الجمعة 29-03-2024 04:11:40 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح.. حراك السياسية والوعي (الحلقة الثالثة)

الإثنين 02 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 12 صباحاً / الإصلاح نت- خاص/ فهد سلطان

   

في الأول من يناير/ كانون الثاني 2008م أطلق رئيس الهيئة العليا للإصلاح المعين بالإنابة (1) مشروع "النضال السلمي"، وهو الحراك الذي امتد على أغلب محافظات الجمهورية, كأنشطة جماهيرية وتوعية يرعاها الحزب عن أهمية النضال السلمي في مواجهة الفساد والعبث داخل البلاد, والعمل على إجبار الحزب الحاكم على السير نحو إصلاحات جوهرية وحقيقية عاجلة. 

خاض الإصلاح تجربتين مع المؤتمر الشعبي العام: تجربة التحالفات والعلاقات الاستراتيجية، وتجربة فك الارتباط ومن ثم إعلان النضال السلمي من أجل تعزيز المسار الديمقراطي وتداول السلطة سلمياً. وهذا ما انسحب على العلاقة مع الأحزاب الأخرى، حيث انتقل الإصلاح من مرحلة العداء والصراع الأيديولوجي مع بعض الأحزاب اليمنية التي كانت تختلف معه فكرياً إلى مرحلة الالتقاء على القواسم المشتركة، إلى أن تطور الحال وتم الإعلان عن تكتل لأحزاب اللقاء المشترك.

كان النظام السابق بزعامة الرئيس المخلوع(2) علي عبدالله صالح - حينها - يسير بالبلاد نحو الانسداد السياسي, بل وتكبيل العملية السياسية كلها, على وقع الحروب التي يخوضها الجيش ضد التمرد في صعدة(2), ودفع الأحزاب السياسية نحو الاستسلام الكامل والسير في خط السلطة أو ضربها واستهدافها.

 وهنا كان الإصلاح أمام لحظة فارقة من عمر البلاد؛ فالحرب في صعدة تنهك الجيش وتسير بالبلاد نحو المجهول, والفساد والعبث داخل أجهزة الدولة يزداد ضراوة, في حين أن مشروع التوريث كان هو الأخر يقف خلف كل هذه الحرائق التي يشعلها صالح عامداً, وفي هذا الوضع المقلق أختار الإصلاح السير نحو النضال السلمي ضمن الإطار السياسي - للحزب - دون الخروج عنه قيد أنمله.

تنبه الكثير من السياسيين لمشروع التوريث الذي بدأ في نهاية التسعينيات, وتحديداً بعد الانتخابات الرئاسية 99م ولكنه بدأ يطل بقرونه منذ عام 2001م بدشين صالح لعدد من الإجراءات والقرارات داخل أجهزة الدولة, وتأسيس كيانات سياسية جديدة(4) كما أن صالح لم يخف ذلك المشروع في لقاءات تلفزيونية(5)

أمام هذا الواقع الجديد الذي بدأ يتشكل, مع الاستغلال السياسي للأحداث وتأزيم الحياة السياسية بالكامل, بل ورفض كل دعوات الحوار بين الحزب الحاكم والمعارضة للوقوف أمام مشكلات البلاد, فقد كانت الأحزاب أمام خيارات ضيقة, وهو ما دفع الإصلاح إلى أن يستوعب اللحظة السياسية, ويعلن عن مشروعه الرافض لما يجري في البلاد ولكن عبر الأطر السياسية السلمية, التي تعزز من تواجده كحزب سياسي يقف الى جانب الناس بالأساليب السياسية الخالصة.

لقد "خاض الإصلاح تجربتين مع المؤتمر الشعبي العام: تجربة التحالفات والعلاقات الاستراتيجية، وتجربة فك الارتباط ومن ثم إعلان النضال السلمي من أجل تعزيز المسار الديمقراطي وتداول السلطة سلمياً. وهذا ما انسحب على العلاقة مع الأحزاب الأخرى، حيث انتقل الإصلاح من مرحلة العداء والصراع الأيديولوجي مع بعض الأحزاب اليمنية التي كانت تختلف معه فكرياً إلى مرحلة الالتقاء على القواسم المشتركة، إلى أن تطور الحال وتم الإعلان عن تكتل لأحزاب اللقاء المشترك" (6).

في هذه المواقف وغيرها يتضح بجلاء موقف الإصلاح الذي كان الى جانب الوعي السياسي الذي تمسك به يسير نحو تعزيز مفاهيم نضالية سلمية تجنب البلد الحروب والمواجهات وتجعل من تجربة صعدة نقطة تحول وتوعية لدى النظام نفسه ولدى الشارع اليمني الذي لم يكن يعرف حقيقة تلك الحرب والى ما هي الأسباب التي تقف خلفها, فما كان تعلنه وسائل الإعلام التابعة للحزب الحاكم والسلطة حينها لم تكن كافية لإقناع الجميع بحقيقة الحرب إذا ما علمنا أن هذه الحرب كانت تنشب بين التمرد والجيش ثم تنطفئ دون معرفة الأسباب الحقيقية(7).

بالعودة الى مشروع النضال السلمي الذي اختطه الإصلاح وسار عليه بشكل رسمي في كل مواقفه وأفكاره ورؤاه وفعاليته السياسية والحزبية, كان يتجنب الوصول بالبلاد نحو الانهيار الشامل, فلم تكن الأحداث في 2011م إلا نتيجة حتمية للوضع الذي وصلت إليه البلاد من حالة الانسداد السياسي, بل يمكن التأكيد أن الربيع اليمني يمكن أن يحدث ولو لم يكن هناك ربيع عربي سابق له, فالحراك السلمي الجنوبي(8) كان نتاج طبيعي للسياسات الخاطئة التي سار عليه النظام تجاه مشكلة الجنوب والتي ظل يتجاهله منذ حرب صيف 94م, ورفض كل النصائح في العدول عن سياسته العبثية التي تسير بالأوضاع نحو الانفجار.

يمكن القول إن برامج النضال السلمي لم تأتي أكلها فيما كان يرغب به الإصلاح منها, على الأقل بالنظر إلى أن سقف النقد للحكومة لم يصل إلى الذروة, وهو ما جعل النظام يسير بمشروعه دون الأسف على الأحزاب المنخرطة في صفوف المعارضة سواء تلك التي ضمن تشكل اللقاء المشترك أو المستقلون, الى جانب بعضاً من مؤسسات المجتمع المدين. 

كان يمكن للنضال السلمي أن يتخذ أشكالا من في الصور ويرفع من سقف المطالبات ودفع الحكومة والحزب الى الحاكم الى التنازل في سياسته العبثية, إلا أن انخراط الحزب ضمن تركيبة اللقاء المشترك حد من تلك الخطوة على ما يبدوا فالإصلاح كان لا ينفرد بأي خطوة خارج دائرة اللقاء وهو ما يمكن القول أنه جعل الإصلاح في مشروع العمل السلمي والنضال السلمي ينحصر على جانب التوعية سواء في الجانب الإعلامي أو الجانب التثقيفي, بل أن جهود الإصلاح انطلقت نحو العمل السلمي النضالي ضمن الإطار السياسي لمواجهة حركات العنف من قبل التنظيمات العنفية في البلاد سواء التي في صعدة أو تنظيم القاعدة وهذا ما سنفرد لها في الحلقة الرابعة.

 ...........

هوامش

(1)   بعد رحيل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بنحو أسبوع واحد فقط, والذي توفي في 28ديسمبر/ كانون أول 2007م.

(2)   أثناء خروج الشعب اليمني في 11فبراير/شباط 2011م بثورة شعبية وأرغم صالح على ترك السلطة في فبراير 2012م من العام التالي.

(3)   اندلعت شرارة الحرب الاول في صعدة يونيو/ حزيران 2004م واستمرت حتى شهر سبتمبر/ أيلول من نفس العام.

(4)   تولى أحمد علي قيادة قوات الحرس الجمهوري عام 2000 خلفاً لعلي صالح الأحمر وتولى قيادة القوات الخاصة عام 2004.

(5)   مقابلة اجرتها الجزيرة مع صالح بتاريخ 5 سبتمبر/ أيلول 2001م اجراها الإعلامي محمد كريشان. 

(6)   جزء من دراسة أعدها الباحث عبدالقوي حسان لمركز دراسات الوحدة العربية تحت عنوان " الحركة الإسلامية في اليمن دراسة في الفكر والممارسة" نشرت 3أبريل/ نيسان 2015 - العدد 5340.

(7)   من خطاب لصالح في يوم عيد الجلوس الثلاثين بتاريخ 17يوليو/ تموز 2007م. 

(8)   انطلقت أولى فعاليته في 7 يوليو/ تموز 2007م