الخميس 28-03-2024 18:49:49 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون.. سحل الأتباع بالأتباع.. صراع داخلي.. دعشنة 

الثلاثاء 06 أغسطس-آب 2019 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت – خاص - محمد عبدالكريم

 

 

عملية قتل وسحل الشيخ القبلي مجاهد قشيرة الغولي، يوم الأحد 21 يوليو 2019، جاءت ضمن سلسلة عمليات متفرقة، لتصفية مشايخ محافظة عمران، الذين تلقوا أوامر من صالح بالتمكين للحوثيين وفعلوا ما هو أكثر، إذ صاروا من جنود الحوثيين لتركيع المواطنين في مناطقهم، والمشاركة في الجبهات المختلفة.

الجديد في العملية هو القيام بسحل الجثة وتسجيل السحل بالصوت والصورة، مع ممارسة أكبر قدر من القسوة والتعبير عن المسخ البشري، وكيف يقع إخراج الناس من قيم وأخلاق وحتى أعراف قبلية، توارثتها الأجيال عبر السنين، وإن كانت عمليات القتل والصلب والتمثيل بالبشر قد حلت في اليمن مع تمكن يحيى حسين الرسي من رقاب اليمنيين، وقتلهم والتمثيل بهم وتركهم في العراء، كما هو مذكور في كتبهم.

جماعة الحوثيين عبارة عن عصابة من العصابات التي عرفها البشر، وجدت نفسها وقد امتلكت دولة ومقدراتها، ولأنها عصابات فإن خصائص العصابات أسقطتها على الدولة ومواطنيها، فصار المواطنون رهائن لأمزجة وأهداف العصابات الحوثية في حالة غير مسبوقة، على الأقل في القرنين الأخيرين، إذ إن العصابات تعرض أمن وسلامة المواطنين لمخاطر شتى، بينما الدول تعمل على مكافحتها، وقد تنجح العصابات في اختراق بعض أجهزة الدولة الأمنية والمالية والقضائية، ومن ثم تنشر الرعب، لكنها تظل في حالة مطاردة ومكافحة باستمرار.

الحالة هنا أن عصابة من المجرمين استولت على الدولة، وتستخدم مقدراتها في الحرب على الدولة ذاتها وعلى مواطنيها.

على الرغم من استيلاء الحوثيين على العاصمة ومحافظات أُخرى وسيطرتهم على أجهزة الدولة، إلا أنهم ظلوا عصابة في داخلها عصابات، وقد عملوا منذ البداية على إلباس العصابة ثوبا من الدولة لستر العصابة، غير أن العصابة ظلت ظاهرة لأنها أرادت أجهزة الدولة وسائل لتحقيق أهداف الجماعة، في السيطرة والاستعباد والقهر وممارسة سلوك العصابات الخارجة على القانون المتحررة من القيم، لتدخل البلد في عذاب لا ينتهي. إنها ليست حزبا سياسيا لديه برنامج يسعى لتحقيقه عبر السلطة، بل جماعة مسلحين وعصابة سيطرت على السلطة وأجهزة الدولة، لتحقيق مكاسب خاصة لقيادة العصابة.

 

- مظهر خارجي

المحافظة على شكل الهيئات الحكومية وتشكيل رئاسة حكومة، وساعدهم صالح على صيغة المجلس السياسي وحكومة مشتركة، لتبدو الجماعة وكأنها جماعة سياسية، تدير أجهزة الدولة بطرق قانونية.

 

- سلطة العصابة فوق سلطة الدولة

الالتفاف على ذلك الشكل الخارجي وإفراغه من معانيه، باحتفاظ الجماعة سلطة العلو على سلطات الدولة، وتتمثل في سلطة عبد الملك الحوثي الذي ليس له صفة رسمية، فرئاسة الجمهورية دونه، إنه فوق السلطات، وفوق القانون والنظام العام.

 

- اللجان الثورية التي يتبعها المشرفون 

إن سلطة المشرف فوق سلطة المسؤول الأول في الوزارة والمحافظة وأي مؤسسة، على المستوى المدني وأجهزة الدولة المختلفة.

 

- اللجان الشعبية السلطة العسكرية والأمنية 

 اللجان الشعبية (المليشيات) التي يقودها عبد الخالق الحوثي والتي فوق وزارة الدفاع والقيادة الرسمية لوزارة الدفاع، والأجهزة الأمنية، حيث يهيمن الأمن الوقائي التابع للجماعة على أجهزة المخابرات، ووزارة الداخلية، ويقوم بعمليات الخطف والتعذيب والقتل، وتهيمن اللجان الشعبية على الجيش الرسمي أو ما تبقى من مسمياته.

جميع أجهزة الدولة تعمل لخدمة الأشخاص والجهات ألأكبر منها والتي تتبع الجماعة، ومن ثم فتحصيل الضرائب وتعيين حراس على المؤسسات التجارية والمالية الخاصة والعامة، تكسب القيادات ثروات هائة ونقلتهم نقلات واسعة.

هذه الحالة تنتج بيئة للصراع على نطاق واسع، غير أن قيادة الجماعة تتدخل لترجيح فريق على آخر وشخص على آخر، وتتغاضى عن عمليات التصفيات التي تقع، وتقف مع الأقوى.

تصفية الأنصار الذين مكنوا للحوثيين، ويعد مشايخ عمران نماذج صارخة لجزاء سنمار الذي يوقعه الحوثي بأتباعه وأنصاره.

 

- طبيعة نظرة الحوثية لليمنيين 

تنظر الحوثية لليمنيين جميعا على أنهم أعداء فعليين أو محتملين وأنه لا يمكن الاعتماد عليهم أو تصديقهم في ولائهم ونصرتهم للحوثيين، وقد لاحظت ذلك عبر التاريخ أنهم لا يخضعون إلا للقوة القاهرة، وأن وجود قوة بأيدي البعض يعني أنهم قد يوجهونها لصدور الحوثية.

لا يختلف مجاهد قشيرة عندهم عن بيت الأحمر ولا مشايخ بكيل، ولا جليدان والمشرقي يختلفون عن حميد الأحمر، ولا يختلف أبو شوارب عن الآخرين.

وكذلك كل مشايخ بكيل، لم يدرك المشايخ هذه الحقيقة الغائرة في صدور الحوثيين وأسلافهم، وظنوا مع علي صالح أن الحوثيين يستهدفون أشخاصا محددين مثل بيت الأحمر ومن والاهم، وبدت العملية بالنسبة لهم أولا أنها تصفية لخصومهم، وبعقلية شديدة التخلف لم ينظروا أبعد من أنوفهم، فكان حماسهم في التمكين للحوثي وقتل الأقربين لهم، فوق التصور، لذلك فإن مصيرهم ومصير أمثالهم ليس غريبا وإن كان فاجعا. 

إن الصراع الذي ينشب بين مجموعات حوثية يتم تغذيته من قبل الجماعة وربما إعطاء ضوء أخضر للبعض للتعبير عن غضبه.

عدم التدخل لفض النزاع بغرض تنمية المشكلة وتكبيرها، دفع البعض للقيام بأعمال يعبر بها عن الغضب مما يجري، وتحريض مجموعة ضد الغاضبين حتى يقع اشتباك.

أما الجماعة فتسجل ما وقع انتصارا للأجهزة الأمنية، في حين أن المنتصرين لن يلبثوا حتى يحرض عليهم المهزومون، ونشوب معركة أُخرى من الصراع على خلاف مع هؤلاء المناصرين.

ثمة أحداث غاية في الخطورة، وتداعياتها ما تكشف عنه يكون أكثر خطورة منها، وهذه العبارة تنطبق على أحداث في إحدى مديريات محافظة عمران اليمنية، من سحل لمواطن يمني ينتمي للحوثيين على يد الحوثيين وهو من أتباعهم. وتقع في المناطق التي تحت سيطرتهم عمليات قتل واقتتال كما حدث في محافظة إب بين السفياني الحوثي والسقاف الحوثي أيضا.

إن العملية ليست نادرة ولا معزولة، بل هناك تنشئة وتربية تقوم على تمجيد العنف وشرب الدم، وفرم العظام مع اللحم، وتقطيع الأوصال، في الدورات، وفي الزوامل، وفي رفع صور من البشاعة.

إن السحل والتمثيل بالجثث والتعذيب حتى الموت، قد صنع أشخاصا لا ينتمون للبشرية إلا شكلا، أما في الواقع فإنهم بشر متوحشون وليسوا من الإنس.

إن التفنن في صنع الألغام وزرعها، يهدف إلى القتل من أجل القتل، وذلك يعني وجود نزعة لإبادة البشر، والإصابة بالإعاقات، وإشاعة الرعب، والفقدان الكلي للأمن.

 

- أبعاد ودلالات الحدث

تقع مثل هذه الأحداث بين فينة وأُخرى لأسباب الصراع على السلطة والصراع على الأموال، وشعور البعض بالغبن، وتؤكد أن السقوط الأخلاقي لعصابة الحوثيين جزء من ثقافتهم وسلوكهم. 

 

- الصراع الداخلي

من المعروف أن الجماعات التي تنشأ على التمييز العنصري، تكون عرضة للتمييز على نطاق واسع داخلها، ويكون أحد أسباب الصراع الذي يأخذ صورا مختلفة من بينها القتل والاقتتال والاغتيال والحبس والتعذيب.

جماعة الحوثيين القائمة على دعاوى الاصطفاء والإمامة والهداية في البطنين، تعني أنها تمييزية ليس فقط على مستوى قيادتها وحسب، بل إن التمييز يطال عناصر ومستويات شتى.

ليس كل هاشمي من البطنين، ومن ثم فإن هناك هاشميين ليسوا صالحين للاصطفاء والإمامة، ويسبغ عليهم بمشاركة البطنين لقب سيد وشريف وست وشريفة، لكن لا يمكن لأحد منهم ادعاء الإمامة.. إنها خاصة بكل فاطمي.

وإذا كان ذلك على مستوى الهاشميين فإنه على المستويات الأخرى، أكثر الجماعة تتكون من أجنحة شتى، فهناك حوثيو صعدة وحوثيو صنعاء وغيرها من المناطق.

هناك أسر تنظر للحوثيين على أنهم غير أهل للإمامة والاتباع مثل بيت المتوكل وشرف الدين وغيرهم، والجميع تعطيهم منطلقات الزيدية في الإمامة المشروعية في ادعاء الإمامة.

الجماعة تضم جماعات وأجنحة في بيئة صراع محموم على السلطة والمال، ويستخدمون وسائل مختلفة، تنعكس إتلافا لليمنيين.

 

- جزاء الأنصار 

إن حادثة قتل وسحل مجاهد قشيرة الغولي لن تكون الأخيرة، فقد سبقها تصفيات لأنصار كثر للحوثيين، وتظهر محافظة عمران نموذجا لتعامل الحوثيين مع أنصارهم بل مع من جندوا أنفسهم لخدمتهم، وإرغام المواطنين على التسليم للحوثيين في السيطرة على بلدهم والتحكم في حياتهم، ودفعهم وقودا لمعارك وحروب السيد وقرابين لعله يرضى، لكن إرضاءه صعب المنال حتى لو لم يبق قبيلي واحد.

إن ما حدث يكشف عن دلالات لعل اليمنيين يأخذونها ولو مرة في الاعتبار.

إن الوقوف مع الإمامة يعني بالضرورة الهلاك على يدها، وقبل الهلاك الإهانة والقهر، ومهما كان الأشخاص مخلصين للسيد الإمام 

فإن العبرة من الأحداث.

 

- الدعشنة

على الرغم من أن سلوك الحوثيين والشيعة إجمالا هو سلوك داعشي بامتياز، إلا أن الغرب لا يأبه لذلك، بل يهب لتعليم الحوثيين كيف يغلفون الدعشنة بستار من السياسة والتفاوض، وذلك للقول إنه سياسي له مطالب سياسية.

إن الغرب يفعل ذلك لإيهام الرأي العام الغربي ذاته أن الجماعة ليست عنف و"إرهاب"، وفي الوقت نفسه تقدم خدمات للغرب والكيان الصهيوني لم يكونوا يحلمون بها حتى ظهرت الجماعات الشيعية التي تمارس سلوكا إرهابيا مدمرا للعمران مبيدا للبشر.

إن إرهاب الحوثيين يظل مقبولا ومدافع عنه غربيا ما دام الحوثي ملتزما بعدم الاقتراب من المصالح الغربية والرعايا الغربيين في المنطقة، وإنه حتى لو تم استهداف فإن ذلك يبقى في إطار محدد.

 

- نتائج

يوفر الحوثيون كل الأسباب لهزيمتهم، غير أن هناك من لا يريد ذلك.

أظهرت سيطرة الحوثيين على المحافظات الكثيفة أنها بصدد عملية تغيير سكاني واسع النطاق يسمونها معركة النفس الطويل، وتعني إخلاء المحافظات من سكانها وإحلال الحوثيين محلهم. 

 

الدفع الدائم بالأطفال والشباب إلى المحارق والحرب.

إن الصراع بدلا من أن يكون بين أجنحتها الأولى، يجب أن يكون بين القبائل اليمنية التابعة للحوثي نفسه، وتكليف حوثيين من قبيلة، للقيام بقتل حوثيين من قبيلة أُخرى.

إن الجماعة بذلك تؤسس أو تنمي عمليات ثأر بين القبائل واستغلال نزعة الانتقام حتى تفني القبائل بعضها بعضا.

الحوثيون يدركون أن مقاومتهم في أي منطقة لن تجد من يساندها، ولذلك فإنها تحرض أتباعها في المنطقة نفسها أو في منطقة أُخرى للقيام بعمليات التصفية لمن يفكر أو يبدر منه قول يدل على التبرم مما يجري.