الجمعة 29-03-2024 04:16:53 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تنمية اليمن وتحديات الفرص السانحة (2-4)

الأربعاء 24 مايو 2017 الساعة 01 مساءً / الاصلاح نت - خاص/أ.د. نجيب سعيد غانم الدبعي

 



تابع فرص استثمارية ضائعة بالإمكان استعادتها (هذا غيض من فيض)
عرض شركة طيران جنوب أفريقيا للاستثمار في مطار عدن وبناء قاعدة صيانة إقليمية لأسطولها الجوي واستراحة في مدينة عدن لملاحيها وركاب الترانزيت فيها.
كان عرضاً سخياً وواعداً ذلك الذي قدّمته شركة طيران جنوب أفريقيا للاستثمار في مطار عدن الجوي عام 1994م, من خلال إبرام شراكة استراتيجية مع هيئة الطيران المدني اليمنية التي تدير مطار عدن, والسبب يعود إلى أن مطار عدن يقع جغرافياً في منتصف طريق رحلاتها الجوية إلى العالم ومن مصلحتها من ناحية فنية ومالية أن تجدول رحلاتها الجوية للتوقف ولتبادل طواقم ملاحيها في مطار عدن الدولي, ولاستراحة ملاحيها وركاب طائراتها في مدينة عدن, هذه الشركة التي تملك في أسطولها الجوي حوالي 60 طائرة ايرباص وبوينج، وتصل في خدماتها الجوية الى أكثر من 38 مطاراً دولياً في 26 بلداً، وتعد أكبر شركة طيران في قارة أفريقيا.
وقد عرضت على السلطات اليمنية الآتي:
• بناء قاعدة صيانة إقليمية كبرى وحديثة في مطار عدن الجوي لصيانة طائراتها من الايرباص والبوينج، وتقديم خدمات الصيانة إلى طائرات الشركات الأخرى.
• بناء فنادق خمسة نجوم في مدينة عدن لاستراحة ملاحيها أثناء تبادل قيادة الرحلات الجوية ولركاب الترانزيت فيها.
• بناء مطاعم مركزية بأحدث المواصفات العالمية لتوفير خدمات التغذية لطائراتها.
• إصلاح برج مطار عدن وتجهيزه بأحدث أجهزة الرادار وتعقب الطائرات والملاحة الجوية والإرصاد الجوي.
• تدريب الطاقم اليمني المحلي على كافة الخدمات المناط بمطار عدن تقديمها للشركة.
• دفع رسوم مجزية للخزينة اليمنية لقاء هذه الخدمات.
• إنعاش الأسواق المحلية في مدينة عدن من ناحية اقتصادية من جراء تسوق ركاب الترانزيت فيها.
كان الموقف الرسمي من قبل علي عبدالله صالح إزاء هذا العرض السخي هو أن تنتقل الشراكة الاستراتيجية مع شركة طيران جنوب أفريقيا إلى مطار صنعاء بدلاً من مطار عدن, فاعترضت الشركة الجنوب أفريقية وأفادت بأنّه ليس من الممكن من ناحية فنية أن يتم تنفيذ هذه الشراكة عبر مطار صنعاء لعدة أسباب منها:
• ارتفاع مطار صنعاء عن سطح البحر حوالي سبعة آلاف قدم وهو محاط بعدة جبال ولا تستطيع الطائرات الضخمة ذات الحمولات الثقيلة الهبوط فيه.
• مطار عدن في مستوى سطح البحر ولهذا يعد مطاراً مثالياً لهبوط وإقلاع الطائرات بما فيها الطائرات الضخمة ذات الحمولات الثقيلة وهو مناسب كذلك للتدريب على الطيران المدني.
• مساحة مدرج مطار عدن الدولي حوالي أربعة مليون متر مربع، بينما مساحة مدرج مطار صنعاء تقل عن هذه المساحة بكثير.
• توجد سعة مكانية مناسبة ومساحات كافية في مطار عدن لإنشاء كل البنى التحتية اللازمة من هناجر الصيانة ومخازن قطع الغيار وخزانات وقود الطائرات ومرافئ الطائرات وغيرها.
• لدى برج مطار عدن قدرات فنية سابقة من حيث التجهيزات الملاحية والإرصاد الجوية وغيرها، وبحاجة الى تحديثها وتجديدها لكي يستعيد عمله وقدراته كبرج في مطار سيكون بمقدوره استيعاب خدمة هبوط وإقلاع طائرات متنوعة ومن أماكن مختلفة لشركة جنوب أفريقيا ولغيرها.
• توجد إمكانيات لبناء عدة فنادق في مناطق مطلة على شواطئ عدن الجميلة وبالتالي تصبح ذات عامل جذب سياحي كبير.
لمدينة عدن ولمطارها شهرة وإرث تاريخي كمحطة ترانزيت للمسافرين منذ قديم الزمان.
وكانت النتيجة أن تمّ إلغاء فكرة استثمار مطار عدن مع شركة خطوط طيران جنوب أفريقيا.

تطوير مدينة تعز
تبدو مدينة تعز -عاصمة الدولة الرسولية- مشابهة في طبيعتها الجغرافية لمدينة عمّان بالأردن حيث المرتفعات والمنخفضات، ولكن هيهات بالمقارنة بين عمّان من حيث البنية التحتية وبين مدينة تعز.
تقدمت مجموعة شركة هائل سعيد أنعم للرئيس السابق علي عبدالله صالح, قبل سنوات قليلة سبقت الانقلاب الحوثي العفاشي على السلطة الشرعية بفكرة مفادها أن تقوم المجموعة ومقرها الرئيسي مدينة تعز بتحمل مسؤولية التنمية الشاملة لمدينة تعز وعلى كافة المستويات وفي كل المجالات، وخلال خمس سنوات تصبح تعز مدينة تضاهي الكثير من المدن التي أنجزت تنمية اقتصادية وتعليمية وعمرانية واجتماعية حقيقية، وكان الشرط الوحيد الذي تقدمت به المجموعة هو إعفاءها من الضرائب المستحقة عليها خلال نفس فترة البناء والتعمير، وكان المتوقع أن تقوم المجموعة بتخصيص عشرات المليارات من الدولارات لتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية للمدينة.
وكان العرض يبدو مبرراً وعادلاً ومنصفاً لكلا الفريقين؛ الدولة والمجموعة، وسيصب لصالح المجتمع المحلي لمدينة تعز ولصالح الوطن، وستغدو في حال اكتمالها ونجاحها تجربة ونموذج يحتذى به لتطوير بقية المجتمعات المحلية في مدن يمنية أخرى، ولكن وكعادة علي عبدالله صالح الذي أدمن تضييع الفرص خاصة في الجانب التنموي فقد رفض الفكرة من أساسها, وأضاع فرصة للنهوض بمدينة تعز.

صنعاء عروس المدائن اليمنية
ما أجمل هذه المدينة والتي عبّر عنها الشاعر اليمني الراحل البردوني - في ظرف استثنائي - منذ ما يقرب من خمسين سنة وكأنّه يعيش اليوم فيها قائلا:
ماذا أقول عن صنعاء يا أبتي مليحة عاشقاها السلّ والجرب
واليوم تئن من آثار الانقلاب المليشاوي الحوثي العفاشي، وتتكدّس فيها أكوام القمامة وتفتك فيها الأوبئة والأمراض، ولعّل آخرها الكوليرا، والتي أودت بحياة المئات وأصابت الآلاف من سكّانها وسكان بعض المدن اليمنية.
وصنعاء كانت وما زالت تعد مفخرة لليمن ولليمنيين ومن أقدم المدن التي شهدت تجمعاً حضرياً وسكانياً منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة, وبحكم ارتفاعها عن سطح البحر بحوالي سبعة آلاف قدم، أضحت فريدة في مناخها حيث الاعتدال المائل الى البرودة القليلة المصاحبة للأجواء الماطرة والجو الربيعي بحرارة في العشرينات من الدرجة المئوية وفي عز الصيف حيث تصل حرارة أغلب المدن والعواصم العربية أكثر من 40 درجة مئوية.
هذه المدينة تعج اليوم بعشرات المعسكرات والتي تحتل أبرز وأجمل المساحات والمرتفعات فيها, حيث المعسكر الواحد بإمكان استخدامه كمهبط للطائرات الصغيرة أو كملعب فسيح لكرة القدم, كان علي عبدالله صالح يفتخر بتسميتها مدينة الموت لأّنّه كدّس فيها أسلحة ثقيلة وذخائر وصواريخ باليستية وغيرها يكفي لتدميرها عشرات المرات، وهكذا عندما يحكمنا العسكر بلا مرجعيات ولا شرعية فإنّهم يحولون المدن الجميلة الى معسكرات والمواطنين الى جنود.

دار الرئاسة وحجزه وتعطيله مساحات شاسعة في أمانة العاصمة
يقع دار الرئاسة على أرضية شاسعة على مقربة من جبال النهدين، وتبلغ المساحة التي حجزت وعطلت بسببه من منطقة جبال النهدين إلى نهاية ميدان السبعين بأمانة العاصمة صنعاء حوالي 7/1 (واحد الى سبعة ) من مساحة قلب أمانة العاصمة البالغة حوالي خمسة كيلومتر ونصف مربعا, وبالتالي تكون هذه المساحة المحجوزة والمعطلة تقل قليلا عن واحد كيلومتر مربع.
وكان بالإمكان أن تتحول هذه المساحات المهولة مع بقية المعسكرات في قلب أمانة العاصمة ذات المناخ الرائع والأخّاذ إلى منتجعات سياحية وأماكن ترفيهية وحدائق عامّة والى ومجمعات سكنية حديثة والى مستشفيات كبيرة ومرجعية والى معاهد وجامعات.

إنّ المطلوب من الحكومة الشرعية الآتي:
• نقل كل تلك المعسكرات إلى خارج المدن حيث مواقعها الطبيعية في أطراف وتخوم الأراضي اليمنية.
• معالجة الأراضي التي كانت معسكرات في المدن اليمنية أو حمى لدار الرئاسة في صنعاء مثل أرضية ميدان السبعين وتعويض الأراضي الحرّة أو الوقف منها التعويض العادل لأصحابها وفق قاعدة لا ضرر ولا ضرار بحيث تتحوّل الأراضي من الملكية الخاصة أو ملكية الوقف إلى الملكية العامة.
• فتح أبواب الاستثمار في تلك الأراضي للمستثمرين وفق رؤية تتقدم بها الحكومة تشمل إنشاء الكثير من المرافق الاستثمارية من مراكز، ومستشفيات مرجعية متخصصة وجامعات ومعاهد راقية وحديثة، ومجمعات سكنية ضخمة وحدائق ترفيهية وملاعب وغيرها من مشاريع الاستثمار الحديث بناء على قاعدة تكافؤ الفرص بين المستثمرين, بهد الطريقة سيتم جلب الأموال المطلوبة للاستثمار وبالتالي إيجاد فرص عمل لعشرات الآلاف للشباب اليمني العاطل عن العمل والذين تتكدس بهم هذه المدن والعواصم اليمنية.
وما ينطبق على أمانة العاصمة من حيث تكدس المعسكرات في قلبها ينطبق على بقية المدن اليمنية والتي بالإمكان استثمارها من قبل القطاع الخاص من خلال المساهمة في هذه المشاريع الاستراتيجية لازدهار ورقي المدن اليمنية.
وأكرّر هنا وبشكل يقيني أنّ هذا الطموح ليس من المستحيل تحقيقه ومن أنّ عشرات المليارات من الدولارات بالإمكان توفيرها لتغطية كلفة قيام هذه المشاريع العملاقة وعشرات الآلاف من الوظائف ممكن أن يتم إيجادها خاصة لقطاع الشباب وللقوى العاملة في اليمن.
هذه الأموال الكبيرة من السهل تأمينها عبر القطاع الخاص وعبر الشركات العالمية الكبرى التي تطوف البلدان بحثاً عن فرص واعدة للاستثمار، وتقوم الكثير من الدول بتغطية كلفة مشاريعها الاستثمارية عبر تلك الطرق عبر نظام البي أو تي (تغطية كلفة المشروع وتشغيله من قبل المستثمر ثم بعض مضي عدد من السنوات تسليمه للدولة)، وأبرز الأمثلة على ذلك ماليزيا وتركيا وكوريا الجنوبية وحتى الصين والدول الأوروبية وأمريكا.
nsghanem@hotmail.com