السبت 20-04-2024 11:56:09 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ما دلالات اعتقالات الحوثيين الأخيرة لضباط وقيادات مؤتمرية في صنعاء؟

الإثنين 02 مارس - آذار 2020 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- عبدالسلام الغضباني

  

أفادت مصادر إعلامية، الأسبوع الماضي، بأن المليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء اعتقلت عددا كبيرا من القيادات الأمنية والعسكرية المحسوبة على جناح الرئيس السابق علي صالح في حزب المؤتمر، وذلك بعد أن اعتقلت -خلال الأشهر الماضية- عشرات الضباط والمسؤولين في وزارتي الداخلية والدفاع وقيادات في حزب المؤتمر بتهمة الخيانة العظمى، كما اعتقلت ضباطا في ما كان يعرف بالحرس الجمهوري، بينها قيادات رفضت تحالف صالح مع الحوثيين والتزمت منازلها منذ عام 2016.

وعلى خلفية هذه الاعتقالات، قالت مصادر مطلعة -وفقا لموقع "المصدر أونلاين"- إن لقاءً جمع القيادي الحوثي أبو علي الحاكم والأمين العام المساعد لحزب المؤتمر (جناح صالح) ياسر العواضي، الأسبوع الماضي، في محافظة البيضاء.

وأضافت المصادر أن اللقاء الذي جمع الحاكم والعواضي تم في منزل أحد القيادات الحوثية في مناطق سيطرتهم بمحافظة البيضاء، ولم يعقد في مديرية ردمان، مسقط رأس قبائل آل عواض التي ينتمي إليها ياسر العواضي.

- استمرار الاجتثاث

ويأتي اللقاء بين ياسر العواضي وأبو علي الحاكم بالتزامن مع حملات اعتقالات واسعة تستهدف قيادات عسكرية وأمنية وحزبية مقربة من عائلة صالح وحزب المؤتمر (جناح صالح)، بالإضافة إلى استمرار الحوثيين في اجتثاث المسؤولين المحسوبين على المؤتمر من مؤسسات الدولة المختلفة، وفرض سيطرتهم الكاملة على مختلف الدوائر الحكومية.

ومنتصف الشهر الجاري، أعلنت مليشيات الحوثي ضبط ما وصفتها بخليتي تخريب تابعتين للمخابرات السعودية والإماراتية، وبحسب إعلان الجماعة فإن الخليتين يتزعم إحداهما عمار صالح محمد صالح وكيل جهاز الأمن القومي السابق، والأخرى برئاسة محمد علي القوسي وزير الداخلية السابق.

وبلغ عدد المختطفين من المؤتمر في محافظة حجة لوحدها 28 قيادياً مختطفا حتى نهاية يناير الماضي، وفق تأكيدات من قيادات المؤتمر في المحافظة.

وتأتي هذه الأنباء، في ظل تصاعد لدعوات توحيد الصف الوطني والانخراط في جبهة واحدة لاستعادة الجمهورية، والتي يقودها نشطاء وقيادات محسوبة على المؤتمر، تأمل أن يكون توحيد الحزب بداية لتوحد الجمهوريين ضد المليشيات الحوثية.

وفي المقابل، يتهم الحوثيون علي صالح وحزبه، منذ أحداث ديسمبر 2017 بصنعاء، بما يسمونه "الخيانة العظمى" و"التخابر" مع التحالف العربي، ووصفوا انتفاضته ضدهم حينها بالفتنة، وحشدوا أفضل كتائبهم العسكرية تسليحا وتدريبا إلى صنعاء للقضاء عليه وعلى أتباعه.

وبعد تمكنهم من قتله، نكلوا بعائلته وأتباعه وجناحه في حزب المؤتمر أشد تنكيل، كما أنهم حشدوا أنصارهم للاحتفال بقتله، بعدها عمدوا إلى تشكيل حزب جديد بديل لحزب علي صالح، ويضم بقايا أتباعه الذين لم يكن لهم أي مشاركة في الحرب بين الطرفين، ولم يسبق لهم أن هاجموا جماعة الحوثيين أو انتقدوها قبل ذلك، بل فقد كانوا مزدوجي الولاء للطرفين، وهو ما منحهم "صك الوطنية" من قبل الحوثيين، ودفعوهم لتأسيس حزب بديل لحزب علي صالح يعمل من تحت عباءة الحوثيين ذاتهم، ويتلقون منهم الأوامر والتعليمات، لكن حتى هذا الحزب الذي فصّلوه على مقاسهم، بدؤوا مؤخرا يعملون على اجتثاثه.

- دلالات متعددة

هناك عدة دلالات توضح دوافع الحوثيين لاجتثاث ما تبقى من حزب علي صالح، رغم أنه أصبح مفصلا على مقاس ورغبة المليشيات، وفي نفس الوقت فهو يضم قيادات مدنية وعسكرية أصبحت خارج دائرة الفعل، والقيادات البارزة منها ترزح تحت الإقامة الجبرية. وفي ما يلي أبرز هذه الدلالات:

- تتخوف مليشيات الحوثيين من أي مساعٍ لتوحيد حزب المؤتمر وتحالفه مع بقية الأحزاب المساندة للسلطة الشرعية ضد الانقلاب، وفي حال لم يتم ذلك، وانتهت الأزمة بالحل السياسي، فإن المليشيات الحوثية تتخوف من أن يبرز حزب المؤتمر في مناطق سيطرتها كطرف مفاوض منافس لها، سواء في المفاوضات مع السلطة الشرعية والتحالف العربي أو في التخاطب مع المجتمع الدولي، الأمر الذي قد يسبب تشويشا للحوثيين، ولهذا فهم يعتقدون بضرورة التخلص منه ليحصدوا بمفردهم مكاسب التفاوض والحل السياسي في حال حدوثه ولم تحسم المعركة عسكريا.

- العنف الذي مارسته مليشيات الحوثيين ضد حليفها السابق علي صالح وعائلته وأتباعه، منذ ديسمبر 2017 وحتى الآن، يعكس النهج العنفي الإرهابي المتجذر لدى الجماعة، ويعكس موقف قادتها من الآخرين، حتى وإن كانوا قد قدموا لهم ولجماعتهم جميلا لم يكونوا يحلمون به، كما فعل علي صالح الذي سهل لهم السيطرة على العاصمة صنعاء وغيرها، وسلّم لهم إمكانيات الدولة والجيش بكامله، ومع ذلك تنكروا لجميله معهم، ونكلوا به هو وعائلته وأتباعه أشد تنكيل.

- تؤكد تلك الاعتقالات أن الحوثيين جماعة طائفية عنصرية منغلقة، لا تؤمن بالآخر مطلقا، وتعمل وفقا لمبدئها العقائدي المتمثل في إيمانها بأحقيتها بالسلطة والثروة، باعتبار ذلك حقا إلهيا لها لا يمكن التنازل عنه، والقتال في سبيله ضد الجميع حتى وإن كانوا حلفاء، وتعمد إذلال الحلفاء وغيرهم حتى يكون كل ما يحلمون به هو حق العيش بسلام دون سجن أو أذى.

- عدم قبول المليشيات الحوثية بالآخر من أبرز دوافعها لاستئصال أي فصيل والزج بما تبقى منه في السجون، حتى وإن كان معتزلا العمل السياسي.

كما أن عدم القبول بالآخر لا يقتصر على من هم خارج الطائفة أو المذهب أو السلالة فقط، وإنما يتعداه إلى عدم القبول الآخر داخل الطائفة أو السلالة ذاتها، بسبب صراع المصالح والنفوذ داخل السلالة والطائفة بين أجنحتها المختلفة. ويتجلى ذلك في الصراعات والخلافات داخل جماعة الحوثيين ذاتها، وأيضا الخلافات والصراعات بين الأئمة الزيديين أنفسهم خلال مراحل حكمهم لليمن قبل ثورة 26 سبتمبر 1962.

- بما أن طريقة حكم المليشيات الحوثية في المحافظات التي تسيطر عليها تتسم بأسلوب العصابات، فإن ذلك أسهم في تشكل أجنحة متعددة داخل الجماعة ومتصارعة فيما بينها، وبالتالي فإن الاعتقالات تعكس طبيعة الصراعات بين أجنحة المليشيات الحوثية، ذلك أن كل جناح يخشى أن يتحالف جناح صالح في حزب المؤتمر مع الجناح المنافس له.

- تمثل النزعة الطائفية والسلالية للمليشيات الحوثية من أهم دوافع استئصال ما تبقى من جناح صالح في حزب المؤتمر، خاصة أن الاعتقالات تطال ممن لا ينتمون للسلالة (الهاشمية)، بينما الشخصيات السلالية التي كانت تشغل مناصب قيادية في حزب المؤتمر ومقربة من علي صالح لم يمسسها الحوثيون بسوء، بل فبعضها تشغل مناصب عليا في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا.

- يدفع جناح صالح في حزب المؤتمر ثمن الخلافات بين القيادات العليا لجماعة الحوثي، خاصة بعض مشايخ القبائل الذين سهلوا للمليشيات اجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، علما بأن الخلافات داخل المليشيات الحوثية تسير في خطوط متوازية، فهناك صراع أجنحة، وهناك خلافات بين القيادات العليا للجماعة، وتصل إلى أفراد عائلة الحوثي أنفسهم، حتى إن الجماعة أصبحت تضم عدة جماعات وعصابات، لدرجة أن زعيمها عبد الملك الحوثي لم يعد مؤهلا ولا قادرا على التحكم بالجماعة، خاصة بعد أن تمكنت الأجنحة المنافسة له من قتل شقيقه إبراهيم في صنعاء قبل بضعة أشهر.

كلمات دالّة

#اليمن