الخميس 28-03-2024 11:55:25 ص : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

عودة الاغتيالات.. هكذا يوجه الإرهابيون سهامهم نحو تجمع الإصلاح

الإثنين 05 أغسطس-آب 2019 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد السلام الغضباني
 

 

عادت ظاهرة الاغتيالات التي تستهدف قادة وأعضاء في تجمع الإصلاح مجددا، بعد توقف دام لمدة زمنية قصيرة، وشكلت عودتها هذه المرة تحولا خطيرا بخصوص الأشخاص المستهدفين بالقتل من قبل الإرهابيين، حيث بدأ إرهابهم يطال أشخاصا لا علاقة لهم بالعمل السياسي ولا ينتمون لأي حزب، ويتم اغتيالهم لمجرد أنهم أقارب لبعض قيادات وأعضاء الإصلاح، بعد أن كان الإرهابيون يركزون على قتل قادة الحزب وأعضائه فقط.

كما أن عودة هذه الظاهرة وتحولاتها الخطيرة، تأتي بعد أن تم تسريب محاضر للنيابة العامة في العاصمة المؤقتة عدن، كشفت عن المسؤول عن العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت أعضاء وقيادات في الإصلاح. وبدلا من أن تشكل تلك التسريبات رادعا له، إذا به يتحداها، وأكد بأنه سيستمر في أعماله الإرهابية تلك، وحدثت بعد تهديداته ثلاث عمليات اغتيال خلال أربعة أيام في الضالع وعدن وحضرموت.

موضة إرهابية جديدة

في تحديه لتسريبات محاضر النيابة العامة، التي أكدت تورطه في العمليات الإرهابية التي طالت قيادات وأعضاء في التجمع اليمني للإصلاح، تعهد الشخص المذكور في تسريبات محاضر النيابة العامة بأنه سيواصل الحرب على ما أسماه "الإرهاب"، وهذا الادعاء بحد ذاته يمثل موضة إرهابية جديدة، ذلك أنه لأول مرة في تاريخ الإرهاب يظهر إرهابي ليبرر عملياته الإرهابية ضد الأحزاب المدنية وضد الناشطين السياسيين والحقوقيين والتربويين والمدنيين العزل بأنها حرب على الإرهاب، ويصف ضحاياه العزل بأنهم إرهابيون.

مع العلم بأن ذلك يأتي بعد أن ارتكب الإرهابي المذكور أكثر من 120 عملية اغتيال منذ العام 2015، بحسب إحصائيات لمنظمات حقوقية، بينها أكثر من 30 عملية طالت علماء ودعاة وخطباء مساجد، وطالت بقية الاغتيالات قيادات وأعضاء في تجمع الإصلاح، بينهم ناشطون سياسيون وحقوقيون وعاملون في المجال الخيري وأطباء وتربويون.

وكانت أول عملية إرهابية طالت قياديا إصلاحيا، بعد تسريبات النيابة العامة في عدن الشهر الماضي، ثم تعهد الشخص الوارد اسمه في محاضر النيابة العامة بالاستمرار في جرائمه، كانت أولاها تلك العملية الغادرة التي طالت القيادي في إصلاح الضالع ومدير جمعية البر التنموية، خالد غيمان، مساء الخميس 27 يوليو الماضي، بعد خروجه من صلاة العشاء في المسجد.

وفي اليوم التالي، الجمعة 26 يوليو الماضي، اغتال إرهابيون مفيد الوحيشي في العاصمة المؤقتة عدن. وبعدها بيومين، 28 يوليو الماضي، اغتال إرهابيون في مدينة سيئون بحضرموت المواطن جميل باتيس، الذي لم يكن ينتمي لأي حزب، بحسب مقربين منه، وكان الدافع لتطاله يد الإرهاب لكونه شقيق عضو مجلس شورى الإصلاح صلاح باتيس. وكان جميل باتيس قد تعرض لمحاولتي اغتيال في وقت سابق من قبل إرهابيين، لكهنما باءتا بالفشل.

سنوات الإرهاب

بدأت ظاهرة الإرهاب، المتمثلة في الاغتيالات التي طالت ناشطين سياسيين وعلماء وخطباء مساجد وناشطين حقوقيين وناشطين في المجال الخيري وتربويين وأطباء، منذ العام 2015، في بعض المحافظات المحررة، لكنها كانت بشكل محدود، ثم ازدادت حدتها منذ العام 2016، وهو العام الذي بدأ فيه المتهم المذكور في محاضر تسريبات النيابة العامة بإقصاء بعض خطباء المساجد في العاصمة المؤقتة عدن، واستبدالهم بخطباء من الموالين له، أو من المنتمين لتياره، في إجراء مماثل لمليشيات الحوثيين التي غيرت جميع خطباء المساجد في مناطق سيطرتها واستبدلتهم بآخرين من صفوفها، وأقصى مختلف الخطباء والعلماء المنتمين للإصلاح والمنتمين للصوفية والمنتمين للتيار السلفي العامل في المجال الإغاثي عبر الجمعيات الخيرية.

وبعد أن تم إقصاء العديد من خطباء المساجد، وتعيين بدلا منهم خطباء من الموالين للمذكور في محاضر النيابة، بدأت بعض المساجد تشهد فوضى بسبب اعتراض روادها على تغيير خطبائها بآخرين، وتم التهديد بتدخل مليشيات "الحزام الأمني" لتغييرهم بالقوة، قبل أن يبدأ ذلك الشخص باتهام مختلف الخطباء والعلماء الذين لا يروقون له والمعارضين لتوجهاته بأنهم السبب في العمليات الإرهابية التي كانت تشهدها مدينة عدن، واصفا إياهم بأنهم السبب في الانفلات الأمني الحاصل في المدينة.

وبعد تلك الاتهامات، بدأت يد الإرهاب تطال مختلف الدعاة والعلماء الذين لا يروقون له، وتمت بوتيرة متسارعة، ولم تخف حدتها إلا بعد أن تم اغتيال أكثر من 30 خطيبا وعالم دين وداعية، ومغادرة من تبقى من العلماء والخطباء مدينة عدن، خوفا على حياتهم، وتركوا خلفهم ممتلكاتهم وعائلاتهم وغادروا إلى أماكن أكثر أمنا داخل البلاد وخارجها، ومن لم تسمح لهم ظروفهم بالمغادرة فضلوا الاختفاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للحاجة القصوى وبحذر شديد.

وتزامن مع الاغتيالات التي طالت العلماء والدعاة، اغتيال العديد من الناشطين السياسيين والحقوقيين والعاملين في المجال الإغاثي والإنساني والتربويين والأطباء، وكان معظمهم من قيادات وأعضاء التجمع اليمني للإصلاح. ومثلت ظاهرة الاغتيالات تلك أبرز ظاهرة إرهابية شكلت قلقا أمنيا بالغا في أوساط المجتمع اليمني، نظرا لما خلفته من عدد كبير من الضحايا، وما أثارته من رعب وخوف وقلق في أوساط مختلف فئات المجتمع، خاصة أن تلك الظاهرة شملت عدة فئات اجتماعية، وتمددت إلى عدة محافظات، وبعد كل عملية اغتيال كان المواطنون يترقبون من هو الهدف التالي لتطاله يد الإرهاب، وسط مخاوف من قبل كثيرين بأن قد يكونون هم أو أقارب لهم أهدافا قادمة للإرهاب.

صمت مريب وغير مبرر

ومع أن الفاعل ظل معروفا طوال السنوات الماضية، رغم حرصه على عدم ترك بصمات تثبت تورطه بعد كل عملية إرهابية يرتكبها، لكن الغريب هو الصمت المريب من قبل السلطة الشرعية وأجهزتها الأمنية إزاء تلك الجرائم والإرهاب الممنهج منذ بدايته قبل سنوات، وأيضا الصمت إزائها من قبل التحالف العربي والمنظمات الدولية وبعض الحكومات الغربية التي تدعي محاربة الإرهاب.

والشهر الماضي، كشفت تسريبات من محاضر النيابة العامة بالعاصمة المؤقتة عدن عن الإرهابي الكبير المسؤول عن مختلف العمليات الإرهابية التي تمت منذ العام 2015، وأماطت اللثام عن أخطر ملف ظل يسبب الرعب والقلق في أوساط المجتمع، وخلف عشرات الضحايا الأبرياء، وتسبب في ترمل عشرات النساء ويتم عشرات الأطفال وأبكاهم وأبكى أسرهم، كما أبكى أفئدة قطاع كبير في المجتمع، بعد أن بدا أن الهدف الرئيسي للإرهاب هو إفراغ المجتمع من خيرة شبابه وناشطيه.

وفي الوقت الذي توقع فيه كثيرون بأن ينكر المتهم الرئيسي بارتكاب تلك الجرائم ما كشفت عنه تسريبات محاضر النيابة العامة بعدن، أو على الأقل يتوارى خجلا بعد إثبات تورطه بتلك الجرائم، لكنه ظهر متبجحا ومتحديا تسريبات محاضر النيابة، وتعهد بأنه كان وسيظل يمارس إرهابه ضد المجتمع وأبرز قواه المدنية.

وبعد تعهده بمواصلة جرائمه، ارتكب ثلاث عمليات إرهابية طالت قيادييْن في الإصلاح وشقيق قيادي آخر، خلال أربعة أيام، وفي ثلاث محافظات مختلفة، ليؤكد للجميع بأن تنظيمه الإرهابي يتواجد في عدة محافظات، وأنه قادر على البطش والإرهاب في كل مكان يتواجد فيه، وسط صمت مريب وغير مبرر من قبل السلطة الشرعية وأجهزتها الأمنية، وأيضا صمت التحالف العربي، وصمت مختلف المنظمات الدولية والحكومات الغربية المعنية بمكافحة الإرهاب أو تدعي محاربته، بعد أن اتضح للجميع هوية الإرهابي الذي مارس الإرهاب الممنهج طوال السنوات الماضية.