السبت 20-04-2024 10:06:56 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

من الفن إلى الإعلام.. كيف نشر حزب الإصلاح الوعي بالحقوق والحريات في أوساط الشعب؟

الثلاثاء 17 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت - خاص / عبد السلام الغضباني

   

بعد تأسيسه عام 1990، كسر التجمع اليمني للإصلاح النمط السائد في التوجهات العامة للفن والإعلام، حيث بدأ الجمهور يتلقى مادة فنية وإعلامية مغايرة لتلك المادة التي عادة ما تمجد الزعيم الأوحد، وتسلط الضوء على تحركاته واتصالاته الهاتفية والمشاريع العملاقة التي يضع حجر الأساس لافتتاحها في مختلف المديريات والمحافظات، بصرف النظر عن عدم التنفيذ، وغير ذلك من الزيف والإلهاء الذي يضخه الفن والإعلام في الجانب السياسي.

وبالرغم من أن نظام حكم علي صالح ظل حريصا على أن لا تتجاوز الممارسة الديمقراطية الخطوط الحمراء التي تقترب من نظام حكمه، وبما أن ذلك المبدأ جعل الديمقراطية الوليدة في كف عفريت نظام علي صالح، إلا أن حزب الإصلاح نجح في استغلال ما هو متاح من هامش ديمقراطي، وبالأدوات الفنية والإعلامية المتاحة، لنشر الوعي في أوساط الشعب بالحقوق والحريات، وترسيخ ثقافة النضال السلمي، وكانت النتيجة فعالة عندما بدأ علي صالح التنفيذ العملي لمشروع التوريث، فاندلعت ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية لوضع حد لذلك العبث، وللحفاظ على الديمقراطية وغيرها من المكتسبات الوطنية.

- الفن الهادف

يعد الفن، بمختلف أدواته، الوسيلة الأكثر تأثيرا في أوساط مختلف فئات الشعب، بما فيها الفئات التي ينتشر فيها الجهل والأمية. وقد أولى حزب الإصلاح بالفن اهتماما كبيرا، وظهرت العديد من فرق الإنشاد والفرق المسرحية في عدد محافظات الجمهورية، وبعضها حققت شهرة كبيرة محليا وعربيا، كما ظهر منشدون كبار كان لهم بصماتهم في تطوير هذا الفن، وظهر أيضا ممثلون مسرحيون تمكنوا من إحداث حراك فني سياسي ساخر أسهم في نشر الوعي السياسي في أوساط الشعب.

ركز الإنتاج الفني الغنائي على جانبين رئيسيين: الأول، الاهتمام بالجانب الديني والأخلاقي من خلال الإنشاد الديني الداعي إلى الفضيلة وتزكية النفس والتأمل في الكون وفي مخلوقات الله. والثاني، كان فنا سياسيا ساخرا ناقدا لفساد النظام الحاكم وكاشفا لأكاذيبه وعبثه بالمال العام والوظيفة العامة، ومن نجومه الفنان فهد القرني والفنان محمد الأضرعي. وكان حزب الإصلاح هو الحزب الوحيد الذي يولي اهتماما كبيرا بالجانب الفني، وشهدت المعاهد العلمية، التي كان يشرف عليها الإصلاح قبل إغلاقها، حراكا فنيا بارزا، وكان كل معهد يوجد فيه فرق إنشاد وفرق مسرح، بعضها أحدثت حراكا فنيا كبيرا.

وكان دور الفن السياسي الساخر فعالا في مختلف المحطات الانتخابية، ونظرا لدوره المؤثر في فضح فساد النظام الحاكم، وبالتالي التأثير على قناعات الناخبين، فقد حدث أن حاول نظام علي صالح مجاراة حزب الإصلاح في هذا الفن، لكنه فشل فشلا ذريعا، لأن فساده وفشله في إدارة البلاد لا يمكن صرف أنظار الجماهير عنهما، ولا يمكن التغطية على الفساد والفشل في إدارة الدولة بأغنية سياسية ساخرة موجهة ضد حزب معارض، أو من خلال مسرحية سياسية ساخرة تبدو سخيفة. ثم تعاظم دور هذا الفن بعد اندلاع ثورة 11 فبراير 2011، حيث أسهم في تعبئة الجماهير وحشدهم إلى ساحات الحرية والتغيير، والصمود فيها حتى إسقاط النظام.

- الإعلام كمنبر للوعي

كان وما زال لوسائل الإعلام التابعة للتجمع اليمني للإصلاح دورها الفاعل في نشر الوعي والتصدي لمختلف المشاريع الهدامة التي تسعى لتدمير وتمزيق البلاد، بل فقد كانت وسائل إعلام الإصلاح تمثل "رأس الحربة" في مكافحة الفساد ونشر ثقافة النضال السلمي لنيل الحقوق والحريات، والعمل على تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، والحفاظ على المكتسبات الوطنية، وفي مقدمتها النظام الجمهوري الديمقراطي والوحدة الوطنية، ومحاربة الهويات الفرعية التي تنتمي إلى زمن ما قبل الدولة، وأيضا محاربة الفكر المتطرف الذي يولد الإرهاب، وكشف تلاعب نظام علي صالح بملف الإرهاب وتوظيفه سياسيا لابتزاز الداخل والخارج.

كما أن وسائل الإعلام التابعة للإصلاح كشفت عن الكثير من قضايا الفساد وبالوثائق، واهتمت بالقضايا الحقوقية ونشر قصص وشكاوى المظلومين الذين تعرضوا للاضطهاد من قبل بعض المسؤولين المدنيين والعسكريين، وتحولت إلى منبر للمظلومين والباحثين عن العدالة والحقوق، وتمكنت من فرض نوع من الرقابة الشعبية على أداء النظام الحاكم وتسليط الضوء على فساده واستبداده، وظلت تدافع عن حرية التعبير كحق كفله الدستور والقانون، مجسدة بذلك أحد مظاهر الديمقراطية المتمثلة في دور الإعلام في نشر الثقافة السياسية الديمقراطية وفرض الرقابة الشعبية على أداء النظام الحاكم.

كما أن بعض وسائل إعلام الإصلاح أو المقربة منه تمكنت من إحداث حراك ثقافي وفكري، بعد أن تراجع دور وسائل الإعلام الأخرى في هذا الجانب، سواء الحكومية أو الأهلية والحزبية، واللافت هو أن بعض القضايا التي كانت محل خلاف دار الجدل الفكري حولها بين بعض الإصلاحيين، الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض، مثل قضية "زواج الصغيرات"، وقضية كشف المرأة لوجهها وشعرها، وغيرها من القضايا، والتي تحولت إلى جدل فكري بين الإصلاحيين أنفسهم، وهو ما يؤكد مرونة الحزب وانفتاحه على مختلف الأفكار، وملء الفراغ في الجانب الفكري في البلاد جراء غياب الآخرين عن ميدانه.

وهكذا يتضح مما سبق أن حزب الإصلاح كان له دور في إثراء الجوانب الفنية والإعلامية والفكرية في البلاد، وأنه وظف الفن والإعلام في خدمة الوطن ومحاربة الفساد وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة، فضلا عن نشاطه الدعوي والخيري الذي أسهم في نشر الفضيلة وتعزيز التكافل الاجتماعي والحث على عمل خير، واليوم يعد حزب الإصلاح آخر كتلة جمهورية وديمقراطية صلبة تتصدى لمشاريع هدم الدولة وتمزيق البلاد لصالح مليشيات طائفية وسلالية ومناطقية وقروية، ترى جميعها في حزب الإصلاح خصمها الأول، لأنه يقف حجر عثرة أمام مشاريعها إلى جانب مختلف شركائه الوطنيين.

كلمات دالّة

#اليمن