الثلاثاء 23-04-2024 12:42:41 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نكبة 21 سبتمبر.. وعودة الإمامة في أبشع صورها

الأحد 22 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 08 مساءً / الاصلاح نت - خاص / عبد السلام الغضباني

  

لم تكن نكبة 21 سبتمبر 2014 مجرد انقلاب عسكري على الحكومة الشرعية، من قبل الحوثيين وحليفهم السابق علي عبد الله صالح وجناحه في حزب المؤتمر، وإنما كانت أكبر ردة تاريخية أعادت اليمنيين عشرات السنين إلى الوراء، وأعادت نظام الحكم الإمامي العنصري المستبد في أبشع صوره، وعادت ملامح ذلك العهد من فقر وجهل ومرض وجوع واستبداد وعنف، وسط احتفالات من قبل الحوثيين وأنصارهم بهذا اليوم، الذي يعد نقطة سوداء في تاريخ اليمن المعاصر، ويعد أكبر إدانة تاريخية لهم وللإمامة.

كما أن نكبة 21 سبتمبر 2014 كانت أيضا انقلابا على الأخلاق والقيم وعلى الإنسانية وعلى عادات المجتمع وتقاليده وثقافته، ولم يشهد التاريخ أن تجردت جماعة من الأخلاق والقيم في مناطق سيطرت عليها وصارت تحكمها كما تفعل مليشيات الحوثيين، حيث تاجرت بمعاناة المواطنين وفرضت سيطرتها على كل شيء ونهبت الجميع ولم تراعِ حرمة البيوت وانتهكت الأعراض، ولم تسلم منها حتى النساء، حيث تمارس بحقهن الاختطاف والسجن والتعذيب والابتزاز، وغير ذلك من مظاهر السقوط الأخلاقي.

- الانهيار الاقتصادي

لعل أبرز الكوارث التي تسبب بها الانقلاب، تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي وتداعيات ذلك على الوضع المعيشي للمواطنين، فالمليشيات الانقلابية لم تكتفِ بنهب الاحتياطي النقدي من البنك المركزي اليمني، والذي يزيد عن خمسة مليارات دولار، ولم تكتفِ بالتضييق على القطاع الخاص وزيادة الجمارك والضرائب ونهب رواتب الموظفين، بل فقد احتكرت تجارة السلع الأساسية، خاصة مادتي الديزل والغازل المنزلي، وتفتعل الأزمات متى ما أرادت، لتزدهر السوق السوداء، وتنهب أموال المواطنين البسطاء بأساليب احتيالية.

أما الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الوطني منذ بداية الانقلاب، فقد قدرت بـ54.7 مليار دولار، بحسب آخر تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء. وقال التقرير إن إجمالي خسائر اليمن في انخفاض الناتج القومي يتجاوز 54.7 مليار دولار خلال الأربعة أعوام من 2015 إلى 2018 مقارنةً بسنة الأساس العام 2014.

وأوضح التقرير أن من آثار الانقلاب والحرب، انكماش متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من حوالي 1287 دولارا عام 2014 إلى 385 دولارا عام 2018 بمعدل تغير تراكمي 70%. وبيّن أن هذا الانكماش يعني انزلاق مزيد من المواطنين تحت خط الفقر المقدر بـ600 دولار للفرد في العام.

وأظهرت تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 90% نهاية 2018، مقارنة بـ49% عام 2014، وتدنٍ مزمن في نصيب الفرد اليمني من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية مقارنةً بمتوسط دخل الفرد في العالم ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك دول مشابهة لوضع اليمن مثل ليبيا والسودان.

وأفاد التقرير بأن الاقتصاد اليمني سجل انكماشاً تراكمياً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي في الأربعة الأعوام من 2015 إلى 2018.

وأضاف: "انخفض الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015 إلى 24.8 مليار دولار مقارنة بـ31.7 مليار دولار عام 2014، بينما انخفض إلى 17.6 مليار دولار في العام 2016، وإلى 15.3 مليار دولار في العام 2017، وإلى 14.4 مليار دولار في العام 2018".

ونبّه التقرير إلى أن هذا الانخفاض والخسائر في الناتج المحلي الإجمالي لليمن مرشح للارتفاع في ظل استمرار الحرب وانقلاب مليشيات الحوثي.

إلى ذلك، تسبب الانقلاب في توقف تصدير النفط والغاز في اليمن، وهو ما انعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني، إذ تدهور الريال اليمني أمام الدولار، وبلغ سعر الدولار الواحد 600 ريال يمني، وفي وقت سابق تخطى حاجز الـ750 ريالا يمنيا.

- استمرار كارثة الانقلاب

ما زال انقلاب المليشيات الحوثية يلقي بظلاله على مختلف جوانب الحياة، خاصة أن المليشيات سلكت عملا ممنهجا ضد المواطنين لتنغيص معيشتهم، وبدأ ذلك منذ يوليو 2015، عندما أصدرت ما تسمى اللجنة الثورية للحوثيين قرارا بتعويم أسعار المشتقات النفطية، وهو السبب الذي اتخذته المليشيات ذريعة لإسقاط الحكومة والسيطرة على السلطة. وفي الشهر ذاته، افتتح الحوثيون السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية، التي تباع فيها بسعر يتراوح ما بين 400 - 500 ريال للتر الواحد، رغم أن سعره قد تحدد سابقًا بـ135 ريالًا يمنيا.

لقد أدخل الحوثيون البلاد مرحلة حرب لم تنتهِ بعد بسبب الانقلاب، سقط على إثرها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وشُرد الملايين، وأصابت الأمراض والأوبئة أكثر من 3 ملايين يمني، بينما بلغ عدد اليمنيين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية 22 مليون شخص، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.

وتسبب السلوك الإجرامي للحوثيين منذ انقلابهم وحتى الآن بسقوط أكثر من 20 ألف قتيل، وأكثر من 45 ألف جريح، وأكثر من 17 ألفا معتقلين ومختفين قسريًا. إضافة إلى ذلك، جند الحوثيون أكثر من 13 ألف طفل، وهجروا أكثر من 12 ألف أسرة من منازلها، ودمروا 50 ألفا من الممتلكات العامة والخاصة، بحسب إحصائيات اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.

وبدأت حالة تفشي وباء الكوليرا في اليمن منذ أكتوبر 2016، قبل أن تعود مجددًا في 2017. وفي 21 ديسمبر الماضي، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن عدد حالات الكوليرا المحتملة في اليمن وصل إلى مليون حالة.

وبحسب اليونيسف، يعاني 14 مليون يمني من عدم توفر المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي وانتشار القمامة، إضافة إلى نحو 460 ألف طفل يعانون من خطر سوء التغذية، بسبب غياب الأمن الغذائي وانهيار البنية التحتية.

كما أصيب مليون و800 ألف طفل يمني بسوء التغذية منذُ انقلاب الحوثيين، ومليون طفل في حالة تشرّد في اليمن، وتعرّض 11.3 مليون يمني لخطر المجاعة، وهناك مليونا طفل باتوا خارج المدرسة، و50% من المرافق الصحية في اليمن لا تعمل.

وتفيد إحصائيات اليونيسف بأن الانقلاب الحوثي تسبب في حاجة 2.3 مليون امرأة من النساء الحوامل والمرضعات، و4.6 ملايين طفل دون سن الخامسة، إلى مكملات المغذيات الدقيقة، بالنظر إلى أن انتشار فقر الدم لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهرًا يبلغ 86%، بينما يبلغ لدى النساء الحوامل والمرضعات 71%.

وهناك 5.4 ملايين يمني بحاجة للمأوى واللوازم المنزلية الأساسية، و7.5 ملايين طالب معرضون لخطر الإصابة بالأمراض بسبب انهيار الخدمات الصحية.

ويعيش أكثر من 77% من النازحين مع المجتمعات المستضيفة (1.1 مليون شخص) أو في مساكن مستأجرة (480 ألف شخص).

- انتهاك الطفولة

بحسب آخر الإحصائيات لمنظمة "سام" للحقوق والحريات، وهي حصيلة خمس سنوات من الانتهاكات التي ارتكبتها مليشيات الحوثي بحق الأطفال، فقد قتل وجرح أكثر من ثمانية آلاف طفل، ورصدت المنظمة تجنيد أكثر من ثلاثة آلاف طفل للقتال، في حين أجبر حوالي 1.5 مليون على النزوح، غالبيتهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.

وتفيد إحصائيات منظمة "سام" بأن هناك 400 ألف طفل يعانون خطر سوء التغذية الحاد مما يعرضهم للموت في أي لحظة، في حين أن 7 ملايين طفل لا يستطيعون النوم بسبب الجوع، وأكثر من مليوني طفل لا يذهبون إلى المدرسة، وأغلب المدارس في مناطق سيطرة الحوثيين تعلم الطلاب تعلميا بأجندة ذات مرجعيات متعددة داخل غرف مكتظة.

- انتهاكات لا تحصى

رغم أن العديد من المنظمات الحقوقية والجهات الرسمية تعمل جاهدة على توثيق جرائم الحوثيين وانتهاكاتهم بحق الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء، لكن يبدو من الصعب تتبع كافة الجرائم، نظرا لفرض مليشيات الحوثيين التعتيم الإعلامي على انتهاكاتها، وتهديدها ذوي الضحايا في حال وصلت الانتهاكات بحق ذويهم إلى وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، وهو ما يعني أن الأرقام المتداولة أقل بكثير عن الانتهاكات الحقيقية.

كلمات دالّة

#اليمن