الأحد 05-05-2024 14:40:03 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بعد 8 سنوات من الانقلاب.. كيف عبثت مليشيا الحوثي بالعملية التعليمية في اليمن؟

الإثنين 10 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص-مدين قاسم
 

  

منذ سيطرتها على الدولة، عبثت مليشيا الحوثي بالعملية التعليمية في مناطق سيطرتها، وحولت المدارس والجامعات والمعاهد والكليات ومختلف المرافق التعليمية إلى مقرات مفتوحة لتنفيذ أنشطتها وبرامجها الطائفية.

وتستغل المليشيا الحوثية المدعومة إيرانيًا سيطرتها على الدولة ومؤسساتها في العاصمة صنعاء وعدة محافظات؛ بفرض أفكارها على المناهج التعليمية، من خلال تعديلاتها التي تستحدثها بشكل سنوي بنفَس طائفي، مفخخ بالعنف والعنصرية.

وتسعى المليشيا الإيرانية إلى تعزيز فكرة التشيع، وترسيخها في أذهان الأطفال، من خلال المناهج التعليمية التي سعت الى تغييرها عن المنهج الرسمي، بما يتوافق مع أفكارها التي تعزز من الكراهية والحقد بين أفراد المجتمع الواحد.

بدأت المليشيا الحوثية، بتغيير المناهج الدراسية عقب تعيين شقيق زعيم مليشيا الحوثي يحي بدر الدين الحوثي على رأس وزارة التربية والتعليم في حكومة الحوثي غير المعترف بها دوليا اواخر 2016، والذي سعى منذ تربعه على رأس الوزارة في فرض فكر جماعته الطائفية على اطفال المدارس في المحافظات التي يسيطرون عليها بقوة السلاح منذ سبتمبر 2014م.

لم يكن تعيين شقيق زعيم مليشيا الحوثي على رأس وزارة التربية والتعليم إلا تجليًا واضحًا لمساعي المليشيا الإيرانية في غرس أفكارها الطائفية، وبثّ سمومها الفكرية في المرافق التعليمية، وبغية تنفيذه مهمته الموكلة إليه بما يحقق أهداف المليشيا وأفكارها الطائفية.

تعميق العصبيات وتشويه التاريخ

دأبت المليشيا الانقلابية على تعديل المناهج التعليمية بدءا باحتكارها لإدارة مؤسسات التعليم، والعمل لما من شأنه تجريف الهوية اليمنية الوطنية، وتاريخ وعقيدة وثقافة المجتمع اليمني لصالح ممولها الإيراني، وهو الأمر الذي بات يشكل خطرًا حقيقيًا على حاضر البلاد ومستقبلها، بل والمنطقة عمومًا.

وحسب مراقبون، فأن خطورة تلك التغييرات التي تقوم بها المليشيا الانقلابية في المناهج الدراسية والتعليمية في كونها مشروعًا طائفيًا سلاليًا أسريًا، تسعى مليشيا الحوثي من خلاله لتغيير القيم العقدية والعبادية والأخلاقية في المجتمع اليمني، مع تعميق العصبيات، وإيجاد الفتن والنزاعات، ومن ثم ظهور الكراهية في المجتمع وغياب التصالح والتسامح، فضلا عن تزوير وتشويه التاريخ العربي والاسلامي.

ويؤكد تربويين، أن المليشيا الانقلابية قامت بتحريف المناهج الدراسية بطريقة متدرجة وغير ملفتة أو مثيرة للانتباه؛ إلا أن التحريفات الفكرية والعقائدية أخطرها، حيث قامت بحذف الدروس التي له صلة بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان وغيرهم، طعنا منهم في مرجعية الاسلام والمسلمين.

إذ لم تكتفِ المليشيا الانقلابية بتحريف التاريخ الاسلامي وتكييفه بالطريقة التي يخدم مصالحها الطائفية؛ بل قامت بتحريفات سياسية وثقافية وتاريخية، منها حذف الثورات والأعياد الوطنية، والثورات العربية، واستبدالها بالأعياد الطائفية التي استحدثتها.

إيرانيون وراء تغييرات المناهج التعليمية

ومع استمرار التعديلات الحوثية للمناهج التعليمية، كشفت مصادر نقابية يمنية عن وقوف إيران وراء التعديلات الحوثية للمناهج التعليمية في اليمن، بغية نشر أفكارها الطائفية، وذلك في إطار محاولاتها التوسعيّة في المنطقة.

وكانت مصادر نقابية قد كشفت عن تواجد خبراء إيرانيون في وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية بصنعاء؛ وذلك في إطار نقل ما أسموها بتجارب طهران في السياسة التربوية والمحتوى العلمي، حيث يعمل الإيرانيون كمستشارين لـ"يحي الحوثي"، الذي يدير القطاع التعليمي في 9 محافظات يمنية.

وحسب المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحي اليناعي، فقد قامت مليشيا الحوثي بتأجير التعليم لإيران التي تكافح لاختراقه بغرض إعادة إنتاج جغرافيا البلدان المذهبية في المنطقة. حيث سمح الحوثي لإيران بالتدخل في التعليم والتغيير في مضامين الهوية الثقافية والبنية المعرفية اليمنية. مؤكداً أن هذا "شكل احتلالي خطير؛ لأنه ينطوي على تدمير لهوية الإنسان اليمني وتاريخه ووعيه الكامل".

يأتي هذا بالتزامن مع تجاهل وسائل الإعلام للتدخل الإيراني في اليمن في المجال التعليمي وتسليط الضوء على التدخل العسكري فقط؛ متجاهلين الاستراتيجية الإيرانية التي تعمل على تعزيز ما يسمى بالقوة الناعمة كاستخدام المؤسسات التعليمية والثقافية وتحويلها الى ناطقة باسمها، ومعبّرة عن فكرها الطائفي في المنطقة.

ويرى مراقبون، أن استخدام الحوثيين للمؤسسات التعليمية؛ يهدف إلى تغلغل الأيديولوجية الطائفية لنظام إيران في المنطقة، وتوفير غطاء مدني لأذرعها العسكرية التي تعمل على إشعال حروب أهلية، وتنفيذ أنشطة تخريبية على حساب الاستقرار اليمني والإقليمي.

الأبعاد والدوافع الحوثية

تهدف مليشيا الحوثي من العبث بالعملية التعليمية وتغيير المناهج الدراسية إلى تقويض عرى الدولة اليمنية والمجتمع اليمني، ومرجعيات الدولة والمجتمع اليمني وصولا إلى استهداف الهوية اليمنية لصالح الهوية الإيرانية، والعمل على شيطنة الثورة اليمنية، ورموزها الوطنية لصالح الشخصيات الحوثية الطائفية.

وبحسب مراقبين، فإن مليشيا الحوثي تسعى من خلال تغيير المناهج لاختراق المفهوم السيادي المرجعي للدولة والمجتمع اليمني، وتسكين مبدأ الولاية كفكرة سياسية عليا، وترسيخها في الناشئة؛ باعتبار أن الحوثي هو الإمام والمرجع والمشرع، كما يعملون على ضرب المرتكزات التاريخية والحضارية للشعب اليمني وإحياء الدور التاريخي للإمامة الكهنوتية.

وفي هذا الصدد، يرى السياسي اليمني عبده سالم، أن مليشيا الحوثي تسعى من خلال تغييرات المناهج الدراسية في محاولة منها لتسخير وتطويع الطائفة السنية لتكون خادمة على النحو الذي يؤدي إلى إيجاد طائفة تخدم، وطائفة تحكم، تسمي نفسها أعلام الهدى، إضافة إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني، وإعادة صوغ المهام اليمنية على النحو الذي يؤدي إلى خلق قدر من التباين لضرب المجتمع بعضه ببعض.

‎وحذر من مساعي الحوثي لضرب مرتكزات التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية والتشكيك بعدالة الصحابة تمهيداً لنشر النظرية الإمامية، ونظرية البطنين، وتسويق مرجعيات الحركة الحوثية، من خلال تسويق الحرب، وإعطائها مفاهيم تضليلية، لافتا إلى أن الحوثي يعمل من خلال تغيير المناهج على شيطنة الثورة اليمنية ورموزها وضرب مركزها، وإبهات هيبة الرموز الوطنية والمصلحين والأحرار في نفوس اليمنيين وإدراج مناسبات الحركة الحوثية وشخصياتها بديلاً عنها.

‎وكشف سالم عن أحد دوافع الحوثي من وراء تغيير المناهج التعليمية، وأن من أبرزها نشر المذهب الحوثي جغرافياً من خلال المنهج الدراسي، وجعله حامل الرداء الإمامي إلى مناطق يمنية لم يكن للمذهب فيها حضور، وإيجاد جيل متعصب مسلح بالأفكار الطائفية المذهبية وينفذ الفكرة بحقد وعنف.

استهداف صُلب الجسد الوطني

عملت مليشيا الحوثي منذ اللحظات الأولى لانقلابها على الدولة، في إزهاق روح الدولة، وتبديد الهوية الوطنية، وتمزيق روح الوحدة والحضارة اليمنية، وتبديلها بهوية ذات بعد طائفي تستهدف صُلب الجسد الوطني وتمزيق لحمته وتماسكه ونسيجه المجتمعي.

ورغم المعارضة الشديدة التي ووجهت بها التعديلات الحوثية من قبل الأوساط اليمنية، إلا انها مضت في هدفها الرامي استهداف الدولة اليمنية، وعقيدتها وتاريخها الحضاري، والعمل على تلغيم العملية التعليمية، وأدلجتها بما يخدم مشروعها الطائفي، وتحقيق أهدافها على حساب مستقبل أجيال اليمن وهوية الدولة برمتها.

ولم تكتف المليشيا بتغيير المناهج التعليمية فحسب؛ بل عملت على تعزيز ذلك بحزمة من الأنشطة المختلفة التي تفرضها على الطلاب في المدارس والتي تحمل مضامين ثقافة الجماعة كحملات التبرعات للجبهات، والبرامج المدرسية وإلزام الطلاب بترديد شعار الصرخة، وكتابة الشعارات والعبارات التي تعبر عن توجهات الجماعة في المدارس وغيرها.

كما قامت جماعة الحوثي بإجراء تعديلات على المناهج منها تغيير عبارة "صلى الله عليه وسلم" التي ترافق ذكر نبينا محمد الى "صلى الله عليه وعلى آله وسلم" والتي تأتي ضمن تقديس ما يُسمى بـــ "آل البيت" كما يدعي الحوثيون انهم من سلالة النبي وكما يسمون انفسهم بـ"آل البيت"، وكذلك استبدال اسماء الصحابة الكرام منها عمر الفاروق في أي مكان وجدت بأسماء أخرى، ومنها أيضاً حذف سيرتهم الملهمة التي ترفع من قدرهم وتشيد ببطولاتهم في سبيل رفع راية الاسلام عالياً من المناهج بالإضافة الى استبعاد بعض الدروس وإضافة بعضها بما يخدم فكر الجماعة التي تعد أحد الجماعات الاثني عشرية الشيعية.

قراءة الملازم وأدلجة التعليم

رافقت حملات الحوثي لتعديل المناهج التعليمية عدة خطوات مساندة، ومنها حزمة من الأنشطة المختلفة التي تفرضها على الطلاب في المدارس والتي تحمل مضامين ثقافة الجماعة، كقراءة ملازم زعيم الجماعة السابق، والعمل على أدلجة العملية التعليمية بما يخدم مشروع الجماعة وأهدافها على حساب هوية الدولة ومستقبل أبنائها.

وأدرجت المليشيا الحوثية في المناهج قصصًا تمجد وتقدس رموز الجماعة ومنهم الهالك حسين الحوثي، بالإضافة إلى صور تغرس في أذهان الطلاب هوية الجماعة ونزعاتها الطائفية، كما أظهرت بعض تلك التعديلات في كتابي القراءة والرياضيات للصف الأول الابتدائي إدخال شعار الجماعة الطائفي (الصرخة)، وشعار آخر ترفعه الجماعة (قاطعو البضائع الأمريكية والاسرائيلية) وشعارات أخرى تكرس توجهات وهوية الجماعة في أنشطة الطالب وواجباته المنزلية.

المولد محطة سنوية للمليشيا لتعزيز فكرها الطائفي

إضافة الى ما سبق، حولت مليشيا الحوثي المولد النبوي إلى محطة سنوية، لتنفيذ أنشطتها الطائفية في مختلف المرافق الحكومية والخاصة وعلى رأسها مؤسسات التعليم، حيث تقوم المليشيا بتنفيذ أنشطة طائفية على مدى شهر كامل تحت مزاعم الاحتفال بميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

حيث تلزم المليشيا مدراء المدارس الحكومية والخاصة بتنفيذ أنشطة طائفية تحت مسمى الاحتفال بالمولد النبوي، وفرض غرامات مالية على المخالفين، تتنوع هذه الأنشطة بين الإذاعات المدرسية، والمسرحيات وغيرها.

تهدف المليشيا من خلال تلك الأنشطة لتكريس فكرها الطائفي عبر تمجيد رموزها الطائفية، والعمل على تسفيه الرموز التاريخية التي لا تتوافق مع ايديولوجيتها، بدءا من الصحابة الكرام، مرورا بالتابعين وصولا الى الرموز الوطنية، وقادة ثورة اليمن التاريخيين.

كما تقوم المليشيا بفرض مناهج معينة، وتكليف الطلاب والطالبات بأبحاث تمجد السلالة الطائفية، وتنتقص من الرموز الوطنية اليمنية، في مسعى لتعبئة الطلاب وتحديدا صغار السن بالأفكار السلالية التي تخدم توجهاتها الطائفية والمذهبية.

‎وتسعي الحوثي لتحريف الدين والشرع بما يتناسب مع فكرة الإمامة والولاية، ومنهجه في الغلو المفرط في شخصه وشخصية آل البيت إلحاقاً بالاثني عشرية، وحرص الحركة الحوثية على تجهيل وتضليل الأجيال القادمة، وتزوير التاريخ وتغيير الحقائق، وزرع السلالية والعنصرية والطبقية.

حلول مقترحة لمواجهة العبث الحوثي

وفي مواجهة هذا الخطر الداهم على الدين والوطن، يؤكد خبراء وتربويين على ضرورة بناء مناهج تعليمية تحفظ العقيدة وترسخ الهوية الوطنية وتوحد الأرضية الفكرية، باعتبارها أول طرق لمواجهة العبث الحوثي في العملية التعليمية.

‎واقترح آخرون، على وزارة التربية تشكيل فرق تربوية لصياغة منهجي التربية الوطنية، والتاريخ، بما يحقق تجذير الهوية الإسلامية وترسيخ الهوية الوطنية، مشدداً على إعادة النظر في المناهج وتطويرها، والحثّ على إعادة قراءة التاريخ اليمني وقراءة جناية الإمامة على اليمن، وكتابة التاريخ اليمني، والرموز اليمنية، والاستفادة من الدروس حتى لا تتكرر المآسي التي خلفتها الإمامة، كما شدد على تفكيك الجذور العقدية للحركة الحوثية.

ودعا مراقبون الحكومة اليمنية إلى تشكيل لجنة لرصد ظاهرة تغيير المناهج والضغط على المنظمات التي تدعم طباعة المناهج المحرفة لوقف هذا الدعم، كما دعا وزارة الأوقاف والإرشاد إلى صياغة دليل خطاب وطني جامع يحافظ على الهوية الوطنية.

‎وأكد مراقبون، على دور المجتمع المدني لحماية الهوية اليمنية ومناهج التعليم بخطاب رشيق يصل إلى كل فئات المجتمع، وكذا دور القنوات اليمنية في توثيق الجرائم الحوثية، وهو الدور ذاته على رواد العمل الإنساني القيام بدورهم في مجال التعليم والثقافة والاهتمام بالأسرة.

                                        

كلمات دالّة

#اليمن