الجمعة 29-03-2024 09:24:04 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الذكرى السادسة لانتخاب الرئيس هادي ..اليمن بين مرحلتين

الخميس 22 فبراير-شباط 2018 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 


اليوم الثلاثاء .. الزمن الحادي والعشرون من فبراير من عام 2012.. الحدث انتخاب المشير عبدربه منصور هادي رئيساً لليمن.
هكذا يستدير الزمن كهيئته فتدور الأحداثُ والسنون وتمضي الشخوصُ إلى نهايتها، ليتجدد عهد جديد بشخصيات ورموز جديدة، ويكون الرئيس هادي الشخصية الجديدة والمفصلية في تاريخ اليمن الحديث..


حيث شهدت اليمن خلال حكم صالح الممتد لأكثر من 33 عاماً تخللها تمديد فتجديد ثم تمديد، وهو يتلاعب بالفترات الزمنية يشرد من المصير المحتوم كما يشرد الوحش في البرية العديد من المحطات والأزمات المفصلية أذاق فيها الشعب اليمني الكثير من الأزمات والاحتقانات، وأدخل اليمن واليمنيين في أنفاق مظلمة لا ترى للنور منها شعاع أمل. خرج الشعب اليمني في ثورة عارمة في ال11 من فبراير عام 2011 لكسر أغلال الأزمات وتمديدات السلطة التي أخذ تلابيبها صالح ولم ينفك عنها إلا بدناً ليكون لمن خلفه آية.


جرب اليمنيون معه كل وسائل السلمية المطالبة بالإصلاحات السياسية التي تلحق اليمن بموكب التغيير والإصلاح الذي يمضي به العالم من حولهم فأبى واستكبر وهدد وتوعد فأرغى وأزبد وسفك في سبيل ذلك الكثير من دماء اليمنيين. ورغم المطالب الشعبية المتعددة ووصول الجميع إلى طريق مسدود في عملية الحوار والإصلاح السياسي وتعنت صالح في عدم إجراء أية إصلاحات سياسية حقيقية، انتفض الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه في ثورة سلمية بيضاء بحثاً عن الخلاص واسترداد سلطة الشعب التي توافق عليها اليمنيون في اتفاقات الوحدة عبر محطاتها المختلفة.


"سلمية الثورة" رفعها اليمنيون شعاراً ومضوا بها أفعالاً وسلوكاً يحملون الورود بدل السلاح والرصاص للمطالبة بتنحي صالح الذي فشل في إدارة الدولة وبنائها وإنقاذ اليمنيين من أزماتهم المختلفة، إلا أنه واجه تلك المسيرات السلمية الوردية بكل آلة العنف والدمار، ففجر حروباً مختلفة في تعز وصنعاء والبيضاء دفع الشعب اليمني خلالها أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وأكثر من عشرين ألف جريح، كما دفع الشعب اليمني أثماناً باهظة من أمنه واستقراره واقتصاده حتى تجمدت الحياة السياسية برمتها ووصول الجميع إلى أفق مسدود.


وبينما كان المشهد يمضي إلى أفق مسدود تدخل الأشقاء العرب بمبادرتهم الخليجية مدعومة بالقرارات الدولية ومجلس الأمن التي عملت على تنظيم عملية انتقال السلطة وتلبية المطالب الشعبية في التغيير ونقل السلطة بانتخابات مباشرة من الشعب بعد مجازر دامية ارتكبها صالح بحق الشعب السلمي.
ووسط أجواء ودية توافقية جرت الانتخابات بشكل اعتيادي وسلس في كل أنحاء اليمن في مثل هذا اليوم الحادي والعشرين من فبراير 2012، غير أن الانقلابيين بمختلف مكوناتهم في الشمال والجنوب وضحت نواياهم الانقلابية منذ تلك اللحظة فسارعوا إلى افتعال عراقيل لتلك الانتخابات في كل من صعدة وعدن والضالع ووصل بهم الأمر حد اقتحام مراكز الاقتراع والاعتداء على لجان الانتخابات، وأسسوا للانقلاب منذ اللحظة الأولى للعملية الانتخابية.


لم يكن الانقلابيون الجنوبيون يدركون وهم يمضون وراء الأجندة الإيرانية معنى تحركات الانقلابيين الحوثيين وصالح الذين كانوا يعملون بكل قوتهم وإمكاناتهم من خلال أبعاد أيديولوجية ومناطقية عنصرية تاريخية لعرقلة تسلم الرئيس هادي السلطة، حيث يدركون أن السلطة تخرج لأول مرة منذ أكثر من خمسمائة عام من مناطق معينة وسلالة معينة أو قبائل بعينها في شمال الشمال إلى رجل من أقاصي الجنوب والتي تعد تاريخياً في نظر الانقلابيين من المقدسات التي لا يجوز المساس بها، حيث أصبح الرئيس هادي الرجل المفصلي في مراحل الألف عام في تاريخ اليمن، عكسه ذلك التحشيد الهائل ضده من قبل الانقلابيين عليه في 21 سبتمبر 2014، حيث قاد ذلك الحقد الدفين الانقلابيين إلى قصف مقر إقامته في قصر معاشيق وغزو المحافظات الجنوبية للقضاء على المشروع الذي يحمله في إخراج اليمن من ظلمات الغي والتشظي إلى نور اليمن الواحد الذي يجد فيه كافة اليمنيين العدالة والمواطنة المتساوية.


قاد الرئيس هادي اليمن بعد الانتخابات وسط أمواج عاتية من الاضطرابات والصعوبات والتحديات التي افتعلتها تلك الأطراف الانقلابية ووضعت هذه الأطراف مختلف العراقيل والعقبات أمام تسلم الرئيس هادي السلطة الفعلية، حتى أنه صرح في إحدى تصريحاته أنه تسلم علماً ولم يتسلم السلطة.
حيث وقف صالح والحوثيون ضد قرارات الرئيس هادي في هيكلة الجيش التي أشرفت عليها ورعتها أطراف دولية بتكليف من مجلس الأمن كدعم للمبادرة الخليجية لمحاولة تأسيس جيش على أساس وطني وليس على أساس عائلي كان قد كرسها صالح إبان حكمه.


لم يكد الرئيس هادي ومعه الشعب اليمني يتجاوز عقبة وعراقيل الهيكلة، حتى اقتحم عقبة أخرى وهي التئام اليمنيين في الحدث الأبرز في الجمهورية بعد الثورة الشبابية الشعبية وهي مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس هادي ليبدأ أولى جلسات افتتاحه في 18 من مارس 2013 لما يحمله ذلك اليوم من دلالات رمزية ليوم الجريمة الأبرز في تاريخ اليمن في الذكرى الثانية لمجزرة جمعة الكرامة، ومحاولة طمس تلك الذكرى والحادثة المأساوية والحزينة بالتئام اليمنيين وائتلافهم على كلمة سواء في مؤتمر الحوار الوطني والخروج من أزماتهم المختلفة. وطيلة عشرة أشهر من الحوار المتكامل والشد والجذب بين مختلف القوى السياسية إلا أن مؤتمر الحوار الوطني خرج بالوثيقة الأبرز في تاريخ اليمن التي توافق عليها اليمنيون وهي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي تعد بحق مرجعية كل اليمنيين ليخرج بها المؤتمر نقية بيضاء كنقاء وصفاء قلوب اليمنيين أنفسهم قبل أن ينزغ شيطان المكر بينهم ويفرق كلمتهم ويشتت صفهم.


وعلى الرغم من قبول الرئيس هادي المكون الحوثي في مؤتمر الحوار دون تخليه عن السلاح، في محاولة لجرهم إلى العمل السياسي بعيداً عن العمل العسكري والمليشيا المسلحة، إلا أن الحوثيين شرعوا في اقتضام الأراضي والتدرج في الانقلاب فكانوا يحاورون بيد في مؤتمر الحوار، ويقودون الانقلاب بيد أخرى ابتداءً من صعدة والجوف وعمران وحجة التي فتحوا فيها كل الجبهات للغزو والانقلاب. وبعد وصول مؤتمر الحوار إلى غايته والخروج بتلك الرؤى التي توافق عليها اليمنيون جميعا بمن فيهم الحوثيون شرعوا في تنفيذ الاغتيالات لمنع تنفيذ تلك المخرجات والذهاب بالبلاد نحو الهاوية. وحينما كان الانقلابيون الحوثيون وصالح يسيرون بالبلاد نحو التمزيق والاقتتال كان الرئيس هادي يرفع المشروع اليمني الكبير المتمثل في الدولة الاتحادية والوثيقة الفكرية والدستورية في تلك المخرجات ويلوح به في آفاق وذرى اليمن العالية.


وبينما شمس الحرية والكرامة اليمنية تسطع في سماء اليمن والمنطقة في ذلك الحدث الذي شهده العالم أجمع كانت يد الغدر الشيطانية الانقلابية تتسلل بين الإخوة وتوجه لهم طعنات غادرة ليسفك قابيل الحوثي دم إخوته في كل شبر من اليمن، ويصيب شمس اليمنيين بالكسوف، وتدخل اليمن في أتون ظلام ينتظر أن تبدده أنوار شمس بلقيس التي تعمل اليوم على انقشاع ذلك الظلام وتطويه إلى الأبد بمعية وتعاون ومساندة الأشقاء في التحالف العربي، ولتنطلق عاصفة الحزم سيوفاً لامعة براقة تقطع كل أيادي الغدر التي امتدت إلى الجسد اليمني، من خلال الدعوة التي وجهها ابن اليمن البار عبدربه منصور هادي لمساندة اليمنيين ولوضع حد للأيادي العابثة التي مزقت الوطن.