الجمعة 19-04-2024 21:05:51 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

المجلس الانتقالي الجنوبي بين التمرد على الشرعية والتهديد باستخدام العنف (تقرير)

السبت 08 يوليو-تموز 2017 الساعة 03 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - عدن - خاص

بالنظر إلى الأسباب الرئيسة لتشكيل ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي في ال11من مايو 2017 عقب 14 يوماً من إقالة عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن، وبعد 4 أيام من إعلان ما يسمى بالكيان السياسي الجنوبي، الذي حسب بيان الإشهار فوض عيدروس بتشكيل المجلس.


خلال 17شهراً من إدارة عيدروس لعدن، تم خلالها إضعاف مؤسسات الدولة بطريقة متعمدة ليزداد معها حجم الضجر المجتمعي ابتداءً من أزمة الكهرباء المفتعلة، وانعدام المشتقات النفطية، والقيام باعتقالات على أساس الهوية، بالإضافة إلى ما تمارسه النقاط الأمنية غير الرسمية من أعمال تعسفية وتقطعية بحق المواطنين القادمين إلى عدن، فضلاً عن القيام باحتجاز المجندين الملتحقين بالجيش الوطني أثناء سفرهم من وإلى مارب، ومصادرة مستلزمات ومعدات مصرح بها من الحكومة الشرعية تخص بعض جبهات القتال ضد الانقلابيين.


كما شهدت هذه الفترة تفجيرات واغتيالات صار ضحيتها شخصيات دينية وسياسية وقيادات عسكرية وأمنية موالية للشرعية اليمنية.
وكلما ازدادت الأوضاع الأمنية والخدمية سوءاً يظهر عيدروس الزبيدي في مؤتمر صحفي يحمل الحكومة مسؤولية فشله كسلطة محلية، ملقيا بالتهم على جهات لا علاقة لها.

لم يكن الأمر غامضاً على الرئيس هادي والحكومة الشرعية؛ إذ كانوا يرون بأم أعينهم انحدار الوضع في عدن إلى مستوى لا يخدم الدولة والسلطات الحكومية، حيث أظهرت عدة أحداث مقدار خطورة المشهد الذي تذهب إليه الأحداث.


وفي وقت قد يصفه الكثير بالمتأخر، أدرك الرئيس هادي والحكومة الشرعية، أن هناك مشروعاً موازياً يهدف إلى إعاقة مشروع الدولة، والاتجاه نحو مشروع آخر. فقد كشف ذلك دراسة لـ"مركز أبعاد للدراسات" عن الجنوب اليمني "أن مشروع الانفصال المتدرج الذي يقوده محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، وعبر عنه فيما سُميَّ بـ(إعلان عدن التاريخي)، يرى أن الوقت مناسب للبدء في إجراءات استعادة الدولة الجنوبية من خلال مجلس حكم سياسي؛ لكنه يصطدم برؤى أخرى كرؤية حضرموت المستقلة، ورؤية الخليج للأمن القومي ومشروع الدولة الاتحادية التي يقودها الرئيس هادي.


بداية التمرد
في 27 أبريل 2017 أقال الرئيس هادي عيدروس الزبيدي من منصبه، وعين بدلاً عنه عبد العزيز عبد الحميد المفلحي محافظاً لعدن، وأقال الوزير هاني بن بريك وأحاله إلى التحقيق.

 

وفي 4 مايو 2017 استغل الزبيدي وبن بريك المقالان هذه المناسبة التي انطلقت فيها حرب صيف 94 والتظاهرة الجنوبية في ساحة العروض توجيهها نحو رفض القرارات الرئاسية.


حيث أصدر عيدروس بيان خال من الحقائق السياسية، وكشف مقدار جنون العظمة الذي أصاب الرجل، وأعلن البيان رفضه لقرار الرئيس هادي «وأية قرارات مماثلة مستقبلاً وتعبر عن موقفها ورغبتها بممارسة حقها القانوني في حماية قضية الجنوب وتحصينها وضمان سلامة مسارها».

 

ووصف القرارات الرئاسية المتعلقة بإقالة المحافظ السابق عيدروس الزبيدي بـ«المؤامرة».


وقال البيان: "إن قرار هادي بإقالة وزير الدولة السابق والقيادي في المقاومة هاني بن بريك، وإحالته للتحقيق، هو عقاب سياسي، يعني الانقضاض على الشراكة السياسية لشعب الجنوب مع الشرعية المختطفة من قبل جماعة الإخوان المسلمين".

 

وفوّض البيان ما أسماه «القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بإعلان قيادة سياسية وطنية (برئاسته) لإدارة وتمثيل الجنوب، وتتولى هذه القيادة تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته، ويخول الزبيدي بكامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات لتنفيذ بنود هذا الإعلان».

 

اتضح للحكومة الشرعية أن الهدف المتعمد والمقصود هو تعطيل الوظيفة الجيوسياسية للعاصمة عدن، بحيث لا تتحول إلى عاصمة مؤقتة لليمن ومقر أقلمة دائمة للحكومة الشرعية ونقطة انطلاقة عملياتية ولوجيستية للجيش الوطني ووزارة الدفاع.

 

تطورات متسارعة

لم تمض سوى أربعة أيام حتى أعلن عيدروس الزبيدي التشكيلية السياسية لما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي في ال11مايو مكون من 27 شخصية، على غرار المجلس السياسي لطرفي الانقلاب الحوثيين والمخلوع صالح في صنعاء.


فقد اعتبر سياسيون ومراقبون ذلك إعلاناً انقلابياً على غرار المجلس السياسي لطرفي الانقلاب الحوثيين وصالح.


وقبيل إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ب3 أيام أعلن قيادي حوثي "أنهم ينقلون معاركهم مع التحالف إلى عدن"، حيث قال محمد أنعم، القيادي الحوثي: إن المجلس السياسي الحاكم ناقش خلال اجتماعه الأخير، ولأول مرة، الأوضاع في المناطق التي يسيطر عليها هادي وحكومته.

 

وقال أنعم في تصريح لـ"سبوتنيك"، اليوم الاثنين، (8 مايو/ آيار2017): إن المرحلة القادمة ستشهد نقل عمليات عسكرية إلى داخل عدن، عن طريق العمل السري والخلايا المكونة من اليمنيين الوطنيين".


مجلس انقلابي خارج إطار الشرعية

قيادة الشرعية برئاسة الرئيس هادي اعتبرت المجلس انقلاباً على غرار الانقلاب الحوثي كونه خارج إطار الشرعية والثوابت الوطنية والمرجعيات الثلاث المتفق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً، وكذلك قرارات مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصلة.

واعتبر بيان الرئاسة اليمنية أن هذا المجلس يستهدف مصلحة البلد ومستقبله ونسيجه الاجتماعي ولا يخدم الا الانقلابيين ومن يقف خلفهم.

ومثل بيان الرئاسة اليمنية متكأً استندت إليه دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أكدت رفضها للمجلس الانتقالي في بيان صادر عنه ووقوفهم ودعمهم لوحدة وأمن واستقرار اليمن بقيادته الشرعية ممثلة بالرئيس هادي ونائبة والحكومة.

 

مسار التمرد والانقلاب
يصادف اليومُ الذكرى العاشرة لتأسيس الحراك الجنوبي، وسط تعالي النزعة الانفصالية مع ظهور ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي.

- 7 أكتوبر 2015 الرئيس هادي يعين اللواء جعفر محمد سعد محافظ لعدن إثر ضغوط من قوى في التحالف لإقالة قائد المقاومة الوطنية في عدن نائف البكري من هذا المنصب.

- 6 ديسمبر 2015 اغتيال اللواء جعفر الموالي للرئيس هادي في عملية إرهابية نسبت إلى تنظيم داعش الإرهابي.

- في 7 ديسمبر 2015 الرئيس هادي يعين العميد عيدروس الزبيدي محافظاً لعدن والعقيد شلال شائع هادي مديراً للأمن المقيمين في أبو ظبي.

- 10 سبتمبر 2016 اللواء الزبيدي يدعو من منصبه محافظاً لعدن إلى كيان سياسي جنوبي للتيارات السياسية في شمال البلاد ودعا كافة التيارات السياسية للتحضير لهذا الكيان.

- 11 فبراير 2017 اندلاع مواجهات بين قوات من ألوية الحماية الرئاسية والحزام الأمني التابع للإمارات للسيطرة على مطار عدن انتهت بسقوط قتلى وبتدخل لمروحية أباتشي إماراتية استهدفت عربة مسلحة للألوية الرئاسية.

- 27 أبريل 2017 الرئيس هادي يقيل عيدروس الزبيدي من منصبه ويعين عبد العزيز عبد الحميد المفلحي محافظا لعدن ويقيل الوزير هاني بن بريك ويحيله للتحقيق.

- 4 مايو 2017 الزبيدي وبن بريك المقالان يستغلان المناسبة التي انطلقت فيها حرب صيف 94 والتظاهرة الجنوبية في ساحة العروض توجيهها نحو رفض القرارات الرئاسية.

- التظاهرة تخرج بما يسمى "بيان عدن التاريخي" الذي فوض الزبيدي وبن بريك لتشكيل كيان سياسي لتمثيل الجنوب.

- 11 مايو 2017 الزبيدي يعلن عن تشكيل قيادة سياسية لإدارة وتمثيل الجنوب اليمن برئاسته وعضوية عدد من محافظي المحافظات الجنوبية.

- 29 يونيو 2017 الرئيس هادي يقيل محافظي محافظات حضرموت وشبوة وسقطرى المحسوبين على المجلس الانتقالي الجنوبي.

  • 7 يوليو 2017 الذي يوافق تاريخ انتهاء حرب صيف 94، المجلس الانتقالي بقيادة الزبيدي ينظم مظاهرة في شارع مدرم بالمعلا مصحوبة باستعراض للقوة بالتزامن مع مظاهرة مماثلة لقوى حراكية أخرى في ساحة العروض.
 

تجنيب الجنوب التشظي
أوصت دراسة صادرة عن "مركز أبعاد للدراسات الاستراتيحية"، في وقت سابق، "إلى اعتماد رؤية موحدة في الجنوب، وتجنيبه ملامح الحرب الأهلية وعمل استراتيجية تمنع نفاذ إيران إلى اليمن، ودعم دمج التشكيلات المسلحة بالدولة".

 

7/7 خطاب وتحريض نحو التمرد والعنف

احتشد اليوم الجمعة 7 يوليو 2017م في عدن أنصار الحراك الجنوبي، حيث ألقى محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي خطاباً عن ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي التزم فيه "باستكمال هيئات المجلس، حيث ركز الخطاب على ثلاث نقاط رئيسية، وهي نقاط بعيدة كل البعد عن طموحات ومتطلبات شعب الجنوب من استعادة الدولة كهدف رئيسي".

حيث أعلن عيدروس في بيانه التحريض على الحكومة وإعلان التمرد والانقلاب على الشرعية، والتلويح باستخدام العنف ضد الجنوبيين تحت يافطة محاربة الإرهاب التي يحاول عيدروس ومجلسه تقمصه، وهذا ما حذر منه بن دغر أن يقود إلى عنف في الجنوب ودورات جديدة من شلالات الدماء.

وأبدى الزبيدي استعداد مجلسه بشكل مباشر على الفعل والتدخل تجاه ما فشل الحكومة وليس مجرد التحريض، وهو فعل تمرد وسلوك انقلابي، ولأنهم يملكون المال والسلاح والعتاد ولديهم من الأفراد الكثير في العاصمة عدن، وهذا ما أكده بن دغر في خطابه "على من يملك المال والسلاح أن يتحمل مسؤولية الأمن في عدن".

ويرى مراقبون يمنيون أن خطاب الزبيدي تهديد ووعيد بفصول دامية ضد الجنوبيين المختلفين معه في الرأي.
واعتبروا أن الزبيدي المقال من منصب محافظ عدن "لا يملك سلطة أو مشروعية ويتحدث كقائد عصابة متمرد على الشرعية".
الصحفي اليمني همدان العليي -رئيس المرصد اليمني للإعلام- يعقد مقارنة لا وجه الشبة بين الحوثيبن ومجلس عيدروس في مقال مطول تحت عنوان" أوجه الشبه بين الانقلاب الحوثي والانقلاب العيدروسي".
حيث يقول همدان: "يصر عيدروس الزبيدي على الظهور كممثل لكل الجنوبيين، في حين لا يعترف به كثير من أبناء الجنوب ويعتبرونه متمرداً، وهو ذات الأسلوب الذي يستخدمه عبدالملك الحوثي".
ويضيف: "شكّل العيدروسيون مجلساً انتقالياً في الجنوب لإدارة المحافظات الجنوبية متمرداً على الشرعية المعترف بها دولياً، في المقابل كان الحوثيون قد شكلوا مجلساً سياسياً في صنعاء بعد الانقلاب".
وقال العليي: "يشكل العيدروسيون دولة موازية عملت على إضعاف الشرعية في عدن وتقويض سلطات هادي، ومحاصرة رئيس الحكومة في عدن، وفرض شروط عليه، بينما يعبرون لفظياً عن اعترافهم بالشرعية، وهو ذات السلوك الذي استخدمه الحوثيون عندما وضعوا الحكومة اليمنية والرئيس تحت الإقامة الجبرية بصنعاء، وهم في ذات الوقت يعلنون في بياناتهم وعبر متحدثيهم في القنوات بأنهم يعترفون بشرعية الرئيس ولم ينقلبوا عليه".