الثلاثاء 23-04-2024 23:18:13 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

عدن .. اغتيال الحلم "الحلقة الأخيرة "

الإثنين 23 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص – فهد سلطان

 

تعيش محافظة عدن في هذه الأثناء حالة من الانفلات الأمني على الرغم من التشديدات والإجراءات الأمنية المتخذة من قبل السلطة المحلية, ويكشف تقرير حديث غير رسمي عن حجم الانفلات الذي وصلت إليه المدينة من خلال رصد لحوادث الاغتيال لـ شهر يناير/ كانون الثاني 2016م فقط بـ 33 عملية اغتيال طالت موظفي الأجهزة الأمنية والعسكرية, وهو رقم قياسي دون تقديم أي شخص متورط الى النيابة مع خروج عدد من التصريحات الرسمية التي تتوعد تارة بكشف الجناة وأخرى عن التوصل الى خيوط لبعض الجرائم ومن يقف خلفها.( 1)


لم يتوقف الأمر عند هذا العدد، فقد توسعت الحوادث باستمرار وسجلت حوادث عديدة ومتفرقة ولا زالت مستمرة حتى هذه اللحظة كان أخرها اغتيال الشيخ فهد اليونسي الأربعاء الماضي أثناء ذهابه الى صلاة الفجر وهو احد المشايخ السلفيين التابع لجمعية الحكمة.


ولم تتوقف الاغتيالات(2) المستمرة بعدن طالت عاملين في السلك القضائي، الى جانب كوادر في المقاومة الشعبية من التي شاركت أغلبها في التحرير، بالإضافة إلى تجار وعلماء دين، كما لقيت 3 نساء حتفهن جراء حوادث متفرقة وقوع 4 هجمات بسيارات مفخخة قتلت 34 مواطناً فيما أصيب 43 آخرون. (3)


في أوائل شهر مايو/ أيار 2016م قال المتحدث الرسمي باسم شرطة المحافظة عبدالرحمن النقيب " في بيان له عن حادثة مقتل مدير سجن المنصورة المركزي المساعد أول " وهاد نجيب أحمد عون " ومرافقه الشخصي الشهيد "وقاص بأنها عملية غادرة تمت من قبل عناصر إرهابية خارجة عن النظام والقانون.


البيان أشار الى " أن مسلحين على متن سيارة " إيكو " أطلقوا الرصاص على سيارة الشهيد وهاد لدى قيامه بزيارة والدته خلف مصنع البسكويت في مديرية المنصورة, وعبر البيان عن الحادثة بأنها خسارة كبيرة لإدارة أمن عدن والتي تقوم أجهزتها الأمنية بالبحث والتحري وجمع المعلومات والاستدلالات لتعقب الجناة وضبطهم.


سنلاحظ أنه وبعد كل حادثة تجري في المدينة يخرج بيان رسمي مباشرة يوضح تفاصيل الحادثة وفي نفس الوقت يتوعد بالكشف عن نتائج التحقيقات لاحقاً بعد اكتمال التحقيقات وتعقب الجناة ثم لا يحصل من ذلك شيء!, وهنا تبدوا اسئلة كثيرة مفتوحة تكبر دون أن تجد إجابة شافية توضح حقيقة ما يجري ومن هو الممسك بخيوط اللعب.؟!


بالنظر ايضاً الى ما اوردته صحيفة "الخليج" الإماراتية 2016م عن تصدر مديرية المنصورة لعمليات الاغتيالات والاستهداف حيث وقعت 18 عملية فقط فيها، فيما تلتها مديرية الشيخ عثمان ب 9 عمليات. أما مديريتا دار سعد وكريتر فقد وقعت في كل منهما عمليتان اثنتان فقط، بينما سجلت مديريتا التواهي وخور مكسر أقل نسبة حيث سُجلت عملية واحدة في كل مديرية.


مسلسل الاغتيالات في هذه الأثناء يعيد الى الاذهان حوادث مماثلة في عام 2012م والتي وصلت أوجها بحصيلة وصلت الى استهداف 72 ضابطاً على يد تنظيم القاعدة والذي كان يخرج ببيانات يعلن مسؤولية عن تلك الحوادث في عموم محافظات الجمهورية.

 

محاولات اختطاف المدينة
استطاعت المقاومة الشعبية بدعم واسناد من قوات التحالف العمل على طرد الحوثين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من مدينة عدن في يوليو/ تموز 2015 بعد ثلاثة أشهر ونصف من القتال الدامي, إلا أن النتائج بعد ذلك خيبت الآمال في عودة الاستقرار الى ربوع المدينة, فقد تقلص تدريجياً لصالح جماعات متطرفة ظهرت بعد الحرب كتنظيم ما يعرف بداعش والذي أعلن مسؤوليته عن عمليات دون أن يكون له تواجد فعلي على الأرض في اقتطاع اجزاء أو مكان معين، إلى جانب تنظيم القاعدة وأخيراً قيادات داخل ما يسمى بالحزام الأمني كما سيتضح لاحقاً.


في 15 مايو/أيار الماضي أطلق مسلح مجهول النار على راس الشاب أمجد عبدالرحمن (21 عاما) وهو ناشط شبابي معروف وارداه قتيلا على الفور بداخل مقهى انترنت في مديرية الشيخ عثمان, ومثلت هذه الحادثة ردود فعل قوية خاصة بعد أن كشف أحد مقربيه أن أمجد كان قد تعرض للتهديد من عناصر سلفيين اتهموه بالإلحاد قالوا له إن حياته في خطر مالم يعلن التوبة.(4)


الجديد في الحادثة عن سابقاتها والتي كانت لا يعلم من يقف خلفها كما لم يكشف عن أي خفايا حولها هو أنه وبعد اغتيال "أمجد" اعترض مسلحون على متن سيارات عسكرية تابعة لقائد معسكر أمني تابع "اللواء "20 يدعى إمام النوبي والمعسكر هو إحدى تشكيلات الحزام الأمني (5) حيث منع النوبي جنازة أمجد من الصلاة عليه ومنعوا دفنه بحجة انه كافر لا يجوز دفنه في مقابر المسلمين.


وفي 25 نيسان/أبريل 2016 بمديرية المنصورة قتل شاب آخر بطلق ناري على رأسه يدعى عمر باطويل 17عام وهو ناشط يمني دأب على انتقاد التشدد الديني والتطرف وتم الكشف عن تهديدات سابقة تتهمه بالإلحاد وتتوعده بالقتل.


ومن خلال النظر والتأمل في طبيعة الحوادث التي شهدتها المحافظة خلال الثمانية الأشهر الماضية يمكن القول أن الحوادث كانت على النحو التالي:
- القاعدة وداعش - بسبب الفراغ الأمني داخل المدينة - استهدفت شخصيات سياسية وأمنية وعسكرية على علاقة بالنظام السابق ضمن سلسلة استهداف مستمر من سنوات.
- شخصيات متشددة داخل أجهزة أمنية مارست التصفية لمعارضين بدوافع مختلفة كما هو الحال مع الشابين امجد وباطويل ووقوف إمام النوبي وراء منع الصلاة والدفن في مقابر المدينة.
- كيانات وشخصيات سياسية مارست التحريض المباشر بحق عدد من مشايخ العلم والدعاة من كل التيارات أبرزهم في الإصلاح والسلفيين كما هو الحال مع الوزير المقال هاني بن بريك والمحال للتحقيق.
- جهات خارجية تستثمر الفوضى في البلاد.

 

عدن العاصمة.. حلم يتبدد
أهمية عدن ليست وليدة اللحظة, بل يعود ذلك الى تاريخ المدينة ذاتها, فهي تقع على ساحل خليج عدن وبحر العرب في نفس الوقت، وسميت بالعاصمة الاقتصادية لليمن أبان نظام الرئيس المخلوع نظراً لوجود أهم الموانئ التجارية على مستوى العالم إلا تلك الأهمية لم تجعلها تتصدر التسمية، ومن أهميتها أنها ثاني مدينة يمنية بعد صنعاء، وعبر التاريخ شهدت أحداثاً تاريخية هامة، وعرفت بأنها عين اليمن على العالم، وهذه التسمية أبان الاستعمار البريطاني.


يبلغ عدد سكانها نحو 589,419 نسمة حسب تعداد اليمن في 2004م فيما يرجح اقتصاديون عن تزايد السكان الى أٌقل من الضعف بقليل مع حلول 2015م بحوالي 865,000 ألف نسمة حسب الإسقاطات السكانية, وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 363 كيلو متراً، ويمثل سكان محافظة عدن ما نسبته 3% من إجمالي سكان البلاد.


الأهمية للمدينة كونها تحوي أهم منفذ طبيعي على بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن تحكمها بطريق البحر الأحمر، وتشكل عدن أنموذجاً متميزاً لتكامل النشاط الاقتصادي وتنوع البنيان الإنتاجي؛ إذ جمعت بين الأنشطة الصناعية والسمكية والتجارية والسياحية والخدمية في آن واحد وهذا التنوع قليل بالنظر إلى عدد كبير من المدن الساحلية حول العالم،

وتنبع أهميتها من كونها ميناءً تجاريًّا من أهم الموانئ في المنطقة، ومنطقة تجارة حرة إقليمية ودولية.


على جانب أخر تكتسب عدن أهميتها السياحية من شواطئها الدافئة ومنتجعاتها الجميلة، وتكتسب الصناعة مقوماتها من مجموعة مصانع ووحدات إنتاجية أهمها "مصفاة عدن". تتكون عدن من عدة مناطق هي كريتر، المعلا، التواهي، خور مكسر، الشيخ عثمان، المنصورة، دار سعد، البريقة.


هذه المقومات البارزة إلى جانب التنوع الثقافي والفكري والذي عرفت به المدينة لعقود جعلها ذات أهمية بالغة قديماً وحديثاً, ومع الأحداث التي جرت في العاصمة صنعاء وخروج الرئيس عبده ربه منصور هادي منها في 21فبراير/ شباط 2015م واستقراره في عدن, ففي ذات العام وفي الـ 7 من شهر مارس/ أذار أعلن أن مدينة عدن عاصمة للبلاد معتبراً أن صنعاء محتلة, وغم أهمية هذه الخطوة إلا أن هذا القرار يعتبر رمزياً لأن تغيير العاصمة يتطلب تعديلاً للدستور والذي ما يزال ينص على أن صنعاء هي العاصمة السياسية للبلاد.


هذا الإعلان كان فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار لهذه المدينة التي طالها التهميش والعبث خلال فترة النظام السابق غير أنه ومن خلال محاولات استعادة هذا الدور جاء الفشل للحلم هذه المرة ليس من المركز بل من المدينة نفسها, فالشخصيات التي تعاقبت على إدارة السلطة المحلية لم تكن بحجم المسؤولية وبدل أن تذهب الجهود نحو التنمية وتطبيع الاستقرار راحت الأهداف ابعد من ذلك بكثير من خلال السير نحو أحلام التشطير وهو ما أربك المدينة من استعادة دورها, ليس ذلك فحسب بل جعلها منطقة طاردة للاستثمار بدرجة أساسية.

  

.....................
هوامش
(1) تصريحات لهاني بن بريك بتاريخ 28 مايو/ ايار قال فيها على صفحته الرسمية الموثقة توتير “قريبًا وبالأدلة سنكشف من يقف خلف العمليات والاغتيالات الإرهابية”. وتصريحات أخرى لعيدروس ومدير أمن عدن شلال شائع بكشف الجناة مع كل جريمة ولم يقدم شخص حتى الآن الى النيابة أو يعلن عن أي نتائج تحقيقات في كل الحوادث.
(2) الاغتيال مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة أسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية تستهدف شخصاً معيناً يعتبره منظمو عملية الاغتيال عائقاً لهم في طريق انتشار أوسع لأفكارهم أو أهدافهم.
(3) تقرير صحفي غير رسمي يرصد عمليات الاغتيالات في محافظة عدن لشهر يناير كانون الثاني 2016م
(4) موقع يمن منيتور
(5) الحزام الأمني هي قوة تأسست في ربيع 2016 تتبع هذه القوة رسميا وزارة الداخلية اليمنية، قالت هيومن رايتس ووتش أن الحزام الأمني عَمِل خارج سلطة الحكومة اليمنية إلى حد كبير, ولديه سجن مركزيّ عدد 2 في عدن وتورط باعتقال وتعذيب عشرات الأشخاص بعضهم فارق الحياة.