الأحد 05-05-2024 15:37:54 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ازدواج المعايير.. لماذا تحولت منظمات إنسانية دولية إلى أبواق حوثية؟

الأربعاء 05 فبراير-شباط 2020 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت-تقرير خاص- اسامه الليث

 

تعرف قيادات المليشيات الحوثية بشكل جيد التأثير الذي تحدثه المنظمات الدولية والإنسانية العاملة في اليمن على المستوى العالمي والمحلي، لذا عمدت إلى الدفع بالمئات من نخبها الفكرية والثقافية والمدنية للانخراط بشكل مبكر في منظمات المجتمع المدني، وتقوية العلاقات مع المنظمات العالمية والعمل لصالحها لتسويق ما تراه مظلوميتها أمام العالم من خلال الأنشطة والبرامج والفعاليات الدولية والإقليمية التي تتبناها تلك المنظمات.

وتكشفت خيوط نفوذ الحوثيين في تلك المنظمات من خلال انحياز تلك المنظمات إلى صفهم، وسعيها على مدار السنوات الأربع الماضية إلى تضليل المجتمع الغربي وتصوير المليشيات الحوثية كضحايا وجماعة مظلومة، وتبنيها الخطاب الإعلامي للمليشيات، وتماهيها بشكل مكشوف مع سياساتها.

منظمات حوثية تعمل بغطاء حقوقي:

تعتمد مليشيات الحوثي في تحسين صورتها لدى المجتمع الدولي على لوبي يجري تحركات على مستوى واسع، متنقلا بين دول أوروبية وأمريكية، تنشط في هذه المهمة عناصر من المنتمين للسلالة الهاشمية الذين يتمتعون بعلاقات واسعة مع الوسط الاجتماعي العامل في المنظمات الأممية وما في مستواها في دول أوروبا، والذين يديرون في نفس الوقت منظمات حوثية تعمل بغطاء حقوقي، من بين تلك المنظمات "المركز اليمني لحقوق الإنسان"، الذي تديره أمل المأخذي، وهي قيادية حوثية تعمل في موقع مسؤول منظمات المجتمع المدني في المكتب السياسي للمليشيات الحوثية، بينما تدير قبول المتوكل "مؤسسة تنمية القيادات الشابة"، وتعيش خارج اليمن مع عائلتها، وتعد واحدة من الحقوقيات اليمنيات المدافعات عن الحوثيين منذ وقت مبكر، بينما تدير شقيقتها رضية المتوكل "منظمة مواطنة"، وهي منظمة تم إنشاؤها في العام 2011، وتعمل لصالح منظمة اليونيسف في برامج رصد وضع الأطفال في اليمن، من خلال عدد هائل من الراصدين الميدانيين، في حين يدير جمال الشامي منظمة "المدرسة الديمقراطية" المعنية بالأطفال والتي تعمل على تحسين الصورة النمطية للحوثيين من خلال التقارير الدولية التي تقدمها للمنظمات الدولية المانحة، وغيرها الكثير من المنظمات التي بدأت مبكرًا في العمل المدني والحقوقي والإنساني.

توسع عمل تلك المنظمات وباتت واحدة من الواجهات المدنية التي تعمل في الخفاء لنشر الفكر الحوثي وتسويق الآراء والأفكار التي تتبناها المليشيات في المحافل الدولية والحقوقية والأنشطة المحلية والإقليمية، وتحول الكثير من أموال المنح الدولية الموجهة لمنظمات المجتمع المدني في اليمن إلى تلك المؤسسات الحوثية، ومن خلال برامجها بدأت تزيد من فرص حضور الحوثيين ضمن البيئة اليمنية والوعي المجتمعي، فوضع عدد كبير من الموالين للحوثي أنفسهم كمحامين طوعيين للدفاع عن الحوثي في هذه المحافل الحقوقية والإنسانية. 

منظمات دولية بيد الحوثيين:

طوال السنوات الأربع الماضية، ظلت المنظمات الأممية تردد بأن اليمن يعيش أسوأ وضع إنساني في العالم، ومن أجل ذلك حصلت الأمم المتحدة في مؤتمر المانحين لعام 2019 على تمويلات بـ2.5 مليار دولار، وهو رقم قياسي مقارنة بالأعوام السابقة.

وخلال عام 2019، لم تنفذ المنظمات الأممية حتى ربع ما تعهدت به في مؤتمر جنيف، في حين ذهب 70% من حجم تمويلات المانحين على شكل نفقات تشغيلية، وتدريب وتأهيل أعضاء المليشيات في عدد من المجالات في مقدمتها الإعلام والإدارة والخطابة، وهذا مصير العشرات من المشاريع ذات التمويل الضخم، فجميعها تذهب إلى مؤسسات ومنظمات حوثية، أو تدار من قبل حوثيين ليتم توجيه الدعم لصالح الحوثيين، وبذلك تحولت المنظمات الأممية العاملة في اليمن إلى مرآة لمليشيات الحوثي في الفساد المالي ونهب المساعدات وتجويع اليمنيين. 

ووفق شهادة مصدر يعمل في إحدى المنظمات الدولية، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، فإن الحوثيين كانت لهم علاقات كبيرة مع المنظمات الدولية منذ أن كانوا في صعدة، وقال إن مليشيات الحوثي كانت تتلقى دعمًا غير مباشر من المنظمات الدولية ولا تزال، من خلال برامج وأنشطة ومشاريع صيانة وبناء المدارس والمراكز الصحية والسدود.

وأضاف: "خلال العام الماضي قدَّمت منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي أدوية ومواد طبية ذهب جلها إلى يد مقاتلي الحوثي، حيث يتم توجيه المساعدات الغذائية ليتم تسليمها لمنظمات محلية تابعة لهم، ومن ثم بيعها في السوق السوداء أو مصادرتها لصالح ما يسمى بالمجهود الحربي، أو توزيعها في مناطق لا تحتاج لهذه المعونات، للدفع بزعماء القبائل فيها لتجنيد شباب للقتال في صفوفهم، بينما الفئة المستهدفة لم يصلها غير الفتات".

منظمات ايرانية تنسق لفعاليات الحوثي في مجلس حقوق الإنسان:

في مقابلة أجرتها معه العربية نت، كشف همدان العليي، المدير التنفيذي للمرصد الإعلامي اليمني، عن تنسيق منظمات شيعية فعاليات وأنشطة مليشيات الحوثي في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وفعاليات حقوقية في عدد من الدول، حيث قال: "تقوم منظمات تابعة لحزب الله اللبناني ولشيعة العراق والبحرين، والموجود بعضها في أوروبا وفي بعض الدول العربية، بتنسيق فعاليات وأنشطة مليشيات الحوثي في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وفي فعاليات حقوقية تقام في دول أخرى، حيث تقوم بحشد الإعلاميين والصحافيين والناشطين من أنحاء العالم لحضور هذه الفعاليات وتقديم موجّهات ونصائح لهم".

إن أي فعالية للحوثيين في أي مكان في العالم ستجد أمامك العشرات يحملون شعارات منظماتهم، ويدافعون عن جرائم الانقلاب إما من حزب الله بلبنان، أو الحشد الشعبي في العراق، أو شيعة البحرين، أو أنصار الأسد في سوريا، ومن بين تلك المنظمات "مركز الخيام" اللبنانية لتأهيل ضحايا التعذيب، و"مؤسسة الإمام علي"، إيرانية لديها مقران في لندن وطهران، ومنظمة "جسور الشبابية" العراقية، و"المنظمة العراقية للتنمية، ومؤسسو السلام" ومقرها لندن، و"المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان" ومقره في جنيف، ومنظمة "أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" في البحرين، ومركز "الخليج لحقوق الإنسان في البحرين" ومقره في إيرلندا، و"لجنة الشعب اليمني" يرأسها اللواء إسماعيل أحمدي، وهو قائد في الحرس الثوري، وكان رئيس شرطة طهران، ومنظمة "أوقفوا الحرب البريطانية" يديرها ستيفن بل وتموّلها إيران. أيضاً هناك صحافيون أجانب يتم تجنيدهم لصالح مشاريع إيران، مثل الصحافية البريطانية "فانيسا بيلي" التي باتت تعمل لجانب النظام السوري والحوثي في ذات الوقت.

وعن مصادر الدعم الذي تتلقاه المنظمات لتنفيذ أنشطتها، والتي تعمل لصالح المشروع الإيراني بشكلٍ عام، والحوثيين بشكلٍ خاص تحدث العليي قائلا: "بالنسبة للمنظمات التي تعمل لصالح الحوثيين في الدول الأوروبية فهناك منابع مصادر دعم مختلفة، وهي ذاتها المصادر التي تدعم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، مثل الحرس الثوري الإيراني وبعض الحوزات الموجودة في بعض الدول الأوروبية، إضافة إلى جمع التبرعات في إيران والعراق ولبنان، من جمعيات خيرية ومانحين ورجال أعمال".

وأضاف: "أما بالنسبة للناشطين الحوثيين المتواجدين في الخارج، فهم من يمثلون الجانب اليمني في فعاليات المنظمات الدولية في أوروبا وأميركا، ويتلقون دعماً مالياً من المليشيات في الداخل، والتي تقوم بدورها بجمعه بواسطة عمليات الفساد التي تمارسها في المؤسسات الحكومية، وجباية ما يسمى المجهود الحربي من مختلف فئات المجتمع، بمن فيهم من طلاب المدارس".

أوكسفام.. من منظمة إغاثية إلى آلة حربية إعلامية:

هناك نوعان ممن يشاركون في عمليات تضليل المجتمع الغربي، الأول هم حوثيو الداخل الذين يعملون في مكاتب المنظمات الدولية والأممية، وآخرون تم إجبار المنظمات على توظيفهم بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، هذا النوع من الحوثيين يؤثرون على قرارات مكاتب المنظمات ويوجهون أنشطتها لصالح المليشيات.

أيضا تُعتبر العناصر الحوثية العاملة في مكاتب المنظمات الدولية بصنعاء أكثر مصادر المعلومات التي تتلقاها هذه المنظمات، مما يؤثر على قرارات ومواقف وبيانات بعض هذه المنظمات، وهو الأمر الذي اتضح بجلاء عندما قام ممثل اليونيسف ومنظمتي "أوكسفام" و"أنقذوا الطفولة" البريطانيتين بتضليل لجنة برلمانية بريطانية، وتبرئة ساحة المليشيات الحوثية، وأنكر وجود حصار فعلي على مدينة تعز، والقول إن مأساوية الوضع المعيشي فيها مبالغ به من قبل وسائل الإعلام، لتتحول منظمة أوكسفام البريطانية من منظمة إغاثية إلى آلة حربية إعلامية، سخرت كل إمكانياتها وعلاقاتها في بريطانيا للعمل السياسي ضد الشرعية.

وعادة ما تتعامل أوكسفام مع النوع الثاني من الناشطين لصالح المشروع الحوثي وهم المتواجدون في الخارج، وغالبا ما يكون هؤلاء يمنيون يقيمون في الخارج، أو من جنسيات أخرى من المحسوبين على مؤسسات أو تجمعهم علاقة بإيران، كوزير وكالة التنمية الدولية البريطانية السابق وعضو مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم "أندرو ميتشل".

وكشف مصدر يمني عن قيام الحوثيين بإصدار جوازات وتقارير طبية مزورة لأشخاص من أتباعهم بأسماء مستعارة، وذلك بهدف تسهيل سفرهم الى خارج اليمن. وأضاف أن العناصر التي تسافر يدعي الحوثيون أنهم من المرضى أو المصابين في الحرب، والحقيقة عكس ذلك تماما، حيث رتب الحوثيون هذه الخدعة بدءا بنقلهم عبر كراسي متحركة حتى سلم الطائرة، والبعض الآخر على عكازات وآخرون تجد الشاش الأبيض يحيط برؤوسهم وأيديهم وأجسامهم.

وأكد المصدر أن الحاجة من إرسال هؤلاء الأشخاص للخارج يعود لعدة أسباب، أبرزها العمل كنشطاء في الخارج لتحسين سمعة الحوثيين ودعم موقفهم، والتأثير في الإعلام الخارجي ومغالطة الواقع، وقد تم تدريبهم على درجة عالية من التدليس والتضليل والكذب، وصناعة المعلومات المغلوطة.

وأوضح المصدر أن كل هذا العمل تم بالتنسيق مع الأمم المتحدة، بحيث يتم إرسال العناصر الحوثية لعدة دول أوروبية للعمل كنشطاء في المنظمات الإنسانية، وذلك لدعم الحوثيين في الداخل اليمني من خلال التقارير والصور والمشاهد المفبركة للواقع الفعلي الذي يعيشه اليمنيون ويعانون منه. وكشف المصدر أن الحوثيين حرصوا على تهريب عناصرهم عن طريق مطار صنعاء مباشرة، وكانوا حريصين على ذلك خشية أن يكشف أمرهم عند سفرهم من مدن أخرى.

وقال إن هذه الخطوة ليست الأولى التي يمارسها الحوثيون بالتضليل والتزوير، حيث كانت هناك خطوة سابقة مماثلة، عندما تم تسفير عدد من الناشطات اليمنيات من جانب الحوثيين لدول أوروبية، وبعد ذلك قمن بممارسة أنشطة لدعم الحوثيين. وبين أن معظم من ينخرطون في هذه الأعمال إما إعلاميون أو موظفو منظمات، أو مسؤولون عسكريون، وكلهم من الموالين للحوثيين.

كلمات دالّة

#اليمن