الجمعة 19-04-2024 04:33:50 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون والاحتفال بعيد الغدير (1)

الجمعة 08 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ زايد جابر

  

يصر البعض على أن الحوثيين قد تخلوا عن مذهبهم الهادوي وأصبحوا شيعة اثناعشرية، وأن الأمر لم يعد مجرد إعجاب وتأييد للخميني وحزب الله، وإنما اعتناقاً لمذهبهم، مستدلين على ذلك بما يقوم به الحوثيون من إحياء للمناسبات الشيعية، كما يفعل الشيعة الإمامية في إيران وغيرها، ومن ذلك الاحتفال بعيد الغدير، ومأساة كربلاء، وشعار الصرخة، فهل إحياء هذه الشعائر دلالة على تحول الحوثي عن مذهبه؟ وما علاقتها بالمذاهب الشيعية؟ ومتى بدأ الهادوية بالاحتفال بعيد الغدير؟ وما موقف ثوار سبتمبر من إحياء هذه المناسبة السلالية؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في عدد من المنشورات

 

عيد الغدير

عيد الغدير عند الشيعة هو يوم الولاية للإمام علي، ويصادف يوم 18 من ذي الحجة من كل عام، أما من الأحاديث فإن أقوى دليل يورده الشيعة –بكافة طوائفهم- هو حديث الغدير "من كنت مولاه فعلي مولاه"، وهو حديث مروي عند أهل السنة أيضاً، ولكنهم لا يرون فيه أية دلالة على الولاية السياسية بل إن الإمام علي نفسه لم ير فيه أية دلالة على أحقيته بالحكم، ولم يستدل به حتى وفاته بحسب روايات الشيعة أنفسهم.

 

أولاً: الاحتفال بالغدير عند الشيعة الاثنا عشرية

على الرغم من أن حديث الغدير هو عمدة الشيعة في ولاية الإمام علي وقد بدأ حديثهم عنه مع بداية نشوء المذهب، إلا أن الاحتفال بهذا اليوم بطقوس معينة لم تبدأ الا في عهد البويهيين، الذين ظهروا في العصر العباسي الثالث الذي امتد من سنة 334هـ /946م. إلى سنة 656هـ/1258م. وكان عصر ضعف وتدهور الخلافة العباسية؛ حيث فقد الخليفة العباسي صلاحياته ولم يعد يملك من الأمر شيئاً، وسيطر البويهيون على الحكم وتملكوا بغداد وتزايد نفوذ الشيعة، حيث كان البويهيون يعتنقون التشيع وكانوا في بداية أمرهم زيدية ثم تحولوا إلى شيعة غلاة، وابتدعوا بدعاً ليس لها إثارة من علم من كتاب أو سنة كالاحتفال بعيد الغدير وعاشوراء (انظر على سبيل المثال تاريخ الإسلام للذهبي 11/26، وتاريخ ابن خلدون، 3/522).

ويرى المؤرخون أن هذا العيد ابتدعه بالتحديد معز الدولة علي بن بويه سنة 352، قال النويري في "نهاية الإرب في فنون الأدب" ج1 ص 177 في ذكر الأعياد الإسلامية: وعيد ابتدعته الشيعة وسموه عيد الغدير، وسبب اتخاذهم له مواخاة النبي -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب يوم غدير خم، والغدير: تصب فيه عين وحوله شجر كبير ملتف بعضها ببعض، وبين الغدير والعين مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجة؛ لأن المؤاخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة وهي حجة الوداع، وهم يحيون ليلتها بالصلاة ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبر الأجانب والذبايح. وأول من أحدثه معز الدولة أبو الحسن علي بن بويه على ما نذكره -إن شاء الله- في أخباره في سنة 352، ولما ابتدع الشيعة هذا العيد واتخذه من سننهم عمل عوام السنة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة 389 وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيام وقالوا: هذا يوم دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغار هو وأبو بكر الصديق، وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران. ا ه‍. وقال المقريزي في الخطط 2 ص 222: عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم، وأول ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه فإنه أحدثه سنة 352 فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا. ا ه‍. ويتفق معهم مؤرخو الزيدية، حيث يقول العلامة أبو طالب الحسني حسام الدين محسن بن الحسن بن القاسم: "واول من سن نشر الأعلام، ووضعها بهذا اليوم في أعالي الدور والآطام معز الدولة بن بويه" (في كتابه طيب اهل الكساء ، تحقيق عبدالله محمد الحبشي باسم (تاريخ اليمن عصر الاستقلال العثماني الاول)، مطابع المفضل للأوفست ،صنعاء ،طبعة اولى 1411ه ــ1990م، ص88 ).

ومنذ ذلك الحين تزايد اهتمام الشيعة الاثنا عشرية بعيد الغدير، وازداد اهتمامهم أكثر في العصر الحديث خصوصاً بعد نجاح (الثورة الإسلامية) في إيران عام 1979م.

لقد اهتم علماء الشيعة الاثنا عشرية بكل ما يتعلق بالغدير وهو ما جعلهم يجمعون كل شاردة وواردة متعلقة بهذا الحديث، حتى أن الشيخ عبدالحسين أحمد الأميني النجفي - من علماء الشيعة- أخرج سفراً كبيراً في ستة عشر مجلداً تحت عنوان "الغدير في الكتاب والسنة والأدب"، كما أن عيد الغدير أصبح في اعتقادهم أهم من عيدي الفطر والأضحى، وهذا ليس مجرد اعتقاد شعبي يروج بين عوام الشيعة وإنما اعتقاد ديني يفتي به كبار علماء ومراجع الشيعة المعاصرين (انظر على سبيل المثال فتوى آية الله السيستاني والتي كانت إجابة على سؤال ورد إليه على النحو التالي:

هل يعتبر (عيد الغدير) أكبر وأعظم شأناً من عيدي الفطر والأضحى كما هو متداول بين العديد من الشيعة؟ وما هي الروايات المحققة التي تسند هذا الرأي؟

الجواب:

نعم هو أعظم الأعياد بعد المبعث النبوي الشريف لقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، وللروايات الكثيرة الواردة في كتب الفريقين" استفتاءات السيد السيستاني السؤال رقم 1889 ، ج1 ، ص479 .