السبت 20-04-2024 04:43:41 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تصعيد مستمر.. لماذا يتعمد "الانتقالي" إفشال اتفاق الرياض؟

السبت 07 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

 

يواصل ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" التصعيد ضد الحكومة اليمنية بلغة أكثر حدة من ذي قبل، برغم موافقته التوقيع على اتفاق الرياض في الخامس من الشهر الماضي، والذي كان من شأنه أن ينزع فتيل الأزمة المشتعلة في الجنوب، والتي بدأت عقب تنفيذ مليشيات المجلس انقلابا على الحكومة بالعاصمة المؤقتة عدن.

تبدو بذلك الأمور متجهة نحو مزيد من التعقيد، وتكرار سيناريو الحوثيين بالتعامل مع الاتفاقات التي وقعوها طوال فترة الحرب أو المشاورات التي شاركوا فيها، ما يعني أن حل الأزمة اليمنية لا زال بعيد المنال في ظل استمرار مثل تلك الممارسات.

 

تصعيد

أخذ التصعيد الذي دشنه الانتقالي أشكالا مختلفة، بدأ فورا بعد التوقيع على اتفاق الرياض بممارسات كثيرة بينها رفضهم إنزال أعلامهم من كثير من المؤسسات أبرزها مطار عدن، فضلا عن منعهم كذلك موظفي وزارة الإعلام من مزاولة أعمالهم في مقر الوزارة.

تنامى ذلك التصعيد المستمر حتى اليوم، ونزع الانتقالي أسلحة اللواء 33 مدرع في الضالع، وسلمها لمليشياته، وكذا تشكيل لواء جديد يتبع مدير الأمن المُقال شلال شايع والقيادي الحالي في الحراك الجنوبي.

ووصلت قوات حكومية إلى محافظة أبين، بينما وجهت قيادات الانتقالي مليشياتها هناك برفع الجاهزية القتالية تحسبا لأي طارئ.

كما علق الانتقالي عمل لجنته العسكرية المشتركة في تنفيذ الملحقين الأمني والعسكري اللذين تضمنهما اتفاق الرياض، بعد أسبوع فقط من معاودة عمله الذي سبق وأن علقته ليومين.

في هذا السياق، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي في مقال له إن الإمارات وأدواتها لا يريدون لاتفاق الرياض أن ينجح، فكل ما يريدونه منه هو ضمان أن لا تبقى السلطة الشرعية، التي تؤمن بأهمية أن يبقى اليمن موحداً، وبأنها لن تضم شخصيات وطنية صلبة وقوية.

  

مساعي الانفصال

لكن المسار الأشد خطورة هو مساعي الانتقالي نحو الانفصال، فقد جدد التأكيد على ذلك رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في الأول من الشهر الجاري، أنه لا رجعة عن هدف انفصال الجنوب، وذلك خلال اجتماع موسع للمجلس في عدن.

وسبقه كذلك رئيس الجمعية الوطنية التابعة للمجلس الانتقالي اللواء أحمد سعيد بن بريك، الذي توعد بمواجهة المكونات الجنوبية اليمنية الرافضة لمشروع الانفصال بطرق سياسية أو عسكرية.

وبدت نواياهم تلك واضحة، ففي أول بيان صدر عن الانتقالي عقب تأكيد التوصل لاتفاق الرياض، أكد المتحدث باسم المجلس نزار هيثم أن ذلك خطوة إستراتيجية على طريق تحقيق مشروعهم وأهدافهم المتمثلة في التحرير والاستقلال.

  

استغلال اتفاق الرياض

كما يبدو لم يكن الاتفاق بالنسبة للمجلس الانتقالي سوى ورقة رابحة ستوصلهم إلى ما يريدون، دون تطبيق البنود التي وافقوا عليها ووقعوا عليها في الرياض.

حصل الانتقالي من الاتفاق على ما يريد هو، وبدأ بتسويق نفسه كفاعل مهم داخل اليمن وكيان معترف به، وبدأ على أرض الواقع بفرض نفسه أكثر، تكرارا للسيناريو الذي حدث في الشمال ولجأت له مليشيات الحوثي لتحقيق أهدافها.

  

مخاطر الانفصال

من المعروف أن انفصال أي دولة يؤدي إلى إضعافها وكثيرا ما تندلع الحرب بين الدولتين مرارا، ويتسبب ذلك الوضع بالسماح لدول أخرى كثيرة بالتواجد لتحقيق أطماعها وزيادة نفوذها، خاصة مع امتلاك اليمن لمزايا كثيرة تثير أطماع كثير من القوى.

إضافة إلى ذلك فإن الانفصال يوفر لإيران فرصة تقوية الحوثيين في شمال اليمن وتحديدا شمال الشمال، واستمرار تشكيلها تهديدا للسعودية عبر ذراعها هناك، وهو ما سيشكل خطرا على أمن الرياض.

 

مصاعب في طريق الانتقالي

الطريق أمام "الانتقالي" وهدفه المتمثل بالانفصال تبدو غير مُعبدة تماما حتى الآن، برغم دعم الإمارات له، فالموقف الغربي ودول كبرى كثيرة تؤكد على أهمية وحدة اليمن واستقراره، وبرغم ذلك تبرز بشكل أو بآخر بريطانيا كلاعب يقوم بدور خفي في الجنوب يتناغم بشكل كبير مع ما تقوم به أبوظبي، وهو مؤشر خطير يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل الجنوب.

كذلك فإن قواتهم ذاتها متعددة الاتجاهات ولا تحمل عقيدة وطنية، وهي مرشحة وبقوة للاقتتال الداخلي، ما يعني أن من السهولة تفكيك تلك الوحدات التي تتلقى دعمها من الإمارات وتعمل خارج إطار الجيش.

كما أن محافظات الجنوب ليست جميعها مع الانفصال، فقد تصدت شبوة لمحاولة الانتقالي التوسع بتمرده شرقا، كما أن هناك مكونات داخل المهرة وحضرموت ترفض أن يكون المجلس ممثلا للقضية الجنوبية، وفرضهم للانفصال بالقوة يعني مزيدا من الاقتتال، ولن يكون من السهولة فعل ذلك بسبب الكثير من التعقيدات التي ستصطدم بطموحهم.

فقد أكدت مرجعية حضرموت الوادي والصحراء، دعمها للشرعية ومشروع اليمن الاتحادي الذي تم الاتفاق عليه خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

 

حل الفيدرالية

في رؤيته لحل الصراع في الجنوب، قال السفير اليمني لدى الأردن علي العمراني في مقال له نشره على فيسبوك، إنه "لو توفر عقل سياسي ناضح وحس وطني حقيقي وشعور معقول بالمسؤولية لمن يتبنون الانفصال لأدركوا أنه مستحيل سلما أو حربا، ولركزوا على الخيارات المعقولة مثل الفيدرالية التي تبناها مؤتمر الحوار الوطني".

وذكر أن الفيدرالية تتيح لكل إقليم أن يحكم نفسه ويدير شؤونه، لكن التطرف والعدمية وتنفيذ مشيئة الخارج وعبثيته ومراميه التي لا تأبه بمصالح الشعب اليمني ومعاناته وتطلعاته، هي ما يحفز البعض للتمادي في العبث والخطر.

واتهم العمراني من وصفهم بـ"الانتهازيين" في رأس "الانتقالي" بأنهم يغررون على الشعب، ويعبئوا عامة الناس كراهية ضد كل ماله علاقة باليمن، وليس مجرد الانفصال.

وتعد اليمن أقدم مستعمرة في شبه الجزيرة العربية كانت خاضعة للاحتلال البريطاني طوال أكثر من قرن بسبب موقعها الإستراتيجي المهم، وتمكن اليمنيون من إعلان الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر عام 1967.

كما قام الانتقالي المدعوم إماراتيا بتنفيذ عدة انقلابات على الشرعية في الجنوب، وأعاق عمل الحكومة وسعيها نحو تطبيع الحياة، وبذلك وبرغم تحرير المحافظات هناك، إلا أن الوضع فيها لم يستقر بعد.

ومن المتوقع في ظل استمرار سيطرة "الانتقالي" على مناطق واسعة من بعض المحافظات الجنوبية، أن ينفجر الوضع هناك عسكريا، خاصة مع استمرار الانتقالي بممارساته الاستفزازية وبناء قوات جديدة في صفوفه.

كلمات دالّة

#اليمن