السبت 20-04-2024 05:39:30 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حرب معيشية.. كيف أثر حظر الحوثيين تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية على البسطاء؟

الأحد 21 يونيو-حزيران 2020 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عامر دعكم

 

يعاني المواطنون في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي أوجاعا اقتصادية مزرية، ضاعفتها إجراءات حظر تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية.

لم تكتفِ المليشيا الحوثية بالانقلاب على إرادة اليمنيين وإنتاج واقع الحرب والدمار والقهر، بل زادت على ذلك أن لجأت إلى سرقة قوتهم ومصاريف أسرهم. 

وتواصل المليشيا منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية، في محاولة لرفض كل ما يأتي من الشرعية اليمنية، واستمرارا في التضييق على المواطن البسيط.

ويقول مراقبون إن أكثر المتضررين من قرار المنع المليشياوي هم المواطنون الذين يسكنون قرب المناطق التي تسيطر عليها الشرعية، بالإضافة إلى أهالي مناطق سيطرة المليشيا، الذين يعملون في المناطق المحررة.

- استهداف البسطاء

الصحفي صدام الحريبي قال إن موضوع العملة الجديدة والقديمة لا يكتوي بناره سوى البسطاء الذين يعيشون في مناطق سيطرة سلطة صنعاء. 

وتساءل الحريبي: "لصالح من هذا الإجراء الذي لا يؤثر في موضوع الخلاف السياسي أو العسكري وما هي أسبابه؟".

وأكد الحريبي أن "هذا الإجراء هو ضد المواطن البسيط ويثقل كاهله، أما المسؤولون الكبار فوالذي رفع السماء أنه لا يؤثر عليهم بل إنهم لا يعرفون تبعات هذا القرار ولا الفارق الذي يأخذه تجار الطوارئ والنصابون والذين يستغلون حاجة المواطن البسيط فقط بها، لأنهم يستلمون بالدولار أو لأنهم ليس لهم أهل وأقارب في المناطق الأخرى وبالتالي لا يهمهم".

وتابع "اتقوا الله في المواطن المطحون ووحدوا العملة وإن كان المواطن البسيط ليس له خاطر عندكم فلوجه الله مع أن هذا المواطن الكادح هو من يجب أن يعمل الجميع من أجله وذلك واجب وليس صدقة من أحد".

- فارق قيمة

المواطن فهد محمد قال للإصلاح نت: "نحن نعمل في مناطق الشرعية ونقبض أجرتنا بالطبعة الجديدة، ولا فرق بين الطبعة الجديدة والقديمة هنا".

وأضاف: "وعندما نسافر القرية، نجد أن هناك فارقا كبيرا في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والمشتريات بين الطبعتين القديمة والجديدة من العملة".

وتابع: "تخيّل، ذهبت لشراء كيس دقيق وفي جيبي مبلغ مالي من الطبعة الجديدة، سألت التاجر عن سعر الكيس، فأجاب أنه بـ13 ألف ريال، ولما أخرجت له المبلغ ضحك وقال: سعر الكيس بهذه الجديدة 15 ألف ريال".

وقال: "قس على ذلك كل المواد الغذائية والاستهلاكية والمشتريات، يختلف سعرها بين الطبعتين الجديدة والقديمة". واختتم: "وحده المواطن من يدفع الثمن".

- هيمنة مليشياوية

الكاتب الاقتصادي محمد هائل السامعي قال للإصلاح نت إن منع المليشيا تداول الطبعة الجديدة من العملة "لا يصب في مصلحة أبناء الشعب بقدر ما يصب في فرض الهيمنة المليشياوية لهذه الجماعة في مناطق سيطرتها، وهي بهذا الإجراء أكثر من يحارب الموظفين في مناطق سيطرتها، وتحارب التجار والمنتجين من المزارعين وغيرهم".

وأوضح أن قرار المنع "هو إجراء اعتباطي، قمعي، مغامر كعادتها، نهبت كل ما في الاحتياطي النقدي لدى البنك في صنعاء ومولت حربها وأغرقت السوق بالعملة الاحتياطية وبالعملة التالفة، كما أغرقت البلد في الحرب والارتزاق".

يدرك المواطنون أن مليشيا الحوثي لا يهمها مصلحة عامة الناس، ولا تعمل من أجلهم، بل إنها تعاديهم وتضر بهم وبمصالحهم، وأن الحوثية جماعة سلالية لا يهمها سوى بقاء انقلابها الأرعن الذي يتغذى على النهب والسلب واللصوصية.

وأكد مواطنون في مناطق تعز الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية، للإصلاح نت، أنهم يضطرون لمبادلة العملة الجديدة بالقديمة، وبنقص في المبلغ، وذلك من أجل ألا تنهبها المليشيا الحوثية، ولكي يتمكنوا من شراء لقمة العيش. 

- تمييز أحمق

المواطن خالد علي من أهالي إحدى مديريات تعز الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، قال للإصلاح نت: "نحن من يدفع ثمن هذا التمييز الأحمق بين الطبعة الجديدة والقديمة". وأضاف: "منذ عرفت نفسي ما قد سمعت أنه في فرق بين طبعة الفلوس الجديدة والقديمة، كلها فلوس، هي نفسها، لكن الحوثة اخترعوا لنا هذه الحكاية، فلوس قديمة وفلوس جديدة، الله ينتقم منهم".

وذكر أن "الفلوس المتداولة هنا (في مناطق سيطرة المليشيا) أغلبها باتت مقطعة، ولها رائحة تزكم الأنوف، ومع ذلك فرض علينا تداولها بالقوة".

واختتم حديثه: "والله ما عد دريت، هل أضحك وإلا أبكي من هذا الواقع".

- عمولة باهضة

وكان نشطاء تحدثوا أن المليشيا أجبرت البنوك والمصارف على التماهي مع قرار تداول الطبعة الجديدة من العملة في مناطق سيطرتها. 

وذكروا أن خدمات البنوك والمصارف تغيرت وفقا للإجراء الحوثي، فأصبح هناك فارق سعر وعمولات باهضة مقابل إرسال الحولات واستلامها، وهي مستجدات انعكست سلبًا على المواطن، وبات من الصعوبة بمكان تحويل المصاريف عبر البنوك والمصارف من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة المليشيا. 

وتقول المعلومات إنه "إذا أردت تحويل مبلغ 100 ألف ريال من منطقة محررة إلى مناطق سيطرة المليشيا فإن مقدار عمولة الإرسال 18 ألف ريال، بعد أن كانت 700 ريال فقط، قبل تطبيق منع تداول الطبعة الجديدة".

الناشطة سما المخلافي كتبت في صفحتها على الفيسبوك أن "ما يقوم به الحوثي من منع تداول العملة الجديدة في المصارف والبنوك سبّب ارتفاعا هائلا لعمولة الحوالات الداخلية في الوطن الواحد".

وأضافت: "إذا أردت إرسال أو استقبال حوالة من منطقة شرعية إلى منطقة الحوثي فعليك دفع عمولة كبيرة تضطر إلا الوقوف برهة كم سترسل وكم ستصل".

وأوضحت المخلافي أن "هذا هو واقعنا الحالي في اليمن وأخص في كلامي من منطقة المدينة (تعز ) التي تخضع لنطاق الشرعية إلى منطقة الحوبان (تعز) التي تخضع لسيطرة المليشيات الحوثية". وأكدت أن "الضحية المواطن البسيط دوما".

- سحب الطبعة القديمة

وعن الخطوة التي يجب أن تسلكها الشرعية لتخفيف الضغط على المواطنين في مناطق المليشيا، قال الكاتب الاقتصادي السامعي إنه "على السلطة الشرعية أن تعمد إلى بيع الغاز والنفط للمناطق التي تسيطر عليها المليشيا الانقلابية بالعملة من الطبعة القديمة، ومحاربة تهريبها إلى مناطق سيطرة الانقلاب، وإيقاف شركات الصرافة التي تعمل في سحب العملة من الطبعة القديمة وإعادتها إلى مناطق سيطرة الانقلاب بفارق عمولة يستفيد منه اللوبي الحوثي القاتل". 

تريد مليشيا الحوثي إشعار الناس بأنها مسيطرة على تلك المناطق -يرى السامعي- فهي بقوة تصرفاتها اللامسؤولة وسلطتها الهمجية تفرض سلطتها على النقود، فعلى مدى سلطتك العسكرية أنت تفرض سلطتك النقدية.

- ركود الشرعية سبب أيضا

الناشط جياز الغالبي كان له رأي آخر، حيث قال للإصلاح نت إن "الشرعية اليمنية تتحمل جزءا كبيرا من هذه المأساة التي يعيشها المواطن نتيجة منع المليشيا تداول الطبعة الجديدة".

وأضاف: "لولا حالة الضعف هذه والركود في الشرعية لما كان الانقلاب مستمرا، ولكانت صنعاء محررة".

ولفت إلى أن تأخر معركة التحرير لا يخدم إلا المليشيا الحوثية، ويشجعها على تجذير المشروع الحوثي النتن أكثر فأكثر، ويدفعها لتنفيذ إجراءات بشعة بحق المواطن المغلوب على أمره. 

ويقول خبراء اقتصاديون إن منع تداول الطبعة الجديدة من العملة خلق فارق صرف في مناطق سيطرة المليشيا بينها وبين الطبعات السابقة، وهكذا تأثرت الأسعار.

ويعتقد الخبراء أن العملة الوطنية ستمضي في التدهور، في حال بقاء اكثر من سلطة نقدية في البلد.

ويرون أنه على البنك المركزي أن يسحب العملة القديمة ويتحكم بالعملة الجديدة في السوق، لافتين إلى أن استمرار منع تداول الطبعة الجديدة له تأثيرات سلبية على العملة الوطنية.

ويؤكد الخبراء أن المواطن سيظل يدفع ثمنا باهظا من مدخراته، نتيجة لما تعرضت له العملة الوطنية من تدهور.

تثبت الحوثية، يومًا بعد آخر، أنها جماعة كهنوتية لا يهمها الإنسان اليمني ولا الصالح العام، ولا تفكر سوى بتجذير سوءتها ومصادرة الهوية اليمنية.

بقوة السلاح، تواصل المليشيا فرض إجراءت رعناء وضربات موجعة ومعادية للمواطن البسيط الذي لا يملك إلا أن يضاعف غضبه منتظرا لحظة الخلاص لوأد جائحة الموت الحوثية.

كلمات دالّة

#اليمن