الخميس 02-05-2024 22:38:12 م : 23 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أزمات بعضها فوق بعض.. هكذا يبدو رمضان "إب" في زمن الحوثيين

السبت 25 إبريل-نيسان 2020 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد الرحمن أمين

 

للعام السادس على التوالي يحل شهر رمضان في وضع أكثر سوءا وفي مشهد أكثر قتامة، جراء ما تشهده البلاد من حروب طاحنة ومتواصلة منذ أكثر من خمسة أعوام، خلفت مزيدا من الكوارث والأزمات، عانى المواطن وما زال يعاني مرارتها إلى الآن.

أكثر من خمسة أعوام والمأساة الإنسانية لا تزال مستمرة، إذ اعتاد الناس أن يستقبلوا رمضان في ظروف فقدوا فيها بهجة وروحانية هذا الشهر الفضيل، ليتحول من شهر أكثر روحانية واطمئنانا وهدوءا إلى شهر أكثر قسوة وبؤسا وشدة.

أزمات بعضها فوق بعض أثقلت كاهل المواطنين بفعل الانقلاب والحرب التي جلبتها المليشيات الحوثية لمختلف المحافظات اليمنية، وممارسات وتعسفات غيرت ملامح وسمات الشهر الكريم في محافظة إب وسط اليمن، ليبدو الشهر من خلالها حافلا بالشعارات وصور القتلى، مصحوبا باللعنات والشتائم ودعوات الموت والتحريض، وفرض خطباء محددين وخطب ومواضيع محددة، بديلة عن الذكر ورفع كلمة الله والتضرع إليه في أرجى لحظات القبول.

بوادر مجاعة

"سلطان.ح.ر" متزوج وعاطل عن العمل يتحدث عن الوضع في شرود ويقول: "هناك أسر استطاعت التكيف مع الوضع في رمضان رغم فقرها الشديد، ولكن هناك أسر عجزت عن الصمود وإخفاء الفاقة والفقر".

وعن المساعدات والمنح الرمضانية يقول سلطان: "المساعدات لا تصل إلى المستحقين أصلا، وإن وصلت فإنها وإن خففت شيئا من المعاناة إلا أنها لا تكفي لسد احتياجات الناس، فهناك أسر تنقصها أشياء أساسية غير أنها مستسلمة للأمر الواقع".

أما "عبد الرحمن حسين"، خريج جامعي وعاطل عن العمل، فيرى أن هناك بوادر مجاعة حقيقية، حد تعبيره، ويقول: "هناك بوادر مجاعة وكارثة إنسانية إذا استمر الوضع على ما هو عليه". ويضيف: "انعدام الدخل لدى الكثير من الأسر فاقم الأزمة وصاعد من حدتها وزاد الوضع سوءا".

ويؤكد عبد الرحمن أن الكثير من الموظفين الذين انقطعت رواتبهم يعيشون مجاعة وفقرا غير محتمل، خاصة أنه ليس لديهم مصدر دخل آخر يساعدهم على مجابهة الظروف الصعبة.

أزمات إضافية

من جهته "علي الصلاحي" وهو مدرس في إحدى المدارس الأهلية، والتي عادة ما يظل المتعاقد معها بدون راتب حتى بداية العام الدراسي، فيبدأ حديثه بتنهيدة غائرة ويقول: "أتطلع لكرم الله أولا ثم أن يراجع المسؤولون ضمائرهم، فيعيدوا لنا رواتبنا، فأكثر الأسر المحتاجة كان رب بيتها موظفا".

ويضيف علي: "المتضرر الأكبر من هذه الأزمة هم المستأجرون، الذين لم يعد همهم منحصرا على توفير لقمة العيش، بل أصبح توفير إيجار السكن هما وعبئا إضافيا". ويردف علي بالقول: "من الأسر القلائل التي كانت متحسنة الحال هي أسر المغتربين، لكن وفي ظل تفشي وباء كورونا وما نتج عنه من إجراءت وقائية كالحجر الصحي وانقطاعهم عن العمل، أضيفت هذه الأسر إلى قائمة المنكوبين".

مشاكل أصعب

وإلى جانب ما سبق ذكره، تشهد محافظة إب هذا العام أزمة خانقة لا تقل قساوة عن الأزمات الأخرى، تتمثل في انعدام مياه الشرب والاستخدام المنزلي، نتيجة توقف مؤسسة المياه عن العمل، بسبب ما تقول إنه شحة في الموارد المائية الجوفية، وعجزها عن توفير حلول عاجلة للمواطنين، الذين يضطر معظمهم للذهاب يوميا إلى المساجد بحثا عن المياه، ويفقدون ساعات من يومهم الرمضاني بالانتظار في صفوف طويلة أيضا، وإن كان قد لجأ البعض مؤخرا إلى استخدام مياه الأمطار التي تتساقط من أسطح المنازل.

ولا تتوقف مصاعب الحياة عند أبناء محافظة إب عند هذا الحد، فارتفاع أسعار المواد الغذائية، والخضروات، واللحوم، أدى إلى عزوف كثير منهم عن شرائها، واضطرار بعضهم لحلول بديلة كمشتقات الألبان والوجبات الشعبية المتواضعة ذات القيمة الغذائية الأقل، في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة سوء التغذية في أوساط السكان.

أزمة الغاز واحدة من أبرز الأزمات التي يعاني منها سكان محافظة إب، واستغلال مليشيا الحوثي لها، بل هي حاضرة وبقوة خصوصا مع حلول شهر رمضان المبارك وحاجة المواطنين لها.

وكالعادة منذ سنوات، يستقبل المواطنون في إب شهر رمضان -كما هو حال معظم المحافظات اليمنية- في طوابير طويلة بحثا عن الغاز مع ارتفاعات كبيرة في أسعاره، إذ يصل سعر الإسطوانة إلى مبلغ 8500 ريال.

تحذير

حذرت منظمة "سام" للحقوق والحريات من خطورة تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن، في ظل نقص شديد في التمويل لصندوق العمليات الإنسانية الخاصة، وخطر اضطرار الأمم المتحدة إلى تخفيض أو إغلاق 31 برنامجاً من أصل 41 من برامجها الأساسية في البلاد، وقد يؤدي هذا إلى عواقب كارثية إضافية للوضع الحالي الذي يعاني فيه ملايين اليمنيين من نقص في التغذية وانتشار الأمراض وغيرها.

يأتي هذا في الوقت الذي تعتمد فيه مئات الآلاف من الأسر على المساعدات الغذائية، وما تجود به الجمعيات والمنظمات الخيرية، في ظل انقطاع الرواتب وانعدام الدخل وارتفاع الأسعار وتوقف العجلة الاقتصادية وتدهور الأوضاع.

ويؤكد اقتصاديون أن مستحقات موظفي الدولة المتراكمة لدى مليشيات الحوثي منذ أغسطس 2016، وحتى نهاية مارس 2020، بلغت نحو 3 تريليونات و150 مليار ريال، بمعدل 75 مليار ريال شهرياً، وفقاً لمخصصات المرتبات والأجور للموازنة العامة للدولة.

ومنذ الربع الأخير من عام 2016، توقفت مليشيات الحوثي عن دفع رواتب موظفي الدولة والبالغة نحو 900 مليار ريال سنوياً، وتركت مليون و250 ألف موظف حكومي وأسرهم بدون رواتب.

نتائج وخيمة

ونتيجة للأزمة الخانقة، فقد أقدم -الأسبوع الفائت- شاب ثلاثيني يدعى "عبد الحليم مسعد أحمد" على الانتحار في قرية الرمادي مديرية فرع العدين بمحافظة إب.

وقالت مصادر إن الشاب متزوج ولديه 3 أطفال، ويعاني من وضع اقتصادي ومعيشي صعب للغاية، تزايدت معه معاناة الرجل الذي دخل في وضع نفسي سيئ قاده إلى الانتحار، في ظاهرة باتت تتكرر وبشكل مستمر.

ويستقبل اليمنيون رمضان هذا العام في ظل وضع تصفه منظمات الإغاثة الدولية بـ"المفزع والكارثي". وتقول الأمم المتحدة إن نحو 80% من اليمنيين يحتاجون للمساعدة الإنسانية، وإن ثلثي البلاد بلغت المرحلة التي تسبق المجاعة. وبحسب إحصائيات المكتب فإنه يوجد في اليمن حالياً 10 ملايين يعانون من الجوع الشديد، و7.4 ملايين شخص بحاجة لخدمات العلاج والتغذية، بينهم 3.2 ملايين بحاجة لعلاج سوء التغذية الحاد.

كلمات دالّة

#اليمن