الخميس 28-03-2024 11:47:02 ص : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

 كيف تغيَّر واقع المرأة اليمنية عقب انقلاب 2014

المرأة اليمنية في ظل الانقلاب .. تهميش واستهداف ومصادرة حقوق

الأربعاء 06 ديسمبر-كانون الأول 2017 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

تغيَّر واقع المرأة اليمنية بشكل جذري بعد انقلاب (سبتمبر/أيلول 2014)، الذي فتح صفحة من المعاناة الشديدة في تاريخ اليمنيين، وخاصة المرأة التي تشكل قرابة 51% من تعداد السكان في البلاد.

عانت المرأة اليمنية من التهميش من قِبل الأنظمة السابقة، والمجتمع الذكوري، إلى أن أثبتت نفسها –خاصة المرأة الإصلاحية- إبان ثورة (فبراير/شباط 2011) التي أطاحت بنظام المخلوع صالح، فضلا عن ما خرج به مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي كفل للمرأة اليمنية العديد من الحقوق أبرزها المشاركة السياسية.

لكن الحال تغيَّر تماما عقب الانقلاب، وسيطرة مليشيا الحوثي على مختلف مفاصل الدولة، فتلك المليشيا لا تؤمن بشراكة المرأة خاصة في مجال العمل السياسي، لكنها لا تُمانع من استخدامها في بعض الحقول التي لا تليق بمكانتها كاستخدامها كعصابات.

 

أعباء أثقلت كاهلها

بداية الانقلاب وعقب اندلاع المعارك التي بلغت ذروتها بعد انطلاق عاصفة الحزم في (مارس/آذار 2015)، سقط العشرات من القتلى والجرحى جراء المعارك في مختلف الجبهات، أو نتيجة القصف العشوائي الذي نفذه الانقلابيون، واستهدف الأحياء السكنية المختلفة تحديدا في محافظة تعز.

نتيجة لذلك تحولت كثير من النساء إلى أرامل، وفقدن العائل الوحيد لأسرهن، فتحملن مسؤولية تلك الأسر وكان الحِمل ثقيلا، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة بعد ارتفاع مستوى الفقر والبطالة إلى أكثر من 85%.

واضطرت المرأة للعمل برغم الوجع الذي خلفه رحيل عائل الأسرة، ومحاولة الوقوف للقيام بمسؤولياتها الجديدة، فتنقلت بين العديد من المهن الصعبة للغاية والبسيطة وبأجور متدنية، من أجل توفير متطلبات العيش الضرورية لأسرتها.

واقع جديد

فرضت الحرب واقعا جديدا على المرأة، فأصبحت حبيسة المنزل، خشية أن يطالها رصاص وقذائف المليشيات الانقلابية.

كما أن انقطاع مختلف الخدمات العامة كالكهرباء والماء، ضاعف من أعباء المرأة، فهي تحاول في أحايين كثيرة أن تجلب الماء يدويا إلى منزلها من بعض المساجد؛ بسبب ارتفاع سعره، فيما تضطر كذلك لاستخدام الحطب في حال عدم توفر الغاز المنزلي.

وحُرمت كذلك من مختلف وسائل الترفيه خاصة في تعز، بعد نزوح كثير من التجار، وإغلاق مختلف المتنزهات في المدينة، بسبب قصفها أو تحوُّل بعضها إلى ثكنات عسكرية.

 

حرمان من الحقوق

حرمت المرأة من أغلب حقوقها، وأصبحت نازحة مع أسرتها سواء خارج أو داخل البلاد، تجر وراءها خيبات كثيرة وقلق من الغد الآتي الذي تجهل ملامحه، وكانت من بين أكثر من 1.974.000 يمنيا موزعين كلاجئين في مختلف الدول، فيما بلغ النازحين داخل البلاد أكثر من 3 مليون نازحا.

وعانت كغيرها من اليمنيين في أماكن النزوح أو اللجوء، من كثير من المشكلات، أبرزها صعوبة الحصول على سكن ملائم، وكذا عدم القدرة على إيجاد فرص عمل مناسبة، ما يؤثر سلبا على نفسيتها.

إضافة إلى ذلك، وبرغم النضال الذي حدث طوال العقود الماضية من أجل تعليم المرأة، ذهب كل ذلك سدى بعد الانقلاب، وتدمير الكثير من المدارس، وصعوبة الالتحاق بها نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة.

خلال الربع الأخير من العام 2017، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن استمرار الصراع العسكري في اليمن يفاقم من تدهور قطاع التعليم بالبلاد، وإن 31% من فتيات اليمن خارج نطاق التعليم.

وأجبرت كثير من الفتيات في مناطق سيطرة الحوثيين، على دراسة مناهج قامت تلك المليشيات بتحريفها، بما يخدم أجندتهم، ومحاولة لفرض المذهب الشيعي عن طريق النشء.

الزواج المبكر –أيضا- الذي حاولت مختلف المنظمات الحقوقية محاربته؛ نتيجة للأضرار الناتجة عنه، وحرمان الفتاة من حقوقها، عاد وبقوة في المجتمع اليمني، بسبب عدم قدرة بعض الأُسر على توفير متطلبات أبنائهم، فتعمد إلى التخفيف من أعبائها عن طريق تزويج فتياتهم.

أدى كذلك تدهور الوضع الصحي في اليمن، إلى حرمان المرأة من العناية الطبية اللازمة، نتيجة لإغلاق كثير من المستشفيات، فحُرمت من حق المتابعة أثناء الحمل، وكانت عرضة للوفاة بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى المستشفى أثناء المخاض.

 

تجاوز الانقلابيين للأعراف

غالبا ما تحظى المرأة اليمنية باحترام من قِبل المجتمع اليمني المحافظ والذي يتميز بطابع قبلي، فيتم التعامل معها بطريقة لائقة، وإن كان يتم حرمانها من كثير من الحقوق وتهميشها.

لكن مع انقلاب (2014)، تجاوز الانقلابيون كل تلك الأعراف، فخلقوا أدورا جديدة للمرأة، كتجنيدهن بما يُعرف بـ"الزينبيات"، اللائي يتم استخدامهن لقمع النساء، أو مداهمة بعض المنازل، والتفتيش وغيره.

وكثيرا ما كانت "الزينبيات"، وسيلة لتفريق احتجاجات أمهات المختطفين في مختلف المحافظات وتحديدا صنعاء، لكن ذلك لم يلغِ قيام مليشيا الحوثي بذات الدور في أحايين كثيرة.

ففي أواخر العام الجاري، اعتدى الحوثيون على طالبات جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بصنعاء، وإشهار السلاح في وجوههن، وإطلاق النار لترويعهن. كما تحدثت وسائل إعلام عدة، عن اقتحام تلك المليشيات لمدرسة سكينة بصنعاء، والاعتداء عليهم بالضرب والسباب، نتيجة لعدم ترديدهن شعار الصرخة الخاص بهم.

 

استهدافها والتضييق عليها

منذ أن لعبت المرأة دورا بارزا في الحياة العامة باليمن، بدأ يتم استهدفاها لإسكات صوتها، فتعرضت لمختلف أنواع القمع والتضييق الذي مارسه النظام السابق، أو شريكي الانقلاب منذ 2014.

تم استهداف المرأة كناشطة وصحفية وإعلامية، فكثيرا ما تعرضت للاعتداء بالضرب كما حدث للناشطة سمر الجرباني، أو لاقتحام أماكن العمل وهو ما تعرضت له الصحفية أزهار العجي في وقت سابق، فضلا عن التعرض للتحرش اللفظي أو الجنسي، كما يؤكد ذلك حقوقيون.

وفي إحصائية سابقة، أعلن تكتل المبادرات النسائية في تعز مقتل 666 امرأة، وجرح 1883 في اليمن بنيران مليشيا الحوثي في الفترة من أبريل/نيسان 2015 وحتى نهاية يناير/كانون الثاني 2017.

وتصدرت نساء محافظة تعز وسط البلاد قائمة الضحايا، حيث قتلت 211 وجرحت 1121 امرأة، في حين حرمت 44.484 فتاة من التعليم، كما حرمت 41 امرأة حق الأمومة بفقدها جنينها، وفقدت 3582 أسرة الحق في الأمان، إضافة إلى فقد 4103 امرأة شهريا حقهن في الصحة.

لم تكن المرأة عرضة للموت نتيجة القصف فقط، فقد كانت أيضا هدفا للمليشيات الانقلابية، التي قنصت الكثير منهن خاصة في تعز.

وحاول الانقلابيون –أيضا- تشويه صورة المرأة، وإظهارها كمسعِّر للحرب، بزجها لأبنائها وزوجها في المعارك ضدهم.

 

بقعة ضوء

في ظل ذلك الواقع البائس، إلا أن بعض النساء حاولن الإسهام في الحياة العامة، وتقديم الخدمة للمجتمع، فقمن بأدوار كبيرة استفاد منها المئات.

فقد عملت العديد من النساء في مجال التوعية بالأوبئة المنتشرة، وكذا حملات التحصين، فضلا عن التوعية بأهمية دعم المقاومة الشعبية والجيش الوطني.

في المجال الإغاثي، عملت جنبا إلى جنب مع الرجل، وفتحت مراكز تقدم بعض الخدمات الطبية لمساعدة الأسر الفقيرة، كما قمن بمشاريع عملت فيها الكثير من النساء، ليخففن بذلك من معاناة أسرهن، وليثبتن أن الحياة لن تتوقف، وسيظل الطموح بالحرية وبمستقبل أفضل للبلد يراودهن.