأطراف المشاركة في المقاومة الشعبية، التي تشكلت بشكل طوعي عقب الانقلاب مباشرة، وانضم شباب الإصلاح للمقاومة الجنوبية منذ وقت مبكر، كغيرهم من شباب الجنوب، وعملوا جنبا إلى جنب مع مختلف فصائل المقاومة هناك، وبرز العديد من قيادات المقاومة الذين ينتمون اليه.
قدم الإصلاح العديد من التضحيات البشرية، وسقط الكثير من كوادره شهداء وجرحى في عدة جبهات قاتلت من أجل حرية اليمن وكرامته واستعادة الدولة من الانقلابيين.

 

كلفة رسوخ المبدأ


ونتيجة لموقف الحزب الثابت إزاء قضية اليمن، ووقوفه ضد تحالف الانقلاب، استهدفته بعض من الأطراف التي ترفض التضحية والكفاح وتسجيل مواقف وطنية مشرفة لأجل حرية اليمنيين وكرامتهم.
ومنذ عام (2015) تم تفجير وإحراق واقتحام مقرات الاصلاح في المحافظات الجنوبية، إضافة إلى اعتقال بعض أعضاء وقيادات الحزب الذين لا زال العديد منهم في السجون.
في العاصمة المؤقتة عدن وحدها، تم اغتيال ثلاثة من قيادات الاصلاح المعروفين بوسطيتهم وحضورهم الكبير والمؤثر في الشارع الجنوبي، وهم، صالح حليس، وفايز فؤاد، وآخرهم الشيخ شوقي كمادي.
وبرغم تزايد الانتهاكات التي طالت أعضاء وقيادات ومقرات الإصلاح، إلا أنه كثيرا ما يؤكد وعلى لسان قادته، أن تلك الأعمال لن تستفزه أو تجره إلى العنف.

 

رفض العنف


يرفض الإصلاح -وبكل وضوح-استخدام العنف، وكذلك امتلاك السلاح خارج إطار الدولة، لتحقيق مكاسب سياسية، كما سبق وأن فعلت مليشيات الحوثي الانقلابية التي أسقطت صنعاء عام 2014.
وتجلى موقفه بجلاء، بعد أحداث يناير/كانون الثاني 2018 الأخيرة، التي استهدفت الانقلاب على الشرعية بعدن، إذ كان موقف الإصلاح رافضا ومستنكرا فرض أمر واقع بالقوة، ومخالفة إرادة الشعب، خاصة أن ذلك المشروع استهدف تقويض الشرعية بعد 3 أعوام من التضحيات التي بذلت من أجل تحرير تلك المحافظة، ومحاولة تطبيع الحياة فيها.
وثمة تشابه كبير بين انقلاب صنعاء الذي زعم الحوثيون أنه من أجل الشعب، وتلك الأحداث المؤسفة التي جرت بعدن، والتي بدأت بالتحريض ضد الشرعية طوال أشهر بحجة الفساد، إلى أن اندلعت الاشتباكات الدامية بين قوات الشرعية والقوات التابعة لما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".
وكان رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أكد أن ذلك التمرد، سيكون بمثابة خدمة لإيران ومكاسب كبيرة بيد العدو، وخطراً حقيقياً على أمننا الإقليمي والعربي، وسيغدو الحوثيون مشكلة أخرى في الوطن العربي تثخن في جراحه.
وعطفا عليه، يرفض الإصلاح بشدة كل الأعمال التخريبية التي تستهدف زعزعة أمن الجنوب وتفتيته، سواء عمليات الاغتيال التي طالت العديد من القيادات الجنوبية البارزة، أو التفجيرات الإرهابية التي يذهب ضحيتها الأبرياء ولا يتم التحقيق فيها وكشف ملابساتها للرأي العام.