الجمعة 29-03-2024 02:16:18 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المراكز الصيفية الطائفية للحوثيين.. غسيل لأدمغة الأجيال وتفخيخ للمستقبل

الأحد 18 أغسطس-آب 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- أسماء محمد

  

عقب انقلاب الحوثيين على الدولة في سبتمبر 2014، انتشرت المراكز الصيفية والمخيمات في مناطق سيطرة تلك المليشيات بشكل كبير، وباتت تُشكل قلقا بالنسبة لكثير من المواطنين.

عمدت جماعة الحوثي إلى استحداث عشرات المراكز الصيفية، وركزت على الأطفال في مراحل الدراسة الأولى واختارت مناهج تعليمهم بدقة لتحقق أهدافها.

وقبل الحرب كانت تنتشر المراكز الصيفية وتخضع لجهات رسمية تابعة للحكومة، وغالبا ما يتم إكمالها باحتفالات تشرف عليها المراكز المحلية.

ماذا يُدَرِّسون الأطفال؟

تقوم مليشيات الحوثي في مراكزها الصيفية التي تشرف عليها، بتعليم الأطفال المناهج التي تتلاءم مع أفكارها وإن كانت دخيلة على المجتمع أو تقود نحو الطائفية.

وهي تعمل على نشر وتعليم المذهب الاثني عشري الذي تتبعه أغلب قيادات هذه الجماعة، وتلقي على الطلاب محاضرات دينية بعضها لقائد الجماعة حسين بدر الدين الحوثي ومن مرجعيات شيعية.

واتخذت من المراكز الصيفية وسيلة للدعوة للقتال ضد الحكومة اليمنية والتحالف العربي، وذلك بعد اتباعها ذات النهج في الكتب المدرسية وحتى الجامعية عبر إلزام الطلاب بدراسة مواد معينة تحمل فكر الحوثيين.

كما تسعى في ذات الوقت لاستغلال منابر المساجد لتحقيق أهدافها، وتعمل بشتى الطرق للضغط على المواطنين للالتحاق بمراكزها.

تتحدث تلك المليشيات عن تعليمها الأطفال ما يتعلق بالواجبات الدينية وحفظ القرآن الكريم والأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرها، وكذا تنمية المشاركين في مختلف العلوم والفنون وإكسابهم مهارات وخبرات ودروس تقوية في اللغة والحاسوب والثقافة القرآنية بما يسهم في تحصينهم من الأفكار الهدامة، وهو الأمر الذي تم نفيه من قبل مواطنين ومن الحكومة.

استهداف المعلمين

لم تستهدف تلك المليشيات فقط الطلاب، بل حتى المعلمات اللائي شاركن في المخيمات خوفا من التعرض للاعتداء في حال رفضهن، نتيجة لعيشهن في مناطق سيطرة الحوثيين.

وكانت قد تحدثت سابقا وسائل إعلامية عن قيام المليشيات بعمل دورات طائفية لنشر الفكر السلالي تحت مسمى "تحسين التعليم" للمعلمين في بعض المدارس بصنعاء.

غسل أدمغة وتجنيد

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتدمير حياة أكثر من أربعة ملايين طفل، والدفع بهم إلى جبهات القتال، مستغلة الأوضاع المعيشية الصعبة، لإغراء أهلهم للالتحاق في صفوفهم.

وقال السفير عبد الله السعدي، المندوب الدائم لليمن لدى منظمة الأمم المتحدة، إن مليشيات الحوثيين جندت أكثر من ثلاثين ألف طفل واستخدمتهم في الصراع، شملت تلك العملية تجنيد طلاب وطالبات المدارس ودور الأيتام وملاجئ الأحداث والمجتمعات المحلية.

معسكرات إرهاب

يخضع الطلاب الذين تم استقطابهم للتدريب في معسكرات تابعة للحوثيين، وتتهم الحكومة اليمنية تلك الجماعة بتحويل المراكز الصيفية إلى معسكرات إرهابية مغلقة، لتدريب الأطفال على يد خبراء إيرانيين، وتعليمهم استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، قبل الزج بهم في جبهات القتال.

وكان وزير الإعلام معمر الإرياني قد حذر، في تصريحات صحفية، من عملية استغلال المليشيات للمخيمات الصيفية في مناطقها، وتحويلها إلى معسكرات مغلقة لاستقطاب الأطفال، وتعبئتهم بالأفكار الإرهابية المتطرفة، وتدريبهم على القتال.

وأشار الإرياني إلى أن مليشيات الحوثي لجأت إلى استقطاب وتجنيد الأطفال في ما يسمى المراكز الصيفية، لتعويض خسائرها البشرية في جبهات القتال، خصوصاً مع عزوف أبناء القبائل عن الانخراط في صفوفها، بعد انكشاف حقيقة مشروعها، وأنها مجرد ذراع قذرة تدار من الحرس الثوري الإيراني، لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.

اهتمام كبير

ظهر اهتمام تلك المليشيات بشكل كبير بالمراكز الصيفية، فزعيم تلك الجماعة عبد الملك الحوثي حث المشاركين في إقامة المراكز الصيفية على الاهتمام بالدورات الصيفية، زاعماً أنها ستسهم في خلق جيل جديد، مشدداً على ضرورة التخلص من المناهج العامة والقديمة، والاكتفاء بالملازم الحوثية، لأنها -حسب زعمه- ستؤدي إلى تحرير الطلبة والصغار مما وصفه بـ"ثقافة التدجين"، في إشارة إلى المناهج في المدارس.

تطلق الجماعة أسماء مرتبطة بهم على الحلقات في المراكز بينها اسم "الإمام الحسن". وفي ذمار وحدها هناك أكثر من 270 مركزا للبنين والبنات. فبحسب مسؤول الوحدة التربوية بالمحافظة إبراهيم العمدي التابع للمليشيات، فإن المراكز موزعة في كل مديرية على النحو التالي: المدينة (6)، جبل الشرق (58)، ضوران (42)، عتمة (11)، المنار (25)، عنس (19)، مغرب عنس (9)، الحداء (39)، جهران (19)، الميفعة (6)، وصاب العالي (25)، وصاب السافل (10).

استهدفت تلك المليشيات هذا العام في مراكزها الصيفية حوالي 251.234 ألف طالب تقوم باستضافتهم في حوالي 3500 مخيم، في 16 محافظة، بحسب إحصائيات تحدثت عنها وكالة الأنباء "سبأ" التابعة لهم، ومن بين أولئك (95.693) في المستوى التمهيدي، أي تبلغ أعمارهم أقل من ست سنوات.

الخطورة

وزير الإعلام اليمني تحدث عن خطورة تلك الخطوة بتأكيده على وجود انعكاسات مستقبلية تدميرية للنهج الذي تقوم به المليشيات على النسيج الاجتماعي والتعايش بين اليمنيين، داعيًا كافة الآباء والأمهات في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية إلى عدم ترك أطفالهم فريسة سهلة للمليشيات، ووقوداً لمعاركهم ومخططاتهم التخريبية التي تدار من إيران، وتستهدف أمن واستقرار اليمن وسلامة ووحدة أراضيه، على حد تعبيره.

وفرضت المليشيات على مدراء ومديرات المدارس ومكاتب التربية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، فتح مراكز صيفية، يشرف عليها خالد المداني رئيس اللجنة التنفيذية للمراكز الصيفية.

ومع كل ذلك تزيد مخاوف المواطنين من تضرر أبنائهم بسبب ذلك الفكر الدخيل، خاصة أن أطفالهم عرضة للتجنيد والموت في جبهات القتال.

ألغام وغسل أدمغة

هناك تحذيرات كثيرة من خطورة تلك المراكز التي تعمد إلى غسل أدمغة الأطفال وتكريس الطائفية ونشر الكراهية كما تفعل معهم في المدراس كذلك. ويرى الباحث ثابت الأحمدي في تصريحات صحفية أن "أزمة اليمنيين مع الحوثيين أزمة فكر وأزمة ثقافة بالدرجة الأولى قبل أن تكون أزمة سياسية أو عسكرية"، لافتاً إلى أن "ترك الحبل على غاربه بهذه الطريقة لهم لتشكيل وعي الشباب يمثل أكبر تحدٍ وأكبر عقبة في طريق التحرير وإنهاء الانقلاب".

ووصف الأحمدي الوضع الحالي بـ"اللغم الذي يزرعه الشباب المحارب في جيش الحوثي وتم استزراعه في دماغه، من خلال الحوزة أو المدرسة أو المخيم الصيفي، ولا يزال حتى اليوم يواصل هواية القتل والتفجير من خلال هؤلاء الشباب عبر زجهم في معارك عبثية لحراسة سلطته الكهنوتية التي يدعي أنها ممنوحة له من السماء".

واعتبر أن "المخيمات الصيفية ليست في الواقع أكثر من معسكرات تجنيد إجباري لآلاف الشباب الذين يتم غسل أدمغتهم بخرافة الفكر الطائفي من أجل إطالة أمد الصراع ومواجهة الشرعية، ولا علاقة لها بالتعليم أو النشاطات الطلابية التي لطالما عرفناها، والتي يعرفها الجميع أيضاً في بقية الدول".

وتابع الأحمدي: "مؤسف أن هذا يتم تحت نظر المجتمع الدولي وبيوت الخبرة التعليمية والعلمية والمنظمات الشبابية ومنظمات الطفولة التي لا نجد لها موقفاً مشرفاً تجاه التحريف الحاصل للهوية الوطنية وللفكر الصحيح".

دعم أممي

تحظى المراكز الصيفية باهتمام كبير من قِبل الحوثيين، الذين يخصصون ميزانيات كبيرة لها نظرا لمعرفتهم بالفائدة التي سيجنونها من تلك المخيمات.

في سياق متصل، قالت مصادر حكومية لموقع الجيش اليمني "سبتمبر نت" إن منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة تكفلت -عبر منظمة "الشراكة العالمية من أجل التعليم" التابعة لوزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء- بجميع التكاليف للمراكز الصيفية التي تقيمها المليشيا للطلاب.

واتهمت تلك المصادر منظمة اليونيسف بتقديم الدعم للحوثيين من خلال تسليمها الحافز المالي للمئات من التابعين للجماعة، بعد إسقاط المدرسين من الكشوفات واستبدالهم بعناصرها، إضافة إلى الاستقطاعات الكبيرة التي نفذتها بالتنسيق مع المنظمة، متجاوزة بذلك الاتفاق مع وزارة التربية والتعليم في العاصمة المؤقتة عدن.

وكانت اليونيسف سلمت للحوثيين في العام 2016م مبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الشراكة العالمية، الخاضعة لجماعة الحوثي، بغرض إنشاء معامل في مدارس العاصمة صنعاء، إلا أنها لم تنفذ أيا من تلك المشاريع، بحسب المصادر ذاتها.

وتنطلق تلك المخيمات تحت شعار "المراكز الصيفية علم وجهاد"، وهو ما يؤكد استمرار الجماعة باستهداف الأطفال من أجل ترسيخ فكرها لدى الجيل القادم، وهو ما يهدد مستقبل اليمن ككل ودول الجوار.

وبدافع الخوف دفع بعض الآباء بأبنائهم للمراكز الصيفية، وفي المقابل قام البعض منهم بتسجيل أطفالهم في معاهد لتعليم الحاسوب واللغة الإنجليزية بدلا من المخيمات التي يخشون منها.