السبت 20-04-2024 04:17:27 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

السجن بتهمة مساعدة الفقراء ومتابعة قنوات الشرعية

فصول من الكوميديا السوداء لمليشيا الانقلاب بالمحويت

الأحد 11 يونيو-حزيران 2017 الساعة 04 صباحاً / الاصلاح نت - متابعات/ المحويت

      

ربّما لمْ يَنَم أنصار (المسيرة القرآنية) ليلتها جيدًا ..

وفي اليوم التالي هَرَعت حملة للقبض على شابَّين بتهمة (العمل الخيري)!

 

 حدَثَ هذا قبل أيام عندما أخرجت المليشيا الحوثية طقمًا للقبض على شابَّين خَطِرين من أبناء بدح بملحان؛ بتُهمة إيصال كميات من المواد الغذائية وتوزيعها على الفقراء والأرامل والمحتاجين الذين دهسهم قطار المسيرة الحوثية وألقَى بهم إلى ما دون خطّ الفقر المُدقِع.

يوم أمس قام أفراد من معسكر وادي الحسي بأخذ 7 رؤوس من الأغنام عنوةً من الرعاة، وذبحوها وذهبوا بها إلى المعسكر، وحين ذهب الأهالي إلى شيخ العمارية المتحوث (احمد العمري) ليشتكوا من صنيع أبناء عزلته، ردّ بالقول: "أنا ايش أعمل لكم.. الله يخلف عليكم"!

 

 نقطة البداية

 

حين وضَع الحوثيُّون أيديهم على هذه المحافظة الوادعة المُسالمة بدؤوا بتسويق صورة برَّاقة إلى ذهنيَّة المواطنين عن الحوثي الرحيم الذي جاء إلى المحافظة بأهدافٍ نبيلة للحدّ من مُعاناة المواطنين والفصل في القضايا العالقة منذ عشرات السنين بفعل بيروقراطية الأجهزة القضائية الذي وَسَم حقبة صالح. غير أنَّ هذه الأكذوبة استطاعت اختراق وعي بعض أبناء المحافظة، حيث وجدَت لها رواجًا لدى المُغفّلين وبعض العامة من مُناصري صالح!

لكنّ الطبع غلب التطبُّع، وسرعان ما سقطت ورقة التوت التي كانت تستر عورة الحوثي، وتكشَّف قناع الزيف، وتلاشت مساحيق التجميل عن وجه الحوثي ليتبدَّي للناس وجهًا أكثر قبحًا ودمامة وإجرامًا.

تمكَّنت منظمة حقوق الإنسان بالمحويت من رصد مئات، بل آلاف الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها مليشيات الحوثي- صالح في حق المحافظة، وتنوعت ما بين حالات قتل وتهديد بالقتل وتشريد ونهب ممتلكات واقتحام منازل وسيطرة على منشآت ومؤسسات واختطاف وتعذيب وابتزاز وتجنيد إجباري للأطفال وفرض إتاوات وجبايات، وتحويل مدارس إلى ثكنات ونهْب مساعدات ... إلخ.

لكنَّنا في هذه المادة سنُحاول تسليط الضوء على بعض جوانب انتهاكات وجرائم المليشيات التي جمعت بين الغرابة والطرافة، ما يندرج تحت مسمى (الكوميديا السوداء)!

 

غزوة الحوثي الكبرى

 

نهاية أغسطس من العام الفائت تجلى وجه الحوثي الأكثر قُبحًا، حين قاموا بمسيرة النهب الكبرى، وضع الحوثيون أيديهم على عشرات المؤسسات الأهلية والتعليمية والإغاثية بمدينة المحويت والرجم والخبت وشبام، واستحوذت على مباني النقابات والمنظمات ودور القرآن الكريم ومدارس التحفيظ والجمعيات الأهلية الزراعية والتعاونية والأندية الرياضية.

في هذه الغزوة دشَّن الحوثيون مسيرة النهب الكبرى، نهب المخازن والمواد الغذائية ومستحقات الأيتام وتجهيزات المؤسسات من أدوات مكتبية وأثاث وغيرها. وحولت المليشيات هذه الأماكن إلى مقارّ تجمعات وأماكن للمقيل والنوم والاجتماعات، ووزعت كثيراً من الأثاث على مشرفي الحوثي، في حين لوحظ بعض الأثاث في محل مفروشات تابع لأحد المتحوثين بمدينة المحويت.

 

البنك المركزي الحوثي

 

يوم أسدلَت الشرعية الستار، وأنهَت نهْب الحوثيين لمليارات الريالات؛ عبر قرار نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقَّتة (عدن)، ابتكَر الحوثيون طريقةً ذكية للإثراء غير المشروع من أموال المواطنين الفقراء؛ اصطلحوا على تسميتها بـ (الحملة الوطنية لدعم البنك المركزي).

عمّم مكتب الأوقاف على الخطباء توعية المصلين ودعوتهم إلى دعم البنك المركزي، وفرَض مكتب التربية على الإدارات المدرسية إجبار الطلاب على دعم الحملة الوطنية لدعم البنك، وفرَض المشايخ على كل عزلة مبالغ مالية مُحدَّدة تم تجزئتها في نهاية المطاف على كل غرَّام، وجاس أفراد المليشيات والعقال والوجهاء خلال الديار، وألزموا أصحاب المحلات التجارية بدعم البنك المركزي، وتردّد وكلاء المحافظة - الستة المعينون من الحوثي - على المديريات لإقامة مهرجانات أمام مكاتب البريد لدعوة المواطنين الى القيام بواجبهم الديني والوطني بدعم البنك المركزي!

وعندما كان المتبرّعون ينامون ملء جفونهم بعد اطمئنانهم على القيام بواجبهم المُقدَّس.. كان مشرفو الحوثي يُودِعون هذه الأموال في أرصدتهم البنكية، وذكر أحد المتحوّثين أنّ مشرف المليشيات السابق (أبو عقيل) فاضل الشرقي أرسل أحد مقرَّبيه لإيداع مبلغ (مليون ريال) في حسابه البنكي!

 

حادثة الكِباش

 

قبل أيام من عيد الأضحى المبارك العام الفائت سنّ الحوثيون على المواطنين تسليم كباش ومواشي لتسيير قوافل عيدية للمجاهدين المرابطين في الجبهات، حسب التبرير الحوثي. ففي مديريات (ملحان، الخبت، بني سعد) فرضت المليشيات الانقلابية على كل عزلة 5 - 10 كباش بحسب الكثافة السكانية.

وفي ختام الحملة أقام الحوثيون كرنفالاً دُعيَت اليه قناة المسيرة؛ غير أنّ ما تجاهلته عدسة القناة مشهد خلافات قيادات الحوثي حول حصَّة كل واحد من المواشي بعد أن انفضّ الجمع وانتهى الحفل، وصدمة المواطنين وهم يرون رأي العين كباشهم معروضةً للبيع في أسواق الحسينية!

 

الوجه الديمقراطي للحوثي

 

لم يكن حدثًاً مألوفًا ولا اعتياديًا .. ففي صبيحة عيد الأضحى المبارك العام الفائت فوجئ المصلون من أبناء مدينة الطويلة في أثناء تواجدهم في مصلّى العيد، حيث شقّ مشرف المليشيات (ابو نجم) عبدالكريم الصيلمي الصفوف وتقدَّم لأداء خطبة العيد.

مبعث الغرابة أنّ المسلمين يأتون إلى هذا المكان بثيابٍ بيض وقلوب أكثر بياضًا باعتبارها مناسبة دينية للتسامح والتعايش والتآزر المجتمعي؛ غير أن مشرف الحوثيين تقدَّم إلى المنبر مرتدياً بزة عسكرية، وباشر خطبته الأكثر توحُّشًا والتي طفحت  برسائل ومفردات التحريض الطائفي وبثّ الكراهية والفتنة والشقاق بين أبناء المجتمع بالحديث عن العدوان والمرتزقة، ولم ينسَ في هذه المناسبة دعوة البسطاء إلى إلقاء أبنائهم إلى التهلكة في الجبهات.

لم تمر سوى أيام على سيطرة المليشيات على المحافظة حتى رأى المواطنون الحوثيين على حقيقتهم، ورأوا توحش المليشيات الذي يفوق في الفضاعة ما تعرضه أفلام الرعب.

وسنعرض بعض سلوكيات الانقلابيين التي ليست سوى غيض من فيض:

- في كثير من المساجد بالمحافظة التي لم تبسط سيطرتها عليها، يقوم مشرفو الحوثي بمحاولة فرض الطابع الجعفري الاثنى عشري، حيث قاموا بطلاء بعض المآذن باللون الأخضر، ويقومون بين الفينة والأخرى بالضغط على الأئمة لترديد (حيّ على خير العمل) في الأذان.

- فرض الصرخة الخمينية كما لو أنها ثابت دينيّ، حيث قاموا في المراكز الصيفية التي أقاموها في الأهجر وشبام بتعليم الطلاب الصرخة، وفي مدارس حفاش ومدينة المحويت يجبرون الطلاب على ترديدها في طابور الصباح، وفي الرجم اشترطت لجان توزيع السلات الغذائية - المقدمة من المنظمات - على المستفيدين ترديد الصرخة جماعياً. 

- تكليف حملات دورية بالخبت والمحويت الى محلات الصرافة لمتابعة التحويلات المالية، والتعرف على/ ومتابعة هوية المرسلين ومتسلمي الحوالات.

- تهديد السلطة المحلية بجبل المحويت وتوعُّدها المعلمين المضربين عن التدريس بالفصل النهائي وإحلال آخرين مكانهم.

- الاعتداء على مواطن في إحدى النقاط بملحان لرفضه تعليق شعارات الحوثي الخاصة بعاشوراء التي سلَّمها له أحد افراد النقطة.

- استدعاء أصحاب استديوهات التصوير في الرجم للتحقيق معهم بتهمة تصوير أوراق للمرتزقة!

- تكليف جواسيس ومخبرين في الخبت للرفع بمضمون ما يلقيه خطباء المساجد من خطب أو دروس ومحاضرات.

- التحقيق مع أصحاب (محلات مواد البناء) في العرقوب بجبل المحويت، للإدلاء بمعلومات حول مَن قاموا بشراء مواد الطلاء، كونها استُخدمت في طمس شعار الصرخة على الطريق العام.

- تفتيش جميع المصلين في بعض مساجد مدينة المحويت في أثناء دخولهم لأداء صلاة الجمعة

- اقتحام قرية المعرس بالمحويت بثلاثة أطقم، وإثارة الفزع والذعر لدى الأهالي، بدعوى البحث عن أحد المطلوبين!

- إلزام 20 من طلاب المرحلة الثانوية في إحدى مدارس شبام، لحضور مهرجان في مدينة المحويت حول ذكرى مقتل (حسين الحوثي).

- تعيين 3 أفراد في مناصب مدراء عموم ونواب مدراء بمدينة المحويت، بدون مؤهلات سوى الإعدادية فقط.

 

غرائب الاختطافات

 

أطلقت مليشيات الانقلاب يدها للاختطافات لأتفه الأسباب، للاستثمار المادي بطلب الفدى المالية أحيانًا، وبعث رسائل تخويف للأهالي بأنهم ما يزالون في موضع قوَّة.

فمن غرائب دوافع الاختطافات التي مارستها المليشيات:

- اختطاف اثنين من قيادات المؤتمر الوسطى بالخبت بسبب منشور على فيسبوك يحملان الحوثيين مسؤولية عدم صرف مرتبات موظفي الدولة منذ اشهر، وآخر في شبام لذات السبب.

- اختطاف مواطنَين في ملحان بتهمة متابعة القنوات التلفزيونية التابعة للشرعية، والتحريض.

- اختطاف مواطن في إحدى نقاط ملحان وتغريمه مائة الف ريال؛ لاحتواء تلفونه على أناشيد للمقاومة.

- اختطاف 4 من شباب الرجم في منطقتهم بتهمة نواياهم بالذهاب إلى مارب.

- اختطاف أحد المعلمين بتهمة إقامة حفل تكريم حفاظ القرآن الكريم في أحد المساجد بين صلاتي المغرب والعشاء.

- اختطاف مواطن عادي بالخبت بسبب بلاغ من أحد الأفراد، على منشور فيسبوكي قديم في صفحة شقيق المختطف.

- اختطاف موظف بمدينة المحويت، بسبب سؤال قدَّمه لصالح الصماد عن مصير رواتب الموظفين المتوقفة منذ أشهر.

- اختطاف معلم بسبب خلاف بين زوجته مع إحدى القياديات الحوثية.

- اختطاف شاب من منزله بتهمة آرائه التحريضية في مقايل القات.

- سجن بائع ايسكريم بتهمة أنه أسرَّ إلى أحد المواطنين بأن الحوثيين مجرمين.

- اختطاف مدرِّس في إحدى مدارس مدينة المحويت بعد نقاش مع أحد زملائه حول الوضع العام والأحداث التي تشهدها البلاد.

- اختطاف أحد الباعة في الخبت بسبب نقاش مع احد المواطنين حول حادثة الصالة الكبرى بصنعاء.

- اختطاف 10 متحوِّثين من أبناء حفاش، وهم في نزهة في وادي سردد للاشتباه بأنهم ذاهبين للقتال مع الشرعية في الجبهات.

 

آلية اللصوصية

 

قبل عام قام مجموعة من أفراد معسكر وادي الحسي بملحان باقتحام قرية الجناح المطلة على معسكر وادي الحسي، وأخذوا عنوةً عشرة رؤوس من الماشية على الأهالي واصطحابها إلى المعسكر، ويوم أمس تكررت حادثة مشابهة في المناطقق المجاورة للمعسكر. هاتان الحادثتان مجرد اختزال بسيط لعقلية عصابات السطو وتجسيد لصورة الحوثي (اللصّ) الذي قفز الى الحكم وانقلب على الشرعية بدعوى أنه الأحقّ والأجدر بحكم البلد .. غير أن سلوكياته منذ اليوم الأول تكشفت عن عقلية اللصّ.

 وهذه نماذج عن مسيرة السطو والابتزاز التي دمغت الحضور الحوثي بالمحويت، من باب التمثيل لا الحصر:

 - (العزي الشجاف) المعين من الحوثي وكيلا للمحافظة، يكلِّف مجموعة بلاطجة لجمع التبرُّعات في بعض العزَل وتحصيل المجهود الحربي بالقوة وتحت تهديد السلاح.

- فرض جبايات على التجار والمواطنين في مختلف المديريات، لدعم احتفالات المولد النبوي والغدير ويوم الشهيد وذكرى وفاة الأمام زيد واستشهاد الحسين والإمام علي ..الخ.

- اقتحام مدرسة الوحدة بالطويلة (دار الأيتام) الحكومية، ونهب المواد الغذائية الموجودة بالمخزن، تحت مُبرَّر منحها للمجاهدين.

- مصادرة بعض البضائع من المحلات التجارية والبسطات بالخبت، بدعوى أنها منتهية الصلاحية، وأخذها معهم الى مركز المديرية.

- فرض مبالغ مالية على طلاب المدارس - مؤخرًا – بُمبرِّر تسليم مرتبات للمعلِّمين

- إبلاغ بائعي القات في الكدن، بوجوب دفع (الخُمُس).

- تشكيل عصابة حوثية بملحان، قامت بالسطو على 11 منزلا من منازل مواطنين مغتربين ونهب محتوياتها.

- احتجاز حفار مياه، ومطالبة الأهالي بدفع (350) ألف ريال مقابل إطلاق الحفار.

 

ختاماً

تعيد النظر مُحاولا التنقيب عن حسنة وحيدة للمليشيات فتبوء المحاولة بالفشل وينقلب البصر خاسئًا وهو حسير!

إنْ كان من صنيع تُحمد عليه المليشيا الحوثية فهو أنّ فترة حكمها وفّرت بيئة خصبة للخيال الإبداعي لدى الأدباء وكتاب الدراما والسينما، لإنتاج مئات بل آلاف الأعمال الأدبية أو الدرامية التي تندرج ضمن (الكوميديا السوداء) او ما تسمّى بالتراجيكوميديا!