الجمعة 29-03-2024 16:29:57 م : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

مؤشرات التصدع.. لماذا ازدادت الاستقالات من "الانتقالي الجنوبي" بعد اتفاق الرياض؟

السبت 28 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت-خاص-عبد السلام الغضباني

 

ازدادت في الآونة الأخيرة الاستقالات من قيادة ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، خاصة بعد اتفاق الرياض، في تطور مثير يعكس مدى المأزق السياسي والعسكري والأخلاقي الذي بات عليه "الانتقالي" بعد انقلابه على السلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، في أغسطس الماضي، وما تبع ذلك من تطورات معقدة جعلت حلم تحقيق انفصال جنوب اليمن أكثر صعوبة من أي وقت مضى، في حين بدا "الانتقالي" مرتبكا في التعاطي مع طبيعة المرحلة لعدم تعدد خياراته ليس لتحقيق الانفصال ولكن للحفاظ على موقعه السياسي والعسكري.

وبالرغم من محاولات القيادة الرئيسية لـ"الانتقالي" للحفاظ على استمرار وجوده واستمرار فرض سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن بقوة السلاح، وأيضا محاولة فرض واقع جديد بهدف الحصول على نصيب كبير في الحكومة المرتقب تشكيلها وفقا لاتفاق الرياض، إلا أن هذا الإجراء يعني استمرار الانقلاب والتمرد، ويعني أيضا رفض تنفيذ اتفاق الرياض، وبالتالي تعذر تشكيل حكومة جديدة يكون لـ"الانتقالي" فيها نصيب، وهو ما يجعل "الانتقالي" ومليشياته وجها لوجه أمام الحكومة الشرعية والسعودية راعية اتفاق الرياض، وسيكون الخيار العسكري هو الحل الأخير لإنهاء تمرد "الانتقالي" وإنهاء حالة الانسداد التي يسعى لفرضها، بعد عجزه عن فرض سيطرته على كامل المحافظات الجنوبية وإعلان الانفصال، وبقائه في حالة "حصار ذاتي" داخل مدينة عدن ومناطق أخرى محيطة بها.

- أسباب الاستقالات

توالت الاستقالات من "المجلس الانتقالي" خلال الأسابيع الأخيرة من مختلف مستوياته القيادية وفي فروعه في محافظات أخرى، وتقول مصادر إعلامية بأن إجمالي الاستقالات وصل إلى 30 استقالة، ويعود ذلك بشكل رئيسي للتباينات التي برزت بين قيادات المجلس بشأن الموقف من اتفاق الرياض، إضافة إلى التناقض الظاهري بين الأهداف التي يرفعها المجلس والممارسات على أرض الواقع، والعنصرية والمناطقية التي يمارسها قادة المجلس ضد قيادات فروعه في المحافظات وتهميشهم.

كما أن حالة عدم الثقة بالقيادة الحالية لما يسمى "المجلس الانتقالي" والتي تتعزز يوما بعد يوم، من شأنها التأثير على تماسك "المجلس"، الذي يبدو مجرد واجهة شخصية لكل من عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك لتحقيق مصالح شخصية ونفوذ سياسي وعسكري خاص بهما، خاصة أن ظروف تأسيسه ارتبطت بإقالة كل من الزبيدي وابن بريك من منصبيهما في الحكومة الشرعية، وها هو التراجع عن محاولة فرض الانفصال بالقوة جاء بعد وعود بعودتهما للحكومة الشرعية بحسب ما نص عليه اتفاق الرياض، فضلا عن استنادهما لمليشيات مسلحة موالية لدولة أجنبية تتلقى منها التوجيهات مباشرة، ولها أجندة تخريبية في اليمن.

ولعل العامل الأكبر في التصدع المبكر لـ"الانتقالي" يتمثل في أن الانتماء المناطقي والقبلي لقياداته ولمعظم المليشيات المسلحة الموالية له، والذي برز بقوة خلال أحداث عدن الأخيرة، أحيا الثارات التاريخية ذات الأبعاد المناطقية والقبلية التي تسبب بها النظام الحاكم في الشطر الجنوبي قبل الوحدة، والتي بلغت ذروتها خلال أحداث 13 يناير 1986، وفشل كل دعوات التصالح والتسامح التي ظهرت بالتزامن مع بروز مطالب الانفصال خلال السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ مطلع العام 2007 الذي ظهر فيه الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال كرد فعل على سياسات نظام علي عبد الله صالح التدميرية للبلاد.

- اتفاق الرياض وتسويق الوهم

رغم محاولة رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، تسويق الوهم من خلال الزعم بأن اتفاق الرياض يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الانفصال واستعادة الدولة الجنوبية، حسب تعبيره، في محاولة يائسة منه للإبقاء على تماسك "الانتقالي" بعد بروز مؤشرات تصدعه، لكن الواقع على الأرض يثبت عكس ذلك تماما، خاصة بعد تمكن الجيش الوطني من فرض سيطرته على محافظة شبوة بالقوة، وعجز مليشيات "الانتقالي" عن السيطرة على المحافظة، بل فإن استمرار سيطرة مليشيات "الانتقالي" على عدن يبدو مستحيلا، سواء مضت الأمور باتجاه التنفيذ الفعلي لاتفاق الرياض، أو انحرفت نحو المواجهات العسكرية مع القوات الحكومية.

فاتفاق الرياض ينص على دمج مليشيات "الانتقالي" في قوات الجيش والأمن التابعة للحكومة الشرعية، ما يعني "الموت السريري" لـ"الانتقالي"، بينما المواجهات العسكرية تعني حسم المعركة لصالح الحكومة الشرعية كما كاد أن يحدث بعد انقلاب أغسطس الماضي في عدن، لولا تدخل الطيران الحربي لدولة الإمارات الذي شن غارات عنيفة على قوات للجيش الوطني ومنعها من التقدم نحو مدينة عدن بعد تهاوي مليشيات "الانتقالي" وتراجعها بشكل غير متوقع في المعركة، علما بأن ذلك التدخل (الإماراتي) حدث لظروف معينة، ولا يمكن أن يستمر أو يتكرر لعدة مرات، خاصة في ظل تزايد الرفض الشعبي في المحافظات الجنوبية لـ"الانتقالي"، وعجز مليشيات "الانتقالي" عن التقدم نحو محافظات أخرى مهمة والسيطرة عليها، مثل شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى.

- نتائج سلبية

وفي المحصلة، فإن كل ما سبق ألقى بظلاله على البنيان الهش لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، مما تسبب في توالي الاستقالات من مختلف مستوياته القيادية، سواء كانوا من الطامحين للانفصال، أو الباحثين عن الرواتب والامتيازات، والنتيجة النهائية أن "الانتقالي" ظهر بوجه بشع جعل الكثير من المطالبين بالانفصال يتراجعون عن ذلك، خوفا من إجرام وهمجية وعنصرية من يطمحون لحكم جنوب البلاد، خاصة بعد نشر فيديوهات التعذيب والقتل للعديد من الأسرى والأبرياء خلال المعارك التي شهدتها عدن ومدن حولها بين مليشيات "الانتقالي" والقوات الحكومية.

يضاف إلى ذلك الممارسات القمعية ونهب الممتلكات العامة والخاصة في العاصمة المؤقتة عدن من قبل قيادات "الانتقالي"، بشكل يشبه أسلوب مليشيات الحوثيين عندما سيطرت على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى في النهب والسلب واختطاف وسجن المعارضين لها، بل فهناك مواطنون جنوبيون تضرروا من ممارسات مليشيات "الانتقالي" خلال مدة زمنية قصيرة أكثر من تضررهم من نظام حكم علي صالح الفاسد ما يقارب 22 عاما بعد الوحدة، والبعض منهم تضرروا من مليشيات "الانتقالي" أكثر من تضررهم من مليشيات الحوثيين والجيش الموالي لعلي صالح خلال المعارك التي شهدتها "عدن" ومدن جنوبية أخرى بداية الحرب على الانقلاب عام 2015.

- أبرز المستقيلين من المجلس الانتقالي

وفيما يلي أسماء أبرز المستقيلين من قيادة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، بحسب مواقع إخبارية على الإنترنت:

- عبد الرحمن محمد الجفري، عضو القيادة المحلية للمجلس الانتقالي.

- نديم النقيب، عضو الجمعية العمومية التابعة للمجلس الانتقالي التي يرأسها أحمد بن بريك.

- الشيخ محمد دولي السقطري، قيادي في المجلس الانتقالي بسقطرى.

- علي محسن السليماني، رئيس فرع المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة.

- عيدروس باعوضة، نائب رئيس فرع المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة.

- الشيخ بكر ناصر طالب، عضو الجمعية العمومية التابعة للانتقالي.

- مجور فهد الطالبي، عضو الجمعية العموميه التابعة للانتقالي.

- سالم صالح مبخوت، عضو الهيئة التنظيمية لانتقالي مديرية جردان.

- الدكتور فضل منصور القاحلي، عضو الهيئة الإعلامية لانتقالي شبوة.

- ليلى بن بريك، عضو الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ونائبة رئيس لجنة المرأة بالمجلس.

- نقيب كلد، مستشار الجمعية العمومية التابعة للانتقالي.

- محمد عادل شاجرة، قيادة الانتقالي فرع أبين.

- ابن حمدين الضالعي، ناشط تابع للمجلس الانتقالي الجنوبي.

- محمد السيد، عضو الانتقالي من يافع الحد.

- أديب صالح العبد، رئيس الدائرة الإعلامية للانتقالي بشبوة.

- بيحان محمد عبد الله كرمون، رئيس دائرة الشباب، انتقالي شبوة.

- حليمة أحمد علوي، رئيسة دائرة المرأة، انتقالي شبوة.

- سالم محمد حدير، رئيس دائرة الوعي والإرشاد، انتقالي شبوة.

- أحمد حسين القدسي، رئيس دائرة الحقوق والحريات، انتقالي شبوة.

- ناصر الطويل باحاج، عضو انتقالي شبوة.

كما استقال عدد من الناشطين الإعلاميين من "الانتقالي" وأغلقوا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك عدة قيادات تلوح بالاستقالة من "الانتقالي" لعدة أسباب.

كلمات دالّة

#اليمن