السبت 20-04-2024 10:09:06 ص : 11 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والشرعية.. ومسؤولية بلا سلطة

الإثنين 27 مايو 2019 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ محمد عبد الكريم

 

السلطة والصلاحيات والمسؤولية متلازمات، تعني أن أي شخص أو مؤسسة أو جهة لها سلطة أن لها صلاحيات اتخاذ القرار وإصدار الأوامر بتنفيذه، وفي مقابل تلك الصلاحيات تكون عليها المسؤولية القانونية والأخلاقية في ما يكون لتلك السلطة من مخرجات تتصل بحياة الناس، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

المشكلة في البلاد العربية أن السلطات تأتي بمعزل عن إرادة الشعب، أو بطرق مزورة للإرادة العامة، ومن ثم هناك صلاحيات مطلقة لأشخاص أو مواقع كرئاسة الدولة، وليس عليها مسؤولية ولا تخضع للمساءلة ومن ثم تقع البلدان في أزمات ونكبات وكوارث لأن ما يجري فيها خارج السنن والقوانين الطبيعية.

في اليمن حالة معكوسة غير مسبوقة، إنها حالة التجمع اليمني للإصلاح مع السلطة، منذ مشاركته عقب الانتخابات النيابية الأولى في الجمهوية اليمنية 1993، صارت الحكومة محسوبة عليه، حتى وإن كانت مشاركته محدودة، فكل إخفاق تقع فيه السلطة، والحكومة خاصة، فإن الإصلاح يُحَمّل المسؤولية.

 

صالح والحكومات الإئتلافية

وجد علي صالح في الحكومات الإئتلافية شماعة ليعيد الفساد إلى مشاركة أحزاب في حكومات، خطاب غوغائي، لاريب، ذلك أنه في عهد الحكومة الإئتلافية 1995 - 1997، ظلت مشاركة الإصلاح محدودة في وزارات خدمية، طابعها أو قصد منها الإحراق للإصلاح، وعلى الرغم من ذلك فقد نجح في تلك الوزارات، وخاصة الثروة السمكية بقيادة عبد الرحمن بافضل رحمه الله، وتم تمرير عملية الرفع الجزئي للدعم عن سلع وخدمات، لحرق الإصلاح أيضا، غير أن سنين انفراد المؤتمر بالسلطة كليا شهدت فسادًا عريضا بلا حدود وتدهورا وتراجعا وتدنيا على جميع المستويات وخاصة الطرق والصحة والتعليم والمياه والكهرباء.

ولم يستطع صالح والمؤتمر التعايش مع فرج بن غانم، لذلك قدم استقالته قبل أن يكمل سنة واحدة، وكانت استقالته أبلغ شهادة على فساد صالح والمؤتمر الشعبي العام، واستحالة تعايش الكفاءة والنزاهة مع نظام صالح القائم على الثقة في تعيين الأشخاص والولاء لشخصه لا الأداء، بل إنه وفقا لمنطق الثقة والولاء لشخص صالح، يغدو الفساد جزءا من التأهيل للترقية. على سبيل المثال، كان عبد القادر باجمال وزيرا للخارجية، وفي سنة واحدة بلغ مجموع بدل السفر 500 يوم، أي أكثر من أيام السنة!! وذلك واحد مما أهله في نظر صالح ليكون رئيسا للحكومة، وهو صاحب مقولة "من لم يغتنِ في عهد صالح فهو حمار"، غير أن منافسته لصالح نفسه في الفساد كانت عاقبته وخيمة، لقد أراد أن يكون ندا لمولاه في الفساد.

 

الوضع الراهن

منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني، لا يتردد كثيرون بوصفها حكومة الإصلاح، مع أن اسمها الوفاق، ورئيس الجمهورية مؤتمر شعبي ونصف أعضاء الحكومة كانوا مؤتمر، والنصف الآخر يمثل أحزاب اللقاء المشترك، وحتى بعض الذين انفصلوا عن المؤتمر وصنفوا مستقلين. في حكومة الوفاق تلك كانت حصة الإصلاح أربع وزارات: الداخلية والعدل والتربية والتعليم والتخطيط والكهرباء لاحقا، ومع ذلك لا يزال هناك من يصفها بحكومة الإصلاح إلى الآن.

وعلى الرغم من أنها أفضل حكومة شهدتها الجمهورية اليمنية، إلا أن صالح والحوثي أقاما القيامة عليها، وخذلها الرئيس. وإذا أتينا إلى ما بعد سقوط العاصمة والسلطة، وتشكيل حكومة خالد بحاح، فإن حصة الإصلاح انخفضت، وظلت على حالها مع أحمد بن دغر، ثم انخفضت أكثر مع معين عبد الملك.

هكذا سنجد أن الإصلاح الذي يعد الداعم الأساسي للشرعية، في حين خذلت من الجميع، وهو ليس له من السلطة إلا الاسم، وتجد خصومه قد أجمعوا على أنه صاحب السلطة.

 

رهانات صحيحة

1- الإصلاح حزب سياسي تحيط به مؤامرات تتجلى في حملات إعلامية منظمة، من أطراف كثر محلية وخارجية، ومن ثم فإن الذين يرجمونه بالغيب يقدمون أوراق اعتماد لهم لدى الجهات المختلفة، المتضررة من صحة وعافية الدولة اليمنية، وارتبطت مصالحها الخاصة بمشاريع تقويض الدولة.

2- فضلت قوى سياسية مختلفة تقدم الحوثيين وإسقاط الدولة اليمنية، ظنا منها أن الحوثي سيفني الإصلاح وبعض المشايخ، ثم يسلم لهم السلطة كاملة، لذلك ارتبط استهداف الدولة باستهداف الإصلاح، ليثبت لدى الجميع أنه وحده معني بالمحافظة على الدولة ووجودها وكينونتها.

3- يحمل الإصلاح إخفاقات الشرعية وحكومتها مع أن تمثيله فيها لا يساوي شيئا مقابل عناصر المؤتمر الشعبي والأحزاب التي جميعها أيدت بشكل أو بآخر الحوثيين وباركت اجتياحهم للعاصمة.

4- يحمل الإصلاح توقف بعض الجبهات، مع أن القرار السياسي ليس بيده إنه قرار السلطة والحكومة.

5- الجحود لدور الإصلاح المفصلي في مواجهة الإمامة ومشاريع التفتيت، كلها تأتي حملات منظمة من قبل العاملين في مشاريع تفتيت البلد.

تم إيصال الحالة في البلد إلى وقوع الإصلاح بين خيارين يكون فيهما الخاسر إن قاوم أو امتنع عن المقاومة، وكان توقفه عن مقاومة الحوثيين في العاصمة، لأن القوات المحسوبة على الدولة اليمنية صارت حليفا للحوثيين، فمقاومته انتحار، لن يحافظ على الدولة ولن يسلم هو من الاجتثاث، مع الخسائر التي ستلحق بالناس في أحياء العاصمة من حرب شوارع واسعة النطاق.

يراهنون على أنه مهما كانت قوته لن يلحقهم منه أي أذى، لأنه متفوق على الجميع أخلاقيا ومرونة، لكنه بحاجة لتبيان الحقائق والتذكير بها بين فينة وأُخرى.

الشرعية ليست سلطة الإصلاح، ونسبته فيها لا تذكر، ومن ثم ليس عليه أي مسؤولية في أداء السلطة والحكومة المنبثقة عنها، بل إنه يعمل بكل ما يستطيع لإسناد الدولة اليمنية ووحدتها، والمحافظة على النظام الجمهوري، وإنه لتاريخ مشهود معاش.

ما سبق لا يمنع من المراجعة الدورية للأداء وفرز الحقائق من الأكاذيب، وتصويب ما يوجد من خطأ حقيقي، فذلك أرضى لله تعالى، وإعمالا للسنن.