الجمعة 29-03-2024 18:01:08 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإتجار بالأوبئة.. أرواح اليمنيين في مرمى عبث الحوثيين

السبت 28 مارس - آذار 2020 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص- اسامه الليث

   

استغلال معاناة اليمنيين من قبل الحوثيين بات أمراً مألوفاً، وبدأ هذا الاستغلال باحتكار المواد الغذائية، ثم البنزين والغاز المنزلي، وانتهى باحتكار المواد الطبية الواقية من فيروس كورونا، الأمر الذي قد يسهم في تفشي الفيروس حال وصوله إلى اليمن.

لذا يتابع المواطن اليمني تطورات ومستجدات المعركة بين دول العالم الكبرى وفيروس كورونا بقلق بالغ، متسائلاً عن مآلات الوضع في بلاده التي تعاني انهياراً شبه تام في القطاع الصحي، واحتمالية أن تكون نسبة الوفيات أعلى في اليمن بحسب مراقبين، نظراً لعدم كفاية خدمات الطوارئ والعناية المركزة وبالذات خارج المدن الكبيرة، بالإضافة إلى أن الضغط الذي سيتولد على المنشآت الصحية القليلة القائمة والذي سيؤدي إلى عدم قدرتها على معالجة الحالات الصحية الأخرى غير المتعلقة بفيروس كورونا.

حيث كشفت مصادر إعلامية مؤخراً أن اليمن لا يمتلك أكثر من 100 سرير خاص بالإنعاش والتنفس الصناعي، وهو رقم متدنٍّ للغاية مقارنة ببلدان أخرى، الأمر الذي يعني كارثة حتمية غير قابلة للتصور إن حدث تفشٍ للمرض، بالإضافة إلى أنه لا يوجد حاليا سوى ثلاثة أجهزة قادرة على فحص فيروس كورونا (في عدن، وصنعاء، والمكلا). ويمكننا تخيل ما الذي يمكن أن تقدمه ثلاثة أجهزة لعدد يقترب من الـ30 مليون مواطن.

منع المسافرين من ارتداء الكمامات:

في ظروف أقل ما توصف بأنها غير آدمية، وتعمل على تعرض المسافرين لمختلف الأمراض والأوبئة، نشرت مليشيا الحوثي نقاطاً مسلحة بين المدن والقرى الخاضعة لسيطرتها، وفي منافذ العبور إلى المناطق المحررة، بذريعة مواجهة فيروس "كورونا"، مستغلةً أزمة كورونا لفتح مورد مالي جديد لجمع مزيد من الأموال من جيوب المواطنين، بعد أن كشفت مصادر أن هناك توجيهات من وزارة الداخلية الانقلابية بإلزام نقاط التفتيش بإيقاف أكبر قدر من المواطنين وتجميعهم في مكان واحد، بداعي الحرص على مصلحتهم، بينما الهدف ابتزازهم ماليا، أو إجبارهم على التجنيد لمصلحتهم.

وبحسب مصادر محلية، فإن نقطة "عفار" التابعة للمليشيا في البيضاء تحتجز ما يزيد عن 3 آلاف مواطن، بينهم نساء وأطفال وعجزة بحُجة الحجر الصحي، والتأكد من خلوهم من كورونا.

وأظهرت مقاطع فيديو وضعاً هو الأسوأ على الإطلاق، يعيشه المواطنون المحتجَزون في ظروف مزدحمة وغير صحية، يفترشون البطانيات على الإسفلت وتحت الأشجار أو ينامون في سياراتهم بعد أن منعتهم المليشيات من العودة إلى منازلهم.

أم عادل تحدثنا بعد عودتها من فترة الحجز، التي فرضت على المسافرين القادمين الى صنعاء، قائلة: "لقد عشت أنا وعائلتي أياما من الرعب، في ظل بيئة غير صحية وفرها الحوثيون كحجر صحي أقل ما يقال عنه إنه لا يصلح حتى للحيوانات، حيث تم إيقافنا في البيضاء بحجة إجراءات التفتيش، ثم تم بعد ذلك حجزنا ومنعنا من مواصلة سفرنا تحت مسمى الحجر الصحي والخوف من انتشار فيروس كورونا".

تتابع أم عادل حديثها قائلة: "أعتقد أن الحوثيين لا يهمهم انتشار الوباء من عدمه، فقد اتضح لنا فيما بعد أن الأمر ليس بسبب هذه الإجراءات وإنما لاستغلال الناس وابتزازهم، فقد استطاع كثير من الأشخاص دفع مبالغ كبيرة للحوثيين مقابل السماح لهم بمواصلة السفر إلى صنعاء، ورأيتهم يقتادون عددا من الشباب إلى مكان مجهول بحجة الاشتباه بهم، وتردد أنهم سيذهبون بهم إلى الجبهات، كما أنهم منعوا المسافرين من ارتداء الكمامات بحجة التعرف على الوجوه، فضلا عن رفضهم أو اعترافهم بوجود ما يسمى كورونا، فقد كانوا يرددون على مسامعنا أنها أكذوبة وصناعة أمريكية لا يمكن أن تنطلي عليهم".

وقد أدان مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، في بيان صحفي، جرائم مليشيا الحوثي بحق آلاف المواطنين المسافرين من المدن اليمنية نحو صنعاء تحت مسمى "الحجز الطبي".

وأشار إلى أن المليشيات تحتجز العشرات من المواطنين في نقطة عسكرية خارج مدينة البيضاء منذ قرابة الأسبوعين، وفي ظروف غير آدمية وتعمل على تعريضهم لمختلف الأمراض والأوبئة.

وقال البيان "تم توثيق شهادة المواطنين ممن تعرضوا لإهانات مباشرة ومتعمدة بأبعاد سياسية ومناطقية، وأن مسلحي المليشيا يعمدون إلى ابتزاز المسافرين ماليا بحجة مكافحة أمراض فيروس كورونا".

وقال المركز إن الخشية الآن أكثر من أي وقت مضى من انتشار الأوبئة، خصوصا فيروس كورونا، بسبب سوء الإجراءات التي تمارسها مليشيات الحوثي، وتعمدها الإساءة إلى مئات المواطنين، فقط لقدومهم إلى صنعاء من مناطق أخرى تقف ضد الحركة، فضلا عن عدم وجود أي جدية في الكشف عن المرض أو توافر الإمكانات.

ولفت المركز إلى أن معلومات مؤكدة في صنعاء أفادت بإغلاق أهم أقسام مستشفيات العاصمة، منها أقسام الولادة وأمراض النساء، بحجة انعدام المياه في هذه المستشفيات، فضلا عن تعمد الإدارة التابعة للحوثيين نشر معلومات مضللة، منها إخفاؤها كل أنواع الدعم المقدم من المنظمات الدولية، في مقدمتها برامج الأمم المتحدة.

وطالب المركز منظمة الصحة العالمية بالإشراف الكامل على مناطق الحجر الصحي، وتشكيل فرق عمل محايدة تخضع لمعايير السلامة الحقيقية وتنأى بها عن سبل الابتزاز المالي والسياسي الذي تقوم به مليشيا الحوثي.

وقال المركز "نتوقع انفجار كارثة حقيقية خلال الفترة المقبلة، بسبب هول ما تخفيه جماعة الحوثي في مجال الصحة المنكوبة، وعلى المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن سرعة إنقاذ اليمن من الكارثة الموشك حدوثها".

توقع انفجار في الحالات:

 عبر رئيس فريق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأخطار المعدية، عبد النصير أبو بكر، لشبكة CNN عن قلقه من نقص حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد المبلغ عنها في سوريا واليمن، مضيفًا "قد نتوقع انفجاراً في الحالات".

وأوضح أبو بكر أن غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الشرق الأوسط تتعلق بالسفر إلى إيران.

وذكرت مصادر أن مليشيات الحوثي ألزمت مكتب منظمة الصحة العالمية بصنعاء بتكرار تصريحات تفيد بخلو اليمن من فيروس كورونا، وهددت العاملين في قطاع الصحة، كما ألزمت قاعات الأعراس بإغلاق أبوابها بعد الوفيات الثلاث وأغلقت الحدود بين مناطقها ومناطق الشرعية، كما أنهت العام الدراسي، وقالت إنها تستعد لرش شوارع العاصمة بمبيدات ومعقمات بعد تأكدها من وصول الفيروس إلى صنعاء.

ولكن ما تزال التجمعات مستمرة وخاصة أسواق القات، ولم تقدم المليشيات على منعها، كما لم تمنع صلاة الجمعة أو الحشود والفعاليات الموالية لها.

مع العلم أن السنوات الماضية شهدت تفشي حالات الكوليرا في صنعاء، وانتقل المرض بعدها إلى أغلب مناطق اليمن، وفي الأشهر الأخيرة انتشر فيروس إنفلونزا الخنازير أيضاً وظهرت عشرات الحالات.

هم الوباء الذي لا بد أن نحاربه حتى ننعم بالسلام:

تعامل الحوثيين مع المسافرين يكشف حقيقة توجههم، وحرصهم على نشر الوباء في كل أنحاء اليمن، دون أي مراعاة أو احترام للقوانين الدولية والإنسانية، ففي نقطة حيفان تم حجز المسافرين، وتحدث البعض منهم عن استغلال الحوثيين لهم وكيف تم السماح لهم بالمرور بعد أن قاموا بدفع مبلغ قدره كذا وكذا.

إبراهيم أحد الذين تم احتجازهم في نقطة حيفان قال: "بعد مرور ساعات على وصولي إلى نقطة حيفان ومنعي من مواصلة السفر للراهدة، عرفت بأنه كان يجب علي دفع رشوة للحوثيين حتى أستطيع المرور، بعد أن رأيت البعض يمر بسلام، وفعلا هذا ما تم، فبعد مفاوضات حول المبلغ الذي يجب علي دفعه لهم، والذي استطعت أن أخفضه إلى مئة ألف ريال سمحوا لي بمغادرة النقطة ومواصلة السفر".

وأضاف: "هل هناك ابتزاز وحقارة أكثر من عمل الحوثيين هذا؟ في بلادي، ولا أبعد عن منطقتي سوى بضع خطوات، ومع ذلك لا أستطيع العبور إليها إلا بدفع المبلغ الذي يحدده المسيطرون على نقطة التفتيش، والله إنني شعرت بالظلم والقهر، وزاد يقيني بأن الحوثيين هم الوباء الذي لا بد أن نحاربه حتى ننعم بالسلام".

من جانبه، علق وزير الإعلام معمر الإرياني على احتجاز الحوثيين للمواطنين في نقاط التفتيش قائلا: "تتذرع المليشيا الحوثية بفيروس كورونا لإشباع نزعاتها الانتقامية، وممارسة المزيد من الإذلال لليمنيين، وتصفية حساباتها مع المناطق الرافضة لمخططها الانقلابي، كما حدث مع منع تنقل المواطنين والسلع والبضائع بين المحافظات وتشديد الحصار على محافظة ومدينة تعز".

وفي تصريحه لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أوضح الوزير الإرياني ‏أن مرتزقة إيران يتخذون من فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية لمواجهته مبررا لتنفيذ أحكامها العرفية على المواطنين، وتشديد قبضتها الأمنية وتقييد الحريات والتضييق على حركة المدنيين بين المحافظات، وتحويل مناطق سيطرتها إلى سجن كبير في استغلال بشع وقبيح لهذا الوباء العالمي.

وأشار ‏إلى تناقض مليشيا الحوثي الصارخ، ففي الوقت التي تتحدث فيه عن إجراءات احترازية لمواجهة فايروس كورونا، تحشد كل يوم المواطنين بالترغيب والترهيب لعقد اللقاءات والتنظيم لإحياء فعالياتها السياسية والدينية والتحشيد لجبهات القتال في مختلف المحافظات بمناطق سيطرتها.

استغلال الحوثيين لإعادة تشغيل مصنع الغزل:

شهدت الأسواق انعداماً شبه تام للكمامات والمطهرات، وإن وجدت هذه الأخيرة، فإنها تباع بأسعار تزيد بنسبة 200%.

ويعتقد كثيرون أن هناك احتكاراً لهذه المستلزمات الطبية الواقية من فيروس كورونا من قبل الحوثيين في المرحلة الراهنة، وإذا ما وصل الفيروس ستخرج للبيع في السوق السوداء.

أحد الصيادلة يحدثنا بأنه "تم شراء الكمامات من جميع الصيدليات، وإلى حد الآن لم نستطع الحصول على الكمامات، وتعلل وزارة الصحة ذلك بنفاد الكميات، بينما تتواجد لدى بعض الصيدليات وتباع بأسعار خيالية".

وأضاف: "أتوقع مع افتتاح مصنع الغزل والنسيج أن يتم استغلال حاجة الناس للكمامات وبيعها لهم بالسعر الذي يحدده تجار السوق السوداء، خاصة أن وزير الصناعة والتجارة طالب التجار وأصحاب الصيدليات بالتوجه للمصنع لشراء الكمامات وتوفيرها للناس في الأسواق".

وباء كورونا يمثل هدية للحوثيين:

ناشد عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب التي تخوضها الحكومة الشرعية بدعم دول التحالف ضدّ المليشيات، مستغلا تفشي وباء كورونا حول العالم.

ويرى مراقبون أنّ مليشيا الحوثي تلجأ دائماً للمجتمع الدولي والأمم المتحدة لإنقاذها من هزائمها أمام الجيش الوطني والحكومة الشرعية.

وعلى صعيد متصل، أكد معهد الشرق الأوسط الأمريكي أن وباء كورونا يمثل هدية للحوثيين الذين يبحثون دائما عن فرص لإثبات رواياتهم التي تربط تدخل التحالف العربي في اليمن بالأزمة الإنسانية في البلاد، ويعفون أنفسهم من المسؤولية.

وشدد المعهد الأمريكي على أنه "يجب منع استغلال الفيروس لأغراض سياسية على الفور، إلى جانب التوسع العسكري للحوثيين، وإلا فإن اليمن والمنطقة برمتها سيجدون أنفسهم في أزمة لا يمكنهم احتواؤها".

وأشار التقرير إلى أن التدابير التي اتخذها الحوثيون بشأن كورونا أفضل من لا شيء، إلا أن التنفيذ لم يدم طويلاً، حيث لا يؤمن العديد من السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم بمؤسسة الحوثي، وقد فشل الحوثيون في التعامل مع العديد من الأوبئة السابقة على مدى السنوات الخمس الماضية، بل واستغلوا الوضع من خلال منع المساعدات واللقاحات من الوصول إلى المستفيدين المستهدفين.

وقال التقرير إنه "لا يوجد سيناريو تستطيع فيه دولة مثل اليمن -ذات موارد محدودة، وبنية تحتية ضعيفة، ونقص حاد في المياه- أن تنجو من هذا الوباء". 

وقال إنه "نظرا لافتقار الحوثيين إلى القيادة وميلهم لتأييد نظريات المؤامرة، فإنه يجب على منظمة الصحة العالمية تطبيق توصياتها الآن لمساعدتهم على مكافحة هذا الوباء العالمي".

كلمات دالّة

#اليمن