الجمعة 19-04-2024 01:30:58 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

لماذا يستهدفونه..؟ 

الإصلاح في مرمى الشائعات والكيد السياسي

الأربعاء 15 مايو 2019 الساعة 01 صباحاً / الإصلاح نت - خاص/ محمد المياحي
 

 

لا يستطيع المرء حصر عدد التهم التي يوجهها خصوم الإصلاح له ليلًا ونهارًا، تهم معلبة بالجملة وبالتجزئة، فهو متهم حين يفعل ومتهم حين يكف عن الفعل، متهم حين يصمت ومتهم حين يتكلم، متهم حين يؤيد ومتهم حين يعارض، متهم حين يقبل ومتهم حين يرفض.

وهكذا في سلسلة لا متناهية من التهم الجاهزة، يطلقها الخصوم أمام كل فعل أو قول أو موقف يتبناه الحزب، بل يصل الحال لحشر الحزب حتى في مواقف لا علاقة له بها، أو صدرت عن أطراف لا تمثله؛ لكن هذا لا يمنع من نسبتها له، طالما في تلك النسبة ما يمثل إدانة للحزب من أي نوع وتظهره مسؤولا عن كل ما يحدث وحتى ما لا يحدث.

هذا الكم الهائل من التهم، يبلغ مستوى من التنافر لدرجة أنها تنقض ذاتها بذاتها؛ وكي تتضح لك حقيقة التهم بشكل موضوعي، فأنت بحاجة لفرزها وترتيبها في قائمة موحدة، بهدف أخذ صورة متجانسة عن طبيعة تلك التهم؛ لكنك ستشعر من أول وهلة أنك أمام خليط عشوائي من الأقوال المتناقضة لدرجة التصادم، وهذا ما يكشف تهافت تلك الأقوال وأنها ليست سوى جزء من الحرب الإعلامية التي توجه ضد الحزب.

وكي لا نتشعب كثيرًا، لنتوقف عند ثلاث من التهم العمومية الكبرى التي يطلقها هؤلاء، وقد اخترنا هذه التهم كونها تمثل إطارًا لكل الشائعات التفصيلية الصغرى التي يرددها البعض وبشكل دائم، وبدون أي تحقق عملي منها، سوى خلط الأوراق والتشويش على حقيقة الأمور بشكل متعمد. وإليكم أبرز ما يشاع:

الإصلاح مسيطر على الشرعية والإصلاح يحارب الشرعية، الإصلاح مسؤول عن طول زمن الحرب، والإصلاح يسعى بعجلة للاستحواذ على الحكم، الإصلاح مسيطر على الجيش (الذي يقاتل الحوثي)، والإصلاح متحالف مع الحوثي.

* تهمة إطالة زمن الحرب

من أبسط الأمور البديهية في الحياة السياسية اليمنية هو أن الإصلاح حزبًا مثل بقية الأحزاب، وأن قرار الحرب والسلم ليس بيده، بل ليس من اختصاصه، فهناك رئيس دولة وحكومة شرعية وجيش رسمي، وهذه الدوائر الثلاث بالتنسيق مع التحالف هي المتحكمة بزمام الأمور، وبالتالي من غير المنطقي تحميل حزب مسؤولية قضية ليس مسؤولًا عنها، وهذا ليس تنصلًا من الحزب عن مآلات مشاركته في النضال الوطني، كما لا يعني أنه لا يتحمل مسؤولية وطنية في الواقع، فهو كان ولا يزال منخرطا في المعركة الوطنية بكل ما يملك؛ لكنّ من الجيد تجنب خلط الأمور بهذا الشكل، والتفريق بين نوع المسؤولية التي يتحملها الحزب بالنظر لنوعية المهام التي يمكنه تأديتها.

وما دامت تلك مسؤولية وطنية عامة، فالواقع يقول إنه أكبر الأحزاب التي ضحت بكل ما تملك في سبيل القضية الوطنية، وعلى امتداد المعركة، وما زال يبدي استعدادا دائمًا لتقديم كل ما يمكنه أن يدفع بالمعركة للأمام وينهي مأساة اليمنيين. أما محاكمة الحزب كما لو أنه غرفة عمليات حربية، فهذا هو ما يناقض المنطق، ويؤكد أن ما يقال هنا ليس تهمة قابلة للنقاش، بقدر ما هي حشر متعمد للحزب في قضية لا يملك هو صلاحية حسمها، كما لم يتوان عن التضحية لأجلها بكل شيء، والواقع يؤكد ذلك.

باختصار، الأحزاب هي كيانات مدنية وليست مؤسسات عسكرية تدير معارك على الأرض، ولا هي سلطات سياسية رسمية ومخولة بقرار الحرب والسلم، والأمر ذاته ينطبق على حزب الإصلاح، فهو مكون أساسي في الشرعية وداعم لها بكل ثقله، وأفراده مشاركون في المعركة بصفتهم الوطنية مثل باقي الأفراد المنتمين لتيارات أخرى، ومثلما لا يصح تحميل حزب آخر مسؤولية إطالة زمن الحرب، بالمقابل القول إن الإصلاح مسؤول عن إطالة زمن الحرب، هي تهمة غوغائية تتعامل مع الإصلاح بشكل يناقض مهمته وطبيعته وصفته القانونية وتحمله ما لا يحتمل.

* تهمة السعي للاستفراد بالسلطة

لعلّ أكثر الأحزاب تمسكًا بمبدأ الشراكة الوطنية هو حزب الإصلاح، بل أكثر من ذلك هو أكثرهم تضحية وتنازلًا عن استحقاقاته الوطنية لصالح الشركاء، وهذا القول ليس كلامًا سائلًا بلا شواهد، فخلال ما يقارب عقدين من الزمان من مسيرته السياسية تؤكد كل سلوكيات الحزب نزوعه الأصيل والثابت للالتزام بالشراكة السياسية قولًا وفعلًا.

وكي لا نذهب بعيدًا، يمكننا فقط مراجعة مواقف الحزب الأخيرة، وسلوكه في مواطن متعددة، حين يتعلق الأمر بتوزيع المناصب وتقاسم السلطة، فخلال 5 سنوات من الحرب، تغيّر ثلاثة رؤوساء للحكومة، ولم يكن هذا المنصب لمرة واحدة من حصة الحزب، كما لم يتردد الحزب عن إعلان دعمه المطلق لأي شخصية تكلف بهذا المنصب ومن أي جهة كانت، ناهيك عن الوزارات السيادية، بل والوزارات العادية، حيث يكاد الإصلاح أن يكون خارج الحكومة تمامًا، وكذلك الحال بالنسبة للمحافظين، باستثناء محافظة واحدة، وهكذا.

إلى جانب ما سبق، لو أن الإصلاح يسعى للاستفراد بالسلطة؛ لبدأ بالقتال من أجل المناصب ومراكمة حصته منها، تمهيدًا لإزاحة خصومة في نهاية المطاف؛ لكن الواقع يقول إنه أول الأحزاب التي ترمي بثقلها خلف أي مسؤول يعيّن في أي منصب، ولا يدخر جهدًا لمساندته؛ كي يحقق مهامه ويظل تركيز الحزب دائمًا على الهدف الكبير المتمثل في تحقيق خلاص اليمنيين، ولا يكترث تحت أي قيادة تحقق هذا الخلاص. حزب هذا سلوكه، كيف يمكن تلبيسه تهمة السعي للاستفراد بالسلطة؟

* رؤية الإصلاح تنفي تهمة مساعي الاستفراد بالسلطة

يدرك الإصلاح أن البلاد تمر بمرحلة تأريخية حرجة يصعب على أي تيار مهما كان حجمه أن يحكمها بمفرده، ففي لحظات تأسيس الدول تحتاج الشعوب جهدًا جماعيا لتجاوز واقعها المتردي، وهذه المهمة التأريخية، لا يمكنها أن تتحقق إلا بإجماع سياسي يوحد الجهود لصالح تثبيت أسس الدولة، ولأجل ذلك فالإصلاح هو أكثر الأطراف حرصًا على مبدأ العمل الجماعي، ليس لأنه لا يرغب بحكم البلاد، فالسعي للحكم ليست تهمة، فهو حزب مثل بقية الأحزاب لديه برنامجه للوصول للسلطة ويملك الحق القانوني في المنافسة الديمقراطية مع بقية الأطراف، كي يصل لها والكلمة الفصل هنا هي للشعب.

لكن ما يستبعد مساعي الإصلاح للاستفراد بالسلطة في المرحلة القادمة هو إدراكه للمهمة الوطنية والتأريخية التي تتطلبها البلاد في اللحظة الراهنة وعلى المدى المنظور وهي مهمة تتجاوز مسألة الوصول للسلطة، فنحن أمام مرحلة تقتضي تثبيت ركائز الدولة أولًا، فلا قيمة لسلطة دون دولة، وهذا هو ما يجعل جهود الإصلاح في الفترة الراهنة والقادمة منصبة على العمل على استرداد الدولة والمساهمة بتأسيسها، ويجعل من الحديث عن مساعي الاستفراد بالسلطة، حديث غير واقعي وخارج اهتمام الإصلاح بالنظر لرؤيته الوطنية العامة التي نلمسها بشكل متكرر في بياناته وتصريحات مسؤوليه وتؤكدها مسيرته الملتزمة بالشراكة ونظرته لأولويات المرحلة ومتطلباتها المركزية تلك المتعلقة بتأسيس الدولة قبل الحديث عن أي شيء آخر.

* تهمة السيطرة على الشرعية

يتعرض الإصلاح لابتزاز في أكثر نقاطه قوة، بحيث يتم تحويل مواقفه الوطنية الأكثر إخلاصًا وتضحية، لموضوع ابتزاز، ومنها موضوع دعمه للشرعية، وبالتالي عادة ما يحاول البعض تجريده من نقطة قوته هذه، المتمثلة في موقفه الوطني الثابت ودعمه الشديد للشرعية، عن طريق تصوير الأمر كما لو أنه تمسك بمكاسب معينة يحصدها الحزب من الشرعية وأحيانا يفسرونها على أنها نوع من السيطرة عليها.

في هذه النقطة تبرز مشكلة خصوم الإصلاح في كونهم غير قادرين على استيعاب أن فكرة دعم الإصلاح للشرعية هي دعم لفكرة الدولة، فهم عادة ما يربطون بين المواقف الوطنية والمكاسب الحزبية، ويرون أن أي موقف وطني صلب لا بد أن خلفه مصلحة خاصة، ويعجزون عن إدراك بديهية بسيطة يتعامل بها الحزب وهي أن دعم الشرعية وتقوية موقفها تعد أحد أهم المكاسب الجماعية التي لا تخص الإصلاح بل عموم الناس، وهو بالطبع مكسب مقدم على المكاسب الخاصة، كما أن موقف الحزب المنحاز للشرعية بقوة، ليس بالضرورة نتاج فائدة خاصة، بقدر ما هو التزام تفرضه المسؤولية الوطنية أولا وأخيرًا.

ملاحظة أخيرة: عادة ما يروج لفكرة سيطرة الإصلاح على الشرعية والجيش دونما أي أرقام تفصيلية تثبت دقة ما يقولون، كما أنهم يحاكمون الإصلاح هنا على أبسط تمثيل له في مؤسسات الدولة، حتى وإن كان تمثيلا هامشيا، فمجرد أن يخرج نبأ عن هذا الشخص أو ذاك يملك رتبة نقيب أو رائد في الجيش، يملؤون الدنيا ضجيجًا ويستكثرون على حزب ضحى بكل شيء أن يكون له أدنى حضور في مرافق الدولة، مع أن ذلك الحضور دائما ما يكون في إطار طبيعي وخاضع للوائح التعيين، كما أنه تواجد لا يناسب وزنه، ومع هذا لا يتردد أصحاب الحملات المغرضة من القبض على أي خبر يفيد بأن شخصا ما محسوب على الإصلاح، لديه رتبة في هذا المرفق أو ذاك، وكأنها تهمة تستوجب المحاكمة وليست حقا طبيعيا لمواطن يمني مثل أي مواطن آخر، وبعيدًا عن كونه إصلاحي أو حتى من حزب الوزف.

كلمات دالّة

#الاصلاح #اليمن