الجمعة 29-03-2024 17:30:45 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

صالح في المشهد الأخير .. فارس مجرد من السيف

الحرس الجمهوري المنحل في قبضة مليشيات الحوثي

الأحد 10 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص

       

عقب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تساءل البعض عن سبب غياب دور الحرس الجمهوري، وكيف لم يحرك ساكنا برغم أن الفرصة كانت مواتية له لدعم صالح.

 

من المعروف أن الحرس الجمهوري غالبيته ظل قرابة 70% مواليا لصالح بعد ثورة (فبراير/شباط 2011)، فقاتل وبشراسة إلى جانب المليشيات الحوثية، وخاصة في محافظة تعز (وسط) التي تعيش في ظل الحصار منذ أكثر من عامين ونصف.

 

لكن كشفت سنوات الحرب الأخيرة أن صالح فقد أهم ورقة عسكرية كان يحتفظ بها ويعتقد أنها ستمكنه من القضاء على الحوثيين للعودة إلى الحكم ثانية، ويعوِّل عليها أنصاره، بعد أن لاحظ الرأي العام خطوات سحب تلك الورقة من يد صالح ببطء.

 

الحوثنة بداية الكارثة

 

 كان ينتقد المتابعون للشأن اليمني تأسيس الرئيس السابق لجيش عائلي، يدين بالولاء له، يفتقد للعقيدة الوطنية الخالصة, وهو ما لوحظ عقب ثورة (فبراير/شباط 2011) حين ظل غالبية الجيش مع صالح، ولم ينحازوا للشعب.

 

تكرر ذلك السيناريو عقب انقلاب (سبتمبر/أيلول 2014) بعد قيام المليشيات الحوثية بحوثنة الجيش، ومحاولة كسب ولائه طوال السنوات الماضية، والتأسيس لجيش طائفي، على غرار ما حدث في العراق أو لبنان.

 

لقد استغلت تلك المليشيات الحوثية، رغبة نجل صالح وأبيه بالانتقام من حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي أسقط نظام صالح، ورغبته كذلك في توريث الحكم لابنه، وعملت على النفوذ إلى المراكز القيادية منذ تسعينيات القرن الماضي، وكان ذلك هو الخطأ الذي دفعت تلك العائلة ثمنه غاليا اليوم.

 

فقد واصل الحوثيون اختراق الحرس الجمهوري مستغلين حالة الحرب التي تمر بها البلاد، فعملوا على استقطاب قيادات عسكرية وإقصاء أخرى، في محاولة لكسب ولاء تلك الوحدات العسكرية لتحقيق مخطط الانقضاض على الدولة بدعم إيراني.

 

ضربات غير مُميتة

 

ما إن انقلب الحوثيون على الدولة، تمكنوا من إقصاء الكثير من منتسبي الحرس الجمهوري، وقاموا بتعيين كثير من أتباعهم بطريقة غير قانونية في سبيل حوثنة الجيش، إضافة إلى ذلك عملوا على شراء ذمم المئات من قادة وضباط الحرس الجمهوري الموالي لصالح، ومن رفض منهم تم تصفيته أو اعتقاله وتهجيره أو تهديدهم وابتزازهم بملفات فساد، وكذلك تم تسريح الكثير من الجنود، وجذب آخرين قام صالح بإقصائهم في وقت سابق.

 

وخضع الكثير من جنود الحرس الجمهوري وقادته أو الذين تم تجنيدهم مؤخرا، لدورات مذهبية لتعليمهم المذهب الاثني عشري، وتم ابتزازهم عقبها بـ" بالقسم والبيعة لعبد الملك الحوثي والعهد بالسمع والطاعة له"، ومن يقبل يتم صرف راتبه ومن يرفض فلا راتب له، بحسب تصريحات مقربين من صالح.

 

ومع الوقت أصبحت أغلب تلك القوات مفككة وتدين بالولاء وبشدة للحوثيين، وكان كذلك لاستمرار الحرب أثر في سحب تلك الورقة من يد صالح، فقد عمل الحوثيون على توزيع قوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح -التي كانت تقاتل مناوئي الانقلاب- في مختلف الجبهات ما أدى إلى شللها وعدم فاعليتها في اللحظات الحرجة في حياة صالح وبعد مقتله.

 

المشهد الأخير

 

كانت الساحة قد باتت مهيأة للحوثيين بعد أن صارت مختلف القوات بأيديهم، وبعد أن استفادوا من الحرب بنهب أسلحة الدولة إلى مخازنهم، فاكتملت الصورة هنا.

 

انقض الحوثيون على صالح ودخلوا معه في معارك شرسة بصنعاء بعد أن فض الشراكة بينه وتلك المليشيا، لكنه كان فارسا دون سيف، فالحرس الجمهوري موزع بالجبهات، ووحدات أخرى باتت مع الشرعية، وقوات أخرى موالية للحوثيين، وعدد آخر منهم في منازلهم بعد أن باتوا دون رواتب، فأجهزوا عليه وقضى في (4 ديسمبر/كانون الأول) الجاري، ومن عارض الحوثيين بعد ذلك تم تصفيته، كما تؤكد وسائل إعلامية.

 

محطات مهمة في تاريخ الحرس الجمهوري

 

تم إنشاء الحرس الجمهوري في عام (1964) بعد القضاء على الإمامة في ثورة (26 سبتمبر/أيلول 1962)، وقام بتدريبهم مستشارين مصريين وسوفيتيين كون اليمن في تلك الفترة اعتمدت على القاهرة في إدارة أجهزة الدولة وترتيبها.

 

في بداية حكم صالح الذي تولى رئاسة الجمهورية عام (1978) بعد انقلابات كثيرة حدثت في العهد الجمهوري الأول، اعتمد في ترسيخ حكمه على عدد من الوحدات العسكرية التي يقودها أقرباؤه منهم قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن الأحمر.

 

اتجه لاحقا إلى بناء وحدات عسكرية أخرى عُرفت بالحرس الجمهوري تكونت من أكثر من عشرين لواء تم تسليحهم بأسلحة حديثة، أوكل قيادتها لأخيه غير الشقيق علي صالح الأحمر، بدأت بتأمين دار الرئاسة وتنقلات صالح، ليجري عقبها تطوير تلك القوات حتى باتت جيشا يغطي مختلف محافظات اليمن وبه العديد من الأولية والكتائب، وقوامه ما يقارب 200 ألف جنديا، بالإضافة إلى وحدات أخرى كالحرس الخاص والقوات الخاصة.

 

في العام (2000) وفي إطار خطة صالح لتوريث الحكم لنجله أحمد، تولى الأخير قيادة قوات الحرس الجمهوري، والقوات الخاصة بعد ذلك بعامين.

 

بعد اندلاع ثورة (فبراير/شباط 2011) انضمت بعد الألوية التابعة للحرس الجمهوري إلى تلك الثورة، أبرزها الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر، والتي شكل انحيازها للشعب هزة قوية تعرض لها نظام صالح.

 

وخاضت الفرقة الأولى عدة مواجهات مع الحرس الجمهوري الموالي لصالح، في عدة محافظات هي الجوف وصنعاء.

 

بعد سقوط نظام صالح وتولي الرئيس عبد ربه منصور هادي مقاليد حكم اليمن عام 2012، قام بحل الحرس الجمهوري الذي كان يقوده نجل صالح، نتيجة لمطالبة ثوار فبراير، بإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية، فتم هيكلة الجيش وإزالة نجل صالح وقائد الفرقة الأولى مدرع من موقعهما في قيادة الجيش، وجرى على إثرها دمج وحدات الحرس الجمهوري بالقوات البرية، وتوزيعها في عدة مناطق.

 

لكن لم تنجح هيكلة الجيش، فقد ظل عدد كبير من الحرس الجمهوري موالي للانقلابيين عقب انقلاب (سبتمبر/أيلول 2014)، ورفضت بعض القيادات العسكرية الامتثال لأوامر الرئيس هادي، فيما استأثر الحوثيون بعد ذلك بأغلب تلك القوات، بعد تحالفهما الذي وإشعالهما الحرب في أغلب المحافظات اليمنية المستمرة حتى اليوم.