الجمعة 19-04-2024 22:16:49 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

جنوب اليمن..  معادلة الصراع ضد الانقلاب

الثلاثاء 21 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص

     

يتكرر المشهد السياسي المحتقن في جنوب اليمن في واقع شبيه لمرحلة ما قبل الحرب، حيث تشهد مكونات الحراك مزيداً من الانقسام، وهناك حالة تثوير للشارع لمهاجمة الشرعية وعرقلة أية محاولة للتقدم وتطبيع الحياة في العاصمة المؤقتة عدن.

 

وأفرزت الأوضاع عقب تحرير العاصمة المؤقتة في يوليو 2015م ضرورة لحظية لإعادة ترتيب الأولويات بحيث تقدم مطلب (بناء المؤسسات) على مطلب (استعادة الدولة)، خصوصا بعد التدمير شبه الكامل التي تعرضت له البنية التحتية وانهيار المؤسسات الأمنية والعسكرية بشكل كامل في مدن الجنوب.

 

كما فرضت ضرورة تقديم نموذج مطمئن لدول الجوار والخليج على ضوء ما أفرزه التدخل العربي في اليمن بزعامة المملكة العربية السعودية، وتطلب أداءً سياسياً مغايراً بعيدا عن الحشد والتعبئة وتهييج الشارع.

 

يجد الجنوب نفسه ساحة صراع وميدان استقطاب خارجي يحاول الاستفادة من ورقة الجنوب للضغط على الشرعية والتحالف العربي لتحقيق مكاسب للانقلابيين على سبيل إضعاف الرئيس والحكومة في المناطق المحررة والتي يقع أغلبها في الجنوب متأثرة بنشاط حراكي ينازع الحكومة صلاحياتها ومهامها.

 

تشكل البقعة الجغرافية لجنوب اليمن عمقا استراتيجيا مناهضا للانقلاب وهو ما يعزز من المخاوف التي تدور من محاولة إيران تحقيق اختراق عبر لافتات جنوبية لإخراج حلفائهم الانقلابيين من العزلة عبر استثمار ورقة الجنوب من خلال الإبقاء عليه خارج المعادلة السياسية وذلك لإضعاف قدرة الشرعية على السيطرة في المناطق المحررة، إضافة إلى الضغط على التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإجبارها على القبول بأية تسوية سياسية لإنهاء الحرب وربما تقديم التنازلات في ملفات أخرى في المنطقة.

 

وتبقى إشارات بعض الأطراف الغربية حول دعمها لخيار وضع خاص للجنوب او حتى قيام دولة مستقلة، مع إعلانها المتكرر لموقفها الداعم للحفاظ على وحدة اليمن. وبالنظر إلى تزامن تلك الإشارات مع بداية أي تحرك عسكري للحسم العسكري في الشمال قد يحمل دلالات تبرر فهمها على أنها لجوء إلى سيناريو جديد عنوانه "الجنوب مقابل الشمال". أي أن يفضي ذلك إلى إخراج الجنوب من معادلة الصراع في اليمن.

 

إذن فما يحدث في الجنوب هو إحدى ثمار استدعاء اللاعب الخارجي والذي سببته حالة الانقسام والتشظي التي يشهدها الحراك منذ انطلاقته، فيما يسود الاعتقاد بأن الثقل المطلوب لأي مكون أو فصيل في الجنوب ليس في مدى القدرة على الحشد أو المواجهة العسكرية لكن بقدرته على أن يحظى بإجماع مختلف الأطياف الجنوبية والتمثيل داخل هيئاته.

 

وكانت دراسات وتقارير غربية قد حذرت من خطورة إضعاف مؤسسات الدولة ونشاط الانفصاليين في جنوب اليمن والتي ستقوض بدورها جهود مكافحة الإرهاب، وهو ما يعكس رغبة الدول الغربية إلى دعم الاستقرار في جنوب اليمن حفاظا على ما تبقى من وجود للدولة وخوفا من الفوضى التي ستشكل بيئة جاذبة للتنظيمات الإرهابية.

 

وكشف تقرير صادر عن مركز التهديدات الحرجة التابع لمعهد المشاريع الأمريكية عن "استراتيجية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية تجعل من اليمن مسرحا رئيسيا لمواجهة إيران في المنطقة" مستبعدا في الوقت ذاته نجاح هذه الاستراتيجية.

 

واعتبر التقرير الذي نشر أواخر أكتوبر الماضي: "أن النزعة الانفصالية الجنوبية المتزايدة تؤدي إلى مزيد من نزع الشرعية عن الحكومة اليمنية المدعومة من الولايات المتحدة"، مضيفا بأن: "تهديد الأطراف السياسية اليمنية في الجنوب بالاستقلال سيؤدي إلى زعزعة استقرار حكومة عبدربه منصور هادي ويقوض السياسة الأمريكية التي تدعم دولة يمنية موحدة".

 

يغيب على أداء المكونات الحراكية وضوح الأفق السياسي المستفيد من حالة الإجماع الدولي الداعم للرئيس عبدربه منصور هادي ما أوجد فجوة داخل مكونات الشرعية تصب في صالح شركاء الانقلاب في صنعاء.

 

لاشك أن الجنوب بحاجة إلى خطاب جامع ينهي حالة الانقسام ويعزز من ثقافة القبول بالآخر والشراكة السياسية والتي تبقى مظلة الشرعية هي نقطة التقاطع المناسبة ضمن مصالح الداخل والخارج بالنسبة للقضية الجنوبية للحصول على مكاسب حقيقية وهو ما لم تستفد منه فصائل الحراك.