الجمعة 19-04-2024 20:06:40 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون ونشر التشيع.. حرب فكرية تستهدف عقيدة الشعب اليمني

الثلاثاء 21 يناير-كانون الثاني 2020 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت- خاص/ أسامه الليث

 

تعد الحرب الفكرية أشد أثرا من الحرب العسكرية، ولم تكن التغييرات الكبرى التي شهدها العالم سوى إحدى ثمار التغييرات الفكرية، وهو ما تعمل عليه مليشيات الحوثي ضمن محاولاتها لتطييف المجتمع اليمني، وتغيير هويته وعقيدته وطريقة تفكيره.

فمنذ ظهور مليشيات الحوثي، مطلع تسعينيات القرن الماضي، لم تَكُف عن محاولات نشر التشيع بين أبناء القبائل اليمنية لاسيما في محافظة صعدة معقلها الرئيسي.

ولم تتوقف تلك التحركات بعد مقتل زعيمهم حسين بدر الدين الحوثي، بل استمرت وازدادت وأصبحت ملازم حسين الحوثي بمثابة دستورها ومنهجها. 

وطوال المواجهات والحروب العديدة التي وقعت بين المليشيات والدولة، حاول الحوثيون نشر التشيع على أكبر نطاق داخل صعدة، وتجنيد الشباب ضمن صفوفهم.

وبعد انقلابهم على الشرعية بدأ مخطط التشيع يأخذ صورة الإكراه والإجبار، وبطرق مختلفة وتحت مسميات ومناسبات كثيرة، مستغلين خضوع أجهزة الدولة لهم، وتحكمهم في رواتب الموظفين وسائر الأمور الحكومية.

الكتب الشيعية هدية لكل زائر للمكتبة:

أغلقت المليشيات العشرات من دور الكتب والنشر في العاصمة صنعاء والمحافظات الأخرى لتبقى الكتب الشيعية هي المتاحة أمام الجمهور، وتحولت بعض دور النشر لمطاعم ومحلات.

كما صادروا آلاف الكتب واستولوا على أجهزة طباعة ونشر، ولم يتسامحوا حتى مع الكتب الشيعية الزيدية التي لا تهاجم أهل السنة، بل صادروا كتب القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني مفتي الجمهورية اليمنية.

يحدثنا "أبو أحمد" والذي كان يمتلك مكتبة، حولها فيما بعد إلى محل لبيع الإكسسوارات، حول هذا الموضوع قائلا: "بداية انقلاب الحوثيين بفترة ليست بالقصيرة، بدأت حملة لتصفية المكتبات من جميع الكتب التي تتحدث عن الشيعة، وكانت البداية بالمكتبات الواقعة في سوق الملح، ثم انتقلوا تدريجيا لبقية المكتبات في صنعاء.. كان يتم فرز الكتب بداية حسب المؤلف، ثم حسب عنوان الكتاب، حتى وصل الأمر إلى أن المكتبة التي امتلكها لم يعد فيها سوى بضع كتب علمية وكتب تسلية مسابقات".

"بعدها أتت المرحلة الثانية من تنفيذ خطتهم، وهي إلزامي ببيع كتب معينة تدعوا إلى التشيع وتمجد ثورة إيران والخميني، وعندما أخبرتهم إنني لا أستطيع الحصول على هذه الكتب، قاموا بتوفيرها لي وبكميات كبيرة جدا وبمبالغ زهيدة".

"كانوا يأتون بين فترة وأخرى يسألوني: كم بعت؟ ولأن الإقبال على شراء هذه النوعية من الكتب الدخيلة على معظم المكتبات اليمنية، لم أكن أبيع منها شيئا، فيبادروني بالسؤال: لماذا لم أبعها؟ وعندما أخبرهم بأن الناس لا يقبلون على شرائها، طلبوا مني منحها للزائرين لمكتبتي كهدايا".

وأضاف قائلا: "لم أعد أحتمل الوضع، فهم يريدون استخدامي لنشر معتقداتهم بالقوة، قمت بتغير المكتبة إلى محل لبيع الإكسسوارت.. هم لا يظهرون تشيعهم علانية، فهم يتخفون تحت مظلة المذهب الزيدي لكن أفعالهم وتصرفاتهم تظهر تشيعهم وولاءهم لإيران.. إنهم أشد خطرا من اليهود، فهم يخفون ما يبطنون، ويسعون إلى تغير عقيدة الناس بالقوة أو بالرضى كما يقال".

زوامل في طابور الصباح:

مصدر تربوي في العاصمة صنعاء ذكر أن المليشيات فرضت دورات طائفية على طلاب المدارس وحضور حصص لمشرفي الحوثيين وأعمالا تدريبية على القتال والمواجهة بالسلاح تحت سماع زوامل تابعة للمليشيات.

وأوضح المصدر أن المليشيات تغري الطلاب بحضور تلك الدروس والحصص بتقديم جوائز عينية ومالية للمشاركين، إضافة إلى حضور كاميرات التصوير التابعة لوسائل الإعلام الحوثية.

وقالت مصادر تربوية إن مليشيا الحوثي الانقلابية فرضت الزوامل الحوثية كفقرة إلزامية في طابور الصباح بالمدارس الحكومية والأهلية في العاصمة صنعاء.

المعلومات التي حصلنا عليها تفيد بأن من تلك المدارس مدرسة "اقرأ" التي تم إلزامها بالقوة مثلها مثل كل المدارس.

الجدير بالذكر أن المليشيات تستخدم الإذاعة المدرسية وسيلة أساسية في نشر فكرها الطائفي والترويج لها من أجل طمس الهوية الوطنية لدى النشء ضمن مخطط حوثنة التعليم.

السعي لإنتاج حشد شعبي وحرس ثوري على المدى البعيد:

حين تم تعيين يحيى بدر الدين الحوثي وزيرا للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب، أثار حينها جدلا كبيرا ومخاوف حقيقية من تغيير المناهج الدراسية، فالوزير يحيى مثل شقيقه الأصغر عبد الملك الحوثي، لا يحمل أي مؤهل علمي سوى إجازة منحها له والده في العلوم الدينية، وتحديدا لدراسته على يديه المذهب الزيدي، والمذهب الاثني عشري الذي اعتنقوه منذ ارتباطهم بالولي الفقيه في إيران.

فالكثير يتحدثون عن أن يحيى الحوثي متعصب مذهبيا كعائلته، ويعتبر كل المنهج التربوي والتعليمي في اليمن وهابيا تكفيريا ويجب تغييره، وهو ما حذر كثيرون من أنه قد يدفع نحو فتنة مذهبية وطائفية ومزيدا من الفوضى في المناهج الدراسية التي رسّخت على مدى عقود قيم المواطنة والمساواة والهوية الحضارية، وأذابت الفوارق الطبقية والعنصرية والطائفية في اليمن.

الأستاذ (خ.ع)، المعلم في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، يحدثنا حول هذا الموضوع قائلا: "تعيين يحيى الحوثي وزيرا للتربية والتعليم لم يكن صدفة، بل الأمر كان مدروسا ومخططا له، والدليل على ذلك أنه منذ اليوم الأول لتعينه قام بإصدار عدة قرارات وتعميم عدد من التوجيهات والأوامر لمدراء المدارس، جميعها تهدف إلى نشر أفكارهم ومعتقداتهم الشيعية بين الطلاب والمدرسين وبالقوة".

"لقد تم استبعاد كثير من مدراء المدارس وكذا المدرسين الذين لم يلتزموا بتلك التوجيهات الصادرة من الوزير الجديد، وتم استبدالهم بكوادر موالية لهم تؤمن بمعتقداتهم، وعلى إثر ذلك ظهر على العلن كثير من المعلمين الذين قاموا علانية بالترويج لأفكار التشيع وولاية عبد الملك الحوثي في المدارس، سواء أثناء الحصص الدراسية أو خلال المناسبات الدينية، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بعمل دورات للمعلمين وكذا الطلاب داخل المدرسة وخارجها، ليحولوا بعملهم هذا المدراس إلى "مفارخ" تنجب جيلا يؤمن بعقيدتهم، سعيا لإنتاج مليشيا حشد شعبي، على المدى المتوسط، وحرس ثوري على المدى البعيد".

وأضاف قائلا: "رغم تلك الممارسات التي تستهدف عمق المجتمع اليمني، من خلال تسميم أفكار جيل الشباب وتغيير النهج القويم للمجتمع، إلا أن المجتمع اليمني بكل شرائحه يرفض الفكر الشيعي، ويرفض محاولات الحوثيين فرض عقائدهم المنحرفة، فكثير من المواقف حدثت من الطلاب، جميعها ترفض ما يملونه عليهم، سواء كان ذلك عبر الدورات أو المحاضرات أو الفعاليات، بل وصل بالبعض من الطلاب والطالبات أن وقف في وجه المشرف الحوثي يعلنها صراحة أن لا مكان لك في مدرستنا، فتم فصل كثير من الطلبة وتهديد الأهل، إلا أن ذلك لم يخيفهم وكل يوم نشاهد مثل هذه المواقف، وممانعة حقيقية عكستها انتفاضات الطلاب في كثير من مدارس الثانوية العامة ضد أفكار المليشيات وأجنداتها".

جعل الخميني في مرتبة النبي:

منذ انقلابها على السلطة الشرعية عمدت مليشيا الحوثي إلى نشر أفكارها الطائفية والمذهبية، والتي استقتها من محاضرات حسين بدر الدين الحوثي التي كانت تسجل على أشرطة كاسيت، بعدها قام أحد تلاميذ حسين الحوثي بتفريغ هذه المحاضرات الصوتية من أشرطة الكاسيت إلى ورق، تم طباعة كل محاضرة تتحدث عن موضوع معين في ملزمة واحدة، ليصبح عددها ما يقارب 60 ملزمة.

أحد خطباء المساجد الذي أجبر على حضور الدورات التي تقيمها المليشيات على كل موظفي الدولة يحدثنا قائلا: "تم استدراجي إلى العاصمة صنعاء بحجة إننا سنحضر فعالية خاصة بخطباء المساجد لن تستغرق ساعات، ومن ثم سيتم إعادتنا إلى قريتنا في محافظة إب، لكننا لم نعد إلا بعد نصف شهر".

"عند وصلونا إلى صنعاء، طبعا عرفنا فيما بعد أننا في صنعاء، لأن تنقلاتنا كانت ليلا، وعبر باصات نوافذها عليها ملصقات سوداء، تحجب عنا رؤية أي شيء خارجها، نقلونا إلى بدروم يبدو أنه لفلة كبيرة، مكثنا فيه حتى انتهاء الدورة".

"كان عددنا ما يقارب الثلاثين خطيبا وعاقل حارة، أخذوا من الجميع التلفونات وأغلقوها، واحتفظوا بها لديهم، ولم تسلم لنا إلا قبل مغادرة المكان بدقائق".

"خلال الخمسة عشر يوما كان يأتي إلينا عدد من المشرفين الحوثيين، يلقون علينا محاضرات من ملازم سيدهم بعد أن تم توزيعها علينا، ومحاضرات عن فكر الخميني الذي يمجدونه ويضعونه بمرتبة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ما عرفته من خلال محاضراتهم التي تتحدث عنه".

"أستطيع أقول إن كل الندوات والمحاضرات تصب في هدف واحد هو إقناعنا بولاية عبد الملك الحوثي والإيمان بفكره وعقيدته الشيعية، وكذا تحبيبنا في الخميني وبالثورة الإيرانية التي قام بها، وإقناعنا أن ما عدا ذلك فهو باطل".

وأضاف: "رغم ضعف هذه المحاضرات فكرياً وعلمياً، وتضمنها أخطاء فادحة منهجية ولغوية ومخالفتها لكثير من مقررات التراث الفقهي، بما فيه التراث الزيدي، إلا أن غلوهم واعتبار حسين قرين القرآن، كما كان يردد علينا، جعلهم يتعصبون لكل ما ورد فيها، لذا كانوا يرفضون أي انتقاد لمضمونها، أو نقاش أو توجيه سؤال".

"كان كثير ممن حضر الدورة يصلون وهم يضمون، فكانوا يتعاملون معهم بحذر شديد، ولم يكن يسمح لنا الحديث مع بعضنا بحرية، فالنوم له وقت محدد، والاستيقاظ أيضا له وقت محدد".

وختم حديثه قائلا: "قبل انتهاء الدورة أملوا علينا بعض التعليمات التي يجب أن نلتزم بها، منها عدم الحديث عما جرى في الدورة، ونشر المفاهيم التي طرحت علينا في المحاضرات والندوات، وقاموا بتسليم كل واحد منا نسخ من المحاضرات وكذا الملازم، وفرضوا علينا تدريسها في المساجد، واقتباس بعض المفاهيم التي ذكرت فيها في خطبة الجمعة".

لا اختلاف عن رافضة إيران قيد أنملة:

أكد كثير من المعلمين والمعلمات أن المليشيات تنظر للمدرسين في محل الاتهام، وأنه لا براءة لهم إلا بحضور دوراتها الطائفية، فقد نظمت الوزارة للمعلمين دورات تتضمن أفكارا ومعتقدات لا تتقبلها النفس السوية، فهم لا يختلفون عن رافضة إيران قيد أنملة، فكل ما يقوله شيعة إيران يردده الحوثيون عقيدة وفكرا، ويدافعون عنه ويموتون في سبيله، وفق ما ذكرته إحدى المعلمات التي حضرت الدورة، والتي أكملت حديثها معنا قائلة: "كانت الدورة إجبارية، وكان فيها كشوفات حضور وانصراف، وإذا لم نحضر يتم فصلنا وقد قاموا بفصل مديرات كثير من المدراس لأنهن لم يحضرن دورات التشيع، لذا حضرت الأيام الخمسة".

"الدورة مليئة بالأفكار والأحكام التكفيرية لخصومهم، وحاولوا إقناعنا أن الأحاديث النبوية التي درسناها كلها خاطئة، ويمجدون ثورة الخميني ويعتبرون أن حزب الله هو النبراس الذي يجب أن نسير عليه جميعا".

"كلام لا يطابق ديننا ولا ثقافتنا، وكل كلامهم زرع للأحقاد بداخلنا، والقيام بعملية غسل لأدمغة المشاركات في الدورة".

"أكملنا الدورة وفي ختامها كافؤونا بكتب من ضمنها فاجعة كربلاء، والصرخة في وجه المستكبرين، وحسين مني وأنا من حسين، والتي تتبع منهجهم وعقليتهم".

وأضافت: "للأسف هناك كثير من المدرسات يقمن بنشر هذه الأفكار بين الطالبات، وملاحقة كل مدرسة يشعرون بأنها ترفض تصرفهم وأفكارهم، أصبحنا في المدرسة مقيدات لا يحق لنا الاعتراض ولا حتى الحديث فيما يخص معتقداتهم". 

الفرق بين الحوثيين وبين المذهب الزيدي:

على الرغم من أن حسين بدر الدين الحوثي دائما ما كان يقول إنهم ينتمون إلى المذهب الزيدي، إلا أنهم في الحقيقة يعدون من خوارج الشيعة والزيدية بصفة خاصة، ويصل بعض الفقهاء من المذهب الزيدي والمذاهب الأخرى إلى تكفيرهم لأن بدر الدين بن أمير الدين الحوثي وهو أحد كبار الشيعة، جارودي المذهب، يرفض الترضية على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذلك لا يترضى على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، كما هاجم في عدة مؤلفات له الصحيحين والسنن، واتهم الإمام البخاري ومسلماً بالتقول والكذب على رسول الله إرضاءً للسلاطين، ومنه ورث ابنه حسين هذا المذهب، وسار عليه أنصارهم وأتباعهم.

ولمعرفة الفرق بين المذهب الزيدي والحوثيين، يجب تعريف وتحديد ملامح كل مذهب على حدة.

1. عقائد الزيدية وأفكارهم:

• اشترط مذهب الزيدية أن تكون الإمامة من نسل السيدة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء أكانوا من نسل الإمام الحسن أم من نسل الإمام الحسين.

• الإمامة لديهم ليست بالنص، وهي ليست وراثية بل تقوم على البيعة، ويتم اختيار الإمام من قبل أهل الحل والعقد.

• جمع المذهب الزيدي في نشأته بين فقه أهل البيت والاعتزال، مع الميل في الفروع إلى المذهب الحنفي، وتبني قاعدة مشروعية الخروج على الحاكم الظالم، وهي القاعدة التي طبقها الزيدية جيلاً بعد جيل.

• جواز إمامين معًا، حيث يجيزون وجود أكثر من إمام في وقت واحد في قطرين مختلفين.

• إجازة إمامة المفضول على الأفضل.

• يقرّون بخلافة كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ولا يلعنونهما كما يفعل الاثنا عشرية والحوثيون.

• يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بالعقيدة في الله تعالى والقضاء والقدر.

2. نقاط الخلاف بين الزيدية والاثني عشرية:

• يكفر مذهب الاثنا عشرية بكفر من لا يؤمن بكل الأئمة الاثني عشر، وتبعاً لذلك أفتى علماؤهم بكفر الزيدية.

• وفي المقابل كان علماء الزيدية في القديم والحاضر -إلا من شذّ منهم- يعرفون ضلال الروافض ويحذرون منهم، وينكرون ما هم عليه من الضلال والمنكر.

• ومن الفرق الخارجة عن الزيدية: الجارودية، عرفوا بالغلو والميل إلى الرفض، وإليهم ينتسب بدر الدين الحوثي وأتباعه.