الثلاثاء 23-04-2024 21:02:12 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

واقع حقوق الإنسان في اليمن – انتهاكات بالجملة

الأحد 10 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 07 مساءً / الإصلاح – خاص – فهد سلطان
 

 

يصادف اليوم الـ 10 من ديسمبر/ كانون أول 2017م, ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وهي وثيقة حقوق دولية تمثل الإعلان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر/ كانون أول 148م في قصر شايو في باريس العاصمة الفرنسية. وبالنظر الى طبيعة الإعلان فهو يتحدث عن رأي الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان المحمية لدى كل الناس حول العالم. ويتألف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من 30 مادة, فيها يجمع رأي الجمعية العامة بشأن حقوق الإنسان المكفولة لجميع الناس بعيداً عن اعراقهم واجناسهم والوانهم.


كما يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من بين الوثائق الدولية الرئيسية الهامة, والتي تم تبنيها من قبل الأمم المتحدة، ونالت تلك الوثيقة موقعاً هاماً في القانون الدولي، وذلك مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من سنة 1966م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من سنة 1966م. حيث تشكل الوثائق الثلاثة معاً ما يسمى "لائحة الحقوق الدولية, وفي 1976م، أي بعد أن تم التصديق على الوثيقتين من قبل عدد كاف من الدول المصادقة على الوثيقة، ما جعلها تأخذ لائحة الحقوق الدولية قوة القانون الدولي.


حقوق الإنسان في العالم العربي
تشهد المنطقة العربية تدهوراً مروعاً في أوضاع حقوق الإنسان, ويواجه العديد من المدافعات والمدافعين عن حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني العديد من التحديات والمخاطر التي تعرضهم للملاحقة والاعتقال التعسفي بل والقتل أحياناً. وهناك العديد من الحالات التي وثقتها المنظمات الدولية والمحلية خلال العام الحالي في عدد من البلدان العربية والاعوام السابقة. فقد توسعت دائرة الاستهداف والانتهاكات لحقوق الإنسان سواء من قبل الانظمة القمعية أو من قبل الجماعات المسلحة بشكل كبير منذ انطلاق الربيع العربي أواخر 2010م ومطلع العام 2011م وحتى اليوم.


أما عن واقع حقوق الانسان في اليمن, فهي تشهد انحداراً كبيراً من السيئ الى الاسوأ في التعامل مع تلك الحقوق, ويمكن حصرها على النحو التالي:
1- انتهاك حق الحياة: فقد بلغت اعداد المنتهكة حقوقهم في الحياة منذ 2011م, وحتى نهاية 2017م بالآلاف, وتوالت المذابح من قبل النظام السابق ابتداء من جمعة الكرامة 18مارس/ اذار 2011م مروراً بمذبحة جولة كنتاكي 18سبتمبر/ أيلول 2011م والتي استمرت من قبل الحرس الجمهوري للمتظاهرين حتى 23 سبتمبر/ ايلول 2011م قتل فيها العشرات وجرح فيها ما يربوا على المئة شخص. ولم يتوقف الامر عند تلك النقطة فقد وثقت عدد من المنظمات المحلية والدولية لعدد من المذابح في عدد من المحافظات منها محرقة ساحة مدينة تعز في 29 مايو/ ايار 2011م, وهي الجريمة التي هزت الضمير اليمني بالكامل لبشاعتها ومستوى التوحش الذي رافق المنتهكين بحق المعتصمين هناك.


ولم يتوقف الامر على النظام السابق فقد كانت جماعة الحوثيين هي الاخرى منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء بل وقبل ذلك في عدد من المحطات التي ارتكبت ومارست جرائم مروعة تصل الى مستوى جرائم حرب, حيث ارتفع منسوب القمع الى اعلى مستوياته وتكرر ذلك في عدد من المحافظات اليمنية واستمر الحال عليه حتى هذه اللحظة.


كانت المذبحة الاولى التي مارسها الحوثيون بحق 170 جنديا في معسكر اللواء 310 بعمران في يوليوا/ تموز 2014م, وهي المذبحة التي تتساوى في جرمها مع ما حصل في جمعة الكرامة, وتكرر نفس الجرم وبعدد أكثر مساء 21 سبتمبر/ ايلول 2014م اثناء سقوط العاصمة صنعاء داخل معسكر الفرقة الاولى مدرع, حيث وصل عدد القتلى حسب احصائيات غير رسمية الى ما يزيد عن 290 جنديا تم تصفيتهم وهم اسرى داخل المعسكر وتم دفنهم بالجرافات بعد خمس أيام من سقوط المعسكر.


ثم توالت الجرائم من قبل مليشيات الحوثيين من البيضاء الذي استهداف باص الطالبات في 16ديسمبر/ كانون اول 2014م سقط فيها 10 طالبات في السنوات الاولى من الدراسة بعد قيام مسلح حوثي باستهداف باص الطالبات اثناء هروبه جراء انفجار بالقرب من النقطة حسب شهود عيان وثقت الشهادة في حينها ونشرت في عدد من وسائل الإعلام.


وهنا لا يمكن حصر كل الجرائم التي مارستها جماعة الحوثيين وذات الامر لا يمكن حصر الجرائم والانتهاكات والمذابح التي مارسها النظام السابق, بقدر ما هو تسليط ضوء على للتذكير بحجم الانتهاكات التي تجري في اليمن في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

2- انتهاك الحريات: يمكن القول إن عام 2013م وحتى منتصف 2015م كانت الفترة الذهبية لحرية التعبير في اليمن, فقد زادت مساحة الحريات (حرية التعبير) من خلال العدد الكبير للصحف التي انتشرت في الساحة اليمنية, وزيادة القنوات الاعلامية ومستوى الحرية التي شهدته في تلك الفترة ابان حكومة التوافق الوطني برئاسة محمد سالم باس ندوة، ومع وصول الحوثيين الى العاصمة صنعاء والسيطرة على اجهزة الدولة حلت الكارثة, ويمكن القول أنها النكبة فيما يخص حرية التعبير, فقد زادت انتهاك لتلك الحقوق بشكل أوسع بكثير مما عهده اليمنيون في فترات سابقة, لقد تم اغلاق قنوات فضائية واحتجاز صحفيين واعلاميين وممارسة قمع فكري كبير على العديد من الناشطين, ولا تزال مستمرة حتى اللحظة, بل وصل الحال الى حجب اكثر 90% من المواقع الالكترونية, وصل الحل الى حجب وسائل التواصل الاجتماعي بالكامل, ما ادخل اليمن في عزلة مفتوحة منذ اسابيع وحتى تاريخنا لهذا اليوم.


3- الانتهاكات ضد الطفولة: تؤكد عدد من المنظمات المحلية والدولية, في تقارير تخرج بين الفترة والاخرى, حيث سجلت مستوى عالي في العام 2014 والاعوام اللاحقة، فمن حوادث قتل الاطفال مثل ما حدث في مدينة رداع, الى حالات تجنيد الاطفال لدى الحوثيين, وحوادث ضربات الطيران الخاطئة, الى زراعة الالغام في عدد من المدن اليمنية واغلبها في مدينة تعز, وزادت حدتها في الأعوام 2016م – 2017م, وسجلت مدينة تعز الرقم الاكبر بين كل المدن اليمنية الاخرى في حجم الانتهاكات.


4- انتهاكات ضد المرة: سبق أن أوضح تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي, أن العاملات في الإعلام من النساء يشكلن نسبة 20% من إجمالي العاملين في وسائل الإعلام و11% من أعضاء نقابة الصحافيين اليمنيين فقط, حيث تضمن تفاصيل شاملة عن الأوضاع التي تعيشها الإعلاميات اليمنيات والتحديات الماثلة أمامها أثناء مزاولتها للعمل الإعلامي أثناء الحرب، وأوصى بضرورة العمل على تجنيب الصحفيات المخاطر أثناء عملهن المهني، ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تعرضن لها. كما وثقت تقارير حقوقية، تهجير ميليشيات الانقلاب بقوة السلاح (9517) أسرة في تعز وحدها (جنوب غربي اليمن)، تضم أكثر من 800 ألف نسمة، وتشكل النساء 60% من المهجرين و25% أطفال، وذلك في الفترة من سبتمبر 2015م - أكتوبر 2017م.


وبعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الـ 4 ديسمبر/ كانون اول 2017م زادت حدة الانتهاكات, وشهدت للمرة الاولى بهذه الطريقة استهداف وانتهاكات بحق المرأة اليمنية, فقد تحدثت منظمات محلية ان عدد المختطفات من المؤتمر الشعبي العام أو مقربات من شخصيات في النظام السابق وصل الى قرابة 55 امرأة, كما تحدثت وسائل اعلامية عن وفاة البعض منهن. وهو المستوى الاعلى للانتهاكات التي تمارسها الجماعة من قبل, فقد شهدت حالات اعتداء على النساء المتظاهرات (امهات المختطفين) وشهدت ايضاً اعتداءات على نساء مؤتمريات خرجن قبل أيام يطالبن بجثة الرئيس السابق.


الإخفاء القسري والاختطاف والتعذيب

احتجز الحوثيون الآلاف تعسفا خلال الفترة الممتدة من سبتمبر 2014 إلى وحتى هذا التوقيت. ويعيش السجناء والمختطفين ظروفاً صعبة وغير إنسانية, فغالبية عمليات الاختطاف كانت تتم داخل شوارع وإحياء العاصمة صنعاء وعلى مداخل المدن الاخرى, وهناك عشرات بل مئات النماذج الحية في هذا المجال، وحسب تقارير حقوقية فقد تصدرت العاصمة صنعاء المدن التي شهدت حوادث الاختطاف والإخفاء القسري, وسجونها في التعذيب.

لقد وصل الاختطاف الى شريحة الإعلاميين والصحفيين في اليمن، والذين تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي والاخفاء القسري وترويع متواصل لأسرهم, فشل المجتمع الدولي في الضغط على الحوثيين في الافراج عنهم حيث لا يزال هناك اربعة عشر صحفي وإعلامي منذ ثلاث سنوات يلاقون مستوى مرتفع من التعذيب حتى هذه اللحظة.

 

........
هوامش:
1- الموسوعة الحرة
2- خالد العزب
3- منظمة هيومن رايتس ووتش تقرير 2017م