الأحد 05-05-2024 02:18:04 ص : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ملف الحديدة.. واستمرار متاهة البحث عن "سلام هش" مع المليشيات الحوثية

الإثنين 08 يوليو-تموز 2019 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ أحلام الصنعاني

 

 

تعثرت مختلف الجهود من أجل التوصل لحل ملف الحديدة، الذي سيؤثر بشكل كبير على السلام في اليمن ككل، نظرا لما تمثله هذه المحافظة من ثقل في إيجاد طريق واضح وغير شائك للأزمة في البلاد.

أدى ذلك الوضع إلى استمرار الاضطراب في البلاد، وتعقيد المشهد أكثر مع توقف كثير من جبهات القتال، واستغلت ذلك مليشيات الحوثي بالتصعيد ضد المملكة العربية السعودية، وكذلك بالقتال ضد الحكومة في أماكن مختلفة.

وكانت الحكومة، ومعها التحالف العربي، على بعد أمتار قليلة من ميناء الحديدة الإستراتيجي، لكن الضغوط الدولية حالت دون استعادة ذلك الموقع الحيوي الذي يشكل أهمية بالغة بالنسبة لمليشيات الحوثي.

 

حلول كثيرة غير مجدية

سعت الشرعية، ومعها المجتمع الدولي، للتوصل إلى حل ينهي الأزمة اليمنية، وتحديدا ملف الحديدة، وكان آخر تلك الجهود، الرؤية التي قدمتها الحكومة لتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة، الذي تم التوصل له في مشاورات السويد أواخر العام 2018.

تضمنت تلك الرؤية -وفق صحيفة "الشرق الأوسط"- حلا يتعلق بإعادة الانتشار من الموانئ، وذلك بعد فشل تنفيذ هذه المرحلة بسبب استغلال الحوثيين لها، وانسحابهم من بعض المناطق وتسليمها لمليشيات تابعة لهم، فقد قاموا بتجنيد أتباعهم في صفوف الجيش، عقب سيطرتهم على الدولة عام 2014.

تحدثت الصحيفة -نقلا عن مصدر لم تسمه- بأن تلك الرؤية تنص على "خروج مليشيا الحوثي من الموانئ ومن مدينة الحديدة وفق زمن محدد يتم الاتفاق عليه، على أن يتم تسليم الأمن للقوات الأمنية وخفر السواحل الموجودة في كشوفات العام 2014 بموجب القانون اليمني، والتعامل وفق آلية معينة في حال انتهاء المدة وعدم التنفيذ".

وسبق أن كان هناك مشاورات من أجل السلام وبرعاية أممية، عقدت في الكويت والسويد، لكنها فشلت بسبب عدم التزام الحوثيين بالبنود التي كان يتم التوصل لها.

 

وضع متوتر

خلال الأيام القليلة الماضية، نفذت مليشيات الحوثي عددا من العمليات العسكرية ضد مواقع داخل البلاد، وأخرى استهدفت المملكة العربية السعودية. فقد نفذت هجومين بطائرات مسيرة على مواقع في مطاري جازان وأبها.

وسبق أن أعلن المتحدث باسم التحالف العربي، تركي المالكي، أن الدفاعات السعودية دمرت طائرة بدون طيار مفخخة في سماء جازان، حيث لم يحقق هذا الهجوم أي شيء من أهدافه. وهذا هو الهجوم الـ23 منذ منتصف شهر مايو الماضي، والذي بدأ باستهداف محطتي نفط تابعتين لشركة أرامكو النفطية بالمملكة.

وكشفت مليشيات الحوثي، على لسان المتحدث باسمها العميد يحيى سريع، عن منظومة صاروخية جديدة دخلت الخدمة. وهو ما يعني استعدادها لجولة جديدة من التصعيد، ضاربة عرض الحائط بالجهود التي يتم بذلها من أجل السلام.

 

استمرار التأثير الدولي

يسعى الحوثيون -كما يرى مراقبون- إلى استمرار تأُثير المجتمع الدولي في الحديدة من أجل تحقيق مكاسبهم السياسية والعسكرية. وفي سياق متصل، أكد الإعلامي عبد الله دوبلة أن لا أحدا سيطبق اتفاق السويد على النحو الذي يؤدي إلى خروج الحوثيين من الموانئ أو من الحديدة.

وفسر الأمر -في تصريحات صحفية- بأنه فقط من أجل إطالة عمر عمل رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار التابعة للأمم المتحدة في اليمن مايكل لوليسجارد، وكذا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، الذي سعت الدول المؤثرة في اليمن إلى إطالة أمد عمله، خاصة بعد رفضه من قِبل الحكومة اليمنية الشرعية.

وبشأن مصير الحديدة فيما إذا كان سيظل على هذه الحال، أفاد دوبلة بأن ملف الحديدة شائك، والقرار فيه للتحالف أكثر مما هو للحكومة، وكذلك للقوى الدولية المؤثرة.

 

عدم جدية

يتفق مع دوبلة الإعلامي عبد الرقيب اﻷبارة، الذي يرى أن مليشيات الحوثي لا تكترث بأي اتفاقات تقدمها الأمم المتحدة، التي تعد إطارا جامعا للشعوب كافة.

وأكد -في تصريحات صحفية- أنه من المستحيل أن تستجيب تلك الجماعة لرؤية الحكومة، لأنها تراها حكومة غير شرعية من وجهة نظرها.

عمليا، ينظر الحوثيون للحديدة والميناء كالشريان الرئيسي الذي يمدهم، ولذلك سقوط تلك المواقع المهمة يعني قرب سقوط صنعاء، وفق الأبارة.

وتوقع أن ردة الفعل الحكومية سوف تتم عبر الضغط على الأمم المتحدة، بالسماح لها بالتحرك عسكريا وتحرير الميناء والمدينة.

علما بأن الحكومة تقوم من وقت لآخر بالتأكيد على أن الحل سيكون عسكريا في حال استمرت مماطلة الحوثيين، وتتحرك جبهة الحديدة بشكل طفيف وفقا للمتغيرات الحاصلة.

 

أهمية الحديدة

تشكل الحديدة أهمية بالغة بالنسبة للحوثيين، فتلك المحافظة بموانئها تعد الرئة الوحيدة لهم التي تربطهم بالعالم الخارجي، وعبرها يحصلون على الأسلحة التي يتم تهريبها لهم.

كما أن إيرادات المحافظة كبيرة بسبب وجود ثاني أكبر ميناء في اليمن، ميناء الحديدة، الذي يحصلون منه على ملايين الريالات، والتي ساعدتهم في تمويل حربهم ضد اليمنيين.

وفوق كل ذلك، يشكل بقاء الحديدة بأيديهم ورقة ضغط قوية، يمكنهم إشهارها من وقت لآخر في وجه المجتمع الدولي وحتى دول الإقليم، وذلك بتهديدهم لخطوط الملاحة الدولية.

وتتصل هذه المحافظة كذلك بصنعاء التي يخشى الحوثيون سقوطها، لأن ذلك يعني قرب انتهاء انقلابهم واستعادة الدولة.

وبسيطرة الحوثيين على تلك الموانئ يمكنهم التحكم بالإغاثة التي تصل إلى البلاد، وسبق أن قاموا باحتجاز كثير من السفن التي تحمل مساعدات إنسانية، ما يعني مضاعفة معاناة آلاف اليمنيين، فضلا بأن ذلك يمكنهم من بيع تلك المساعدات وتمويل حروبهم.

كما أن ميناء الحديدة يشكل ممرا للجزر اليمنية ذات الأهمية الإستراتيجية، وهو يطل على البحر الأحمر. كما أن ميناء الصليف، وبسبب عمقه الذي يصل 15 مترا ومساحة 33 مليون متر مربع، مؤهل لاستقبال سفن عملاقة.

الجدير ذكره أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، بدأ مطلع الشهر الجاري جولة مشاورات جديدة بدأت من موسكو، بهدف دفع الحكومة والحوثيين للانخراط في مفاوضات تنهي الحرب في اليمن، وشملت تلك الزيارات، لذات الغرض، الإمارات وسلطنة عمان.