الجمعة 29-03-2024 10:52:01 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

أطفال بهموم كبيرة ومستقبل غامض في اليمن

الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 الساعة 11 مساءً /    الإصلاح نت - متابعات

   

يواجه الأطفال في اليمن أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد بعد أكثر من ثلاثة أعوام من انقلاب جماعة الحوثيين المسلحة بالتحالف مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على السلطات الشرعية والتسبب بنشوب حرب مستمرة، وصولاً إلى التدهور الاقتصادي وانعدام الخدمات الأساسية.

 

وبينما يحتفي الأطفال عبر العالم بيوم الطفولة العالمي الذي يصادف الـ20من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تكشف المعطيات في اليمن عن حالة مزرية تواجه الطفولة، وقصص من المعاناة والحرمان والاستغلال غير المشروع إما بالأشغال الشاقة او التجنيد والاستقطاب الطائفي.

 

 تدهور المعيشة وسوء التغذية

يقول تقرير حديث لمنظمة رعاية الطفل الدولية (مقرها الرئيسي السويد)، إن 400.000 طفل يمني سيحتاجون علاج سوء التغذية الحاد الشديد هذا العام، والجوع الشديد والمرض يقتلان ما يقدر بنحو 130 طفلاً في كل يوم.

 

وبتقديرات مجموعة التغذية التابعة للمنظمة فإن عدد حالات سوء التغذية الحاد الشديد يبلغ 385،842 طفلا تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و 59 شهراً في عام 2017م.

 

وأدت الأحداث التي قادتها جماعة الحوثيين وصالح المسلحة لتقويض أداء مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية أخرى، وبالتالي انهيار الخدمات الأساسية والمعيشية وتقلص مستوى الدخل للمواطن الى أدنى مستوى له وصولاً الى إيقاف الحوثيين استراتيجية الأجور والمرتبات منذ أغسطس من العام 2016م، ما ترتب عليه تفاقم معاناة المعيشة وارتفاع حالات سوء التغذية في أوساط الأطفال ونقص المناعة الصحية وزيادة فرص انتشار الأمراض والأوبئة كما حدث مع وباء الكوليرا الذي اجتاح أغلب المحافظات اليمنية وتصدرت خمس محافظات تسيطر عليها جماعة الحوثي أعلى نسبة وفيات جراء الوباء .

 

واتهمت منظمات اليونيسيف والصحة العالمية، مطلع سبتمبر الماضي، جماعة الحوثيين بالسطو المسلح على عددٍ من الشحنات الإغاثية، تتضمن كميات من الأدوية والأغذية والمخصصة لمواجهة وباء الكوليرا بصنعاء في ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين وإعادة توزيعها بين أنصار الحوثيين وبيع الكميات الأخرى في السوق السوداء .

 

  الانتهاك الأكثر بشاعة

وتأخذ ظاهرة تجنيد الأطفال في أعمال العنف للقتال الى جانب الجماعات المسلحة أبعاداً أخطر مع استمرار الحرب بعد أكثر من ثلاثة أعوام وتصاعد الظاهرة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأطفال، ومازالت مستمرة بوتيرة أعلى وفق التقديرات.

 

 ومع الأشهر الأخيرة من العام الجاري2017م، أخذت جماعة الحوثيين تتجه نحو ما تسميه "التجنيد الإجباري" للأطفال الرافضون للمشاركة في القتال، الذي يقوده الحوثيون ضد القوات الحكومية في عددٍ من مناطق الاشتباكات المشتعلة .

 

 وفي هذا الصدد، يقول المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان " عملية التجنيد الذي تقوم به جماعة الحوثي وهو الانتهاك الأكثر بشاعة للأطفال في اليمن، شمل عشرات الآلاف من الاطفال، وتجد إن معظم قتلى وجرحى جماعة الحوثي من الأطفال وتصل هذه النسبة الى النصف من مجموع قتلى الجماعة ".

 

وأشار برمان، الى أن جماعة الحوثي تجند معظم الأطفال، إما باستغلال حاجتهم المادية وحاجة ذويهم خاصة بعد توقف المرتبات وانعدام مصادر الدخل، أويتم إقناع بعضهم عبر استقطابهم الى دورات طائفية تأهيلية، وهناك تحدث عملية تعبئة عقدية طائفية "،ويضيف "الجماعة تستغل الأطفال، لان الطفل هو أكثر فئة في المجتمع يمكن التأثير عليه باعتباره أقل خبرة، وأكثر عاطفة، وأكثر انقياداً واستماعاً للأوامر، لذلك دائماً الجماعات المسلحة تستغل الاطفال ".

 

 وكان زعيم جماعة الحوثي المسلحة، وجه أنصاره، الاسبوع الماضي، بمنع طباعة صور قتلى الجماعة من الأطفال دون سن الـ 15سنة، مايعتبره مراقبون محاولة للتغطية على أكبر الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات بحق الأطفال في اليمن.

 

الى ذلك، نفذت مؤسسة "وثاق" الحقوقية، خلال اكتوبر الماضي، برنامج إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب، بتمويل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، لاستهداف عشرات الأطفال الذين قاتلو في صفوف الحوثيين ووقعوا لأحقاً أسرى بأيدي القوات الحكومية، وبحسب المؤسسة يهدف البرنامج لإعادة دمجهم في المجتمع لممارسة حياتهم الطبيعية.

 

  الأطفال ضحايا الألغام

دأبت جماعة الحوثي وصالح المسلحة على زراعة كميات مهولة من الألغام والأجسام المتفجرة في المناطق التي تنسحب منها أثناء القتال الدائر، وعادة ما يروح ضحيتها المئات من المدنيين، أغلبهم أطفال.

 

ووفقاً للتقرير نصف السنوي للفيدرالية العربية لحقوق الانسان، فإن الحوثيين قاموا خلال النصف الأول من العام الجاري 2017م، بزرع أكثر من نصف مليون لغم مضاد للأفراد في أنحاء متفرقة من اليمن، مما أدى لمقتل أكثر من 700 شخص أغلبهم مدنيين من النساء والأطفال.

 

وتحصد الألغام أرواح عدد كبير من الأطفال أما أثناء اللعب أو أثناء رعي الاغنام أو التجول في مناطق متفرقة في الجبال والأودية والنسبة الكبيرة من الأطفال القتلى قضوا بالألغام.

 

وتسببت الألغام التي زرعها الحوثيزن في عدد من مناطق اليمن بإعاقة دائمة لعشرات الأطفال وألحقت بهم تشوهات جسدية فضلاً عن الأضرار النفسية على المدى البعيد.

 

  الحرمان من التعليم

يرى مراقبون ان الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً من تداعيات انقلاب الحوثيين وصالح على الحكومة الشرعية في اليمن، ومن المقلق أن ينتظرهم مستقبلاً قاتماً، في ظل تدمير منظومة التعليم وملشنة العملية التعليمة.

 

وبدوره يتحدث الناشط عبدالله شروح عن واقع الطفولة اليمنية "بلا صحة ، بلا تعليم ، بلا بيئة سويّة لتنشئة نفسية طبيعية ومتزنة ؛ هذه ملامح حياة أطفال اليمن لسنوات سابقة، وبالملامح الكئيبة المخيفة نفسها يعيشون يوم الطفل العالمي لهذا العام".

 

ويضيف شروح: "من عيونهم الصغيرة يبرق، بجانب ألم الحرمان، تساؤل: ألم يئن لهذه الحرب أن تنتهي ؟! ، لنتقاسم الحياة مع كل أطفال العالم ؟! ؛ ترى : أيجيب ضمير العالم تساؤلات عيونهم ؟!".

 

وبحسب إحصائيات اليونيسيف، فإن أكثر من مليوني طفل يمني منقطعون عن الدراسة و1700 مدرسة قد دُمّرت بشكل جزئيّ أو كلّيّ، واستخدمت أكثر من 200 مدرسة لأغراض عسكرية أو كمأوى للعائلات النازحة .

 

ويقول الحقوقي عبد الرحمن برمان: "حصلت موجة نزوح أثرت بشكل سلبي جداً على حالة الأطفال النفسية والتعليمية فحرم الكثير من الأطفال من حقهم في التعليم وقذف بهم الى خارج فصول الدراسة".

 

وأضاف برمان: "ان النزوح لآلاف الاطفال عن مناطقهم وعن سكنهم أدى الى انعدام الأمن الغذائي وانعدام السكن وانعدام المأوى وانعدام البيئة الصحية والتعليمية المناسبة والبيئة النفسية التي تساعد في تنشئة الطفل تنشئة سليمة".

 

ويشير برمان الى أن الوقت الذي يجب أن يقضيه الطفل في التعلم، واللعب، يقضيه الطفل اليمني بحالة من الألم والوجع قد تؤثر سلوكياته، وعلى مستقبله وقد تجد جيل من الأطفال يعاني من مشاكل نفسية وقد يسعى إلى الانتقام في الفترات المستقبلية.

 

 وتواجه العملية التعليمية لأطفال اليمن اختلالات كبيرة، جراء إيقاف الحوثيين مرتبات أكثر من 166 ألف معلّم ومعلّمة منذ أكثر من عام ونصف ، وإصرار جماعة الحوثيين التي تسيطر على مدارس العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية أخرى، على إدراج تعديلات على مضامين المناهج التعليمية بما يوافق الأفكار التي تعتنقها الجماعة، إضافة الة التوجه نحو الفصل الوظيفي لمعلمين أساسيين وإحلال المقربين من الحوثيين".

 

 وتراجعت الأمم المتحدة، مطلع سبتمبر/أيلول من العام الجاري، عن تقديم المنحة المالية المخصصة لطباعة مناهج التعليم في اليمن نتيجة إصرار الحوثيين على طباعة المناهج المعدلة بأفكار طائفية، الأمر الذي حذرت من عواقبه المنظمة الأممية على مستقبل السلم الاجتماعي والتعايش في اليمن.

 

المصدر: العاصمة أونلاين