الخميس 18-04-2024 16:37:11 م : 9 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المسيرة الطائفية.. لماذا أغلق الحوثيون مدارس تحفيظ القرآن الكريم بعد تفجير بعضها؟

الخميس 26 مارس - آذار 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص- اسامه الليث

  

يعمل التمرد الحوثي على تغيير وعي الناس في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وذلك عبر أسلوب ممنهج، لاستحداث جيل يؤمن بمدرسة ولاية الفقيه، وأصبحت مدارس تحفيظ القرآن الكريم مستهدفة من قبل ما تسمى المسيرة القرآنية، التي ألغت الميزانية المخصصة لها، واستولت على المباني الخاصة بها، واختطفت حفظة القرآن ومعلميه، باعتبار أن من يقف وراءهم يخالفون ما يسمونه "القرآن الناطق" الذي يرى أن القرآن تغير، الأمر الذي أدى إلى تقليص دورها الفاعل والإيجابي في المجتمع، وتقليص عدد حفظة كتاب الله عز وجل خلال السنوات الخمس الماضية.

حفظ القرآن الكريم تهمة ترقى إلى مستوى تخابر:

كان الانضمام لمدرسة تحفيظ القرآن الكريم شرف ورفعة، فتحول الأمر في عهد المسيرة القرآنية إلى تهمة فساد وتغيير للفكر والعقيدة، حتى وصل الأمر بالأهالي إلى منع أبنائهم من الالتحاق بالمدارس خوفا من أنصار المسيرة القرآنية التي تقوم بتصنيفهم على أنهم عملاء ومرتزقة.

تحدثني أم عبد الله أن الأهالي في الحارة التي تسكن فيها قاموا بفتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خاصة بالنساء، وتطوعت عدد من الحافظات بتدريس النساء، لكن هذه المدرسة لم تستمر طويلا، حيث قام الحوثيون بإغلاقها بحجة أنها تقوم ببث أفكار تنافي الدين وتضر بالوطن، فقامت إحدى المدرسات بتخصيص غرفة في منزلها لغرض تدريس النساء، فتم محاربتها واستدعاؤها من قبل الحوثيين عدة مرات للاستجواب، ثم قاموا بنشر الشائعات حولها بغرض تشويه سمعتها مما اضطرها إلى ترك التدريس.

الطالبة هديل تحدثنا هي الأخرى بحسرة قائلة: "كنت قد تجاوزت في حفظي للمصحف عشرة أجزاء، وكنت سعيدة جدا ومنتظرة اليوم الذي سأختم فيه المصحف، لكن الحوثيين حرموني من متابعة حفظ كتاب الله وحرموا كثيرا من صديقاتي من هذا التنافس العظيم".

وأضافت: "والله أننا أصبحنا نخاف من الإفصاح عن رغبتنا في متابعة الحفظ، فهناك زينبيات في حارتنا يرصدن كل كلمة تخرج من أفواه النساء في الحارة، وأنا أستغرب كيف يسمون أنفسهم المسيرة القرآنية وهم أعداء للقرآن وحافظ القرآن".

إلغاء الشهادة الثانوية التكميلية:

عبرت قيادات تربوية عن استيائها البالغ مما وصفتها بالهجمة الشرسة التي تتعرض لها مدارس تحفيظ القرآن الكريم من قبل وزارة التربية، بهدف تهميشها وتحجيم دورها الخير في المجتمع.

وأكدت القيادات أن الخطوات التي اتبعتها الوزارة الحوثية إزاء مدارس التحفيظ قلصت من تأدية دورها على أكمل وجه، حيث قامت بنقل عدد كبير من مدرسيها إلى مدارس التعليم العام بحجة الاحتياج إليهم، مما أدى إلى تسرب كثير من الطلاب نتيجة خلوها من المدرسين، وانعدام الدعم المالي لمدارس القرآن الكريم، فالوزارة لم تعتمد موازنة تشغيلية لها باستثناء ما تجود به أثناء الامتحانات على شكل مكافآت.

كما قامت الوزارة بحذف مواد الفقه والحديث والسيرة النبوية من المنهج، ثم تبعها إلغاء الشهادة الثانوية التكميلية، التي كان يحصل عليها خريج هذه المدارس، وبموجبها يلتحق بالجامعة، واستبدالها بشهادة "إفادة حافظ" التي لا تتيح للطالب التسجيل في الجامعة.

إغلاق أكثر من عشر مدارس لتحفيظ القرآن الكريم:

لعل أول عمل قامت به المليشيات بعد انقلابها، هو إغلاق وتفجير مراكز تحفيظ القرآن الكريم في المناطق الخاضعة لسيطرتها ، كما حرصت -من خلال وزارة التربية الحوثية- على تحويل ما تبقى من هذه المدارس إلى محاضن طائفية لتجنيد الطلاب للقتال، وتنفيذ دورات تعبوية، وإصدار التعميمات المفخخة لخدمة أجندتها الهادفة لمسخ الهوية اليمنية.

يحدثنا عاقل حارة أغلقت فيها مدرستان لتحفيظ القرآن الكريم قائلا: "المسيرة القرآنية التي ظاهرها الصلاح والتدين، وباطنها التحزب والتطرف والطائفية تأتي لخدمة غرس ولاية الفقيه في أذهان الناس، وجعلها أمرا واقعا".

وأضاف: "في حارتنا أغلق الحوثيون مدرستين لتحفيظ القرآن الكريم واعتقال المدرسين، وعندما اعترض الأهالي برروا عملهم هذا بأن المدرسين من الشواذ، وأنهم يلقنون الأولاد أفكارا تدعو إلى انحرافهم، مع أن المدرسين الذين تم اعتقالهم من شباب الحارة المشهود لهم بالصلاح، وبعد عملهم هذا قاموا بفتح المدرستين مرة أخرى ورفدها بمدرسين حوثيين قاموا بتغير المنهج بآخر فيه من التحريف الكثير، وتدريس ملازم حسين الحوثي".

وتابع: "معظم الآباء أخرجوا أبناءهم من المدرسة، وعندما شعر الحوثيون بأن هدفهم لم يتحقق، أصبحوا يقومون بكثير من الفعاليات التي تقدم فيها جوائز مغرية للأولاد بغرض جذبهم، هذه الفعاليات تتخللها أنشطة من ضمنها البحث في ملازم حسين الحوثي عن عبارات قالها تتحدث عن ولاية الفقيه، مع إعطائهم هذه الملازم التي قاموا بطباعتها وتوزيعها على الأولاد، والجائزة مبلغ مالي يعتبر كبيرا، إذ يصل إلى عشرين ألف ريال".

أما الموجهة "س.ع" فتقول: "كانت مراكز ومدارس تحفيظ القرآن الكريم تقوم بدور مهم في تربية جيل يسعى لخير دينه ودنياه وصلاحهما، و تقوم بتخريج حفظة من الجنسين بالإمكان الاستعانة بهم في تدريس القرآن وتعليمه مستقبلا، فهناك حافظات لكتاب الله يقمن بدور مهم في المجتمع وهن مؤهلات على أعلى المستويات، ومنهن من تجيد تدريس القرآن على القراءات العشر، ومن الغبن أن يتم محاربة هذه المدارس من قبل وزارة التربية والتعليم الحوثية، وتقوم بإغلاق أكثر من عشر مدارس خاصة بالفتيات في مديرية السبعين وحدها وتسريح الطالبات منها".

واختتمت حديثها متسائلة: "لمصلحة من يتم إغلاق مدارس تحفيظ القرآن الكريم؟ ومن المستفيد من وراء إنشاء جيل لا يحفظ القرآن الكريم، ونحن في أمس الحاجة إلى تثبيت القيم الإسلامية، ومواجهة التغريب؟".

تدريس الملازم كبديل عن القرآن الكريم:

منعت مليشيات الحوثي تعليم القرآن الكريم في عدد من مدارس التحفيظ بمحافظة إب في ظل انتهاكات يومية تمارسها المليشيات بمختلف مديريات المحافظة الخاضعة لسيطرتها منذ أكثر من خمس سنوات.

وقالت مصادر محلية إن المليشيات منعت تدريس القرآن الكريم في مديرية الرضمة. وأضافت أن "عبده صالح البحش" مشرف المليشيات الحوثية بمربع "كحلان" بمديرية الرضمة أبلغ معلمات تحفيظ القرآن الكريم بقرية "ذي أعلال"بمنع تدريس القرآن الكريم.

وأفادت المصادر بأن "البحش" عرض على مدرسات التحفيظ الاستمرار في التدريس، لكن من ملازم حسين الحوثي، وتدريس ما يطلب منهن عبر قيادات حوثية في المنطقة.

السطو على مبنى إدارة التحفيظ وطرد موظفيه:

أصبح من الواضح أن للحوثيين مشروع واضح وظاهر للعيان، وهو حوثنة اليمن وصبغه بالصبغة الطائفية المذهبية وفقًا لولاية الفقيه، فقد كشفت مصادر أن الحوثيين اختطفوا أكثر من 300 حافظ للقرآن الكريم في أمانة العاصمة، وأغلقوا 250 مدرسة لتعليم القرآن الكريم، وقاموا بسحب جميع مناهج مدارس تحفيظ القرآن الكريم من المدارس، بحجة أنها مناهج تخدم دول العدوان.

وفي سياق متصل، أصدرت المليشيات توجيهات إلى جميع مدارس التحفيظ في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تقضي بإضافة حصة دراسية تحث على الجهاد ضد دول التحالف.

من جانبه، اتهم مدير إحدى مدارس التحفيظ وزارة التربية الحوثية بالتضييق على مدارس التحفيظ بسبب تبنيها الوسطية والاعتدال وبث روح الإخاء والألفة وتعميق الولاء الوطني في نفوس النشء، في وقت تشجع فيه ضمنيا المدارس التي تتبنى الغلو والتطرف والإرهاب.

واعتبر إغلاق مدارس في عدد من أحياء العاصمة ومصادرة مبنى الإدارة العامة للتحفيظ والاستغناء عن مدير مدارس التحفيظ بالأمانة وطرد موظفيه وتسليمه كليا للإدارة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار دليلا على إقصاء وتهميش لهذه المدارس وحرب علنية ضد تعليم القرآن الكريم.

واعتبر أن السطو على مبنى إدارة التحفيظ وطرد موظفيه إجراء جائر ومخالف للدستور والقانون العام للتربية والتعليم.

كما أشار إلى أن وزارة التربية استولت مؤخرا على أربعة مبان شيدها محسنون كملاحق تابعة للمساجد، وأوقفوها لمدارس التحفيظ، وحولت إلى مدارس تعليم نظامي.

كلمات دالّة

#اليمن