الخميس 28-03-2024 12:13:17 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تعز بين انشطار النخبة وعنقودية الثورة المضادة

الثلاثاء 10 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص- عبد العزيز العسالي
 

  

ما الذي يدور في محافظة تعز؟

قراءة تشريحية هادئة:

** كانت تعز ولا زالت تمثِّل تنوعا إيجابيا في مجمله، بل وأجزم أن التنوع الإيجابي باق وسيظل وإن كان يمر مرحليا في أدنى درجات الإيجابية.

هذه الانتكاسة الظرفية والطارئة لم تأت اعتباطا وإنما هناك أمر دُبّر بليل أثمر انشطار النخبة إلى حد مقلق.

أعتقد ومعي الكثيرون من عقلاء نخبة تعز كانوا يتوقعون ذلك الانشطار، وكانت لدى العقلاء ثقة بالنخبة التعزية أنها قادرة على تجاوز الانشطار نحو تضميد جراح تعز كما سنوضح لاحقا.. فماذا يعني انشطار النخبة؟

الانشطار في القاموس العربي يعني التمزق- شطَّرت رغيف الخبز خمسة أشطار اي أن كل شطير يذهب إلى يد آكله.

** مكونات الثورة المضادة

إلى جانب انشطار النخبة،
هناك حزب مؤتمر، هاشمية سياسية، نخبة مدراء عموم، أجهزة أمنية متعددة، لفيف من أبناء مناضلي 26 سبتمبر احتواهم النظام السابق في أجهزة الاستخبارات، حرس جمهوري، أمن مركزي، عدد من ذوي البطالة ويسميهم البعض الفاشلين في حياتهم. والحقيقة هي أنهم خلايا نائمة برزت بقوة: مثقفون، مدرسون، قضاة، دكاترة جامعات، تجار، لفيف من المشيخ اللاهث والمشيخ المصنوع من جهة النظام، أُعَدُّوا خصيصا لتفجير المواقف وإشعال الفتن لا غير.. وليس أخيرا، بعد خارجي.

ملحوظتان:

- هذه المكونات لم تكن وليدة 2014/9/21 وإنما هي بؤر مصنوعة تحت عين النظام السابق لأداء هذا الدور.

- لا يعني أن كل عناصر هذه المكونات كانت على درجة واحدة في الثورة المضادة، بل بعضها صمت، والأقل رفض موقف رأس النظام قليلا ثم سكت.

غراس الأمس حصاد اليوم

فيلسوف أوروبي قال: الكلمة الخطأ يحتاج تصحيحها إلى11 مفهوما صحيحا. لكن الوجع الأقسى هو أن زمن التصحيح يطول قطعا.. فكم هي المفاهيم الخاطئة يا ترى التي ظلت تترسخ (دورة فلكية كاملة)؟

النفق المظلم:

مثَّل الانقلاب المليشاوي في 21 سبتمبر 2014 هتكا لستار الثورة المضادة التي كانت قد رتبت أوراق المكونات الآنفة الذكر موزعة المهام.. خلال فترة معالجات المبادرة الخليجية والحوار الوطني، وقد صرح رأس النظام قائلا: "الآن سنعلمهم المعارضة". وعليه، لم يكن الانقلاب المليشاوي سوى القيام بتسلُّم للراية وستنطلق شاصات الكهف دون فرامل تحت رعاية محلية وإقليمية بل ودولية تحت مبرر أن الانقلاب المليشاوي ليس ثورة مضادة وإنما هي أقليات تطالب بحقوق.

وبعد نجاح الانقلاب سيكون رأس النظام قد عاد حاكما والسيد مرجعية.

تعز تدفع ضريبة (لا)

معلوم أن النخبة اليمنية، وخصوصا اللقاء المشترك، انحسرت مبكرا على مستوى الجمهورية من قبل الانقلاب، لكن في تعز ظل التماسك قائما وكان القاسم المشترك هو "لا للحرب في تعز"، بل تجاوز الموقف إلى خروج مسيرات عاصفة ضد اقتحام لحج وعدن عبر تعز.

انفجار الحرب

13 لواءً جاثمة على صدر تعز.. اتجهت النخبة عموما لتحميل المسؤولية اللجنة الأمنية بالحافظة بأن تقوم بواجبها الأمني والدفاعي والحيلولة دون اقتحام تعز.

لم تكتف النخبة بهذا وإنما وقعت اتفاقيات عدة مع ممثلي المليشيات على غرار اتفاقية السلم والشراكة بالعاصمة صنعاء وأن المليشيا الانقلابية تحكم ولا ضرورة للحرب.

غير أن قيادات المليشيا وزعت الأدوار، هذا يوقع وذاك يرفض، وانفجرت الحرب.

إعلان المقاومة من الجميع ضد المليشيا الانقلابية

وبرزت مجاميع متعددة من المقاومة انخرط فيها أعداد الكثير منهم يواجه المليشيا بنسبة لكن له أهدافه الخاصة الشخصية.

كانت المقاومة بمختلف توجاهاتها يجمعها خصم واحد هو الانقلاب المليشاوي وبدأت المواجهة.

وقد أبلى الجميع بلاء حسنا وبنسب متفاوتة، وصولا إلى فتح تنفيسة أوكسجين وهو خط تعز جنوبا بعد عناء لا يعلم مداه إلا الله والذين رزحوا تحت الحصار.

بعد فك الحصار وفتح الخط الجنوبي لتعز وتقديم مئات الأبطال حتى اللحظة دفاعا مستميتا كون المليشيا لا يغمض لها جفن تريد قطع الخط والهجمات مستمرة.

أولاد العَلّات

مكونات الثورة المضادة والمنضوية تحت المقاومة كشفت عن وجهتها بتصريح صحفي أنها ضد المليشيا لكنها مع رأس النظام السابق.

وتكشفت هذه المكونات أنها أشبه بأولاد الخالات لكن أباهم واحد!

- اتجه الدعم بالسلاح والمال تجاه فصيل واحد من المقاومة بينما بقية الفصائل تحصل على:

- قذيفة الدبابة بمبلغ 100 ألف ريال!

- قطعة السلاح الشخصي بـ700 ألف ريال!

- الطلقة (الرصاصة) الآلي بـ500 ريال!

وغيرها من المؤن والذخائر وكل ذلك بطريقة التهريب!

توافد الرايات السود

التف سكان المدينة في كثير من الأحياء حول عناصر ليست من المقاومة ولا من تعز، رايات سود، والشعار قتل كل من يلبس زيا عسكريا تابعا للشرعية وأنه من أنصار الطغيان، وأن التقرب به إلى الله أفضل من التقرب بـ50 من المليشيا الانقلابية!

تم تدريب عناصر الاستخبارات (الخلايا النائمة) على الاغتيالات في الأحياء، وقد بلغ عدد ضحايا الجيش الوطني 322 ضحية بين قتل مباشر واختطاف وذبح في سوق الصميل والأحياء المجاورة.

- نهب ممتلكات الدولة.

- نهب البنك المركزي، نهب الآثار، نهب بيوت النازحين إلى حد خلع الأبواب والنوافذ!

- نهب مخازن التجار.

- إحراق المقاعد في كلية الآداب لأنها مثبتة على الأرض.

- نهب مكاتب كبار الشركات الخاصة والعامة، بل ونهب مطبعة صحيفة الجمهورية الجديدة والبالغ ثمنها قرابة 3 مليارات ريال يمني.

أسوأ عام:

- كان عام 2017 أسوأ الأعوام على الإطلاق من كل النواحي.

- انتقلت الثارات إلى المدينة على ذمة الثورة المضادة.

ظهور السلطة المحلية:

بدأت المكاتب التنفيذية للسلطة المحلية بالتشكل من الصفر لأن كل شيء منهوب.

خاطبني شفويا أحد مدراء العموم في مكتب خدمي إنساني 100% قائلا وبكل جد: ليس عندي مانع أن يتم نهب السيارة المتبقية في مكتبنا.. ولمِ يا سعادة المدير؟ الجواب: هناك من هو أكثر حاجة إليها. وتكشفت الأيام أنه يتبع بعض المنشطرين!

ضد الجيش الوطني والأمن:

- حرمان رواتب!
- إسقاط أسماء!
- سرقة أرقام عسكرية غلاطا وعبثا.
- إسقاط من الكشوفات!
- عدم ترقيم لأعداد غير قليلة حتى اللحظة!
- بطء شديد في التعامل.
- بطء وتهرب في صرف الرواتب لأهداف مادية.. كل هذا يتم هناك داخل الوزارة ويا فصيح..

تسبيح من نوع خاص:

مصطلح خاص عندما تشتد الأزمة المالية لدى الجندي أو المقاوم يقال له سبَّحْ، أي بع 3 طلقات (رصاصات) وتغدى و... إلخ.. تطول الأزمة المالية وتطول وتطول.

النتيجة:

بعض أشخاص المقاومة وهم قلة قليلة جدا من ذوي النوايا السيئة التابعين للثورة المضادة يتبعهم عدد من ذوي النفوس الضعيفة وأقل منهم المحميون بشخصيات نافذة وأولاد النافذين وتحت ذريعة لا رواتب لا ترقيم لا... إلخ.. فيتجهون إلى: التهبش، نهب مترات، باصات، سيارات، استيلاء على منازل، السطو على الأسواق وفرزات السيارات وآبار المياه، إتاوات على السيارات الحاملة بضاعة، استيلاء على أراضٍ بالقوة، وتمكين البعض من البناء والعكس.. كل ذلك بهدف الابتزاز المالي.

بطبيعة الحال حوصرت هذه الجرائم إلى حد كبير ولست مبالغا أنها تكاد تختفي خلال هذا العام عدا حالات قليلة جدا لأبناء أو أقارب النافذين.

جزيل الامتنان للأمن:

استطاع الأمن العام والشرطة محاصرة الجريمة وأحيل عدد كبير جدا من القضايا إلى النيابة والقضاء.. قرابة 13 جريمة سجلت على مجهولين.. 22 جريمة معروف فاعلها وفار من وجه العدالة.

النخبة بين الانشطار والاجتماع:

(قيام التحالف السياسي)

قبل سنتين سعى العقلاء لتجميع شمل النخبة وإيجاد رؤية لمحافظة تعز ودعم الشرعية، وانتهى الموقف بقيام "التحالف السياسي لدعم الشرعية".

توحدت النخبة على القواسم المشتركة، وكان موقفا يعكس روح تعز حقا.. وهي روح غير موجودة يمنيا بل وعربيا.

ظل يكافح ويتعثر وحاول البعض الانشطار مرارا دونما مبررات واضحة سوى أن هناك أجندة ذات أبعاد خارجية!

إفصاح مرعب:

في جلسة ودية خاصة بعد عيد الفطر الفائت، تم تجاذب أطراف الحديث حول المحاصصة في السلطة المحلية وخصوصا حول الأكثر وجعا وهو ملف الجرحى، وملف الصحة، وملف النظافة، ولوحظ أن رئاسة لجنة الجرحى قد لهفت رقما فلكيا بالعملة الصعبة، والجرحى يعانون ويهددون باتخاذ مواقف قاسية.

اتجه الحديث حول المحاصصة في الجيش والأمن وتم توجيه السؤال للمتباكين أنهم مقصيون.. فقيل لقد سلمت إليكم هذه الأرقام حصة حزبكم 265 في الشرطة والأمن العام، و960 في الجيش فأين ذهبت؟

الجواب: دعونا من هذا، ألسنا نقول عفى الله عما سلف؟
ألسنا نقول مصالحة وطنية؟
ألسنا ندعو للم الشمل؟ ألسنا أبناء وطن واحد؟ بلى أيها الأستاذ أفصح!

لا ضرورة للجيش الوطني والأمن.. وعلينا وجوبا استعادة كل المعسكرات التي حاصرت تعز سنتين ونصف بأن تعود إلى حضيرة الوطن ونلزمها بتحرير تعز!

رد عليه البعض: بلاش دماء الجيش والمقاومة لكن هل نترك دماء المدنيين الأبرياء سدى؟

غض الطرف:

السعي من جديد لإقامة تحالف وطني تناغما مع التحالف الحضرمي والمناطق الجنوبية، وقد سعت شخصيات جاهدة ولها الشكر وتوصلت إلى قيام التحالف الوطني والذي ضم أكبر عدد من النخبة والتشكيلات الجديدة وأعلن عن التحالف الوطني فتهربت شخصيات اعتادت التهرب والابتعاد، وكانت تشتغل على خطين، خط التحالف ذرا للرماد في العيون وخط مكونات الثورة المضادة الداعية لفصل منطقة الحجرية والمخا وذباب، تكون تابعة للعاصمة المؤقته عدن أو عاصمة مستقلة، وقد تبلورت قبل يومين بإصدار قرار النائب العام لوكيل نيابة المخا بإعطائه صلاحيات رئيس نيابة وإلحاقها بمحافظة الحديدة مرحليا!

رئاسة التحالف الوطني دعت لاجتماع عاجل للتشاور حول قرار النائب العام فوافق الأغلب إلا مكونين رفضا الدعوة من أساسها.. والعقلاء مستمرون في لملمة الشأن.

اغتيال القائد الحمادي:

اغتيال القائد البطل الشهيد الحمادي رحمه الله كان حادثا مؤسفا مؤلما بكل ما تحمله الكلمة.. صحيح أنه قد سبقت اغتيالات لقيادات توازيه رتبة وتعلوه مكانة لكن الفارق هو الظرف الذي تعيشه تعز وسط تربص لاقتحامها وتفكيك الجيش الوطني وإجهاض ثورة الشعب اليمني في سبيل الحرية والمساواة والتنمية والاستقرار والسلام.

دور الإصلاح:

شتان بين عامي2017 و2019.

وسط هذه المعمعة الممتدة من الخارج إلى الداخل.. بل ومن الداخل ذاته.. وهو الأسوأ.

موقف الإصلاح غير خاف عند معارضيه، فهم يعترفون أن الإصلاح مضحي بالمناصب والمواقع عدا الجبهات.. فهو صاحب النصيب الأكبر في الثغور رباطا وتضحية.. وهو المكون المحوري في عملية نفخ روح المقاومة في وجه المليشيا والثورة المضادة.. وهو الدينمو الفعال في جمع شمل النخبة حول القواسم المشتركة رافعا شعار "نعم للوطن".. الوطن فوق كل شيء.. الأمن والاستقرار والتنمية.

بذل جهودا مضنية -والله يشهد- في نكران الذات.. في إرساء الأمن والاستقرار.. وقد حوصرت الجريمة بنسبة 95%.. والسعي مستمر عبر عقال الحارات والأمناء والمواطنين.. فهل سيظل الإصلاح في برج الحوت
(مأكول ممقوت)؟ هكذا دون إنصاف؟ لكن هذا متروك للتاريخ.

صرخة رجاء يا شرعية:

يا شرعية: أنا النذير العَريان.. أنا لسان حال تعز ومعي عشرات الآلاف تخرج هاتفة بحياة الشرعية..
رواتب الجيش والأمن.
رواتب الجيش والأمن.
رواتب الجيش والأمن.

يا شرعية: ضعوا حدا للعبث الإداري والفوضى في الوزارات خصوصا.
يا شرعية يا شرعية يا شرعية.. صرخة تحذير قبل ما يحنب الفأس في الرأس وأقسم أن تفكيك الجيش الوطني سيدفع شباب الثورة لثورة ثالثة ستنهش لحوم رجال حكومتك.. أفيقي يا شرعية.. أفيقي لن يرحمك الشعب.

كلمات دالّة

#اليمن