الخميس 28-03-2024 14:49:32 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الكوليرا ..الموت الصامت!

الثلاثاء 13 يونيو-حزيران 2017 الساعة 03 صباحاً / التجمع اليمني للاصلاح - خاص - فكرية شحرة

في إب نسمع بين فترة وأخرى عن موت أناس بالكوليرا ..

حين يأتي خبر كهذا من القرى البعيدة نعلل الخبر بتلك المسافات التي تفصل بين انقاذ الحياة ووصول الموت.

لم تكن الكوليرا مرضا قاتلا بهذه الشراسة إلا في اليمن.

مسافات الجهل والتخلف وقلة الامكانات والاهمال الوفير أسباب كافية كي تموت الحياة في الطريق إلى النجاة.

نرد هذا الموت السهل لهذا السبب الذي يشعرنا براحة الضمير العاجز أو مكافحة الكآبة والخوف أن يفاجئنا الموت بالجفاف وكأننا في صحراء من وجود الدولة المهتمة وقيظ الإنسانية المجدبة.

لا يخاف المرء الموت حين يعلم قسوة الحياة من حوله وصعوبتها؛ لكن الخوف حاصل كفطرة إنسانية حين ترى الوباء يحصد أناسا قابلتهم الأمس لتسير في جنازتهم اليوم.

يصبح الموت في متناول الجميع والفقير بالذات؛ فالموت سلعة ممنوحة بلا تعب لشخص بلا ثمن أو قيمة داخل وطنه.

مريم سيدة من المهمشين تظل طوال يومها جالسة على بوابة إحدى المولات الكبيرة تمد يدها للمارة وتدعو للجميع بالصحة والعافية وتلقي الدعابات للصغار والكبار .

تصادق عمال المول الأنيقين وماسحي السيارات الشعث المتعبين.

وعلى رصيف الشارع يراها الجميع زعيمة المنطقة المحيطة بالمول والحكم بين المهمشين هناك تفض خصوماتهم وتصلح ذات بينهم ..

الكل يحبها فرغم أنها متسولة إلا أنها تعطي لمن هو بحاجة ممن يلجأ إليها.

رحلت مريم بالكوليرا فجأة وبسرعة خاطفة وبقي أبناؤها الأربعة في المشفى لذات السبب.

خلف رحيلها المفاجئ حزنا وصدمة بين المهمشين وهم الأقرب للإصابة بالمرض ونقله.

ماتت فجأة قبل أن يعلم الآخرون حتى بمرضها ..

أولئك البسطاء من يعيشون في قعر فرن السياسة يتلظون شواء دون أن تصلهم نفحات انفراج ممن يحركون هذه القدور المشتعلة.

يموتون بصمت ويدفنون أحياء وأموات ..

وما الكوليرا إلا سبب إضافي يزدحم مع أسباب متاحة بكثافة ويسر في وطن غابت عنه الدولة بخدماتها وقانونها .. وإنسانية مشروعيتها.