السبت 04-05-2024 20:42:02 م : 25 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

لماذا تصر مليشيا الحوثي على استمرار الحرب رغم كل الجهود المبذولة لإنهائها؟

السبت 30 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

على النقيض من التحركات الأممية والعربية الساعية لتوقيع اتفاق سلام مرتقب بين مليشيا الحوثي والحكومة الشرعية لإنهاء الحرب المستمرة منذ تسع سنوات في اليمن، تواصل مليشيا الحوثي تحركاتها على الأرض في عملية التعبئة وحشد المقاتلين وإرسالهم إلى الجبهات.

وكان المبعوث الأممي قد أعلن الأسبوع الماضي، عن توصل الأطراف اليمنية الى اتفاق حول خارطة الطريق نحو السلام، وانهاء الحرب في البلاد، دون تحديد موعد التوقيع على الاتفاقية التي من المتوقع أن يتعامل معها الحوثي كما تعامل مع سابقاتها من الاتفاقيات.

فالتحركات الحوثية على الأرض تؤكد أن السلام في قاموس الحوثي لا يزال بعيد المدى، ففي الوقت الذي رحبت الحكومة اليمنية بإعلان المبعوث الأممي خارطة الطريق للسلام في اليمن، وكذا السعودية والإمارات وعمان وقطر والكويت والأردن ومصر، لا يزال الحوثي يلتزم الصمت حتى اللحظة.

وربما يفسر تخوفات المراقبين من عدم التزام الحوثي بهذه الخارطة، هي تصريحات قياداته برفض التوقيع على اتفاقية خارطة الطريق المرتقبة، إلا مع المملكة العربية السعودية كطرف وليس كوسيط في هذا الاتفاق الذي ترعاه الرياض ومسقط، وفقا لما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية عن قيادي حوثي.

 

تحشيد حوثي مستمر

منذ بدء الهدنة في اليمن في نيسان/ابريل 2022، وحتى بعد إعلان الأمم المتحدة التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب، يستمر الحوثي في التعبئة وحشد المقاتلين، وإرسالهم إلى الجبهات، في توجه واضح يكشف الإصرار الحوثي على الحرب رغم كل الجهود المبذولة لإنهاءها.

فمع توقف الحرب قبل نحو عامين والدخول في مفاوضات للاتفاق على انهاء الحرب بشكل رسمي، كان من المتوقع أن يتجه الجميع للاستعداد للسلام، من خلال التوقف عن التحشيد المكثف إلى الجبهات استعدادا لعودة الحرب مرة أخرى.

وفي هذا الصدد، يؤكد مراقبون أن مليشيا الحوثي تصر على استمرار الحرب بشكل واضح، وذلك من خلال التحشيد المستمر لعناصره وناشطيه، والدفع بهم إلى جبهات القتال تحت عناوين مختلفة، تؤكد في مجملها عدم جدية الحوثي في انهاء الحرب والدخول في العملية السياسية.

وبحسب مراقبين، فإن مليشيا الحوثي منذ إعلان التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب، تواصل ارسال المقاتلين إلى جبهات القتال وتحديدا في محافظتي مأرب بشكل أساسي، ثم جبهات محافظة تعز، وهو ما يشير إلى أن الاتفاقيات في نظر الحوثي مجرد تكتيك لكسب الوقت والاستعداد الجيد للحرب ليس إلا.

 

حرب غزة

بالإضافة إلى ما سبق، سعت مليشيا الحوثي لاستغلال حرب غزة منذ لحظاتها الأولى في السابع من أكتوبر الماضي، حيث وجدتها فرصة للهروب من استحقاق السلام في اليمن، وتمييع كل مبادرات السلام المعروضة عليهم للحصول على مزيد من المكاسب، وفقا لما يراه مراقبون.

حيث برهنت الأحداث على وجود نوع من التماهي بين مليشيا الحوثي وأطراف خارجية، تعمل على التخادم بينهم لتسويق الحوثيين في الشارع اليمني من خلال مسرحياتهم الهزلية في البحر الأحمر ورفع رصيدهم الشعبي، الذي تلاشى مع تزايد انتهاكاتهم بحق الشعب اليمني منذ انقلابهم على الدولة في الـ 21 من سبتمبر 2014.

وبحسب مراقبين، فإن مليشيا الحوثي تسعى من خلال تصعيد عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، لإكتساب الشرعية التي تفتقر إليها من خلال امتطاء الجماعة للقضية الفلسطينية، وإظهار نفسها المدافع الوحيد عن قضية العرب الأولى، وهو ما بدى واضحا من خلال تحركاتها الواسعة لاستغلال الحرب في غزة، لمزيد من التحشيد العسكري باتجاه جبهات مأرب وتعز تحت لافتة محاربة اسرائيل.

ومما يعزز هذا الأمر هو التحركات التي قامت بها مليشيا الحوثي مؤخرًا لتدشين ما يسمى الجيش الشعبي، الذي تسعى المليشيا لتحشيد الناس نحو جبهات القتال تحت هذه اللافتة التي هدفها الظاهر غزة ونصرة فلسطين، بينما الهدف الحقيقي هو مزيدا من التحشيد للجبهات بعد فشلها خلال العامين الماضيين، حيث بدأت المليشيا هذا الأمر يوم الأربعاء في محافظة إب، خلال اللقاء القبلي الموسع الذي عقدت لتدشين لما أسمى بقواعد الصلح العام وتأمين المساحات وتشكيل الجيش الشعبي، الذي جاء الإعلان عنه بالتوازي مع إعلان المبعوث الأممي اتفاق الأطراف اليمنية على خارطة الطريق نحو السلام في اليمن، بما يؤكد رفض المليشيا لأي مساع أممية نحو انهاء الحرب.

 

أسباب اندفاع الحوثي للحرب

تعد الحرب في نظر الحوثي السبب الرئيس لاستمرار نفوذه وسيطرته، ولذا يسعى جاهدا لعرقلة أي اتفاق قد يعمل على انهاء الحرب بشكل رئيسي تحت عناوين مختلفة، ولذا ما ان يعلن المبعوث الأممي عن اتفاق مرتقب حتى يبدأ الحوثي في الاستعداد للحرب من خلال التحشيد للجبهات وتشكيل مزيدا من القوات التابعة له.

ويرى مراقبون، أن هناك عدة أسباب تدفع الحوثيين إلى الاستمرار في الحرب، حتى بعد الهدنة التي تم التوصل إليها في أبريل 2022 أبرز هذه الأسباب، هي المحاولة الحوثية المستميتة للسيطرة على محافظة مأرب، التي فشل في تحقيق هذا الهدف منذ تسع سنوات.

حيث يرى الحوثي السيطرة على مأرب بمثابة انتصار كبير له، سيمكنّه من فرض سيطرته على كامل شمال البلاد، ولذا يعتبر ما حققه من إنجازات لا تساوي شيئا في ظل بقاء مارب خارج سيطرته، وهذا يفسر جليا التحشيد الحوثي المستمر باتجاه جبهات المحافظة آملا في تحقيق انتصار عجز عن تحقيقه منذ انقلابه على الدولة في سبتمبر 2014.

وتعتبر محافظة مأرب من أهم المحافظات اليمنية، حيث تقع في وسط اليمن وتسيطر على طرق رئيسية تربط شمال اليمن بجنوبه، كما أنها تضم حقول نفطية مهمة. ومنذ بداية الحرب في اليمن عام 2015، يسعى الحوثيون إلى السيطرة على هذه المحافظة، لتعزيز نفوذهم ولكنهم فشلوا في ذلك حتى اليوم.

كما يرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تعتمد على الحرب كوسيلة لتعزيز سلطتها ونفوذها في اليمن، فمن خلال استمرار الحرب، يسعى الحوثيون للسيطرة على المزيد من الأراضي والموارد وتجنيد المزيد من المقاتلين وتعزيز سيطرتهم على مؤسسات الدولة.

 

الدعم الإيراني

إضافة إلى ما سبق، يرى مراقبون أن مليشيا الحوثي تتلقّى دعما من إيران، التي ترى في اليمن ساحة مهمة لتوسيع نفوذها في المنطقة، ولذا تعمل على تزويد مليشيا الحوثي بالسلاح والمال والتدريب مما يساعدهم على مواصلة الحرب، وعرقلة التوصل الى اتفاق يعمل على انهائها.

فالرغبة الحوثية في تحقيق أهداف إيران في المنطقة باتت واضحة وجليّة، حيث تدعم إيران الحوثيين عسكرياً ومالياً، وتسعى من خلالهم إلى تحقيق أهدافها في المنطقة، مثل التوسع في النفوذ الإيراني وتهديد أمن دول الخليج.

ولذا من المرجح أن تستمر إيران في دعم الحوثيين، مما قد يشير إلى أن الحرب في اليمن ستستمر لفترة طويلة، كون الحوثي أداةً مهمةً في يد إيران لتحقيق أهدافها، حيث تمكنوا من زعزعة استقرار اليمن وتهديد الأمن في المنطقة.

ناهيك عن مساعي المليشيا الحوثي للاستمرار في الحرب بما يؤدي إلى محاولة إضعاف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وزيادة الضغط عليها للقبول بشروط الحوثيين في أي تسوية سياسية، وهذا ربما يبدو جليا من خلال التعنت الذي تبديه امام أي محاولة للتوصل الى اتفاق لإنهاء الحرب التي تعدها غنيمة لزيادة توسيع مطامعها المالية وتحقيق أهدافها الطائفية.

ويرجح مراقبون أن يستمر الحوثيون في الحرب في اليمن، حتى لو استمرت الهدنة الحالية، او التوقيع على اتفاق خارطة الطريق، لأنهم غير مستعدين للتفاوض عن السلام الذي يعتبروه تهديدا لنفوذهم وسلطتهم، حتى لو كانت هناك فرصة حقيقية لتحقيقه، فالحرب هي وسيلتهم الوحيدة لتحقيق أهدافهم، ولذا من الصعوبة التخلي عن فرصة الحرب بسهولة.

 

تعزيز النفوذ الاقتصادي

كما تسعى مليشيا الحوثي لإطالة امد الحرب، وعرقلة التوصل إلى السلام، أملا في تحقيق أي انتصار اخر فشلوا في تحقيقه على مدى السنوات الماضية وعلى رأسها محافظة مأرب كما أسلفنا، والتي تعد أكبر محافظة في اليمن ومركزاً اقتصادياً وعسكرياً مهماً.

فخلال الهدنة الحالية، تمكن الحوثيون من التقدم في بعض المناطق الواقعة شمال غربي محافظة مأرب، مما يشير إلى أنهم ما زالوا يرغبون في السيطرة على هذه المحافظة، ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة. حيث تقع فيها حقول النفط والغاز، بالإضافة إلى أنها تمثل بوابة إلى المناطق الشمالية من اليمن.

كما تسعى مليشيا الحوثي لعرقلة السلام رغبة منها في تعزيز مكاسبها العسكرية والسياسية، حيث تمكن الحوثيون من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي اليمنية خلال السنوات الماضية، وهم يرغبون في الحفاظ على هذه المكاسب.

ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تعتقد أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من التدخل الخارجي في اليمن مما سيصب في مصلحتهم، حيث تسعى العديد من الدول إلى التدخل في اليمن، سواء لدعم الحكومة الشرعية أو الحوثيين، ولذا يرى الحوثيون أن استمرار الحرب سيؤدي إلى دخول مزيد من الدول في الصراع، مما سيزيد من تعقيده، ويجعل من الصعب حله.

فالهدنة التي تم التوصل إليها في أبريل 2022 قد وافق الحوثيون عليها في البداية، إلا أنهم سرعان ما صعدوا من هجماتهم على محافظة مأرب. كما قاموا بانتهاك الهدنة في عدة مناطق أخرى في اليمن. ويرجع ذلك إلى أن الحوثيين لا يرغبون في وقف الحرب، حيث يعتقدون أن استمرارها سيحقق لهم أهدافهم التي قد يعجزوا عن تحقيقها في حال انهاء الحرب، وفق ما يزعمون.

كلمات دالّة

#اليمن