الجمعة 19-04-2024 12:10:36 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

دور مجلس النواب في حل الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة والوقاية منها في الوطن (2-3)

السبت 01 يوليو-تموز 2017 الساعة 03 مساءً / الاصلاح نت - خاص/ أ.د. نجيب سعيد غانم

 

الدرس القادم من أفريقيا
..ولضمان تنفيذ ما ذكر أعلاه فإنّ البرلمانيين المجتمعين في هذا المؤتمر وحلقات النقاش قد تبنّوا التوصيات التالية:
• ليبدو النظام أكثر واقعية نوصي الأحزاب السياسية بتجذير ثقافة روح القبول بالآخر بين أعضائها، وبتدريب الأعضاء على كيفية تحمل التباين في وجهات النظر مع الآخرين, وكذا احترام رأي الآخرين، وتعلم ممارسة ثقافة القبول بنتائج الانتخابات (أيا كانت النتائج), مع تثقيف الأعضاء باستمرار حول القضايا والمواضيع المرتبطة بالمصلحة الوطنية، وتعلّم كيف يدار الخلاف والتباين في وجهات النظر سواء داخل الأحزاب أو فيما بينها وبوسائل ديمقراطية وسلمية بعيداً عن الاحتكام للعنف المفضي لاستخدام السلاح, وكذا التعريف بالمسببات الحقيقية للنزاعات والصراعات التي تفضي إلى الحروب.
• كما أوصوا البرلمانات - أثناء مناقشة الموازنات الحكومية- باتخاذ إجراءات متعلّقة بضمان إلزام الحكومات بتأمين موارد اقتصادية تفي بحاجة المواطنين بما فيها تأمين موارد مالية للفئات الضعيفة أو المظلومة أو المهمّشة في المجتمع والمعرّضة للاستلاب والاستغلال (مثل التوظيف السيئ أو التجنيد لشبابها أثناء الحروب الأهلية), مع ضمان التوزيع العادل للثروة، وضمان تعليم الأطفال والفتيات، وتشجيع وتوفير فرص العمل للشباب.

 

دور البرلمانات في حقبة ما بعد النزاعات المسلحة (بعد أن تضع الحرب أوزارها)

 

تم دراسة عدة افتراضات لما يمكن أن تقوم به البرلمانات في الفترة التي تلي الصراعات المسلحة وبعد أن تخمد أصوات المدافع, وقد مضى النقاش حول كيف يمكن أن يتأقلم البرلمان لمواجهة كل تلك التحديات والتغيرات التي أحدثتها الحروب المدمّرة في الوطن.

وتعتبر البرلمانات إحدى الأدوات والآليات التي تقدمها الهيئات والأنظمة السياسية الحديثة على مستوى المشهد الوطني لأي بلد خرج لتوه من أتون الحرب والاقتتال الأهلي.


من ضمن الجهود المبذولة لمحاولة تأقلم وتكيف البرلمان للقيام بالدور المنوط به فإنّها تشمل إنشاء وإدارة هياكل وبرامج تنسيقية جديدة بين مؤسسات الدولة, وبحيث يجري تصميم تلك الهياكل والبرامج المؤسسية للدولة لتتيح من خلالها للبرلمان الإشراف على معالجة قضايا إعادة البناء والتعمير لما خلّفته الحرب، وكذا استرداد الأمن والطمأنينة والاستقرار والسلم الاجتماعي للمواطنين.


وفي فترة ما بعد الحرب لابد من التبني الإلزامي للبرلمان للتعامل مع المجتمع والوطن أفرادا وكيانات وجماعات وهيئات ومؤسسات وأحزاب وأقليات بصفة شاملة ومن مسافة واحدة بحيث لا تستثني ولا تقصي أو تهمّش أحداً، ويكون التعامل متساوياً وعادلاً مع ضمان تمثيل كل تلك الفئات في الكيانات والمرافق واللجان المتخصصة التابعة للبرلمان.


إنّ دور البرلمان يستدعي في فترة ما بعد الحرب تخصيص إجراءات محددّة يرتبط من خلالها مع كيانات وهيئات ومؤسسات من خارج البرلمان، وعلى وجه التحديد من داخل السلطة التنفيذية والسلطة القضائية, وبحسب ما تقتضي الحاجة من أجل تناغم وتكامل السياسات بين السلطات الثلاث للدولة بما يحقق الرؤية لإحلال السلام والاستقرار والأمن وسيادة القانون وبالتالي الإعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.


وكل تلك السلطات الثلاث للدولة لابد أن تكون على صلة وثيقة بمؤسسات وهيئات وكيانات المجتمع المدني.
وبالنسبة لأي برلمان حديث التكوين يأتي بعد انتهاء الحرب لابد من أن يدّعم بكفاءات فنية متخصصة قادرة على مواجهة كل التحديات والمشكلات مع القدرة على تقديم الحلول المناسبة لها.


ومع توقع محدودية الموازنات الحكومية، وبالتالي القيود المالية التي قد تواجه الحكومة والبرلمان في فترة ما بعد الحرب، والتي قد تحد من قدرات سلطات الدولة على تحقيق الرؤية في معالجة آثار ما بعد الحرب، وهنا لابد من تدخل هيئات التمويل الدولية وصناديقها المختلفة، وكذلك الدول المانحة سواء على المستوى الإقليمي والدولي، من أجل المساعدة في سد العجز في الموازنات الحكومية من أجل تلبية الحاجات الملحة لإعمار البنية التحتية، وفي تأمين المواد الضرورية للبلاد.


كما أخذ بعين الاعتبار تنشيط ما بات يعرف على مستوى العلاقات الدولية بالدبلوماسية البرلمانية والتي تعد إحدى وسائل التواصل مع برلمانات دول العالم حيث مصادر صناعة القرار، وحيث توجد القدرة على تنوير أعضاء البرلمانات بحجم التحديات التي تواجه الوطن في فترة ما بعد الحرب ولتبادل وجهات النظر واستثمار أفضل الخبرات والتطبيقات التراكمية لدى برلمانات الدول الأخرى خاصة في مجال التصدي لتحديات فترة ما بعد الحرب، وكذلك لبلورة صيغ من الشراكة مع تلك البرلمانات لتقوية مؤسسة البرلمان في الوطن.


ومن خلال عملية الإصلاح وإعادة البناء من أجل سلام دائم في الوطن فعلى البرلمان التعهد بالقيام بالإصلاحات المؤسسية والدستورية والإدارية والاقتصادية التالية:
• إعداد مسودة دستور جديد يأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من النزاعات السابقة والحروب والصراعات السياسية وكيفية الوقاية منها مستقبلا.
• إعادة صياغة تعريف محدد للعلاقات المنظمة للّاعبين الرئيسيين في الوطن.
• إنشاء آلية ذات مصداقية من أجل تسريع عمليات المصالحة الوطنية من خلال قيام مفوضية حقيقية تعنى بالمصالحة الوطنية تقوم بالآتي:


1- تحظى بمكانة مرموقة إدارياً وسيادياً تمكنها من أداء دورها في تحقيق العدالة.
2- تكون قادرة على تقديم وصرف التعويضات اللازمة لضحايا العنف والحرب
3- تقدم الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا العنف والحرب كجزء من مسؤولياتها في إعادة إدماج الضحايا في المجتمع.


• إنشاء نظام وسلطة قضائية ذات مصداقية تحظى بمكانه تمكنها من أداء دورها بفعالية لتحقيق العدالة الانتقالية والعدالة الدائمة في المجتمع.
• القيام بعمليات التعويضات والرعاية والدعم النفسي لضحايا العنف والحرب من خلال إجراءات وعمليات إعادة الإدماج الاجتماعي وبطرق ووسائل احترافية.
• تنفيذ سلسلة من الإجراءات والعمليات لنزع الأسلحة من القوى والمليشيات التي هي خارج نطاق الجيش الوطني مع العمل على إعادة تموضع القوات المسلحة خارج المدن، وإعادة إدماج كل القوات المسلحة في صفوف الجيش الوطني.
• تنفيذ سياسات جسورة وشجاعة تسرّع من عمليات المساواة والعدالة في توزيع الأراضي بين السكان.
• وفي ظل روح هذه التوصيات بالإصلاح فإنّه يتعين وضع تأكيد خاص يتعلّق بالجانب الأمني، وتفعيل قدراته، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحدقة الناشئة عندما يعجز هذا الجانب على القيام بوظائفه وواجباته.
• إنّ توزيع الأسلحة النارية وخاصة الأسلحة الخفيفة لدى القوات الحكومية والأمنية المختصة لابد أن يحدد بوضوح وبقوانين منظمة من أجل تعزيز مجتمع مطمئن وينعم بسلام دائم مع رفع اليقظة بالمخاطر الناشئة في حال تجدد النزعات والصراعات المسلحة والحروب في الوطن.
• وبعد الاستماع إلى الخبراء في المجال الأمني ولمساعدة أجهزة الدولة للقيام بواجبها في توفير الحماية للمواطنين باعتبارها إحدى مهام السلطات السيادية فإنه ومن خلال التجارب السابقة في عدة دول فإنّه لا غنى عن إصلاح القطاع الأمني ولا يكون إلا عبر استصدار تشريعات صارمة تنظم عملية تنظيم حيازة واقتناء أسلحة خفيفة وصغيرة وكذا توفير وتخصيص موارد مالية وفنية وإدارية وإسنادية تكون كافية لمواجهة كل التحديات الأمنية في هذا القطاع الحيوي والحسّاس.
• ولمراقبة أداء القطاع الأمني فإنّ هذه المهمّة لابد أن تعهد إلى سلطة مدنية حيث الإصلاحات التي تم اتخاذها في القطاع الأمني لابد أن تكون جزءاً من استراتيجية متعلّقة بإعادة التفكير في كيفية صياغة الإجراءات والعمليات والبرامج الأمنية لتؤمن كل الاحتياجات الواردة في هذه الرؤية والتوصيات، وذلك من أجل تشجيع الانتقال من هيكلة الإجراءات والعمليات الأمنية التقليدية القديمة إلى استراتيجية في المجال الأمني تأخذ في الاعتبار الأبعاد الإنسانية والأخلاقية في المجال الأمني والعمليات الأمنية.
• كذلك تم التعاطي مع قضية اللاجئين والنازحين, وقد اطّلع البرلمانيون المجتمعون على حجم معاناة هؤلاء المواطنين من دول غرب أفريقيا من جراء الهجرة خارج الأوطان أو النزوح داخل الأوطان وخاصة عندما تستمر فترة الهجرة أو النزوح لمدة طويلة وبما يتناقض مع المعاهدات الإقليمية والمواثيق الدولية التي تحمي هؤلاء.
حيث يتعين على البرلمانيين إعطاء اهتمام خاص بهؤلاء اللاجئين والنازحين والعمل على اتخاذ إجراءات كفيلة بحمايتهم ورعايتهم بغية التخفيف من معاناتهم حتى تتهيأ الظروف والأحوال التي تساعدهم للعودة إلى بلدانهم والى مدنهم وقراهم.
ولمعالجة هذه المشكلة هناك حاجة إلى التأكيد على وضع نصوص ومواد قانونية تنظم عمليات رعاية وحماية اللاجئين والنازحين وتعد كمشاريع قوانين على أن يتم التصديق عليها من قبل البرلمان.


و تشمل هذه الإجراءات تضمين المعاهدات والاتفاقات الدولية الآتية:
معاهدة أوضاع اللاجئين الصادرة عن الأمم المتحدة ( 1951م ), ومحاضر جلساتها اللاحقة (1957م ), ومعاهدة الاتحاد الإفريقي التي تعالج بصفة محددة مشاكل اللاجئين في أفريقيا (1969م ).
• كما تم مناقشة موضوع استراتيجية إشراك المرأة في إدارة الصراعات وقد تبين للبرلمانيين برعب شديد أنّه في المناطق التي تسود فيها الصراعات والنزاعات المسلحة فإنّ أكثر من 75% من إجمالي السكان النازحين هم من النساء والأطفال وربما يزداد هذا العدد ليصل الى 90% من إجمالي النازحين في حالات أكثر مأساوية من حالات الصراعات والنزاعات المسلحة.
وقد كان من آثار ونتائج هذا النزوح أن تسبّب في أوضاع حرجة عانت منها النساء وعانوا منها الأطفال بشكل حاد ومأساوي طيلة فترة الصراعات والنزاعات المسلحة في لدان غرب أفريقيا.
واستناداً للمعايير والشروط الضامنة لحماية المرأة فقد تبين أنّه خلال عقدين من الزمان في ظل الكفاح من أجل ضمان أنّه في حال وجود عوامل وأسباب تؤثر على المرأة فإنّه لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار صياغة نصوص ومواد ملزمة خاصة بحماية المرأة والطفل في أية اتفاقات ومعاهدات لحل النزاعات وبناء السلام والاستقرار في الأوطان.