الخميس 28-03-2024 13:47:23 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثية.. إرهاب مركب مدلل من الغرب

الخميس 18 يوليو-تموز 2019 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت- خاص- محمد عبدالكريم

  

ملحوظة: الاستخدام الشائع للفظ الإرهاب يتم بطريقة خاطئة، ذلك أن الإرهاب -وفقا للقرآن الكريم- يعني الردع وحمل العدو على الجنوح إلى السلم وليس القتل.

جاء في آيتي سورة الأنفال: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ ۞ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ۞}.

المعاني شديدة السطوع في أن ترهبون تعني ردع العدو الظاهر والمستتر، أو الفعلي والمحتمل، والحيلولة دون العدوان، وحمله على الجنوح إلى السلم.

أما الاستخدام الشائع فإنه للدلالة على أفعال ينطبق عليها مفهوم الحرابة، ويعني قطع الطريق وتخويف العابرين، وقتل الناس للحصول على أموالهم، أو إجبارهم على فعل أو ترك.

أغلب عمليات القاعدة وداعش والمليشيات الشيعية من هذا الصنف، يقتلون من أجل القتل والنهب والسلب، ومعظم عملياتهم تقتل الناس المسالمين، والفارق أن الشيعة ومليشياتهم لم يستهدفوا المصالح الغربية ولو على سبيل ذر الرماد في العيون، وجهودهم المشتركة لتدمير البلاد العربية، وقتل وتهجير الكثير من أهل السنة.

إن العلاقة الحوثية القاعدية تتداخل فيها عوامل مختلفة، تعود إلى إيران، ونظام صالح، والحوثيين ذاتهم، والفاعلين الدوليين خاصة.

أولا: العامل الإيراني

إن القاعدة وداعش تستهويهما الشعارات المعادية لأمريكا، وتمثل إيران أكبر منتج للشعارات المعادية لأمريكا، ثم أذرعها في المنطقة، بل يمكن القول إن إيران تقتصد في الشعارات، وتكلف أذرعها بترديدها أكثر. وبالنظر إلى السطحية لدى جماعات تعتبر نفسها مجاهدة لأمريكا كالقاعدة وداعش فإنها تصدق الشعارات الإيرانية، وتقارن بينها وبين أنظمة عربية، تبعيتها لأمريكا والغرب معلنة، وأضافت هذه الأنظمة لاحقا إظهار الولاء للكيان الصهيوني.

من المفارقات أن إيران المنتجة للشعارات المعادية لأمريكا والمليشيات التي تمثل أذرعها في المنطقة، قد جعلت منها شعارات لفظية وحسب، ولم يحدث أن فعلت شيئا ضد المصالح الصهيوأمريكية، بل علاقتها مع أوروبا حميمة.

عبور القاعدة ونسختها المطورة (داعش) إيران إلى العراق وبعلم المخابرات الدولية ذات العلاقة.

وجود قيادات مقيمة في إيران، ووفقا لتصريحات أمريكية تمثل إيران المركز المالي للقاعدة، ومن الطبيعي أن تكون القاعدة في اليمن مخترقة من قبل إيران.

شبكة الاستخبارات العالمية التي كانت في جهاز الأمن القومي، تشير إلى علاقات للاستخبارات الإيرانية، خاصة أن العلاقة بين صالح وإيران وأتباعها مثيرة لكثير من الدهشة، ليس لأن يحيى محمد عبد الله صالح مقيم في بيروت وصلاته بحزب الله لم تنقطع، بل أكثر من ذلك واقعتان ترتبطان بعمار صالح الذي كان وكيل الأمن القومي: الأُولى، وفقا لوثائق ويكلكس، أن صالح أخبر الأمريكيين بوجود إسطوانات (سيديهات) تثبت تدريب حزب الله للحوثيين وأنها موجودة لدى عمار صالح، وحين سأله الأمريكان نفى عمار وجودها. الثانية، أنه في عام 2013 تناقلت وسائل إعلامية عن شهود عيان التقاء عمار بعناصر مخابرات إيرانية وزودهم بمعلومات استخبارية مما بحوزته من الأمن القومي.

الشاهد أن إيران، وعبر صالح، مخترقة للقاعدة في اليمن، ومن ثم فإن الحوثيين، وعبر صالح وأجهزة الاستخبارات، تمكنو من السيطرة على خلايا القاعدة.

سهولة الاختراق

القاعدة وداعش يسهل على أي جهة، بما فيها وفي المقدمة منها إسرائيل، اختراقها وصناعتها وتوجيه عملياتها، وذلك ما تستفيد منه إيران أولا أكثر من أي نظام، وتستفيد منه العواصم الغربية والأنظمة المعادية لشعوبها في المنطقة ثانيا.

لم تستهدف المصالح الإيرانية والإسرائيلية، فهل ذلك مصادفة أم يعود لاختراق فعلي؟ إن القواسم المشتركة للقاعدة وداعش هي عدم استهداف المصالح الإيرانية والإسرائيلية، وأن عملياتها نادرة في الهجوم على أهداف عسكرية غربية، وأغلب عملياتها تستهدف المسلمين، عسكريين وأمنيين ومدنيين، حتى المساجد لم تسلم منها، وتستهدف مدنيين وقسسا ورهبانا في أوروبا، وهي عمليات تصب لصالح الحكومات الغربية التي توظف هذه العمليات لتخويف مجتمعاتها من الإسلام من جهة، ثم تبرر إسنادها لأنظمة مستبدة، وتتيح لها تدخلا أوسع في المنطقة العربية.

هناك الكثير من الوقائع التي تشير إلى نجاح إيران وأتباعها في السيطرة على القاعدة، إذ يكفي معرفة المستفيد الأكبر من تدمير الموصل والرقة وجميع مناطق السنة في العراق، وفي عهد المالكي التابع لإيران وبعض القوى الدولية، فقد مكن لداعش في العراق ليجتاح محافظات، وتركت للدواعش أحدث الأسلحة.

استخدمت جبهة النصرة وداعش لإطالة عمر نظام الأسد والحيلولة دون سقوطه الذي كان وشيكا عام 2012.

صالح والحوثي والقاعدة

جهاز الأمن القومي في اليمن كغيره من أجهزة تم إنشاؤها لتكون ملكية خاصة، وكلف مجموعات القاعدة بتصفية القادة الوطنيين في الأمن السياسي، في حين لم يحدث التعرض لأي شخص يعمل في الأمن القومي.

إن أحد مبررات أمريكا لاجتياح الحوثيين للعاصمة ومدن أُخرى أن الحوثيين "خصوم فعليون" للقاعدة، مع أن واشنطن تدرك جيدا أن لا خصومة حقيقية بين الحوثي والقاعدة، بل إنه إذا انسحب الحوثي من منطقة حرك القاعدة الموجهة من قبله للقيام بعمليات بدلا عنه، ولإظهار السلطة عاجزة.

حديث صالح عن الخلايا النائمة إثر قصف منزله في شارع حدة، عام 2015، نقلته وسائل الإعلام المختلفة.

توقف عمليات القاعدة نهائيا في مناطق سيطرة الحوثيين يدل على أن مجموعات القاعدة تحت سيطرة الحوثي، وأنه يدخرها وربما بعض منها تقاتل معه أمريكا.

الحوثي والقاعدة وداعش

لا يختلف الحوثيون عن القاعدة وداعش في عملياتهم الممارسة للإرهاب إلا في تفوق الحوثيين بجعل إرهابهم شاملا للمستويات المختلفة، سياسيا وإعلاميا واقتصاديا وأمنيا، ويتفق سلوكهم مع تعريف عرضي للإرهاب على لسان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد، الذي وصف أحداث سبتمبر 2001 بأنها عمليات الهدف منها إجبار الأمريكيين على تغيير سلوكهم، وكل عمليات الحوثي إجبار وإكراه اليمنيين على التخلي عن جميع حقوقهم في انتخاب السلطات وفي التعليم وفي الحياة الكريمة، بل إن العدوان على الحق الأول في الحياة يقوم الحوثيون بعمليات واسعة للقتل تحت لافتة الحرب والهجوم والحصار للمدن والمناطق المختلفة والتجنيد الإجباري أو الاستدراج للتجنيد حتى للأطفال، فضلا عن تفجير المنشآت كالمنازل والمساجد والسيطرة على الممتلكات الخاصة والعامة.

كل تلك وقائع تثبت القواسم المشتركة بين الحوثي والقاعدة وداعش، وتفوق الحوثي في الإرهاب على القاعدة وداعش في شموله لكل نواحي الحياة، ومعاداة التعليم ومصادرة الإعلام واعتقال وخطف الصحفيين، إنه إرهاب أشد فتكا من القاعدة وداعش، لأن القاعدة وداعش منبوذتان من الناس أجمعين وإرهابهما يجمع العالم على مكافحته، مع استخدام وتوظيف من مخابرات وأجهزة وحكومات.

أما الحوثيون ونظراؤهم من الشيعة فإنهم لا يصنفون إرهابيين لأنهم لا يمسون المصالح الدولية، ومن ثم يتم التعامل معهم باحترام ورفع معنوياتهم ومساعدتهم على إشاعة الوهم بأنهم قوة يحسب لها. إن ذلك لا يعفي السلطة والتحالف من المسؤولية، حيث لا وجود للجهود التي تقنع الآخرين بأن الحوثي مخترق موجه لعمليات القاعدة وداعش ويمارس السلوك نفسه، وإن الطلاء الذي يتقنع به رقيق جدا.

الولايات المتحدة الأمريكية

يتسم الموقف الأمريكي من الحوثيين بالتدليل لهم، وفي وثائق ويكليكس فإن الحوثيين لم يستهدفوا مصالح أمريكية ولا أفرادا أمريكيين في الاشتباكات مع المملكة.

في عام 2009 كان الموقف الأمريكي عاديا، وتحدث عن طرفي نزاع، وعبر عن القلق، كان الموقف مفاجأة لكثير من المراقبين.

وفي مطلع عام 2015، مسؤول بارز في المخابرات الأمريكية قال إن استمرار هجمات بلاده على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، على الرغم مما يجري من أحداث في اليمن، يرجع للعلاقات الاستخبارية التي تقيمها مع جماعة الحوثيين في اليمن.

وقالت الكاتبة الأمريكية باربرا سلافين في مقالتها بصحيفة "المونيتور" إن الضابط السابق في القوات الخاصة الذي يشغل حالياً منصب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون الاستخبارات مايكل فيكرز، كان يقدم رؤية مختلفة لما يبث في معظم وسائل الإعلام الصادرة في الغرب وفي دول الخليج السنية حول ما تعنيه النجاحات التي حققها مؤخراً الحوثيون، وحول أهدافهم الحقيقية على الرغم من حصارهم لمقر الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وأشارت إلى أنه بينما ذهبت وسائل الإعلام لتركز على الدعم الإيراني للحوثيين وتقترح أنهم ربما كانوا يشكلون تهديداً للعمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة ضد الفصيل الأقوى للقاعدة، صرح فيكرز في معرض إجابته عن سؤال وجهه له المونيتور، بأن "الحوثيين معادون للقاعدة، ولقد تمكنا من الاستمرار في بعض عملياتنا المناهضة للإرهاب ضد القاعدة خلال الشهور الماضية".

وأشارت سلافين إلى أن فيكرز ورداً على سؤال وجه له بعد انتهاء المحاضرة حول ما إذا كانت توجد خطوط للتعاون الاستخباراتي مع الحوثيين، قال إنها "فرضية سليمة".

وقال فيكرز أيضاً إنه "بات جلياً أن هدف الحوثيين هو الاستيلاء على الحكومة اليمنية ومحاولة حكم بلد.

وحول الشعارات التي يرفعها الحوثيون وأبرزها "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" و"النصر للإسلام"، قال شميتز إن هذه الشعارات "تعود إلى عام 2003 حينما غزت الولايات المتحدة العراق وسعى الحوثيون وقتها إلى إحراج الرئيس علي عبد الله صالح، من خلال وصمه بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية".

هكذا يفسرون شعار الموت لأمريكا لإقناع الأمريكيين أن الشعار للاستهلاك الداخلي في اليمن والاستقطاب لصالحهم، وأضاف أن الحوثيين بشكل عام لم يشنوا أي هجمات على الأمريكان.

الحوثية جماعة مسلحة إرهابية خارجة على القانون

يحرص الأمريكيون على وصف الحوثيين بالمتمردين، وذلك الوصف له دلالة إذ إنهم ليسوا حزبا سياسيا ولا منظمة مجتمع مدني، ووصفهم بالمتمردين يعني أنهم خارجون على القانون فليس لهم صفة قانونية، ووصفهم بالمتمردين له حدين: الأول إيجابي، إذ إن وصفهم بالانقلابيين فيه مدح لهم وأخف كثيرا من وصف المتمردين، فالانقلابيون في كل الأحوال يستطيعون الحصول مع الوقت على الاعتراف بسلطتهم على عكس وصفهم بالمتمردين فإنه يعني أن لا قانونية لهم على الإطلاق.

والحد الآخر سلبي، فالتمرد أخف من الوصف بالإرهاب، لذلك الإصرار على وصفهم بالمتمردين للحيلولة دون وصفهم بالإرهاب، ذلك أن التمرد يمكن التفاوض معه، أما الإرهابي فإنه لا يكون معه إلا المكافحة والحرب الدائمة.

تلك دقة أمريكية في استخدام المصطلحات، فهي متقدمة على الوصف بالانقلاب، وفي الوقت نفسه لا تمكن من الوصف بالإرهاب.