الجمعة 19-04-2024 16:43:53 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ماجدات تعز.. نضال دؤوب وعطاء سخيّ

الأحد 21 يوليو-تموز 2019 الساعة 03 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ عامر دعكم

 

 

لم يقتصر نضال حرائر تعز على رفد الجبهات بالأحرار، أبناءً وأزواجًا وإخوة، بل تنوعت نضالاتهن ما بين تضميد لجراح المصابين ورعاية أسر الشهداء، وصناعة الطعام للأبطال، وإنشاء مؤسسات خيرية خدمةً للمواطن.

لقد أفرزت المقاومة في مدينة تعز رموزا حقيقية ونجوما مضيئة من الحرائر عصية على التجاوز والنسيان، طبعن بصماتهن النضالية ومواقفهن الوطنية على أنصع صفحات التأريخ، تجلّى ذلك من خلال حضورهنّ الفاعل وعملهن الدؤوب لأجل المواطن التعزي وتعز والوطن.

الثائرة حياة الذبحاني، من أبرز نساء تعز اللاتي سجّلن حضورًا مدهشًا في معركة الحرية ودحر الانقلاب، وجسّدن دورًا نضاليا وإنسانيًا في خدمة الحالمة ومواطنيها في لحظاتٍ حرجة.

تعدّ الذبحاني الأكثر نشاطا في تبني قضايا إنسانية سيما قضية أسر الشهداء والجرحى، حتى صارت تعرف بـ"أم الجرحى"، وكانت بمثابة همزة الوصل بين فاعلي وفاعلات الخير وأسر الشهداء والجرحى والمحتاجين. 

وقالت حياة الذبحاني للإصلاح نت: "أردت أن أعبر عن وفائي لشهدائنا الأحرار، فتبنيت قضايا أسرهم وكفلنا أيتامهم وبنينا لبعضهم منازل، ووقفنا إلى جانبهم بما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، وكل ذلك بتوفيق الله، ثم بمساندة فاعلي وفاعلات الخير".

وأردفت: "أيضًا عملت على توفير احتياجات الجرحى قدر الاستطاعة، وكل ذلك تعبيرا عن وفائي وامتناني لهؤلاء الجرحى الأبطال الذين ضحوا من أجلنا جميعًا، وفي سبيل التحرير ودحر الانقلاب".

وترى الذبحاني أن الدور الذي تقوم به مجرد تعبير بسيط عن حبها لهذه المدينة ومواطنيها، ولمبادئ ثورة الحادي عشر من فبراير العظيمة.

واعتبرت الذبحاني أن ذلك الدور "هو جزء بسيط من الواجب الذي يفترض أن نقدمه لتعز والوطن، وما قدمناه ليس شيئًا أمام من ضحّى بروحه أو بأجزاء من جسمه، بل إنني أعتبر الدور الذي أقوم به (صفر على الشمال) مقارنة بتلك التضحيات".

وكان للمرأة التعزية دورًا فاعلًا في إنشاء وتأسيس المؤسسات والمبادرات الخادمة للمواطن التعزي، والمساندة للمشروع الوطني.

الدكتورة خديجة عبد الملك، استشهد ابنها محمد عز الدين وهو يدافع عن تعز ويدحر الانقلاب في منطقة الشقب، لكن ذلك لم يؤثر فيها سلبًا ليجعلها تتراجع عن القضية الوطنية، بل أدهشت الجميع بإرادتها النضالية الفولاذية، وأخذت تنافح عن تعز وتخدمها في مجالات شتى.

أسست الدكتورة خديجة مؤسسة شهيد التنموية التي تُعدّ حاليًا ضمن أفضل المؤسسات المساندة للقضية التعزية، وتركز المؤسسة بكثافة على الأرياف التي تعاني أو عانت ويلات الحرب بشكل أكبر مثل الشقب وجبل حبشي والمسراخ والأقروض والصلو وقرى الضباب وغيرها.

وتنشط مؤسسة شهيد، التي ترأسها الدكتورة خديجة، في تخفيف معاناة أسر الشهداء والجرحى بشكل أساسي، كما أنها تقدم مساعدات غذائية للفقراء والمعوزين والمتضررين في مناطق المواجهات، ولها بصمات في مساعدة النازحين، كما أنها ساهمت في توفير مشاريع صغيرة وشراء سيارات وموتورات لجرحى الشلل والبتر، والعديد من الأنشطة الإغاثية والتنموية والاقتصادية التي تستهدف الجرحى وأسر الشهداء والمتضررين والنازحين.

مواقف عظيمة سجلنها حرائر تعز وتضحيات جسيمة قدمنها ثمنًا للحرية، ورغم ذلك ما زلن يتُقن لتقديم المزيد، حيث قالت الطبيبة ربا جعفر: "قضية تعز تجمعنا، لذا كنا إلى جانب إخواننا من أجل مدينتنا، من أجل المواطن التعزي، ورفضًا للانقلاب الغاشم، ومع ذلك لا يوجد شيء مما قدمناه يساوي تضحيات الأبطال في جبهات القتال الذين يدافعون عن تعز وعنّا جميعًا".

وتعتبر الطبيبة ربا جعفر من أوائل الذين عملوا على إعادة تفعيل هيئة مستشفى الثورة العام، بعد تحريره من الانقلابيين، وعملت متطوعة في تضميد جراح المصابين.

خديجة المجيدي، إحدى ماجدات تعز، ساهمت وبفاعلية مدهشة في خدمة تعز ومشروعها الوطني، حيث شاركت في سداد أجزاء من ديون جرحى المقاومة الشعبية، وعملت في توزيع مبالغ مالية وكسوة عيد وتمور لأبطال الجيش في المتارس، ودعم الجبهات بالماء العذب، بالإضافة إلى توزيع لحوم الأضاحي لأسر الشهداء والجرحى وللفقراء، وأعدّت مطبخ جبهة مقبنة وزودته بالدقيق، كما أنها نجحت في مشروع البحث عن كفالة لبعض الأيتام.

كما ساهمت الماجدة خديجة المجيدي في صناعة مئات الآلاف من "الكعك" وتوزيعها على أبطال الجيش الوطني والمقاومة في أغلب جبهات تعز، إضافة إلى توزيع سلل غذائية للأسر الفقيرة ومياه شرب للعديد من الأحياء السكنية داخل المدينة.

وقالت خديجة المجيدي للإصلاح نت: "نحاول القيام بواجبنا، وندرك جيدا أننا ما زلنا مقصرين مع هذه المدينة الثائرة الحرة الكريمة، وسنبذل المزيد في سبيل تحريرها وإخماد الانقلاب الحوثي".

ذكرنا نماذج من الحرائر فحسب، وإلا فالعدد كبير، والمناضلات كُثر، ولا مجال لحصر أسمائهن وأنشطتهن، فهن ينشطن إعلاميا، حقوقيًا، سياسيًا، اجتماعيًا، تربويا، وفي الكثير من المجالات.

في تعز، المرأة، كما الرجل، لم تسلم من القناصة والقذائف التي تطلقها المليشيات الحوثية على أحياء المدينة ليل نهار، منذ أكثر من أربع سنوات، حيث تجاوز عدد الضحايا من النساء العشرات بين شهيد وجريح، وتعدّ الشهيدة "رِهام البدر" المرأة التي عاشت للناس، أشهر شهيدات تعز، حيث قتلها الحوثيون وهي في مهمة إنسانية شرقي مدينة تعز.

إن الدور النضالي الذي تلعبه المرأة التعزية ليس وليد اللحظة، ولا ردة فعل للانقلاب الحوثي فحسب، بل هو امتداد لنضالها منذ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر العظيمتين، وما قبل ذلك، وتسامى ذلك النضال في ثورة الحادي عشر من فبراير المجيدة، إذ إن عزيزة وزينب وياسمين وتفاحة، وغيرهن، من النساء اللاتي ارتقين شهيدات وهنّ يطالبن بالتغيير وينشدن الدولة المدنية.

هكذا إذن تلعب المرأة التعزية دورًا محوريًا في معركة التحرير ودحر الانقلاب، استجابةً لنداء الوطن وانطلاقًا من الشعور بالمسؤولية الوطنية وما يمليه عليها ضميرها الحيّ، وأثبتت بجدارة أن المرأة قادرة على النضال في مواجهة الاستبداد وتجاوز الصعوبات وبطرقٍ شتى.