الجمعة 29-03-2024 08:16:46 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون واستهداف الشهود .."رهام البدر" ضحية جديدة

الخميس 08 فبراير-شباط 2018 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت– خاص – فهد سلطان

  

استهداف الشهود, هي المعركة المفتوحة - وغير المتكافئة - منذ سنوات بين عدد من الناشطين والصحفيين من جهة, وبين الانقلاب بشقيه القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومليشيات جماعة الحوثيين المسلحة من جانب آخر. فقد امتدت أيادي المليشيات كثيراً لوأد الحقيقة, وكل ما يتصل بها, ونشطت هذه الأعمال الإجرامية منذ اليوم الأول لانطلاق ثورة الـ 11 فبراير 2011م.

مثلت عدد من المحافظات ساحات للتصفية والقتل الممهنج, فإلى جانب استهداف القيادات العسكرية والمدنية من كان لهم صلة أو معرفة بحقيقة النظام وبعض جرائمه, من قبل تنظيمات إرهابية وكيانات مجهولة بتواطؤ نظام الرئيس المخلوع صالح والحوثيين بعد ذلك, والذي وصل خلال سنوات الى ما يقارب 270 ضابطا وقائدا عسكريا, فقد كان الشق الآخر يتمثل في استهداف شهود الحقيقة, وكانت العاصمة صنعاء أبان الثورة ومدينة تعز بعد ذلك ساحة مفتوحة لتلك الحرب.

 

رهام البدر رائدة العمل الإنساني بتعز

حادثة جديد ومروعة في مدينة تعز, استهداف واحدة من أهم الناشطات الحقوقيات ومن الشهود الذين كانت لهم صولات وجولات في توثيق جرائم الحوثيين, وانتهاكاتهم المستمرة بحق المدنيين في مدينة تعز منذ أربع سنوات, مدة الحرب المفتوحة منذ الانقلاب على الحكومة الشرعية, وقبل ذلك منذ سقوط العاصمة صنعاء في سبتمبر/ ايلول 2014م.

رهام البدر فتاة في السادسة والعشرين من عمرها, وتعمل ضمن فريق الرصد باللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان, وقتلت صباح اليوم الخميس 8 فبراير/ شباط 2018م برصاص قناص حوثي في المنطقة الشرقية بمدينة تعز, وقتل معها زميلها الناشط الحقوقي مؤمن سعيد الشرعبي. 

وفي الـ 22 مارس/ أذار 2017م, كان أحمد البدر شقيق رهام البدر قد استشهد هو الآخر وهو يقاتل ضمن قوت الجيش الوطني, بمنطقة العسكري شرق المدينة. حيث واصلت رهام نشاطها الاجتماعي والحقوقي والإعلامي بلا توقف, مع إيمانها الكبير بثورة فبراير والذي لا يخفى فيما تضعه من تدوينات باستمرار على حسابها الشخصي فيسبوك.

قبل ساعات من مقتلها كانت – البدر - قد تركت تدوينة على حسابها الشخصي- فيسبوك - تتحدث عن إشرافها على " قافلة غذائية جديدة مخصصة تحت مسمى الشهيد أسامة سلام, الإعلامي في قناة بلقيس الفضائية والذي استشهد في الـ 27 يناير/ كانون الثاني 2018م الماضي, جوار مدرسة محمد علي عثمان شرق مدينة تعز ايضاً, واستهدفت وهي تشرف على توزيع القافلة.

في الـ 15 مارس/ أذار 2017م أقام ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز مؤتمراً صحفياً يكشف بالأرقام حجم المأساة الإنسانية التي تجتاح المحافظة, تحت شعار "تعز مأساة إنسانية" وهي اللحظة التي ستكشف الناشطة الحقوقية رهام البدر أمام وسائل الإعلام عن أرقام صادمة, حول عمليات التهجير القسري في المحافظة والذي بلغ حينها نحو (178,556) أسرة، وعدد (4204) منزل ومنشأة عامة تعرضت للتضرر والتدمير جزئي وكلي, فيما سقط أكثر من (3564) شهيد و(16601) جريح.

وبمثل هذه الإحصائيات الدقيقة, اشتغلت الناشطة رهام البدر, تجمع وتوثق كل جرائم الحوثيين, وتظهر في وسائل الإعلام المختلفة تتحدث باستمرار, فقد جعلت من تعز قضية تحملها معها أينما حلت ولا تتوقف يوماً وحداً, فهي إما تجمع وترصد الانتهاكات, أو توزع المعونات أو تتحدث الى وسائل الإعلام, وبالعودة الى حسابها والذي يكشف جانب إنساني واجتماعي كبير في شخصيتها وعملها التطوعي المستمر, والذي بدأ عام 2004م مع فريق صناع الحياة, ثم في مدارس الصم والبكم, وغيرها من الأعمال والمرافق الإنسانية والاجتماعية.

تعرضت البدر للموت لمرات أثناء التغطيات والرصد الذي كانت تقوم به, ولكنها مع ذلك لم يثنيها عن مواصلة جهودها الحقوقية والإنسانية, في المواصلة لخطها الثوري والإنساني وعدم الاستسلام مهما كانت النتائج, وبعد رحلة لسبع سنوات ترحل من الدنيا تاركاً فراغاً كبيراً, بما يزيد عن عمرها الذي لا يزال صغيراً امام الجهود الذي تقوم به.

 

الحوثيون واستهداف الشهود

ينطلق الحوثيون من ثقافة عملوا عليها طويلاً بكل الوسائل والطرق, ابتداء من محافظة صعدة أقصى شمال الشمال مروراً بالعاصمة صنعاء وحتى مدينة تعز وسط اليمن, وهم الى جانب ذلك لم يستثنوا أية محافظة وصولوا إليها وكان لهم استهداف مباشر للشهود الذين لهم ارتباط أو أي علاقة بالتوثيق أو تنوير المجتمع بحقيقة ما يحدث.

فقد تابع العالم الحوثيين وهو يضعون الصحفيين والناشطين في مخازن السلاح أهدافاً محتملة لقصف الطائرات, كما حصل ذلك في الحادثة الشهيرة المسماة حادثة هران بمحافظة ذمار 21 مايو/ أيّار 2015م، قتل فيها عبدالله قابل مراسل قناة "بلقيس" الفضائية، و الصحفي يوسف العيزري مراسل قناة "سهيل" الفضائية الى جانب بعض قيادات وشخصيات حزبية ومدنية.

وفي الـ 16‏فبراير/ شباط 2016م, استهدف قناص حوثي المصور الصحفي أحمد الشيباني أثناء قيامه بتغطية جرائم الحوثيين في المحافظة ارداه قتيلاً, فيما نجى صحفيون آخرين في ذات الحادثة.

في 26 مايو/ أيار 2017م استهدف الحوثيون بصورة متعمدة في حادثة واحدة عدد من الصحفيين منهم تقي الدين الحذيفي والمصور والمراسل وائل العبسي والإعلامي سعد النظاري فيما بترت قدم المصور وليد القدسي وأصيب المصور صلاح الدين الوهباني بجروح بليغة. ورغم البيانات التي خرجت بها عدد من المنظمات الدولية كمنظمة اليونسكو تدين الحادثة, إلا أن الحوثيين ظلوا مستمرين في مشروعهم الذي يستهدف أي صحفي أو ناشط يعمل على توثيق الجرائم, التي تمارس بحق المدنيين على طول فترة الحرب خلال اربع سنوات ماضية.