الخميس 25-04-2024 15:10:32 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مسيرة التكفير والإرهاب.. هكذا استباح الحوثيون أموال ودماء مخالفيهم

الثلاثاء 28 يناير-كانون الثاني 2020 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص- اسامه الليث

 

الحوثيون حركة فكرية عسكرية متمردة باطنية، نشأت في صعدة، وانشقت فكريا ومذهبيا عن المذهب الزيدي، متأثرة بأطروحات زعيمهم الفكري والروحي بدر الدين الحوثي الذي نشأ "زيدياً جارودياً" وهي أقرب فرق الزيدية من الإثني عشرية، والذي أعلن تحوله فيما بعد إلى الفرقة الرافضة الإثني عشرية بعد أن سافر إلى طهران وأقام بها عدة سنوات، فأصبح يدعو إلى الإمامة والترويج لفكرة الوصية والخروج على الحكّام، ووجوب قبض الخُمس وإعطائه له، والبراءة من الصحابة عموماً، ومن الخلفاء الراشدين خصوصاً الذين يصفهم بأنهم أصل البلاء، فقد قال: "أنا عن نفسي أؤمن بتكفيرهم"، أي الصحابة، "كونهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله"، حسب وصفه.

في عام 1990، أسس حسين بدر الدين الحوثي، الابن الأكبر لبدر الدين الحوثي، "حزب الحق" الذي تحول هو الآخر للمذهب الرافضي، بعد أن رافق أباه في زيارة إيران.

في عام 1996، قدم بدر الدين استقالة جماعية مع أبنائه، معلناً انتهاء أي علاقة له بحزب الحق، على خلفية خلاف بينه وبين المرجع المذهبي مجد الدين المؤيدي، الذي قال: "إن ظاهرة الحوثية غريبة على المجتمع اليمني المسلم في أفكارها وأطروحاتها، بعيدة كل البعد عن المذهب الزيدي الذي يشكل هو والمذهب الشافعي توأمين رئيسيين وفرعين في أصل عقدي واحد هو الإسلام الحنيف".

تفرغ مع أبنائه للقيام على تنظيم أطلق عليه "الشباب المؤمن"، الذي استمر في ممارسة نشاطه، وتمكن من استقطاب عدد من الشباب، أغلبهم ينتمون للأسر الهاشمية وللمذهب الزيدي والقبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة.

تأثر ابنه حسين بدر الدين الحوثي بقوة بأفكار واجتهادات والده، وربما ذهب أبعد منه إلى التأثر بالجعفرية، فقد أسهم بفاعلية في عملية التحوّل والاستقطاب المنظم من داخل المربع الزيدي إلى المذهب الإثني عشري "الجعفري" بصورة هادئة.

ذكر القاضي الشيخ أبو جعفر المبخوت، وهو ممن تحولوا إلى المذهب الجعفري، المراحل الأولى لعملية دخول المذهب الجعفري إلى اليمن بشكل منظم قائلا: "ظهور الإمامية في اليمن كان سنة 1997، فهو ظهور حديث، ونسبة الشيعة الإمامية في اليمن تقريبا 20% من سكان اليمن".

ومنذ عام 1998، نجح المذهب الإمامي في التوسع، مستعينا بأبناء الأسر الهاشمية الكبيرة الذين شكلوا أرضية كبيرة للانطلاق والنشاط، فافتتحوا عدة نشاطات يستجلبون بها الأنصار، وأسسوا إثر ذلك مكتبة في مديرية حيدان، محافظة صعدة، تروج لفكرهم وتوجهاتهم ضمت نحو 4 آلاف كتاب.

في ذلك الوقت، ذهب تقرير أمني قدمه اللواء "رشاد العليمي" وزير الداخلية حينها إلى أعضاء مجلس النواب، إلى أن "نشاط حسين بدر الدين الحوثي بدأ منذ عام 1997، بإنشاء مراكز دينية في مديرية حيدان، محافظة صعدة، أطلق عليها اسم الحوزة، ثم امتد نشاطه بإنشاء مراكز مماثلة في بعض المحافظات والمديريات، وقام بتوسيع نشاطه من خلال تلك المراكز، وتزعّم بطريقة مخالفة للدستور والقانون تنظيماً سرياً انسلخ به عن حزب الحق، أطلق عليه اسم الشباب المؤمن، ومنح أعضاء التنظيم رواتب فصلية وبعضهم شهرية، تراوحت ما بين 50 دولاراً إلى 100 دولار شهرياً، مقابل قيامهم بالترويج لأفكاره وآرائه المتطرفة، واقتحام المساجد، والاعتداء على خطبائها، الذين لا يتفقون مع أفكاره المتطرفة، وترديد شعارات مضللة، خاصة أثناء صلاة الجمعة".

واتهم التقرير الأمني حينها حسين بدر الدين الحوثي بتوزيع كتاب بعنوان "عصر الظهور"، وهو كتاب شيعي لمؤلفه علي الكوراني العاملي، وخصص الكتاب
محوراً خاصاً عن اليمن تحت عنوان "اليمن ودورها في عصر الظهور"، يؤكد فيه ورود أحاديث متعددة عن أهل البيت، تؤكد حتمية حدوث ما يصفه الكتاب بـ"ثورة اليمن الإسلامية الممهدة للمهدي عليه السلام، وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق".

 أما قائدها المعروف في الروايات التي أوردها الكتاب باسم "اليماني" فتذكر رواية أن اسمه حسن أو حسين، من ذرية زيد بن علي.

ويستشهد الكتاب ببعض الروايات التي تؤكد أن "اليماني" يخرج من قرية يقال لها "كرعة"، وهي قرية في منطقة بني خَوْلان، قرب صعدة.

ويؤكد التقرير الأمني أن الأجهزة ضبطت مع أحد أنصار الحوثي، ويُدعى "فارس مسفر سالم" من أهالي ساقين بصعدة، وثيقة مبايعة للحوثي، باعتباره الإمام والمهدي المنتظر، جاء فيها "أشهد الله على أن سيدي حسين بدر الدين هو حجة الله في أرضه في هذا الزمان، واُشهد الله على أن أبايعه على السمع والطاعة والتسليم، وأنا مقر بولايته، وأني سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وهو المهدي المنتظر القائم، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، أبان لنا طريق النجاة، وأوضح كتاب الله على أوضح بيان، فنسأل الله أن يحشرنا في زمرته".

تكفير علماء الزيدية للحوثي:

عرف عن بدر الدين الحوثي مخالفته لكثير من مراجع الزيدية، بالنسبة للموقف من الإمامية الإثني عشرية، فهو يعتقد بالتقارب بين الزيديّة والإمامية الجعفرية، بل يرى الاتفاق بينهما في الأصول المهمة، ولقد ألف في هذا الموضوع كتاب "الزيدية في اليمن" جمع فيه بعضاً من المسائل التي اتفقت أو تقاربت فيها الزيدية والإمامية، مما أدى إلى دخوله في خلاف شديد مع علماء الزيدية، المناهضين لخط الإمامة الإثني عشرية، واتهم عدد من فقهاء الزيدية، بينهم مؤسسون لحركة الشباب المؤمن، الحوثيين بالخروج عن المدرسة الزيدية والاقتراب من الإثني عشرية واتهمهم "محمد بن عبد العظيم الحوثي" بأنهم "مارقون وملاحدة وليسوا من الزيدية في شيء"، وحكم عليهم بالردة والخروج عما وصفه بمذهب آل البيت.

عارض باجتهاداته العلمية بشدة فتوى علماء الزيدية التاريخية، قبل عدة سنوات، والتي وقّع عليها المرجع "مجد الدين المؤيدي"، والعلماء "حمود عباس المؤيد"، و"محمد بن محمد المنصور"، و"أحمد الشامي" والذين قاموا بالبراءة من الحوثي وحركته، في بيانٍ أسموه "بيان من علماء الزيدية"، وفيه ردّوا عليه، وحذّروا من ضلالاته التي لا تمتّ لأهل البيت والمذهب الزيدي بصلة.

في ذلك البيان أكدوا أن شرط النسب الهاشمي و"البطنين" للإمامة صار غير مقبول اليوم، وأنه كان في ظرفه التاريخي، وأنّ "الرئاسة" وقيادة شؤون الأمة حق من حقوق المواطنين جميعاً، وفيمن يرتضونه.

فتاوى التكفير ثقافة متأصلة في أدبيات الحوثيين:

يستند الحوثيون إلى مفاهيم أيديولوجية قائمة على فكرة الاصطفاء الإلهي المزعوم لذواتهم، وتكفير الآخرين واستباحة دمائهم وأموالهم، لذا نجدهم يسارعون دوما إلى اختلاق فتاوى ومبررات لتكفير الآخرين وتخوينهم وازدرائهم، من أجل البطش بهم وإقصائهم وصولا إلى الحكم والسلطة بقوة السلاح والعنف.

ومن أجل استدراج وحشد المزيد من أبناء القبائل والزجّ بهم إلى جبهات القتال، أصدر أحد مرجعياتهم الدينية المدعو "محمد المطاع"، الفتوى الشهيرة التي كفر من خلالها الرئيس عبد ربه منصور هادي ومن معه، قائلاً في نص فتواه: "وإذا وجد بين أظهركم دراويش هادي وأمثاله مثبطين فلا تصدقوهم، فقد خلعوا رجولتهم وخلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم وحكموا على أنفسهم أنهم من أصحاب الجحيم".

وقد علق حينها نائب رئيس هيئة علماء اليمن الدكتور "محمد بن موسى العامري" على فتوى المطاع قائلاً: "لا جديد في هذه الفتوى سوى كشف المستور عن عقيدة التقية لغرض التحشيد المذهبي والطائفي ضد مخالفيهم الذين يكفرونهم ويستبيحون دماءهم وأموالهم، فهم لا يتورعون عن الطعن في الصحابة وتكفيرهم، وهم أئمة العلم والدين، فمن الطبيعي أن يكفروا عامة المسلمين المخالفين لهم، ومن ثم التعدي عليهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا".

يؤكد باحثون وإعلاميون يمنيون بأن فتاوى التكفير وتخوين الآخرين تظل ثقافة متأصلة في أدبيات الشيعة الحوثيين، ومن قبلهم الإماميين وتاريخهم السياسي والديني.

يقول الباحث اليمني حسن الحاشدي: "التكفير عند الحوثيين ليس وليد اللحظة، ولكنه ممتد منذ نشوء الهادوية السياسية في اليمن 284 هجرية"، مضيفا أن "التكفير عند الحوثية اليوم هو نفسه عند الإمامة الهادوية بالأمس، فهو يغلف بغلاف مبطن وغير مباشر، فبالأمس كانوا يطلقون التكفير على خصومهم وبأنهم مجسمة فيستحلون أموالهم واعراضهم".

ويضرب الباحث الحاشدي مثالا على ذلك بكل من: الإمام عبد الله بن حمزة، والإمام المتوكل إسماعيل، اللذين كانا من أفحش من ساموا مخالفيهم سوء العذاب تكفيرا وتنكيلا، فالطاغية عبد الله بن حمزة أتى على المطرفية، وهي إحدى فرق الزيدية، فكفرهم وهدم دورهم ومزارعهم ومساجدهم، والمتوكل إسماعيل كان عندما يناصح عن تكفير الشافعية يقول: "أخشى أن يسألني الله عما تركت للشافعية مما تحت ايديهم".

هذان الرجلان نموذجان للتكفير، ولعل الحوثية اليوم تقتفي نفس الخطى كما هو واضح في تكفير أهل اليمن ولكن بأسلوب مبطن، فهي تستحل دماءهم وتفجر مساجدهم وتهدم مدنهم وقراهم بدعوى أنهم دواعش تكفيريون.

وينطلق الحوثي وأتباعه من موروث فكري موغل في النظرة الضيقة تجاه أهل السنة ونظرة استعلائية لذواتهم. 

وكونهم ينتمون لآل البيت، حسب زعمهم، فإن السلطة حق إلهي حصري لهم، خصهم به الله دون سائر الناس، والذين يخالفونهم من المسلمين ينظرون إليهم باعتبارهم بغاة وخوارج، مهدورين الدم ومباح قتلهم وسبي نسائهم وأموالهم، كما في تاريخ عبد الله بن حمزة وغيره من أئمتهم، ولذا يكرر التاريخ نفسه حين يرى الحوثي وميلشياته بأن مخالفيهم عملاء لأمريكا وإسرائيل يجب قتالهم واستئصالهم، في خطاب تحريضي يستأصل الآخر المخالف ويكفره.

وكان الحوثيون قد خرجوا منذ فترة بوثيقة، أطلقوا عليها "الوثيقة الفكرية والثقافية"، جمعوا فيها خلاصة اعتقادهم، وتكشف الوثيقة بجلاء تام حقيقة مذهبهم وطريقة تفكيرهم وبرنامجهم السياسي، ونظرتهم لأنفسهم ولغيرهم، ووقعها عبد الملك الحوثي.

ترى "الوثيقة الفكرية والثقافية" للحوثيين أن الله قد اصطفى الجماعة على بقية الخلق تحت بند "الاصطفاء"، وتُلغي الوثيقة حق الجماعات الأخرى أياً كانت، وتذكر الوثيقة أن نهج الهداية والأمان من الضلال محصور "إلى جانب القرآن" في أهل بيت الحوثي دون سواهم، لأنهم حجج الله في أرضه وقرناء كتابه!!

وتضيف أن أي اجتهاد أو تجديد لا يتفق مع آرائهم وفكرهم أو يخالف أهل بيتهم فهو مرفوض، بل هو مفسد للدين لأنه يعتبر خلافاً لمن أمر الله بطاعتهم.

هذه الوثيقة دينية تؤكد حال الحوثيين وما هم عليه من الطائفية والعنصرية، ورفض كل من يخالفهم، بل وتكفيره، لتظل ثقافة التكفير واستباحة دماء الخصوم السياسيين متأصلة في الوعي السياسي والديني للشيعة الزيدية في اليمن ومرجعياتهم، ولا تختلف عن غيرها من فرق الشيعة الباطنية والرافضة.

موقع إيراني: سيطرة الحوثي على اليمن ستغير معالم المنطقة:

نشر موقع "شفاف" الإيراني تقريرا بعد انقلاب الحوثيين اتهم فيه عبد ربه منصور هادي بأنه تابع لمشايخ الخليج، وخصوصاً السعودية، مشيرا إلى قيامه باتخاذ سياسات معادية لحركة الحوثيين، حتى يقلل من فرص نجاحها وإثبات وجودها في اليمن، لأنها تحمل الفكر الثوري الإيراني الإسلامي ومبادئ الثورة الإيرانية منهجا لعملها ونشاطها، حسب تعبيره.

ووصف "شفاف" الإيراني عبد الملك الحوثي بأنه سيد حسن نصر الله اليمن، وأن سياسة الحوثي وخطابه وبناءه يشابه تماماً زعيم حزب الله في لبنان.

وأكد موقع شفاف الإيراني أن قيادات حركة الحوثيين قد تعلموا وتدربوا في إيران، موضحاً أن أغلب قيادات الحوثيين البارزين الآن كانوا من المقيمين في مدينتي قم وطهران في إيران، وخلال فترة تواجدهم تعلموا ودرسوا في الجامعات الإيرانية، مضيفا أن كل الذين درسوا وتخرجوا من الجامعات ومراكز التعليم في إيران يحملون أفكار الخميني مؤسس الثورة الإسلامية.

كلمات دالّة

#اليمن