السبت 20-04-2024 10:26:46 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح في الذكرى الـ29 لتأسيسه.. تطور في الأداء وثبات في المواقف

الأحد 15 سبتمبر-أيلول 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت- خاص- عبد العزيز العسالي

 

ها هي الذكرى التاسعة والعشرون لتأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، هذا الحزب اليمني الكبير له من اسمه نصيب وافر، فهو تجمع ينضوي في إطاره تجمعات وشرائح مختلفة (علماء، مثقفون، مشايخ قبائل، مهنيون، هاشميون، المرأة)، وغيرها من الفئات والشرائح.

هذا التجمع الجماهيري الضخم قضى فترة 29 عاما من التجسيد العملي الديمقراطي، ترسيخا لثقافة الديمقراطية وبناء الدولة المدنية.

- محطات ودلالات

سبق وأن كتبت ست حلقات حول حزب الإصلاح ودوره في بناء الدولة المدنية، وأفردت حلقة لأبرز مكونات الدولة نظريا وعمليا، موثقا الجانب النظري من أدبيات الإصلاح أولاً، وممارساته العملية ثانيا.

إليك أخي القارئ عناوين الحلقات:
_الإصلاح وبناء الدولة.
_الإصلاح والديمقراطية.
_ الإصلاح والتعددية.
_ الإصلاح والحرية.
_ الإصلاح والديمقراطية.
_ الإصلاح والمرأة.

وفي الأسطر التالية سأحاول بإيجاز شديد استعراض نقاط هامة ذات دلالة واضحة، تعكس تطورات ومواقف الإصلاح تجاه عدد من القضايا ذات الصلة ببناء الدولة، وكيف عالجها الإصلاح كحزب مسؤول أمام الله أولا، وأمام الأمة ثانيا.. فأقول:

1- الحفاظ على النسيج المجتمعي، هذا الموقف المسؤول يعتبر من صميم مبادئ وأهداف حزب الإصلاح، تمثل هذا الموقف المبدئي في جعل الشريعة الإسلامية منطلقا للحزب أولا، والاستفادة من ثقافة العصر في جانب الوسائل التي تقصقص أظافر الطغيان والاستبداد والظلم وصولا إلى ترسيخ قيمة الحرية والعدل والمساواة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن اختيار الشريعة الإسلامية منطلقا يعني الحفاظ على هوية الشعب اليمني المسلم، والذي ظل يصارع الأفكار الوافدة من الشرق والغرب مستهدفة عقيدة الشعب وهويته الحضارية.

ومن هنا حقق الإصلاح عمقه الاجتماعي والفكري والثقافي والسياسي، فنال قبولا لم ينله غيره من الأحزاب إسلامية أو يسارية.

2- انتصارا للديمقراطية

خاض الانتخابات التشريعية الأولى من نوعها كونها في ظل تعددية سياسية وذلك عام 1993، وحاز على المرتبة الثانية، ولكن حرص الإصلاح على سلامة السفينة إزاء تعنت الحزبين الحاكمين (الموتمر والاشتراكي)، تنازل ورضي أن يكون في المرتبة الثالثة انتصارا للديمقراطية، وغاية هذا الانتصار يعني سلامة لسفينة اليمن.

3- تحت راية الدولة حفاظا على الوحدة

كان للإصلاح حضورا لافتا في لجنة الحوار الوطني ووثيقة العهد والاتفاق، حيث كانت رؤية الإصلاح مع الوثيقة التي تضمنت تنظيم الدولة وتنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتنظيم حمل السلاح.. إلخ.

غير أن هذا الحوار ونتائجه انهار بعد ولادته بساعات جراء التعصب بين الحزبين، فانفجرت الحرب في صيف 1994، ولكن الإصلاح لم ينخرط في الحرب إلا بعد مرور 13 يوما عندما اتضحت له الرؤية تجاه الوحدة والشرعية الدستورية خوفا من انهيار الدولة.. إلخ.

4- الائتلاف الثنائي:

سعيا إلى ترسيخ ثقافة الديمقراطية وسعيا نحو إصلاح ما يمكن إصلاحه ومكافحة الفساد الضارب الأطناب داخل أجهزة الدولة قدر الإمكان.

لقد دخل الإصلاح في حكومة الائتلاف الثنائي مع حزب المؤتمر الشعبي العام، وهو يدرك أنه سيواجه كيد الشريك ومراوغته، لكنه كان يريد ترسيخ ثقافة القبول بالآخر، ورفضا لثقافة الإقصاء.

وهذا عمق في النظر لدى الإصلاح يهدف إلى تراكم وعي الثقافة الديمقراطية على مستوى الحزب والشعب في آن.

5- الخروج من السلطة:

قلنا آنفا كان الإصلاح يدرك حجم خسارة مشاركته في الائتلاف الثنائي، وفعلا تمثلت الخسارة في حصاد الانتخابات التشريعية 1997، فقد حصل الإصلاح نسبة مقاعد أقل من انتخابات 1993.

وهنا سلّمَ الإصلاح بالنتيجة رغم تحفظاته تجاه التزوير الذي مارسه حزب الحاكم يومها حين قال رئيس الدئرة السياسية لحزب الحاكم: "الأصل هو التزوير".

6- التحيز إلى الديمقراطية

صالح.. لديه مخزون أحقاد لا آخر لها، فهو يريد التحكم والسيطرة إلى حد الشعار العملي الذي انكشف يوم جمعة الكرامة وحتى اللحظة.

أخلاق صالح تأبى خروج الإصلاح من الحكم إلى المعارضة بطريقة ديمراطية، وإنما القضاء على الإصلاح هو الحل لا غير.

أدرك الاصلاح نوايا صالح، والتي لن تدمر الإصلاح كما يتصوره غباء صالح، وإنما هو تدمير للدولة والمجتمع، فانحاز الإصلاح إلى الديمقراطية، مصرحا بالفم المليان "سننتخب صالح"، نعم اخترع الإصلاح طريقة مراوغة فوَّت على صالح تحقيق أحقاده.

ولكن في ذات الوقت جعل الإصلاح من هذا الموقف خطوة نحو الثقافة الديمقراطية، وهكذا اكتسب الشعب وعيا ثقافيا بفضل موقف الإصلاح.

7- قانون الفضائح

في عام 2001 أصدر صالح قانون الانتخابات المحلية، وانطلاقا من مفهوم "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"،
فقد تضمن هذا القانون فضائع لا يمكن للعاقل أن يتصورها. مثال واحد فقط: نص القانون أن المتقدم للترشيح في القرى يجب عليه تقديم تعريف من سبعة أمناء ولو من خارج منطقته، رافق هذا العبث استفتاء تعديل الدستور يمنح صالح 32 صلاحية.

تعامل الإصلاح مع هذه الفوضى بمسؤولية تامة بعيدا عن الفوضى وتقبل النتائج لأن صالح يرى أنه في هذا الظرف قد اصبح اكثر ديكتاتورية، وأنه سيبطش بمن يشاء دون رقيب.

لم يكن الإصلاح سلبيا كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما سعى إلى اجتراح طريق أكثر ديمقراطية وتعايش وقبولا بالآخر تمثلت في الموقف التالي:

8- قيام اللقاء المشترك

هذا الموقف جسد عمليا حقائق عدة ذات صلة بتعميق وعي الثقافة السياسية والديمقراطية.

النتيجة الأولى لهذا المولود: خطوة أكثر تجذيرا للبناء الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الحديثة، حيث خرج اللقاء المشترك بالرؤية الوطنية العميقة لمشكلات اليمن المزمنة، والمتمثلة في اختلال النظام السياسي للدولة.

إنها هزة ديمقراطية ثقافية ناتجة عن رؤية مشتركة لأحزاب المعارضة، هذا العمل الديمقراطي تولى زمامه الإصلاح وكل أحزاب اليسار سعيا إلى بناء أسس الدولة المدنية الحديثة.

9- ثلاجة الديمقراطية

اتجه نظام صالح غير مبالٍ بحق الشعب الذي تمثله المعارضة، فأوغل عفاش وبكل صفاقة ووقاحة يغُذُّ خطاه نحو التوريث.

وهذا تحنيط للديمقراطية وتجميدها في ثلاجة الاستبداد والانفراد بالكرسي أبدا.

- النتيجة الثانية للمولود

نزول اللقاء المشترك بمرشح للرئاسة هو البطل قائد عجلة التغيير الجاد نحو غد أفضل المرحوم فيصل بن شملان.

وهنا ترسخت ثقافة الوعي الديمقراطي والثقافة السياسية عمليا، وبما أن عفاش أعلن النتيجة قبل فتح الصناديق فقد تقبل الإصلاح ومعه اللقاء المشترك النتائج معلنين للشعب إننا هنا ننتصر للديمقراطية.

10- النضال السلمي

الإصلاح بعد عام 2006 رفع شعار النضال السلمي، وظل يرسخ هذا الشعار ويجسده عمليا في الأوساط الجماهيرية، وصولا إلى أقوى تجسيد عملي للنضال السلمي، حيث تمثل هذا التجسيد في الهبّة الشعبية عامي2009 و2010.

11- مخرجات الحوار الوطني

باختصار، بعد الثورة الشبابية السلمية ومجيء المبادرة الخليجية واللتين تمخضت عنهما انتخابات رئاسية وكذا الحوار الوطني، فقدمان للإصلاح إسهاما غير عادي ومعه أحزاب اللقاء المشترك.

وتمثل هذا الإسهام في نفخ روح الثقافة الديمقراطية وبناء الدولة المدنية الحديثة وفقا لأحدث ما توصل إليه العالم المتقدم، تاركا لشباب لجنة الحوار الوطني طريقة الصياغة للموجهات العامة للدولة والحكومة القادمتين، مباركا للشباب ومؤيدا، بعيدا عن الوصاية وثقافة الاستبداد.

12- ثمانية وعشرون مرة

وليس أخيرا.. كلمة الأستاذ محمد اليدومي بمناسبة هذه الذكرى.. طالعتنا كلمته الرائعة -بحسب شهادة الخصوم- بتضمنها الكثير من المفاهيم الرامية إلى ترسيخ بناء الدولة.. لقد تكررت كلمة "الدولة" في كلمة اليدومي 28 مرة، الأمر الذي يعني أن هذا الحزب اعتنق الديمقراطية بجدارة.

ثم ماذا؟ ها هو الإصلاح يقدم آلاف الضحايا من أتباعه في سبيل استعادة الدولة وإقامتها على أسس ديمقراطية.. وقدم قرابة 40 ألف معتقل لدى مليشيات الانقلاب، وتدمير منازل أعضائه ونفي وتشريد ناهيك عن الخسائر المادية.. فالإصلاح أكثر الأحزاب تضررا جراء الانقلاب المليشعفاشي ضد الدولة.

وهبني قلت إن الصبح ليلٌ
أيعمى المبصرون عن الضياءِ؟

تلك هي باختصار شديد ملامح ودلالات حول مدنية حزب التجمع اليمني للإصلاح.. غير أن العيون المليئة بالرمد لا ترى.. وما ذنب الشمس إذا لم ترها عين الأرمد أو الخفافيش؟

كلمات دالّة

#اليمن #الاصلاح_نت