الجمعة 19-04-2024 02:19:44 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح من ثورة الأمل إلى إعادة الأمل (2)

الأربعاء 18 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص / محمد الغابري

 

التعامل مع الثورة المضادة وانتقال السلطة

عملت الثورة المضادة بكل الوسائل لإفشال الثورة بل إنها بدأت بعمليات وقائية قبل اندلاع الثورة تمثلت في السيطرة على ميدان التحرير بما يمثل من موقع من الناحيتين الرمزية والإستراتيجية؛ فهو يمثل قلب العاصمة وتحيط به منشآت ذات أهمية من القصر الجمهوري ومجلس النواب والبنك المركزي ومكتب الرئيس ومجلس الوزراء والإذاعة والتوجيه المعنوي والاتصالات وإشرافه على شوارع وخطوط رئيسة لذلك بادر النظام لنصب الخيام في التحرير والسيطرة الكاملة عليه،
ثم أطلق النظام البلاطجة وقوات الأمن واستخدام وسائل الإعلام والدعاية؛ أي أن الثورة المضادة كانت ظاهرة ولم تكن غافلة عن الساحة.



الحوثيون

منذ انضمام قيادات عسكرية مع الوحدات التي تقودها للثورة أفصح الحوثيون عن حقيقة وجودهم في الساحة إنهم ثائرون ليس على النظام بل على الثورة ذاتها، وكشفت الأحداث عن مدى صلتهم بالرئيس المخلوع وأنهم معه وهو معهم وكل منهما يأمل الانتقام بالآخر من الثورة.


وبالنظر إلى تلك الصلة فقد لعب الحوثيون ما يشبه دور بني قريضة في غزوة الأحزاب بمحاولة غزو محافظة الجوف والتنسيق مع صالح للاستيلاء على معسكرات وإمداد بالسلاح، وكانت حملتهم الدعائية ضد القائد العسكري علي محسن فكان هدفا مشتركا للطرفين، وكانوا يقومون بانسحابات تمثيلية وتسجلها وسائل الإعلام الرسمية. ولإدراك ماذا يريدون فقد أفصحوا عن حقيقة ثوريتهم بتصريح لصالح هبرة – رئيس المجلس السياسي للحوثيين - عقب التوقيع على المبادرة الخليجية بقوله: الإصلاح أسوأ من صالح، وهذا القول ذا مغزى ودلالات واسعة؛ فالحوثي لم يكن من قوى الثورة إطلاقا بل جزءاً من الثورة المضادة.


كان هناك خطأ في تقدير الموقف؛ إذ لو كان هناك نضوج كان من شروط الإنضمام للثورة أن تكون القوى المختلفة مدنية ليست ذات مليشيات صحيح أن قوى اليسار كانت ستتصدى لهذا الطرح وتعتبره موقفا خاصا بالإصلاح لكن ربما كان أجدى لتسجيل موقف؛ فالدارس للحوثية سيدرك أنها لا تبحث عن ذرائع للعداوة للإصلاح فهو في نظرها العدو مهما كان مسالما.


الخطأ الآخر ولم يكن محسوبا التوافق على تعيين فارس مناع محافظا لصعدة باسم الثورة وهو تاجر السلاح والشخص المشترك بين الحوثيين وصالح.

 

اليساريون

بعض من اليساريين وجدوا في قوة الإصلاح في الساحات مشكلة وبوحي من الدعاية للثورة المضادة بدأ البعض ينصرف عن جرائم صالح وأسرته إلى القول بأن الثورة سرقت واستبداد المنصة واللجنة الأمنية.

لم يكن هناك طرحا موضوعيا لمشكلات يمكن التفاهم بشأنها وبحثها بطرق مناسبة بل حملات دعائية ليتبين لاحقا أن الحديث عن سرقة الثورة كان يخفي وراءه عملية سرقة حقيقية لكنها تشير بالاتهام لجهة أُخرى لصرف الأنظار عن جهات تعد للسرقة؛ فالحوثيون يسعون لاستخدام ثورة فبراير لإسقاط الثورة الأم سبتمبر وأكتوبر وإعادة الإمامة والسلطنات.

 

أين الخطأ ؟

على الرغم من أن استهداف الإصلاح ظهر بقوة في الأشهر التالية لشهر مارس 2011 ولا يزال إلا أن الإصلاح لم يتعامل معها كما ينبغي بداية الخطأ غياب الرؤية التغاضي والسكوت التقليل من الخصم.

 

ماذا كان ينبغي القيام به ؟

احترام الإنسان والتعبير عن الاحترام غاية في الأهمية لم يدرك الإصلاحيون واجبهم تجاه مواطنيهم بعد وأن من حق الكارهين للإصلاح قبل المنتمين والأنصار البيان هنا نذكر أن أية حكومة أو تنظيم سياسي إذا أخطأ أوفهم خطأ على نطاق واسع فإن واجبه إصدار إعلان أو كتاب أبيض يبين فيه حقيقة ما يدور بشأنه اللغط احتراما للناس وتبرأة للذمة يتطلب رصد كل ما يقال وغربلته والتركيز على ما يطرح من انتقادات.

وذلك يتطلب فريق متخصص متفرغ لبيان الموقف، وليس التسليم بأن دوافع المنتقدين تمنعهم من الإستماع لما يصدر عن الإصلاح، إذ ليس كل مايصدر من انتقادات تو ضع في سلة واحدة، المسألة فنية تحليلية وفن في التعامل مع الآخرين بمختلف توجهاتهم ودوافعهم.



نقل السلطة

نجحت ثورة فبراير في انتزاع الرئاسة من صالح ومن ثم إسقاط مشروع التوريث الذي كان أهم هدف للثورة : الحيلولة دون توريث السلطة لأولاد صالح فالتوريث يعني ببساطة أن البلاد وشعبها تغدو تركة شخصية يتم وراثتها كما تورث الأمتعة ، ولقد نجحت الثورة في تحقيق هذا الهدف وحيث أخفقت كل المساعي اللاحقة لاستعادة السلطة والتمكين للتوريث من جديد منذ عام 2014 .


في منعطف نقل السلطة والقبول بالمبادرة الخليجية ثم التوقيع على عملية نقل السلطة كان الإصلاح – مع قيادات المشترك – تسعى للحيلولة دون الوقوع في الحرب ومن ثم قبلت بالمبادرة على علاتها ولا ريب أنها وقعت في أخطاء كانت عبارة عن ألغام للحالة السياسية أهمها الموافقة على منح صالح حصانة مقابل التخلي عن كرسي الرئاسة، وكان المفترض التفاوض لمنح الحصانة مقابل التخلي عن السلطة كليا ومغادرة أسرة صالح للحياة السياسية وتسليم السلطة كاملة بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية .

لم يتم تنظيم العلاقة بين رئيس الجمهورية والقوى المشاركة في الحكومة والية اتخاذ القرار ومن ثم وقعت الكثير من الأخطاء لاحقا.

في كل الأحوال كان خلع صالح انجازا بالنظر إلى مخططاته للتأبيد والتوريث والتي كانت استراتيجية شاملة.

لقد عمل الإصلاح بكل ما أوتي لإنجاح الفترة الإنتقالية وتحاشى الكثير من المشكلات وقبل بالقليل من المقاعد الوزارية – أربع وزارات – وتبين لكثير من الناس – لاحقا – أن حكومة باسندوة من أحسن الحكومات التي عرفتها البلاد على الرغم من أن نصفها كان يمارس معارضة شرسة وأنها ضمت إضافة إليه وزراء كانوا قمما في القوة والأمانة (الكفاءة والنزاهة).

وكذلك يقال في حضور الإصلاح الفاعل في مؤتمر الحوار الوطني وفي الوصول الى نتائج مثلت الإجماع الوطني وأبرز مخرجاته في تحول شكل الدولة الى النظام الإتحادي والذي يعد حلا جذريا لمشكلة السلطة والثروة والخروج من حالة احتكار السلطة والثروة
إن الإصلاح يعد حزبا مثاليا في إسناد الدولة والولاء لها وذلك ما جعله هد فا لكل خصوم الدولة من أصحاب مشاريع مادون الدولة عرقية طائفية أم مناطقية جهوية .

ساهم مع قيادة الجيش الموالي للثورة في تسهيل الوصول الى حلول بشأن وقف ما كان من اشتباكات مفتعلة من قبل صالح والتي أراد منها عسكرة الثورة وإخراجها من السلمية التي كانت تمثل أهم عناصر قوتها ولم يكن هناك أية مشكلات في التمكين لإعادة هيكلة الجيش بل تسليم للرئيس هادي ولمساعدته في إعادة الهيكلة أي أن الطبيعة التي يفضلها الإصلاح دوما هي التمكين للدولة حتى وان بدت في الأفق أن عملية الهيكلة تجرد الثورة من القوات المحسوبة لها مع عدم وضوح العملية بالنسبة لوحدات الجيش التي كانت تابعة للرئيس المخلوع .

أي أن سجل الإصلاح سجل ناصع في ما يتصل بالعمل على انجاح العملية الإنتقالية والعبور بالبلاد الى بر الأمان غير أن جهودا لقوى كثيرة محلية وإقليمية ودولية قد أوقعت الدولة في أزمة حادة ومنحدرات خطرة وهو ماحدث بالفعل بدلا من العبور الى بر الأمان كا الوقوف في منحدر يؤدي الى الهاوية ، وسقطت الدولة اليمنية في الهاوية فكانت المساعي لإمكانية توفير هبوط آمن والحيلولة دون الاصطدام بالأرض وصيرورتها أشلاء.

 

أهم قرار اتخذه الإصلاح الانسحاب من المواجهة وحسابات كانت دقيقة

منذ البدايات للعملية الإنتقالية هناك إجماع محلي إقليمي دولي على تدليل جماعة الحوثيين وتشجيعها على التوسع في المناطق المختلفة. وبدا ما يمكن وصفه بتحييد الدولة واعتبار أن الهدف الذي يسعى له الحوثيون هو القضاء على الإصلاح أو على الأقل أن يتفانى الحوثيون والإصلاحيون وينهك كل منهما الآخر غير أن موازين القوى لم تكن متوازنة فالحياد الذي أظهرته السلطة لم يكن حيادا حتى ظاهريا بل انحياز للحوثيين وتجيير الجيش لهم ، مع أن الحياد من قبل الجيش يعد خيانة؛ إذ لا توجد دولة في العالم تقف على الحياد بين جماعة مسلحة وبين مواطنيها المستهدفين فأول وظائف الدولة هي حماية البلاد ومواطنيها من العدوان والمحافظة على سلطة الدولة من أي جماعة مسلحة تنازعها في بسط سلطتها على الأرض إن زيارات وزير الدفاع لا تزال حاضرة إذ يلتقي قيادات مليشيات الحوثيين ويفرض حصارا على وحدات الجيش الموالية للدولة اليمنية والتي تسعى لحمايتها من المتمردين فكان استشهاد القشيبي الذي فتح أبواب السقوط على مصراعيها ، وواصل وزير الدفاع توجيه الأوامر لقيادات الجيش بالتسليم لجماعة الحوثي وتبين في 20 و 21 سبتمبر 2014 أن ما تبقى من قوات موالية للدولة ومعها مقاومين من الإصلاح ليست في مواجهة مع الحوثي بل الوحدات العسكرية التي لايزال ولاؤها لصالح ومع غياب رسمي تقاتل الى جانب الحوثيين فأدرك الإصلاحيون الموقف وتم تقدير الموقف وتداركه بالتوقف عن مقاومة الحوثيين وبذلك القرار الموفق حقق أكثر من هدف؛

الأول:هدف عام وهو وقاية العاصمة من حرب شوارع وإغراقها في الدماء.

الثاني:الإفلات من مؤامرة محكمة كان الهدف منها اجتثاثه .

الثالث:ربط مصيره بمصير الدولة اليمنية.