الخميس 28-03-2024 14:01:06 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المؤتمر في السلطة والثورة والانقلاب..

الجمعة 08 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 02 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ محمد المقبلي الحلقة الثانية (2-3)

 

تأسس المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م، ويرأسه رئيس الجمهورية السابق (علي عبد الله صالح) منذ تأسيسه حتى الآن، وهو الحزب الحاكم في الجمهورية العربية اليمنية (الشطر الشمالي) منذ 1982م حتى 1990م سنة قيام دولة الوحدة اليمنية.

 

المؤتمر في دولة الوحدة

 

صعد المؤتمر الشعبي إلى الحكم بشكل علني عن طريق الانتخابات التي تلت الوحدة اليمنية، بالرغم من تشكيل ائتلاف حاكم في المرحلة الانتقالية، إلا أن حصة المؤتمر كانت الأكبر خصوصاً أن رئيس الدولة هو رئيس الحزب في تلك المرحلة وما بعدها.

 ويرى المراقبون أن الحزب الحاكم كان بعد الوحدة اليمنية في حاجة إلى التفاف جماهيري، فدخل في ائتلاف حكومي مع أهم حزبين سياسيين هما الاشتراكي والإصلاح، ثم تحالف أثناء الحرب وبعدها مع الإصلاح لمحاربة الاشتراكيين، وبعد الانتخابات الرئاسية وفوزه بالأغلبية المطلقة لم يعد يجد تهديداً لا في الإسلاميين ولا في الاشتراكيين، ففي 23 سبتمبر/ أيلول 1999 أعيد انتخاب علي عبد الله صالح للرئاسة بنسبة 96.3% من الأصوات ليكمل 21 عاما أمضاها في السلطة.

 تقاسم المؤتمر الشعبي السلطة مع الحزب الاشتراكي اليمني من تاريخ قيام دولة الوحدة في مايو 1990م حتى 27 أبريل 1993م؛ حيث أجريت أول انتخابات نيابية في الجمهورية اليمنية (دولة الوحدة)، وحصل فيها على 123 مقعداً من إجمالي مقاعد مجلس النواب البالغ عددها (301) مقعد.

 شارك في حكومة ائتلاف ثلاثية مع التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني عقب هذه الانتخابات حتى صيف عام 1994م، حيث اندلعت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.

 بعد انتصاره في الحرب شكل حكومة ائتلاف ثنائية مع شريكه في الحرب والانتصار "التجمع اليمني للإصلاح" استمرت من يوليو 1994م حتى إبريل 1997م تاريخ إجراء ثاني انتخابات نيابية في البلد، وقد حصل فيها المؤتمر الشعبي العام على 226 مقعداً؛ أي ما نسبته 75 %، ومنذ 1997م شكل المؤتمر منفرداً خمس حكومات متتالية.

 

تركيبة سلطة المؤتمر

 

في المراحل التي كان فيها المؤتمر حزباً حاكماً كانت التركيبة السياسية والاجتماعية للمؤتمر -كحزب حاكم- تعبر عن تركيبة السلطة على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الاجتماعي، وبحسب المناصب العليا التي كان المؤتمر يستحوذ عليها وكذا أعضاء البرلمان عن المؤتمر كحزب حاكم يكاد التمثيل الشعبي الواسع يكون غائباً في تركيبة ممثلي المؤتمر في السلطة التنفيذية والتشريعية، حيث تبرز الفئوية الطبقية وخصوصاً الطبقة الاجتماعية من المشائخ الذين سيطروا على النسبة الأعلى من التمثيل البرلماني للمؤتمر، وسيطر أقارب ذات الطبقة على السلطة المحلية من خلال ما عرف بالمجالس المحلية أو الحكم المحلي واسع الصلاحيات.

 والمراقب لمسلك حزب المؤتمر في السلطة يلاحظ أن التركيبة السياسية للحزب كانت تتسم بالتماهي والتداخل مع الجهاز التنفيذي للدولة من جهة ومع التركيبة القبلية للمجتمع اليمني من جهة أخرى، وفي إطاره يجمع المؤتمر الشعبي خليطاً من الأفكار والإيديولوجيات الإسلامية والقومية واليسارية، إلا أن التمثيل الفكري كان ضئيلا مقارنة بالتربيطات مع الهرم الأعلى للسلطة الذي يحدد ممثلي المؤتمر في المناصب العليا وفي أغلب الدوائر البرلمانية.

 على الرغم من انعقاد المؤتمرات العامة لحزب المؤتمر وتفعيل الأنشطة الحزبية إعلامياً إلا أن القرار الفردي للرئيس السابق صالح كان المتحكم الأبرز بسياسات وتوجهات المؤتمر أكثر من كون المؤسسة التنظيمية والسياسية هي من تصنع القرار، وبالتالي لم تبرز قيادات مؤتمرية فاعلة ومؤثرة بقوة في قرارات المؤتمر إلى جوار صالح، وهو ما اتضح أثناء نقل السلطة سلمياً في ثورة الشباب أن خيوط المؤتمر وربما خيوط السلطة ظل العديد منها بيد صالح حتى بعد تنحيه بفعل ثورة الشباب التي مهدت لمرحلة انتقالية جديدة بدأت بالمبادرة الخليجية.

 

المؤتمر بين رؤيته الذاتية ورؤية المعارضة السابقة له

 

من خلال خطابات المؤتمر الشعبي العام وأدبياته يقدم ذاته تنظيماً وسطياً، ويرى أنه بخلاف الأحزاب الإيديولوجية الأخرى لم تكن نشأته استجابة لإيديولوجيات وأفكار وافدة من خارج الواقع اليمني، وترى فيه أحزاب المعارضة أثناء فترة حكمه أنه – كبقية الأحزاب الحاكمة في العالم العربي – مولود من رحم السلطة ويرتبط وجوده بوجود الرئيس علي عبد الله صالح في سدة الرئاسة وكانت تتهمه هذه الأحزاب بالفساد والسيطرة على مقدرات الدولة والتسلط في إدارة شؤون البلد، كما تتهمه بإفساد الحياة السياسية من خلال تضييقه للهامش الديمقراطي وسعيه المستمر لتفريخ أحزاب تدين له بالولاء.

 

  وكانت تتهم أحزاب تكتل "اللقاء المشترك" حزب المؤتمر الشعبي العام بأمور منها:

 

 ـ الهيمنة على مجريات الحياة السياسية عن طريق تضييق الهامش المتاح لأحزاب المعارضة.

  ـ العمل المستمر على تفريخ أحزاب تدين له بالولاء والطاعة.

  ـ اختراق أحزاب المعارضة بغية إضعافها وخلق الانقسام في صفوفها والحيلولة دون ممارستها لدور سياسي يقلص دور المؤتمر الشعبي العام في إدارة الحياة السياسية اليمنية.

 ـ السيطرة على اللجنة العليا للانتخابات والعمل على أن تكون نتائج أية انتخابات لصالح المؤتمر الشعبي العام.

  ـ تعديل قانون الانتخابات بحيث يتم تجميد مشاركة الأحزاب السياسية وإلغاء التمثيل المتوازن للقوى والتيارات السياسية المختلفة وبطريقة تتضمن مزيداً من الهيمنة التي يمارسها المؤتمر الشعبي العام في إدارة العملية الانتخابية.

 

المؤتمر كنظام حاكم في وثيقة الإنقاذ الوطني

 

في تقديري ان أهم رؤية سياسية قدمت تشخيصاً سياسياً جيداً للحزب الحاكم كانت وثيقة الإنقاذ الوطني التي قدمها اللقاء المشترك وشركائه في سنوات الغليان السياسي وهي سنوات ما بعد الانتخابات الرئاسية وما قبل الثورة الشبابية الشعبية السلمية.

 مالت الوثيقة في تشخيص جذر الأزمة السياسية إلى اختزالها في النظام الفردي المشخصن على الرغم أنها لم تشر إلى النظام العصبوي العائلي وجذوره الجهوية.

  وردت في الوثيقة نصوص تحدثت عن الآثار التي أنتجها "استمرار الحكم الفردي وعصبوية الدولة المشخصنة"، وأشارت إلى "استعادة السلطة الفردية ـ وبصورة ممنهجة ـ هيمنتها الاستبدادية".

 

 أرجعت الوثيقة توجهات الدولة إلى "رغبات وأمزجة الفرد" باعتباره "المحور الذي تدور حوله مختلف السياسات والتوجهات"، ومضت الوثيقة في إرجاع جذر الأزمة إلى "الحكم الفردي الذي وضعت ثروات وموارد البلاد كلها في خدمة تعزيز تسلطه وتملكه للسلطة والدولة"، وهو "ما أفضى إلى حالة من الشخصنة للدولة والسلطة والنظام"، "حيث سيطر القائم على رأس السلطة بذاته على مفاتيح السلطة والثروة".

 

المؤتمر والعملية الانتخابية

 

رفض الحزب الحاكم للدعوات المتكررة من قبل أحزاب المعارضة لتسوية الملعب الانتخابي وإصلاح الاختلالات القائمة في قواعد اللعبة السياسية وتهيئة المناخ السياسي العام لإجراء انتخابات يتاح فيها الحد الأدنى من التكافؤ في الفرص أمام مختلف الأحزاب السياسية ويتوفر لها الحد الأدنى من الحرية والنزاهة والشفافية.

 وكما جاء في رؤية أحزاب المعارضة حول العملية الانتخابية من خلال رؤية المشترك للعملية الانتخابية وسأتطرق الى ردود حزب المؤتمر حول رؤية المشترك للانتخابات وجاء في ضمن اتهامات المشترك للمؤتمر التالي.

  ـ تكريس ثقافة الكراهية والعنف في الخطاب السياسي للحزب الحاكم ضد أحزاب المعارضة، وفي الخطاب الموجه للمؤسستين العسكرية والأمنية.

  ـ تعاطي السلطة مع أحزاب المعارضة كخصوم لا شركاء في الحياة السياسية، من خلال المحاولات المتكررة لشق هذه الأحزاب وتمويل عمليات تفريخها واستنساخ صحفها ومصادرة مقراتها وممتلكاتها بصورة غير قانونية.

  ـ الاعتداء والتضييق على الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور.

  ـ تفشي مظاهر الثأر والقتل والنزاعات بين القبائل، وإحياء الثارات القديمة، في ظل الموقف السلبي للحزب الحاكم وأجهزة السلطة إزاءها.    

 

المعالجات المقترحة كما كان يراها المشترك

 

 ـ إصدار إعلان سياسي ينص على معالجة الآثار والأضرار المترتبة على الحروب والنزاعات السياسية السابقة وفي مقدمتها حرب صيف 1994م وتحقيق المصالحة الوطنية لتعزيز التلاحم الوطني والانتقال من حالة الصراع والإقصاء والاستقواء بالسلطة وتفتيت الأحزاب إلى مناخ وأجواء ديمقراطية سليمة تتوفر فيها فرص التكافؤ في المنافسة الإنتخابية أمام كل الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة.

  ـ تشكيل هيئة وطنية لحصر وتوثيق تلك الأضرار واقتراح المعالجات القانونية حيالها.

  ـ إعادة ممتلكات ومقرات الأحزاب وإعادة المبعدين من وظائفهم لأسباب سياسية وحزبية وإعطاء كافة الحقوق القانونية للمتقاعدين والموقوفين والمسرحين من الخدمة ووقف إجراءات التسريح والتقاعد الإجباري ورفع الحضر على حقوق المواطنة التي كفلها الدستور والقانون وإلغاء ممارسات التمييز في الوظيفة العامة على أساس سياسي وحزبي.

  ـ تحريم الدعوة للعنف والتحريض عليه، وإشاعة ثقافة الحوار والتصالح والتسامح.

  ـ رفع القيود على نشاط أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وصرف المستحقات المالية للأحزاب والتنظيمات السياسية وفقا للقانون.

  ـ تطبيع الحياة السياسية وإيقاف حملات التخوين والتكفير الموجه ضد أحزاب المعارضة والكف عن إفساد الحياة الديمقراطية والتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب ومحاولة شقها أو استنساخها والتعويض عن كل تلك الممارسات.

  ـ تسوية النزاعات والصراعات الدموية القائمة، ووقف أعمال الثأر بين القبائل وعقد صلح عام لإنهاء قضايا الثارات العالقة وتسويتها والتعويض عنها.

 

موقف المؤتمر من اتهامات المعارضة ومطالبها حول الانتخابات

 

لم يقدم المؤتمر الشعبي العام رؤية مقابلة لرؤية الإنقاذ أو تنفيذ كاتب ومكتوب لما جاء في اتهامات المشترك، وكان يكتفي بالتصريحات الإعلامية حول الحوار والاتفاقيات التي كانت تتم مع المشترك وأغلب تلك التصريحات كانت تأتي على لسان رئيس الدائرة الإعلامية طارق الشامي الذي كان يرأس الدائرة الإعلامية للمشترك من بينها نفي الشامي وضع شروط جديدة للحوار من قبل أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، والتأكيد  على الاتفاق بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة بمجلس النواب الذي اشتمل على ثلاث قضايا تتعلق بالحوار حول تعديلات قانون الانتخابات وتطوير النظام السياسي والانتخابي واللجنة العليا للانتخابات، تم بموجبه التمديد لمجلس النواب لمدة عامين وتأجيل الانتخابات، على أن تتم مواصلة الحوار بعد إجراء التعديلات الدستورية من قبل مجلس النواب.

 وكان الشامي يتمهم المعارضة بعدم تجاوبها مع الدعوات لاستئناف الحوار، من بينها إنه "على الرغم من دعوات المؤتمر المتكررة للأحزاب الممثلة في مجلس النواب للجلوس على طاولة الحوار، إلا أن ذلك لم يلق أية استجابة، بل إن أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في البرلمان ذهبت بعيداً لوضع شروط جديدة ليس لها علاقة بالقضايا التي تم الاتفاق عليها للتنصل عمّا الاتفاق عليه".

 

...............................

 

المصادر

 

ـ رؤية الإنقاذ الوطني

 

ـ رؤية المشترك للانتخابات

 

ـ مرصد البرلمان اليمني

 

ـ الجزيرة نت

 

ـ مقال توكل كرمان عن رؤية الإنقاذ الوطني ـ مارب برس

 

ـ تصريح طارق الشامي ـ صحيفة الخليج الإماراتية