الخميس 28-03-2024 15:58:28 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

هدم الدولة وتدمير المجتمع.. ماذا جنى اليمنيون من انقلاب 21 سبتمبر؟

الإثنين 23 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 05 مساءً / الاصلاح نت - خاص - أسماء محمد

 

 

قبل 21 سبتمبر 2014، لم تكن اليمن في أحسن أحوالها، فهي تعاني من الفقر والبطالة والافتقار لكثير من الخدمات الأساسية، لكنها أًصبحت عقب ذلك التاريخ في أسوأ حالاتها، وتراجعت كثيرا إلى الوراء.

غيَّر ذلك الانقلاب واقع البلاد بشكل كبير، ودفع المواطن اليمني ثمن ذلك، بفقدانه لكثير من أحبته وأهله بقذائف مليشيات الحوثي، وتعرضه للمجاعة والنزوح والتشرد.

 

تدهور شامل

لم تمر اليمن بمثل الظروف التي تعيشها اليوم منذ سنوات، إذ يعاني المواطن من الحرمان من مختلف حقوقه أبرزها الحصول على راتبه، إذ ترفض مليشيات الحوثي تسليم الإيرادات إلى البنك المركزي بعدن، وبذلك حرمت الموظفين من استلام مستحقاتهم وأصبحوا يعانون من الفقر والجوع.

وتعاني اليمن من تدهور اقتصادي مستمر بدأ بشكل رئيس بعد استنزاف الانقلابيين للبنك المركزي الذي رفضوا تحييده، فأصبحت نسبة الفقر اليوم أكثر من 80%، بينما وصل سابقا سعر الدولار الواحد إلى أكثر من ألف ريال يمني، بعد أن كان لا يتجاوز 215 ريالا.

وانتشرت الأمراض والأوبئة عقب انقلاب مليشيات الحوثي، وعاد وباء الكوليرا إلى اليمن الذي حصد أرواح الآلاف من اليمنيين وما زال حتى اليوم، وتردت مختلف الخدمات خاصة مع تضرر البنية التحتية بسبب الحرب.

وتحدث أزمات مختلفة من وقت لآخر، خاصة في مناطق سيطرة تلك المليشيات، آخرها تعرض صنعاء لأزمة مشتقات نفطية، ووصل سعر الجالون سعة 20 لترا من مادة البترول في ثاني أيامها، إلى 18 الف ريال في السوق السوداء.

وأعطت المليشيات الانقلابية الحق لنفسها في اختطاف المواطنين وتقييد حركتهم وقتلهم بأبشع الصور وسلب ونهب ممتلكاتهم، فضلا عن فرضها الحصار الجزئي على محافظة تعز التي يعاني سكانها من صعوبات كثيرة جراء ذلك.

كما أن المليشيات تحرص على غسل أدمغة الجيل القادم، وذلك عبر تغيير المناهج الدراسية، واستمرار استهدافها للنشء والشباب لاستقطابهم وتجنيدهم في صفوفها.

 

فتح باب التدخلات والتشظي

 ترفض قيادات مليشيات الحوثي تدخل التحالف العربي في اليمن واستهدافه لمواقعها بالغارات الجوية من وقت لآخر، متناسية أن انقلابها كان السبب في فتح باب التدخلات الخارجية المختلفة التي تنوعت دوافعها بينها دعم الشرعية واستعادة الدولة التي أدى سقوطها إلى انتشار الفوضى في اليمن، وتنامي وجود المليشيات التي يشكل وجودها خطرا على المنطقة ككل.

وقد حاولت تلك المليشيات تدويل ملف اليمن بشكل أكبر عبر استهدافها سابقا السفن في خطوط الملاحة الدولية، واتباعها نهج إيران، الدولة التي تدعمها، مما جعل اليمن واقعة في قلب العواصف في المنطقة.

أدى استمرار انقلاب الحوثيين إلى فتح جبهات كثيرة مختلفة في وجهة الشرعية، بينها بعض المحافظات الجنوبية التي وقفت فيها الإمارات ومليشياتها في وجه الحكومة والجيش وتسببت بإضعافها.

وساهم تدخل الأمم المتحدة في اليمن في إطالة أمد الحرب، واستغل الحوثيون تساهلها معهم في تثبيت وجودهم على الأرض والاستمرار في القتال، وتهديد أمن دول الجوار عبر استهدافها بالصواريخ والطائرات المسيرة.

 

تزييف الواقع

بدا غريبا بالنسبة لليمنيين احتفال مليشيات الحوثي بما أسمته الذكرى الخامسة للثورة، وحديث رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، عن تراجع الكثير من الظواهر السلبية التي لازمت سلطات ما قبل ما وصفه بـ"الثورة"، من قبيل ظاهرة الفساد والثارات، واختفاء السطو المسلح، وقطع الطرقات، وبراميل ما يسمى بالقطاعات والتقطعات، والحفاظ على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة.

ويتنافى ذلك بشكل كلي مع الواقع، فقد عانى المواطنون بشكل غير مسبوق من كل تلك الممارسات، وخاصة السطو المسلح، وعدم الحفاظ على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة، فقد تم تحويلها إلى أتباعهم وإقصاء كل موظف غير تابع لهم، والاستيلاء على مدخرات البنك المركزي والاحتياطي النقدي فيه.

 

نكبة

لم يجد اليمنيون لفظا مناسبا لوصف الحادي والعشرين من سبتمبر غير "النكبة"، تعبيرا عن الكارثة التي حلت بهم عقب تنفيذ تلك المليشيات انقلابها بدعم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تحالف معهم ضد ثورة الشعب وسلم لهم كل مقدرات الدولة.

وأطلق يمنيون في ذلك اليوم هاشتاغا حمل عنوان "#نكبة_اليمن_21سبتمبر"، تفاعل معه الكثير من الناشطين والصحفيين والكتاب، بينهم الناشطة أسوان شاهر التي قالت: "إن كان للجحيم الذي تعيشه اليمن منذ خمس سنوات من عنوان سيكون 21 سبتمبر".

أما الصحفي يحيى الثلايا فعلق قائلا: "في مثل هذا الصباح كانت اليمن تشهد أسوأ أيامها وأشدها ظلاما منذ نصف قرن، كانت صنعاء تشهد عودة فوج البدر وعسكر الباهوت"، في إشارة إلى الأئمة، منتقدا الأطراف التي ابتهجت بذلك الانقلاب حينها.

ولم يغب ذلك التاريخ عن أذهان أبناء محافظة تعز، الذين خرجوا يرفعون علم الجمهورية اليمنية، ويرددون الأغاني الثورية التي تذكرهم بما صنع آباؤهم في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي قضت على الإمامة، فهم يرون أن طريق مقاومة المليشيات هو الخلاص الوحيد من عذابها.

 

ضرورة الحسم

وينتقد الصحفي يحيى حمران، في تصريحات صحفية، عدم جدية الحكومة في إدارة مؤسسات الدولة في المناطق المحررة لتقديم نموذج ناجح، مؤكدا أن ذلك هو سبب قوة الحوثيين الذين يقومون بممارسة دور السلطة وضبط الموانئ بأساليب مختلفة، كالتنكيل والقمع، لتحقيق مشروعهم الإمامي.

ويرى أن وضع الحوثيين صعب للغاية في مختلف الأصعدة العسكرية والاقتصادية، مدللاً على ذلك بالإشارة إلى لجوئهم إلى مزيد من الإتاوات بمختلف مسمياتها، والتي أدت إلى ثراء قياداتهم، في حين ازداد فقر المواطنين.

ويعتقد حمران أن انقلاب الحوثيين لن ينتهي إلا بتحريك كافة الجبهات العسكرية والإعلامية وجبهة الوعي، والتحرك نحو حسم المعركة، كون التسويف أو مؤتمرات الحوار وغيرها، ليست إلا لتمكين تلك الجماعة، واستمرارها في التحشيد وإضعاف المواطن، وتغيير وعي الأجيال الصاعدة لصالح مشروعها.

ويحذر من خطورة عدم التحرك الجاد لحسم المعركة في ظل ما وصفه بـ"التلاعب الأممي"، حتى لا تعود الحكومة في حال حدثت تسوية، وهي شريك ضعيف، وقد تغيرت أيديولوجية المجتمع، وهو ما بدأ على أرض الواقع، من خلال الفعاليات الطائفية التي تقوم بها جماعة الحوثي.

وتتحدث التقارير المختلفة عن سقوط أكثر من عشرة آلاف قتيل خلال الحرب في اليمن، ومع ذلك تستمر مليشيات الحوثي بالحديث عن "ثورة"، والاستمرار بالقتال والزج بخيرة شباب البلاد في الجبهات ليس لأجل اليمن ومصالح الشعب بل لأجل تكريس مشروع سلالي عنصري لا يمت للشعب بصله.